مقالات وآراء

التغيير

نضال عبدالوهاب

دخلت بلادنا الشهر الرابع بعد الحرب …

شكلت هذه الحرب بكل المقاييس مرحلة وحقبة جديدة في السُودان ، مرحلة لن تعود بلادنا بعدها كما كانت و هذا طبيعي نتيجة لتسلسل الأحداث ماقبل الثورة وبعدها وحتي قيام الحرب وأندلاعها ووصول الصراع السياسِي لمرحلة متقدمة ومحاولات فرض السيطرة علي السُلطة والموارد في السُودان في صراع مُتشابك ومُتعدد الإتجاهات مابين الداخل والخارج…

هذا الواقع الحالي يحتاج إلي تعامل مختلف سياسي وعلي مستوي التفكير والأدوات …

لا يُمكن باي حال السير بذات العربة القديمة في طريق مختلف أكثر وعورة يحتاج إلي عربة مختلفة وجديدة وصالحة تقوي علي السير والوصول عبره….
لا يمكن أن يتولي قيادة العربة الحديثة من سقطوا بالعربة القديمة وجرفوها بعيداً عن مسارها…
إذاً التغيير هو الشرط اللازم لمرحلة مابعد الحرب ….
لازم لإيقافها ولازم لما بعد إيقافها….
كنت ولا أزال من دعاة تغيير كُل الطاقم الموجود في المشهد ماقبل إندلاع الحرب من المدنيين والعسكريين…
وكذلك تغيير الطريقة التي ظلت تدار بها الأمور السياسية في بلادنا وتقود للقرار السياسِي فيه وهذا ضروري واولوية….
كُل العالم يتغيير خاصة بعد الأحداث الكُبري فيه ، الثورة تُغيّر ، وكذلك الحروب تُغيّر …

تغير العالم بعد الحرب العالمية الأولي والثانية و بعد الحرب الباردة وسقوط الأشتراكية ، وحتي في محيطنا تغير بعد حرب ٦٧ و بعد حرب الخليج وغزو العراق ، والأمثلة كثيرة ، وتغير العالم ما بعد الثورة الصناعية و التكنولوجية ، وتغير ويتغير حتي بعد الأوبئة والإختراعات والإكتشافات العلمية… إذاً ليس مُستغرباً أن يتغير الوضع في السُودان نتيجة وصول الحرب للخرطوم بعد إستمرت طويلاً في الأطراف … هذا الواقع كشف هشاشة الدولة السُودانية وحاجتها إلي تأسيس جديد في مرحلة مابعد توقف الحرب ، تأسيس يكون بداية لتغيير تراكمي و حداً لصراع طويل…

بأي حال من الأحوال غير مقبول إستمرار ذات المنهج وذات القيادات وذات الأدوات التي تكاملت لتنتج واقع الحرب الحالية…

القبول بهذا الأمر أي ضرورة التغيير لازم لإحداث التغيير نفسه ، بدءاً من توقف الحرب مروراً لما بعده وتأسيساً لدولة جديدة تختلف عن الماضي تصلح لتعيش فيها جميع الشعوب السُودانية ويُدار فيها تعددنا لتنتج دولة قوية يبنيها جميع السُودانيين وتصلح لترثها الأجيال القادمة في المُستقبل وتستكمل نهضتها وتقدمها…

لا يُعقل أن تواصل ذات المنظومة التي فشلت (حرفياً) وهي تقود العربة القديمة وسارت بالسُودان إلي هذا الدرك الحالي والذي قد يقبل مزيداً من الإنهيارات والتشظي والتلاشئ إن لم يتم تداركه واللحاق به وتعديله…

مقاومة التغيير بإصرار ذات الشخصيات والعقليات التي خلفها للبقاء في كابينة القيادة وبذات الكتلوج والمنهج تعني حتمية تكرار السقوط إن لم يكن العدم…
واجبنا أن نفتح الطريق لتغيير يواكب هذه المرحلة ، مرحلة الحرب ومابعدها…

الأمر ليس صراعاً شخصياً أو رغبات ذاتية ، وإنما هذا ما تُمليه المصلحة العامة ومصلحة كُل الشعوب السُودانية والأجيال القادمة…

هذه الحرب من الضروري أن تُنهي مسألة إحتكار القيادة السياسية والقرار السياسي والتمثيل الحقيقي للسُودانيين وجميع الشعوب داخله…

