أخبار السودان

رفض حرب السودان قمة الوطنية وليس خيانة

د. الشفيع خضر سعيد

بتاريخ أول أمس، السبت الثامن من يوليو/تموز 2023، صدر بيان مشترك من لجنة المقاومة وتنسيقية لجان التغيير والخدمات بأحياء دردوق ونبتة والأحامدة 13 بمحلية الخرطوم بحري، جاء فيه أن ثلاثة من رفاقهم، وهم صدام جمعة، ومجاهد أنور، وعامر عبود، تم اختطافهم من قبل الاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة قبل أكثر من اثنتين وخمسين يوما. وحتى لحظة إصدار البيان، ليس هناك أي معلومة عن ملابسات الاختطاف أو الاعتقال، ولا عن أوضاع الشبان الثلاثة الذين وصفهم البيان بأنهم كانوا سندا وسدا منيعا وهم يتقدمون الصفوف في مواكب ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 الخالدة، كما أنهم انخرطوا مباشرة بعد اندلاع الحرب متطوعين لتقديم الخدمات والمعونات الإنسانية وتخفيف آثار الحرب على المواطنين والسكان المدنيين في مدينة الخرطوم بحري.

وحمّل البيان قيادة القوات المسلحة السودانية عامة، وقيادة معسكر سلاح الأسلحة بمنطقة ( الكدرو) خاصة، المسؤولية كاملة حول سلامة الشباب المعتقلين، وطالب بالإفراج عنهم أو توضيح ملابسات اعتقالهم. لكن، ظاهرة الاختطاف أو الاعتقال والإخفاء القسري، ليست محصورة على المنطفة المذكورة في البيان، بل تمددت واتسعت في الآونة الأخيرة لتشمل حتى المناطق التي لا يدور فيها القتال. والسمة الرئيسية بين هولاء المعتقلين هي أنهم يجهرون بكل شجاعة برفضهم للحرب في وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة، أو ينخرطون في النشاط الإنساني لمساعدة السكان المدنيين وتخفيف معاناتهم من جراء القتال المستعر.
وهكذا، فإن كل من يعبر عن رفضه للحرب أو ضد تسليح المواطنين، مهدد بالاعتقال أو الاختطاف، بتهمة تثبيط وتخزيل همة الجيش، أو تهمة العمالة للدعم السريع، أو العمالة للخارج، أو التهم الثلاثة مجتمعة. بل إن التهديد طال القيادات السياسية من قوى الحرية والتغيير، وسبقته حملة إعلامية مكثفة لتخوين هذه القيادات وقيادات لجان المقاومة والمنظمات المدنية والنقابية التي تدعو لوقف الحرب. إنه ذات الأسلوب والمنهج القديم الذي كان يمارسه نظام الانقاذ، مكسوا بغلالة مهترئة من العزف الخادع والزائف على وتر الوطنية ودعم الجيش السوداني، وتتبناه القوى التي لفظتها ثورة ديسمبر/كانون الأول، والتي ظلت تعمل بوعي وتخطيط على تهيئة الأجواء والظروف الملائمة، مستفيدة من أخطاء وتعثر أداء قوى الثورة في الفترة الانتقالية، لفرملة قطار التغيير وإجهاض ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، بدءا بمحاولة تصويرها وكأنها كانت غلطة، أو قام بها مجرد نشطاء يافعين في السياسة ولا يفقهون دروباتها، وإنتهاء بتنفيذ سيناريو الحرب في محاولة لعكس مسار التيار واستيلاء سدنة نظام الانقاذ على السلطة مرة أخرى.

شعار «لا للحرب» يعني التمسك والتقيد بمبدأ تسريح كافة الميليشيات وجيوش الحركات المسلحة، بما في ذلك قوات الدعم السريع، وإصلاح القطاع الأمني والعسكري، حتى يكون للسودان جيشه الوطني المهني الواحد الموحد

