مقالات سياسية

رسالتي للبرهان و نافخي الكير على حد سواء

يوسف عيسى عبدالكريم

نتابع  هذه الأيام الجلبة و الجقلبة التي أحداثها فلول النظام السابق وعناصر الدولة العميقة في محاولة منهم لتبرير موقف وفد الخارجية السودانية المتواجد في أديس أبابا الرافض للانخراط في طاولة المفاوضات والذي انسحب  منها بحجة اعتراضه على رئاسة كينيا و رئيسها وليم روتو للجنة التفاوض  . وقد سبق ذلك هجمة على وفد القوى المدنية الذي زار دول المحيط الإقليمي سعيا لإيجاد مدخل لحل الازمة السودانية و إيقاف الحرب في البلاد و ذلك بتفعيل هشتاق قحط لا تمثلني لتعزيز الكذبة والفرية التي يروجون لها بان السبب الرئيسي لاندلاع هذه الحرب العبثية هو قحط و الاتفاق الاطاري المبرم معها .

و يلاحظ إن الحجج التي ساقها وفد الحكومة ان صح تسميته بذلك الاسم (مع الاخذ في الاعتبار انه لا توجد حكومة ولا وزراء ولا رئيس وزراء و لا حتى حكومة تصريف اعمال في البلاد لذا فأننا سنطلق هذه التسمية مجازا فقط ) للانسحاب من التفاوض تبدو من الوهلة الأولى واهية و غير متماسكة وتضع الجيش في زاوية ضيقة باعتباره الطرف الرافض للتفاوض. مما سيفتح عليه الباب أمام سيناريوهات عدة قد تبدا بالعقوبات و لا ندري بماذا ستنتهي فربما قد تنتهي بالتدخل الدولي المباشر ونشر قوات حفظ سلام في العاصمة السودانية الخرطوم.

ولعلنا ننظر للوراء و نستقرئ الاحداث السابقة بسرعة لنجرد الحساب حتى نحكم العقل و نمرق الذمة كما يقول السودانيين . فبعد اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة تكون مجلس للسيادة بعضوية المكون العسكري والمدني بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية التي كان يجب ان يحكم العسكريين بموجبها سنتين فقط و من ثم تؤل الأمور للمدنيين ولكن كعادة العسكر في كل مكان في العالم نقضوا ذاك العهد وانقلبوا على حكومة الفترة الانتقالية بعد ان تورطوا سابقا في جريمة فض اعتصام مدني وسلمي امام قيادة الجيش بطريقة بشعة و وحشية شهد عليها العالم . ورغما عن ذلك ظل المدنيين ومنذ اندلاع الثورة  يقدمون حسن النوايا للمكون العسكري الذي ظل يلاعبهم بذكاء بطريقة لعب دائما ما تقوم على تكسير الزمن واطالة امد شوط  اللعب حتى يتثنى له  الجلوس في الحكم لأطول فترة ممكنة .

ولكي تتضح الصورة  فسوف أقوم بإنعاش ذاكرة القارئ. فالجميع يتذكر الاتفاق الذي ابرمه السيد رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك مع الجنرال عبدالفتاح البرهان بعد انقلاب 25 أكتوبر والذي اكد فيه حمدوك  بان مصلحته في ابرام ذلك الاتفاق كانت  فقط  حقن الدماء في الشارع  السوداني . ويومها كتبت مقال مخاطبا السيد عبدالله حمدوك و قلت له  ( فلتحذر الذئاب التي تغازل الحملان ولتتجنب الدخول في عش الدبابير فقديما قيل خوة الكاب حدها الباب  ولتعلم  انك مهما تعاملت بحسن نية وطيب خاطر وغلبت مصلحة البلاد وحقنت الدماء ستظل قطعة في رقعة شطرنج كبيرة يحركها البرهان كيف و اين ما شاء. و اضفت كن متيقنا مهما كال لك البرهان من المديح  ستظل انت في نظره ونظر المكون العسكري مجرد زول ملكي ساي ) وقد اثبتت الأيام صدق تحليلي لتلك الاحداث  فبالرغم من ان العساكر كانوا يعلمون ان حمدوك و تغليبا للمصلحة العامة قد تحمل عبئ تمثيل المكون المدني وحيدا في مواجهتهم الا انهم  كعادتهم لم يكن يهمهم سوى ان يوقع حمدوك الاتفاق معهم لكي تتحقق لهم شرعنة الانقلاب ويحصلون على القبول في المجتمع الدولي .
لذا حذرت قوى الحرية والتغيير في مقال اخر عشية توقيع  الاتفاق الاطاري  واشرت الى ان المكون العسكري لا يهمه من هذا الاتفاق سوى الفوز بشرعية الحكم لمدة عامين قادمين هي الاطار الزمني للاتفاق. وانه سيتم التخلص من قوى الحرية والتغيير في اول محطة ويقوم بأبدالهم بالكتلة الديمقراطية و اعتصام الموز المجهزة لتعبئة الفراغ.

فالذين هيئوا المناخ لانقلاب 25 أكتوبر في السابق هم نفسهم اليوم  من يصرون على ضرورة استمرار الحرب وتدمير البلد ودك العاصمة على رؤوس المواطنين العزل و يرفضون الجلوس للتفاوض و يصفقون لموقف الانسحاب من المفاوضات و من الايغاد ويستعدون اثيوبيا و كينيا وتشاد وكل المحيط الاقليمي  و يفتحون المعسكرات لتدريب الشباب  للزج بهم في اتون محرقة تستعيد في الاذهان و البيوت و الاسر ماسي حرب الجنوب  و تنصب فيها  صيوانات العزاء في كل شوارع البلد كما حدث سابقا . يفعلون ذلك لان موقفهم المعلن والمعروف لدى الجميع هو استمرار الحرب إلى ما لا نهاية حتى و لو أدى ذلك الى فناء الدولة السودانية بمنطق يا فيها يا نطفيها . وذلك لان ميراث النظام البائد ما يزال يجري منهم مجرى الدم .

