حتى لا تهتف الجموع .. ( مصر والسودان ستين حتة )

في الطرفة القديمة أن سودانياً (حلفاوياً) من المتحمسين بشدة للوحدة بين مصر والسودان، كان يشارك في تظاهرة عارمة تطالب بالوحدة الاندماجية بين البلدين، ولما كان بلديات زكريا حامد هذا يهتف بحماس وبصوت قوي وجهور، حمله البعض على الأعناق ليقود الهتاف الذي بدأه بترديد شعار (مصر والسودان حتة واحدة)، ولكن بعد أن أنزلوه أرضاً وتحسس جيوبه وافتقد حافظة نقوده التي نُشلت في فورة حماسه، صرخ هاتفاً بحدة وبصورة أقوى من هتافه السابق (مصر والسودان ستين حتة)، وتذهب بعض الروايات التي نوردها ولا نتبناها أو نقطع بصحتها، أن ذاك السوداني الحلفاوي صاحب هذا الهتاف الشهير كان هو القيادي السابق الشهير بالحزب الاتحادي والوزير الأسبق محمد نورالدين رحمة الله عليه، وعطفاً على هذه الواقعة الطريفة من المؤكد أن الحاج يحيى زكريا الذي أوردت الغراء (السوداني) بعض تفاصيل حكايته المؤلمة والصادمة والباعثة على الغضب بما تعرض له من تعذيب وإهانة دون ذنب جناه، وغيره ممن لاقوا نفس مصيره المحزن، لن تكون مشاعرهم تجاه مصر بعد الذي عانوه فيها بأفضل من مشاعر صاحبنا الحلفاوي بعد نشل جزلانه، بل الراجح أنها ستكون أسوأ من ذلك بكثير، وبالضرورة فإن هذه الحكايات المؤسفة مقروءة مع الخبر الفاجع عن مقتل 15 سودانياً برصاص القوات المصرية عند محاولتهم التسلل لإسرائيل، ستعبئ قطاعات واسعة من الشعب السوداني بمشاعر سالبة وربما تبلغ درجة العدائية تجاه مصر…
صحيح أن الحكمة تقتضي أن يحرص الطرفان السوداني والمصري على أن تكون العلاقات بينهما هي الأميز والأكمل والأقوى للاعتبارات المعروفة، وصحيح أيضاً أن لا أحد في الجانب السوداني يرغب في تدهور هذه العلاقة، ولكن الصحيح جداً جداً أن لا سوداني واحد يقبل تلك الإهانات والفظاظات التي تعرض لها بعض السودانيين دون جريرة، على النحو الذي رصدته سفارة السودان بالقاهرة وما ناءت به الأسافير، وصحيح جداً أيضاً أن لا أحد يمكنه مغالطة أية دولة في ما تتخذه من سياسات تخصها أو أن لا تحاكم من يتجاوزها وينتهكها، ولكن ما فعلته السلطات المصرية بالحاج يحيى زكريا والآخرين الذين لم يرتكبوا جرماً أو ينتهكوا حرمة، لهو تصرف غريب يدعو للتشكك في أهدافه ومقاصده، ويجب أن لا تمرره حكومتنا دون تحقيق ومساءلة وضمان عدم تكراره، أما قضية حلايب العالقة فتلك حكاية أخرى…

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. المصريين النوبيين يعانون التهميش و العنصرية و الاقصاء و هم اصحاب الارض الحقيقيين –
    فما بال السودانيين و خاصة الشماليين يحاولون الالتصاق بمصر و هي مؤكدا سوف تلفظهم كما لفظت اخوة لهم من نوبة مصر —

  2. و60 مره قنا ليكم ياكتابنا الكرام لا تكتبوا ( مصر والسودان ) ولكن اكتبوا ( السودان ومصر ) لماذا تبخسون أنفسكم وتريدون من المصريين ان يعاملونكم بالمثل , بالأمس قرات مقال أيضا عن موضوع العلاقات السودانيه المصريه ولكن اخطأ أيضا وأورد ( مصر ) أولا , والله فقعتوا مرارتنا وهردتوا مصارينا ,

  3. يا أخواني وأبناء بلدي أهل السودان، هناك في مصر لا يبدو أن الموضوع بالنسبة لقطاع من المصريين (لا أعرف حجمه) يقف في حد المعاملة (الوحشة) والنظرة (القبيحة) للسودانيين… لكن يتعدى إلى فكرة أسوأ من الاستعمار. ومن يسمع خطرفات وهلاويس (الأراجوز) توفيق عكاشة في قناته (الفراعين) يخاف من مستقبل غاية في الخطورة بين البلدين والشعبين (الشقيقين!!!!).. فهذا الرجال لا يخاف الله و لا يختشي ولا يجامل وينكر التاريخ والواقع … ويلغي أي شيء اسمه رأي ورؤية للسودانيين في معنى استقلالهم وحقيقة وجودهم وينسف تماماً تاريخهم وعلاقتهم بأرضهم وهو باستمرار يكرر ويقول بأعلى صوت (لا يوجد شيء إسمه السودان) بل (جنوب مصر) ويؤكد أنه (لا يوجد على مر التاريخ شيء إسمه السودان) فالبلدان في رأيه صارا بلداً واحداً اسمه (مصر) قبل آلاف السنين منذ أن تزوج أحد الفراعنة (أنا لا أذكر الاسم الذي قاله “المسطول” عكاشة) من نفرتارية والتي يصفها “المأفون” عكاشة بانها كانت سودانية جميلة ويزيد في التفصيل أن بعض السودانيات جميلات جداً لكنه يستدرك (بس سُمر شوية!!!!). ويعتقد أن مسمى السودان بدأ منذ عام 1953م.. لم يبق لنا إذن إلا أن نستعد من الآن للدخول إلى (غابة) والاستعداد لحرب طويلة مريرة وطويلة الأمد إلى أن نأخذ استقلالنا وحريتنا وهويتنا ووطننا بالقوة أو أن نقبل بالانقراض.. لأن المصريين إذا كانوا يعاملوننا ويتعاملون معنا بهذه الطريقة ونحن في وطن مستقل فكيف سيكون الحال إذا الغوا وطننا من خارطة العالم؟
    غالبية المصريين يغترون بحجم وتسليح وتجارب جيشهم ويظنون أن الحروب مجرد نزهة. لكنهم نسوا ماذا فعل بهم اليمنيون خلال الستينات من القرن الماضي حينما كان اليمنيون أكثر تخلفاً من الآن… و لايدركون أن الدول الأفريقية وخاصة دول حوض النيل لن تقف مكتوفة الأيدي في حال أي توسع مصري في المنطقة.. فاطماع المصريين لا تقف في أرض السودان…وستجد مصر أن تكاليف نزهتها الإفريقية ستكون عالية جداً جداً.. وستخلق عداءاً مع السودانيين وأفريقيا قد يستمر إلى الأبد وإذا كانت مواجهاتها في سيناء الآن تسبب لها كل ما يراه الجميع الآن فإن أية مغامرة في إفريقيا ستكون وبالاً عليها. ما يقوله المصريون هو نفس ما كان يقوله العراقيون عن الكويت إلى أن وصل الأمر إلى غزو واستباحة الكويت في 2 أغسطس 1990م. هل يمكن القول ما أشبه الليلة بالبارحة؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..