إن شعار «لا للحرب» لا يعني طعن الجيش السوداني في ظهره أو السماح بهزيمته وتحطيمه، مثلما لا يعني دعم قوات الدعم السريع ونصرتها في هذه الحرب. وهو، بكل بساطة، يعني رفض قتل السوداني لأخيه السوداني ورفض تدمير البلاد، ويعني رفض الاقتتال مطلقا في كل البلاد، ورفض أن تكون الحرب بديلا للحوار والتفاوض لحل الخلافات والأزمات السياسية والاجتماعية، مهما بلغت من الحدة والتعقيد. لكن أيضا، شعار «لا للحرب» في اعتقادي، لا يعني العودة إلى محطة الإتفاق الإطاري ومجريات العملية السياسية كما كانت تسير قبل إنفجار الحرب، لأن في ذلك إعادة إنتاج للأزمة، أو هكذا أتصور. وبالطبع، فإن شعار «لا للحرب» يعني التمسك والتقيد بمبدأ تسريح كافة الميليشيات وجيوش الحركات المسلحة، بما في ذلك قوات الدعم السريع، وإصلاح القطاع الأمني والعسكري، حتى يكون للسودان جيشه الوطني المهني الواحد الموحد الذي يحتكر كل أشكال وأنواع النشاط العسكري في البلاد، ويلتزم بمهامه في حماية الدستور في إطار الحكم المدني الديموقراطي.

ومن زاوية أخرى، فإن شعار «لا للحرب» يعني أيضا ما تقوم به مبادرات الشباب والنساء ولجان المقاومة داخل السودان عبر انتظام نشاطاتها في «غرف الطوارئ» و«ممرات آمنة» و«كونسورتيوم المنظمات الوطنية غير الحكومية» ونقابة أطباء السودان، وغيرها من المبادرات النشطة داخل الوطن، تحت وابل الرصاص، وذلك فيما يتعلق بالعمل الإنساني، واستعادة العمل في قطاع الصحة، والعمل الجاد لإنجاح الموسم الزراعي في المناطق والولايات الآمنة، ولو نسبيا، من المعارك والاقتتال. وقطعا، فإن «لا للحرب» والمطالبة بوقفها، لا يعني استدعاء التدخل الخارجي في السودان، دوليا أو إفريقيا، لحل أزمتة الراهنة. فأزمات السودان لا ولن تأتي حلولها من الخارج، وإنما الحلول تكمن في داخله.

وبالطبع، هذا لا يعني رفض مساهمات الخارج والتي من المفترض أن تنتقل من مرحلة الإدانة والشجب إلى تسخير نفوذ الخارج لدى الطرفين، إضافة إلى الآليات المتاحة والممكنة حسب الشرعية الدولية، لدفعهما للتفاوض حول وقف الحرب وليس حول العملية السياسية. والآليات المتاحة والممكنة هذه، تشمل منع تدفق الأسلحة والذخيرة، تجميد الأرصدة والحسابات في البنوك العالمية والإقليمية، العقوبات على المؤسسات والأفراد، وفرض المناطق الخضراء، أو منزوعة السلاح. ولكن الآلية الأخيرة هذه تحتاج إلى نقاش وتشاور واسع، واضعين في البال تجربة قوات الأمم المتحدة في السودان وجنوب السودان (يوناميس) وفي دارفور (يوناميد).

وبما أن القوى المدنية في السودان هي صاحبة الصوت الأعلى المنادي بشعار وقف الحرب، فعليها أيضا يقع عبء المساهمة في تحقيق هذا الشعار. وهي لم تتجاهل هذا العبء، وإنما انخرطت مباشرة في مبادرات وطنية متعددة، فاقت العشرين، وكلها عنوانها الرئيسي «لا للحرب» وتقريبا تكاد تتطابق مضامين محتوياتها، رغم إختلاف زوايا تناولها. وكل هذه المبادرات تتحدث، من منطلق وطني حريص، عن ضرورة توحيد ووحدة القوى المدنية للعمل من أجل وقف الحرب، واستعادة العملية السياسية. وأعتقد، ما نحتاجه هو خطوة عملية لتحقيق هذا التوحيد أو التنسيق، في جبهة مدنية واسعة تضم أيضا القوى السياسية. ولازلت عند قناعتي بأن الجبهة النقابية المكونة من قيادات النقابات والاتحادات المنتخبة ولجان التسيير، هي أنسب نواة تأسيسية لهذا العمل المصيري.

الشرق الاوسط

‫8 تعليقات

  1. كل أحرار السودان لا يريد الحرب ويطالبون بإيقافها فوراً ما عدا عناصر التنظيم المأفون من الكيزان وفلول العهد البائد والمنتفعين منهم الذين يرون في الحرب فرصة لا تعوض للإنتقام ورد الصاع لشعب ثار وهتف ضدهم وأسقط حكمهم البغيض .. فهذه الفئة الممحونة الضالة ضلال فكرها الهالك ومشروعها الفاسد لا يهمها السودان ولا شعبه في شئ بقدر ما يهمها إذلال السودانيين ونهب مقدرات دولتهم والإغتناء على حسابهم فقد استمرؤوا أكل السحت والمال الحرام قاتلهم الله .