اننا اذا احسنا النوايا وغلبنا مصلحة الوطن ونزعنا ما في قلوبنا من غل و ما في اعيينا من غشاوة فسنجد ان الموضوع ابسط ما يكون فاذا كان البرهان يريد الحرب وهي خياره و اذا كان لديه القدرة على تحقيق النصر فليخرج و ليحدد لنا  سقف زمني لانتهاء العمليات العسكرية في البلاد ليزيل عنا حالة عدم اليقين والشك التي تساور الجميع تجاه هذا الخيار ( مع الاخذ في الاعتبار ان الذين  يدعمون هذا الخيار منذ 90 يوما يجب ان يعوا انه و بالرغم من  وجود امتياز الطيران و الغطاء الجوي والمدفعية و البريقدار التركي للجيش في مواجهة  مليشيا ذات تسليح خفيف و تستخدم سيارات دفع رباعي فقط  الا انه لم  يستطع حتى الان  ان يحسم المعركة ويدحر التمرد ويحقق النصر و يعيد الأمان للخرطوم )

واما اذا كانت تقديراته انه ليس قادرا على الانتصار حسب الوضع الحالي للجيش فهو اذا مضطر لقبول التفاوض والجلوس على طاولة الحوار مع الدعم السريع و يجب عليه عدم تفويت هذه الفرصة و ابرام اتفاق يوقف الحرب و يحقن الدماء ويحفظ ماء وجهه . ولا داعي  لكل هذه الجلبة و المسرحية ذات الأداء دون المتوسط والإخراج السيئ من وفد الخارجية السودانية في اديس ابابا  لان  تغيير رئيس لجنة  التفاوض سوف لن يؤثر على قناعات و مواقف الدعم السريع في التوصل لاتفاق مع الجيش  و لا وجود الرئيس الكيني كرئيس للجنة التفاوض سوف يرغم وفد الحكومة السودانية على قبول شروط  معينة او  تبني مواقف لا تنسجم مع الظروف السياسية ولا الميدانية للجيش .

لكن التحدي هو كيف يستطيع  الجيش ان يبعد هذا الطرف الثالث المعلوم للجميع من المعادلة  وان يتخلص من عبئه السياسي و العقائدي حتى يتسنى له اتخاذ القرار الصحيح من دون أي محددات .اننا في هذا الظرف نحتاج إلى إجابة محددة لسؤال بسيط  و منطقي و هو هل إذا رفضنا التفاوض وانسحبنا  من المشهد فأننا نمتلك قدرة عسكرية على حسم المعركة في الميدان وفي مدى زمني قصير قبل أن تنهال علينا تداعيات الانسحاب  من التفاوض على المستوى  الإقليمي الدولي ؟

ان وضعية رجل في الخرطوم و التانية  في مدني هذه مضرة و لن تكون الا في مصلحة ناس الكاملين ومن شابههم في محيطنا الإقليمي وهم ليسوا بقليل و كلهم ينتظر هذه الفرصة ليتسنى له كشف عورتنا و استغلال ضعفنا لتحقيق مصالحه . لذا رجاء  اقبلوا التفاوض أوقفوا هذه الحرب العبثية واحقنوا الدماء التي ما زالت تسيل قبل فوات الأوان .

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. كلام بلا معني بدل ان تطعن في فيل الذي يدوس الناس وينهب اموالهم وسياراتهم ويغتصب نساءهم تلف وتدور في كلام لا يضر ولا ينفع

    1. هذا الذي يسرق و ينهب ويغتصب فقط تذكر انك انت الذي اتيت به وانه كان يفعل ذلك على بعد الاف الكيلومترات منك في دارفور وكنت لا تحرك ساكنا كان الامر لا يعنيك.
      اما الان عندما اصبح الامر في شارع حلتكم اعتبرت ان كل حديث يجب ان يكون عنه .
      التسوي كريت في دار فور تلقاه في الخرطوم

  2. مقالك جميل ومنطقي يا استاذ يوسف، لكن نحتاج للاراده السياسيه القويه وللرجال الصادقين الاقوياء الامناء وليس المنافقين والضعفاء والخونه ، اللي بيحاولو يدمروا السودان عن قصد وذلك لانغماسهم في بحر العماله اللي حينهي دوله اسمها السودان ويشتت شعب عظيم ابي في غياهب المجهول.

    1. شكرا اخ حسن على قراءتك للمقال وتكرمك بالتعليق. فعلا نحن نريد رجال مرحلة امناء واشداء لاخراجنا من هذا المازق الذي اوقعنا فيه العسكريين والسياسيين معا

  3. عندنا استاذ زمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااان في الثانوي الله يطراه بالخير عنده في كل شهر حصة اسمها خارم بارم
    الحصة دي تسال فيها اي سؤال في اي موضوع يخطر علي بالك الاستاذ هذا كان متمكن جدا وشاعر لا يشق له غبار
    كان يقول اسال يابني ولا تخجل سؤالك لن تخرج اجابتة من ثلاث القران الكريم السنة النبوية الشريفة او الشعر الجاهلي
    (حصة الرجل القامة دا افضل مليون مرة من مقالك هذا )

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..