رجاء عالم: دعوني أحدثكم عن مكة لا تعرفونها

بروكسل – من وسيم ابراهيم
فاجأت الروائية السعودية رجاء عالم الجمهور العربي والأوروبي، في بروكسل، بحديثها عن مدينتها مكة بعوالمها السفلية بعكس النظرة السائدة عنها، معتبرة أنها "ليست استثناء عن غيرها من المدن"، كما أكدت أنها لم تشعر بضيق حيز الحرية حولها رغم كونها كاتبة سعودية تتناول أمورا حساسة.
وحضرت عالم إلى العاصمة الاوروبية بمناسبة إطلاق الترجمة الفرنسية لكتابها "خاتم"، الذي نشرته دار "آكت سود" بمشاركة وزارة التعليم العالي السعودية. ونظم في المناسبة لقاء حواري جمعها بالجمهور أداره صحافيان عربي وبلجيكية.
وتعتبر رواية "خاتم" من أكثر مؤلفات الروائية إثارة للجدل، بحكم تطرقها للبيئة الاجتماعية لمكة المكرمة، المدينة المقدسة لدى المسلمين، وكتابتها عن فضاءات محجوبة في حياة هذه المدينة وتاريخها، مثل عوالمها السفلية، إضافة إلى موضوع الرواية التي تصارع شخصيتها الرئيسية وهي تختبر امتزاج الذكورة والانوثة فيها.
وعندما سئلت الروائية إن كان من الأفضل عدم المخاطرة والحديث عن مكان روائي آخر غير مكة، قالت إن "المخاطرة جزء من العملية الابداعية"، وأضافت "عندما أكتب لا أشعر بالرقيب ولا بخطورة المكان، ولا بعواقب الكتابة عن مكة".
وتحتل مدينة مكة مكانا جوهريا في أعمال الروائية، وهو ما دفع بعض النقاد إلى تثمين فضلها في "توثيق البيئة الحجازية"، لكن هذا التوثيق يتجاوز القداسة التي تؤطر التعاطي مع المدينة.
الكاتبة تناولت بيئة مكة القديمة، لكنها رصدت تغيرها، إذ تقول إن مكة الآن "تحولت إلى لاس فيغاس، وإلى مدينة من الأبراج ومن الزجاج".
وحول حقيقة وجود هذا العالم السفلي في مكة، كما تصفه في كتبها، وخصوصا بيوت الترفيه والكيف التي يرتادها الرجال حيث تدخين الأفيون والنساء والموسيقى، وهو ما وصفته في كتابها "خاتم" الذي تناول المجتمع المكي بداية القرن العشرين، قالت عالم إن "العوالم السفلية موجودة في كل المدن، ومكة ليست استثناء من المدن".
وأضافت أن الاستغراب مما تورده يأتي من "هذه النظرة المسبقة لمكة كمقدسة كما لو أنها مدينة لا يحيى فيها البشر".
وتحولت الاسئلة الموجهة للروائية، التي حازت جائزة "بوكر" العربية هذا العام عن روايتها "طوق الحمام"، لتدور حول كيفية تلقي كتبها من قبل الأوساط السعودية، فترد مؤكدة "لم أتلق ردود فعل سلبية إلى الآن، من حسن حظي".
وضحكت الروائية عندما قيل لها أنها "احرجت" النقاد في بلدها، بعد فوزها بجائزة "بوكر" واضطرارهم إلى تناول مؤلفاتها التي يصفها الكثيرون بـ"الجريئة".
وأرجعت عدم تعرض كتبها لمشاكل رقابية إلى كون "المجتمع السعودي مقسم إلى فئتين: فئة المتشددين، وفئة المتنورين"، وأضافت أن "المتشددين لا يقرأون، والمتنورون عندما يقرأون فهم يقدرون أني أتكلم عن مكان كان يمكن أن يؤول إلى الفناء لو لم أكتب عنه".
وعند الحديث عن الأسلوب الصوفي في كتباتها، تقول الروائية أنها لم تختره، وتوضح أن "العرق المتصوف كان يسري في الكلام كما لو أني تلقيته في الدم"، وروت أن جدها الأول كان يعتبر من كبار المتصوفة في مكة، وأن عائلتها سميت "عالم" نسبة للعلم، حيث يطلق أهل مكة على العائلات أسماء المهن التي تمارسها.
وعن نضالها الشخصي كامرأة سعودية، تحدثت كيف أن المرأة في الأسر المحافظة في المملكة لا يمكنها إعلان اسمها، وأضافت "مقابل هذا العالم الذي يطلب مني أن أكون غير موجودة، كتبت اسمي الصريح، وكتبت عن هذا العالم المسكوت عنه".
ولم يغب حديث "الربيع العربي" عن اللقاء الحواري، وسئلت الروائية إن كان الربيع العربي سيصل إلى السعودية، فقالت إن "الربيع العربي وصل للعالم أجمع"، وأضافت أنه "أعطى رسالة للعالم أن لا دوام للديكتاتوريات، وليس هناك عرش دائم".
وتحدثت الكاتبة السعودية عن حصول النساء في بلدها على حق التصويت والتمثيل في مجلس الشورى، وقالت أن ذلك "من نتائج الربيع العربي، أو نتائج إحساس القيادات في العالم أجمع أن هناك صوتا للشعوب".
وبدا أن كلام رجاء عالم لم يفاجئ فقط الجمهور الاوروبي الحاضر، بل أيضا من حضر معه من جمهور عربي. وقالت شابة، عرفت عن نفسها بوصفها كاتبة، بأنها شعرت من كلام عالم تقليلا من شأن التحديات التي تواجهها المرأة العربية الكاتبة، وقالت أن هذه المشكلات "لا نستطيع أن ننكرها"، رغم إنها تختلف بين بلد عربي وآخر.
وردت الروائية السعودية على ذلك بالقول:"أريد أن أقول لك إني لم أشعر إطلاقا بضيق حيز الحرية حولي. كتبت كل ما كتبته بمطلق الحرية، وبدون أي اعتبار للرقيب أو المجتمع"، مؤكدة أنها لا تشعر بأن كاتبات عربيات أخريات كتبن بحرية تتجاوز الحرية التي كتبت بها.
وتعيش رجاء عالم الآن في باريس مع شقيقتها شادية، الفنانة التشكيلية، وقد جمعهما أكثر من عمل فني مشترك.
آخر هذه الأعمال كان "القوس الأسود"، وهو عبارة عن تجهيز فني في مهرجان بينالي البندقية، المستمر حتى أواخر تشرين الثاني/اكتوبر المقبل، وتشارك فيه السعودية للمرة الأولى وتمثلها شادية عالم فيه رسميا..
ميدل ايست أونلاين
نعم الربيع العربى وصل الى جميع انحاء العالم ماعدا السودان الانظمه الدكتاتوريه ومنها النظام السودانى الذى قطع اوصال البلاد الى الان جاثم فى صدورنا
الشعب السودانى الابى متى يستيقظ من سباته العميق