  2. مثالية القوى المدنية في السودان وشعار وقف الحرب، رائعة ومحمدة لهم اثناء الحروب الطبيعية كالتي عهدناها من قبل في انحاء الوطن…!
    اما هذه الحرب فاحتلال المجموعات العربية وتجمعاتهم في القارة للسودان بكل وضوح وانهاء سودان ٥٦، سودان الاستقلال بكل حدودة ومجموعاته واختلافاته وتاريخه وحضارته …!!
    اصرارهم لانشاء وطن لهم على هذه البقعة الغنية بمواردها والضعيفة بخلافاتها وانسانها، اولا، واستعماله كنقطة انطلاق لتركيع تشاد وبقية الاراضي حتى المحيط وتسخير سكانها لخدمتهم…!! وهذا مايدور بالظبط بينهم وفي تجمعاتهم …!!
    تنشب الحروب في كل الانحاء سوريا اليمن اسيا اروبا..، عندما يعود النازحون الى ديارهم يجدوها املاكهم كما تركوها, ان لم تصباها المتفجرات…!!
    اما ان تستيغظوا وتعوا وتتركوا كل خلافاتكم جانبا لانقاذ وطنكم، او تنتظروا سكين رعاع الجنجويد وكلاب الصحاري في دولتهم الموعودة الاولى منذ ان اوجدهم الله على هذه القارة..!!
    شعوب بدوب ماضي او حضارة وا اي مشاركة في تجمع حضري او تعليم او تطور على امتداد هذه القارة…!!!
    فقط انتظروا دولة الجنجويد وما قبل الجاهلية الاولى ..!!

  3. طيب يا دكترة
    الجنجويد كم اختطفوا وكم اختطفوا
    ما سمعنا صوتك؟
    انصحك لوجه الله..الجنجويد ولجان المقاومة وقحت ..كلهم مراكب غرقانة…عليك قراءة نبض الشعب..قبل التورط في مواقف ستحسب عليك مستقبلا..حين لن ينفعك لا عرمان ولا سلك ولا منقة ولا حتى الحزب الشيوعي
    ولن تكون جلسات النقد الذاتي مفيدة.
    التاريخ لن يعود للوراء، وما قبل 15 ابريل اصبح في ذمة التاريخ ، وسودان جديد كل الجدة سيولد، وصدقني لن يجد اي شخص ساهم ولو بالصمت في دعم الجنجويد مكاناً فيه.
    منادي ( فاتكم القطار) اوشك ان ينطلق.

  4. كثير من الشرفاء وضعوا داخل السجون ويتم تخوينهم فقط عندما قالوا لا للحرب يعتبروك خائن وعميل ودعامى وغير وطنى ومعرفو من يدعو للحرب والقتل والدمار انهم اخوان الشيطان اصحاب الهوس الدينى

  5. يا دكتور الشيوعيين

    التاريخ لن يعود للوراء، وما قبل 15 ابريل اصبح في ذمة التاريخ ، وسودان جديد كل الجدة سيولد، وصدقني لن يجد اي شخص ساهم ولو بالصمت في دعم الجنجويد مكاناً فيه.
    ( فاتكم القطار)
    منقول اعجابا

  6. لا للحرب لا للحرب
    شعار رفعته بعض المجموعات ولكن بدون توضيح كاف للكيفية التي تتوقف بها الحرب.
    واضح الكل يغني علي ليلاه والكل يفسر كلمة لا للحرب من وحي افكاره ولا احد يريد ان يكون شجاعا ليقول الحقيقة او ان يلوم من الذي اشعل الحرب .. انا اتابع منذ اكثر من عامين المشهد وللاسف كنت اتوقع الصدام والصدام الذي سوف يدمر كل شئ .. الحرب لن تقف و السودان لن يعود كما كان .. الحقيقة المرة بعد فترة وجيزة سوف يتلاوم القوم عن الذي فعلوه في حق الوطن ..

  7. ده غزو ولم يتبق للجنجا الا فرض الجزية
    الجنجويد لا يريدون مواطنين، بل يريدون اقنانا وعبيدا يحكمونهم
    اكتل العنباي ما تديك الدرب في دارفور اما الجلابي حبل القيطان
    الراجل بالجلك والمره بالفلك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..