أخبار السودان

المرضى النفسيون.. ضحايا القتال في السودان

مساءً على أزقة إحدى حارات مدينة أم درمان غربي الخرطوم، وأثناء عمل إحدى الدوريات التي شكلها شباب الحي للحفاظ على الأمن الذي انفرط عقده منذ اندلاع الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف نيسان/أبريل الماضي، سمع محمد ورفاقه صرخات فتاة تنطلق من أحد منازل الحي، فهبوا جميعًا في اتجاه مصدر الصوت لتقديم العون. يقول محمد سعد لـ”الترا سودان” إنهم تسلقوا أسوار المنزل لتقديم المساعدة، فلا وقت لطرق الأبواب في مثل هذه المواقف، لتقابلهم والدة الفتاة بالاعتذار، مفسرةً ما يجري بأن ابنتها تعاني من اضطرابات نفسية، وأن الأمر خرج عن سيطرتهم في ظل أصوات المدافع والمضادات التي لا يعلو على صوتها صوت تحت سماوات الخرطوم.

عدد من مستشفيات الصحة النفسية والعقلية خرجت عن الخدمة، فيما أقفلت عيادات الطب النفسي أبوابها في الخرطوم فيما يصنف “كارثة صحية”
وحسب دراسات سابقة، بلغ عدد المرضى النفسيين في ولاية الخرطوم فقط (58,765) مريضًا نفسيًا يحتاجون بطبيعة الحال إلى أجواء مهيئة ليتمكنوا من ممارسة حياتهم الطبيعية، فيما ينتفي ذلك في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، إذ تجعل من الصعب حتى على الأشخاص الذين يتمتعون باستقرار نفسي تجاوزها.

وخرجت عدد من مستشفيات الصحة النفسية والعقلية عن الخدمة، فيما أقفلت عيادات الطب النفسي أبوابها، فيما يصنف “كارثة صحية” قد تتسبب في انتكاسة لعدد من المرضى حسب ما أفاد متخصصون في المجال، محذرين من تحول هؤلاء المرضى إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت.

نقص إمدادات الدواء

أيام من البحث المتواصل قضاها أحد المواطنين (فضل حجب اسمه) عن أدوية شقيقه الأصغر الذي يعاني من اضطراب عقلي. يقول هذا المواطن إن للدواء دور كبير في استقرار حالة شقيقه وتحسين حياته، وأن الاستمرار في انقطاع شقيقه عن العلاج سيفقدهم السيطرة عليه في نهاية المطاف، ويجعل من عودته إلى حالته الطبيعة أمرًا شبه مستحيل.

ومع ازدياد وتيرة الاشتباكات في المنطقة التي يسكن فيها هذا المواطن، يعاني شقيقه المريض النفسي من نوبات هلع تفقده القدرة على التنفس بانتظام. وناشد هذا المواطن الجهات المختصة في حديثه إلى “الترا سودان” بتوفير إمدادات أدوية المرضى النفسيين ووضعها في مقام واحد مع الأدوية المنقذة للحياة.

وأسفرت حرب الخرطوم عن خروج عدد كبير من الصيدليات والمؤسسات الطبية عن الخدمة، فيما تعرض بعضها لعمليات نهب واسعة كانت سببًا في تردي الخدمات الصحية وتعريض المرضى بجميع أطيافهم لمخاطر بالغة.

معاناة النزوح

تعاني (م) من موجات من الاكتئاب الفصلي، وهي تحب العزلة ولا يروقها الاختلاط بالآخرين، ولكنها اضطرت إلى النزوح والإقامة بمنزل أحد أقاربها في ولاية الجزيرة. تقول (م) لـ”الترا سودان” إنها تشعر بضيق شديد لإقامتها في منزل مكتظ بالناس. ولفتت إلى فقدانها خصوصيتها بالكامل، في حين تشعر أحيانًا بأنها على وشك الصراخ من لعب الأطفال وتداخل الأصوات، ما يذكرها بالمناسبات الاجتماعية التي لطالما تغافلت عن حضورها، وتجد صعوبة بالغة في ممارسة حياتها اليومية.

وأوضحت (م) أنه من الصعب على أسرتها تحمل تكلفة استئجار منزل خاص بهم، يمنحها بعض الخصوصية وتشعر فيه بأن تصرفاتها ليست تحت الأنظار، ما من شأنه أن يعرضها لكثير من المضايقات، وهو وضع عليها التعامل معه إلى أجل غير مسمى.

تدابير خاصة

“الأمر أشبه بكرة جليد تتدحرج من على سفح جبل” – هكذا وصفت الاختصاصية في علم النفس مي علي معاناة المرضى النفسيين في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد، مؤكدةً ضرورة وضع تدابير خاصة لهذه الشريحة من المجتمع التي قالت إنها “تتكبد هي وأسرها معاناة مضاعفة”، إذ يصبح كل شيء “متضخمًا لديهم” – بحسبها. وتضيف الاختصاصية النفسية مي علي أنه لا بد من توفير مخيمات متحركة في الخرطوم بمساعدة المنظمات لتقديم المساعدة والدعم النفسي لهؤلاء المرضى وتوفير الأدوية الخاصة بهم مجانًا، فيما شددت على ضرورة عدم التعامل مع هذه الاضطرابات على أنها “وصمة” من قبل أفراد المجتمع، حتى يستطيع هؤلاء المرضى التعافي من هذه الاضطرابات التي قالت إنها تصل في عديد من الحالات إلى “تعافي كامل يستطيع الفرد معه أن يعيش ويتكيف مع المجتمع”. وناشدت جميع الأسر التي تستطيع الخروج من ولاية الخرطوم إلى أماكن أكثر أمانًا بأن تفعل ذلك عاجلًا.

وتوضح مي أن هذا لا ينفي أن للنزوح آثار سالبة أيضًا، ولكنها –حسب مي– أخف وطأة من الجلوس تحت أصوات المقذوفات ورائحة البارود. وتقول هذه الاختصاصية النفسية إنه يمكن لأسرة المريض أن تساعده في تخطي هذه العقبة والتأقلم مع المكان الجديد.

وتضاعف الحرب الدائرة في السودان من معاناة المرضى النفسيين، وتجعلهم أكثر عرضة للانتكاسات في ظل هشاشة النظام الصحي وانهياره في بعض المناطق، فيما تعاني كثير من الأسر في توفير الأدوية التي من شأنها أن تحافظ على استقرار أبنائهم، ما يحتم على القائمين على أمر الصحة في البلاد اتخاذ خطوات سريعة وفعالة لتقديم المساعدات الناجعة لهم.

الترا سودان

تعليق واحد

  1. الرجاء من الاهل ان يلتزموا بالرقية بالقران الكريم
    خاصة سورة الفاتحة ٤١ مرة صباح ومساء واية الكرسي واواخر سورة البقرة مع المعوذات انشاء الله وباذن الله فيه شفاء علما بانه ليس هناك حاجة اسمها امراض نفسية والادوية كلها عبارة عن تخدير وتسكين للاعصاب فقط لا غير لذلك السفاء من الله والعلاج بالقران فقط
    جربوا وسترون عحا ئب قدرة الله في الشفاء ونسال الله لى ولكم العافية والصحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..