أخبار السودان

العودة إلى الخرطوم.. السؤال الأكثر إلحاحًا لدى النازحين

ما إن يحتدم النقاش في المجالس الاجتماعية بالولايات التي غادر إليها نصف سكان العاصمة الخرطوم منذ اشتعال الحرب في منتصف نيسان/أبريل الماضي، حتى يطرح السؤال الأكثر إلحاحًا من أولئك الذين فروا من الحرب بين الجيش والدعم السريع: متى نعود؟ وللإجابة على هذا السؤال قد يلجأ البعض للتحليلات العسكرية والسياسية لاستنتاج مواعيد انتهاء الاشتباكات، ولكن في كل الأحوال من الصعب أن يضرب أحدهم موعدًا دقيقًا لأوان العودة إلى الخرطوم بعد فظاعات الحرب والدمار الذي ضرب المنازل والخدمات والمصانع والشوارع والمستشفيات.

الأمل هو الشيء الوحيد الذي يلازم الفارين من حرب الخرطوم، وعندما يستقبلون الشمس صباح كل يوم يكون التفكير الأبرز الذي يراودهم أو الأمنيات التي تلاحقهم أن يكونوا في منازلهم يمارسون المهام المعتادة في صباحات الخرطوم قبل الحرب، حيث يشربون الشاي المخلوط بالحليب في الصباح الباكر ويرسلون الأطفال إلى المدارس، وسط مكبرات باعة الخضروات والفواكه الذي درجوا على التجول في شوارع أحياء خرطوم ما قبل الحرب بسبب الكساد الذي ضرب الأسواق ما اضطر البعض لنقل بضائعهم لأبواب المنازل.

عندما يعود “الخرطوميون” إلى ديارهم ساعة توقف الحرب؛ من المهم الإجابة على أسئلة كيف تكون الأوضاع الأمنية والمعيشية والاقتصادية وهل يمكن إحياء عاداتهم وتقاليدهم من جديد مثل التحلق صباحًا حول بائعة شاي، وهل يمكنهم استعادة الطقوس اليومية في ممارسة الحياة الشاقة في العاصمة بسبب تضخم أسعار لا يرحم.

بمعنى أدق: هل ينتقل الشخص من أقصى أطراف الخرطوم إلى وسطها للعمل في مهنة شاقة والعودة بالقليل الذي لا يطعم أفواه أطفاله؟ أم أن من دفع الحرب ثمنًا ينبغي أن يجد المقابل المستحق لمواطنين عاشوا سنوات يحلمون بوطن يستحقهم؟

يقيم العديد من النازحين في معسكرات إيواء بالولايات التي لا تشهد اشتباكات بين الجيش والدعم السريعيقيم العديد من النازحين في معسكرات إيواء بالولايات التي لا تشهد اشتباكات بين الجيش والدعم السريع (Getty)
هؤلاء الخرطوميون في الولايات التي فروا إليها للاحتماء من حرب لعينة جدًا لم تكن في حسبانهم، كانت الآمال تراودهم أن العودة قد تكون خلال أسبوعين أو شهر على أقصى تقدير، وهناك من ترك أغراضه الخاصة ريثما يعود.

وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الحرب، تزداد أبواب الأمل انسدادًا وغموضًا في نظر الفارين من الحرب، فلا أخبار عن اقتراب الحسم العسكري سوى بعض المقاطع المنشورة على الشبكات الاجتماعية، ولا معلومات عن محطة الحل السلمي مع صعود خطاب التجييش بديلًا لخطاب السلام، إلى جانب الفراغ السياسي والمدني في الولايات البعيدة نسبيًا عن القتال.

وإزاء هزيمة لغة السلام في حرب السودان ولو لبعض الوقت، هل بالإمكان أن يتحمل سكان الخرطوم ممن نزحوا إلى الولايات انتظار عام أو عامين أو حتى سنوات طوال للعودة؟ وذلك إذا ما نظرنا إلى بعض الحروب في الإقليم والتي استمرت لأكثر من عشرة أعوام.

ما يزال المواطنون يغادرون العاصمة الخرطوم بسبب استمرار الاشتباكات (Getty)ما تزال العديد من الأسر تغادر العاصمة الخرطوم بسبب استمرار الاشتباكات (Getty)
بينما واقعيًا من الصعب استعادة “الخرطوم القديمة” بشوارعها وحياتها وفقرها وضجيجها، لكن تبقى الآمال في نظر الذين غادروها بإمكانية استعادة العاصمة سريعًا، وذلك بإعمال سياسة الأمر الواقع التي درج عليها السودانيون في تسيير حياتهم الشاقة.

يقول أحد النازحين من حرب الخرطوم إنه لم يفارق العاصمة مطلقًا منذ ميلاده، ليجد نفسه في قرية نائية بإحدى ولايات السودان. ويضيف لـ”الترا سودان”: “سأعود على الفور إذا توقفت الحرب، حتى لو افترشت الأرض في منزلي الذي نهب بالكامل”.