نُريد أن نمضي بقيادة يري فيها جميع السُودانيين أنفسهم ولا يشعروا بغبنٍ تجاهها ، نري الغرب والشرق والشمال والوسط والجنوب ، البجا والفونج والنوبة والمساليت والإنقسنا والعرب الرُّحل ، وهكذا ، أي كُل المكونات الإجتماعية ، خاصة في مرحلة التأسيس وما قبل إقرار الدستور ، و الشباب ، والنساء والعُمال والحرفيين ، النقابات ، لجان المقاومة ، القوي الأهلية المجتمعية ، الأحزاب السياسية ، منظمات المجتمع المدني ، بإختصار كُل السُودان… ليس ٧ أشخاص يتحكمون في القيادة الظاهرية ومعهم ٧ آخرون من خلفهم…

وليس نفس الوجوه التي تتكرر وهي لا تُريد الإعتراف أنها قد أخذت فرصتها ، ويُعيد إنتاجها ذات العقلية؟؟…

هذا هو واجبنا الحالي واولويتنا …
مرحلة مابعد الحرب من غير المقبول أن تُعيد إنتاج البرهان وحميدتي عبدالرحيم دقلو والكباشي وياسر العطا وأبراهيم جابر ، وجبريل وصندل ومني وعقار وعرمان وسلك وطه عثمان وبابكر فيصل وودالفكي و مريم الصادق وبرمة ناصر وصديق الصادق وهكذا….

هؤلاء من الضروري أن يقبلوا بالتنحي علي الأقل ما قبل الإتتخابات الديمُقراطية لاحقاٍ ، فالترشح والإنتخاب مُتاح عندها لكُل السودانيين والإختيار للشعب …
وكذلك لايُمكن التوقف عند مرحلة حمدوك وعبدالبارئ وإبراهيم البدوئ والتعايشي!! ، نحن لن نتعلم من أخطائنا إذا واصلنا بتدوير ذات المنظومة قيادةً ومنهجاً!.

الجُهد المبذول في إعادة تركيب ماكينات الفشل لن تصنع عربة تصلح للسير بالسُودان في طريق يوقف الحرب ويُحدث تغيير تأسيسي يُبني علي أساسه وطن يجمعنا جميعاً نتعايش فيه سواسيةً بعيداً عن الإحتكار والإختطاف وإستمرار الحروب ومُعاناة شعبنا…
#التغيير ضرورة المرحلة
18 يوليو 2023
[email protected]

‫3 تعليقات

  1. التغيير يكون ليس بتغيير الشخص بل بتغيير الأنظمة الإدارية والسياسية التي أتت بهم وتأتي دائما بأمثالهم. الآن يتحتم تغيير نظام الديمقراطية الحزبية إلى نظام الديمقراطية المباشرة دون وساطة حزبية وحيث يعتبر كافة المواطنين متساويين في الحقوق السياسية غير المقيدة بالتحزب فيجوز لكل فرد أن يمثل طائفته من زملاء المهنة أو الحرفة أو المنطقة وعليه تقسيم الدوائر الانتخابية على أسس مهنية وحرفية وفئوية وعلى كل أهل مهنة أو حرفة أو فئة اختيار ممثليهم مباشرة دون تتدخل الأحزاب وأن يلغى قانون الأحزاب وتحظر الأحزاب والعمل الحزبي ويمكن فعل هذا وإقامة انتخابات سريعة على هذا الأساس دون الحاجة للإحصاء والسجلات الاتنتخابية السابقة وعلى النواب المختارين في المجلس التشريعي اختيار رئيس الوزراء والاطلاع بكافة المهام البرلمانية الأخرى وخاصة وضع أو تعديل القوانين المطلوبة لعمل الحكومة المدنية واجهزتها بما في ذلك القوات المسلحة والنظامية الأخرى

  2. أوافق ان احزابنا السياسية هي اس المشكلة ولا بد من ايجاد طريقة أخرى ينتخب بها الشعب ممثليه في البرلمان..لقد صبرنا كثيرا على الأحزاب لكنها تكرر نفس الأخطاء عقب كل ثورة ورغبتها في الوصول للسلطة بالوسايل الاقصائية والتوافق مع العسكر اكبر من سعيها للتحول الديموقراطي..(اضحك عند سماع مقولة شرفاء الجيش وما هي الا تمهيد لاصيادهم في صفهم ليصبحوا انقلابيين عند الطرف الآخر.)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..