بينما تمثل شبكات التواصل الاجتماعية خاصة “فيسبوك” الأكثر استخدامًا وسط السودانيين – تمثل العزاء الوحيد للتوجه إلى هناك لالتقاط الأخبار مع التبحر في ذات الوقت في مقطع فيديو يعرض شوارع الخرطوم قبل الحرب ثم يسود الصمت لتبدأ الذكريات.

أهم مشكلة تواجه سكان الخرطوم الذين تركوا ديارهم قسرًا بسبب الحرب، هي عدم وجود معالجة جدية للوضع الاقتصادي في مواقع نزوحهم
يمكن الملاحظة وبوضوح تغذية بعض الشبكات الاجتماعية، وجود فوارق اقتصادية بين الفارين وسكان الولايات التي نزحوا إليها في أنماط الحياة المختلفة، لكن واقعيًا فإن الجميع يعيشون في تجانس. ومع ذلك فإن هناك غضب مكتوم لدى الغالبية من النازحين بسبب ارتفاع إيجار المساكن إلى أضعاف ما كانت عليه في الخرطوم قبل القتال، ووصلت إلى أرقام فلكية تناهز ما يعادل ألف وحتى ألفي دولار أمريكي.

وربما أهم مشكلة تواجه سكان الخرطوم الذين تركوا ديارهم قسرًا بسبب الحرب، هي عدم وجود معالجة جدية للوضع الاقتصادي في مواقع نزوحهم، وغياب الحكومة تمامًا عن دورها المناط بها، واختفائها عن الأنظار حتى ليظن النازح أنه لاجئ في بلد آخر لا داخل وطنه.

الترا سودان

‫3 تعليقات

  1. ينادي أهلنا بالعوده الي الخرطوم وتعمير الخرطوم وإصلاح ما تم تدميره في معركة طي الخرطوم..

    اقول لأهلي في الخرطوم، قبل تعمير الأحياء والبيوت يجب عليكم التسليح بكل انواع السلاح ولا تعتمدوا على الجيش الذي وضح انه اوهم من بيت العنكبوت..

    قبل تعمير الأحياء والبيوت عليكم التعامل مع هولاء اللصوص القتله في مناطقهم التي احاطوا بها العاصمه مثل السوار حول المعصم حتى لا يعيدوا الكرة مرة أخرى..

    … على المواطنين مهاجمة أحياء اللصوص بكل ما يملكون من سلاح وإرجاع المسروقات و القصاص من كل القتله، وحرق مساكنهم، وطردهم الي مناطقهم في دارفور وجنوب وغرب كردفان وجنوب النيل الأزرق..

    فعلها أهلنا في الكدرو ولم يعاود هولاء اللصوص فعلتهم.

    .. هولاء اللصوص القتله يعتقدون ان التسامح نوعا من الجبن، ان التغاضي عن جرائمهم يشجعهم على التمادي في ارتكابها..

    ..بعد معركة طي الخرطوم نقول بملء فيئنا:
    لا للسلميه،
    لا للتسامح..
    ،لا مكان ل عفي الله عما سلف، والعفو عند المقدرة، القصاص ورد الحقوق والثأرات سيكونوا سيد الموقف، اضربوا هولاء اللصوص القتله ولا تأخذكم بهم رأفة..

    … لن ينعم أهلنا في السودان القديم بالامن والأمان الا بعد التخلص من دارفور، جنوب وغرب كردفان، جنوب النيل الأزرق…

    .. يجي واحد ناطي يقول ليك دي عنصريه، يتناسون ان العنصريه يمارسها هولاء الغرباء،الوافدين الي ديارنا في احيائنا وبيوتنا،..
    أين العنصريه هنا؟ هل ذهب أهل الخرطوم إلى دارفور وجنوب وغرب كردفان وجنوب النيل الأزرق ليسرقوا ويغتصبوا ويحرقوا ويقتلوا ،ويعودوا محملين بالمسروقات الي الشعبيه شمبات، وبيت المال، وحي الزهور والكلاكلات..؟؟..

    .. رد الحقوق ورفع المظالم هو امر لا غبار عليه والعين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم..

    لن تقوم للسودان قائمة الا بعد تنظيف القوات الامنيه والخدمة المدنيه والأجهزة العدليه والاعلام من الكيزان وحرمانهم من العمل السياسي بعد القصاص منهم على كل جرم ارتكبوه في حق شعبنا وبلادنا.

    .. ويبقى خيار فصل دارفور عن بقية السودان هو الخيار الذي لا بديل له…

  2. العودة الى مدينة سويت مؤسساتها و مقراتها و منازلها و مستشفياتها ودور علمها بألارض, من أين سيأتى تمويل اصلاح ما سببته الحرب , والحرب بل الحروب ستظل مشتعلة فى معظم أطراف السودان السودان أصبح حالة ميؤس منها , على هذا الجيل أن يقتنع بأنه خاسر وأن لا مجال له أن يجد نفسه فى دولة تحتضنه و تصنع له حياة و أمل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..