كلمات في حق الشهيد /طارق الملك المحامي

ابوطالب حسن امام المحامي
ما زالت تتواتر الينا اخبار ضحايا الابادة الجماعية والتطهير العرقي التي جرت بالجنينة وبالتركيز على قادة المجتمع المحلي والكفاءات المهنية من اطباء ومحامين ومهندسين. فرعية محامو الجنينة احتسبت اربعة شهداء خيار من خيار وهم طارق الملك، محمد احمد كودي، خميس ارباب والصادق محمد احمد هرون وجلهم من المدافعين عن حقوق الانسان واعضاء في هيئة اتهام البلاغات المتعلقة بأحداث كريندق الاولي والثانية، لقد زاملت من هذه الكوكبة المرحوم طارق حسن يعقوب الملك بالجنينة.
ان شعور الفراق من أقسى المشاعر التي قد يمر بها الشخص، فعندما تدرك إنك لن تستطيع ان تلتقي بعزيز عليك مرة اخرى، ولن تستطيع محادثته ومشاركته في احزانك وافراحك، تشعر بغصة في القلب، تحس إنك تختنق، ولكنها اقدار كتبت وعلينا بالرضا والصبر والدعاء.
طارق الملك رجل ليس ككل الرجال، ورمز ليس ككل الرموز، عرفته كريما جوادا مضيافا اخو اخوان يحترم الكبير و يوقر الصغير، يداه مبسوطتان من حيث الانفاق و باب منزله مفتوح لكل من يقصده , كما انه لديه قدرات فائقة في خلق علاقات اجتماعية مميزة مع مختلف الفئات دون تميز بسبب اللون او الجنس او الدين او العرق او العمر , فما تركه هذا الرجل الفذّ بين دفتي كتاب حياته الذي تتقاطر من صفحاته المضيئة كل صور العطاء والإبداع، يضعه -حتما ودون جدال- في المرتبة الأسمى التي لا يجاوره فيها إلا نفر قليل من علماء وقادة المجتمع، بالغي التفرد والتميز والإبداع، في العصر الحديث.
طارق الملك محاميا ليس ككل المحامين وايقونة ليس ككل الايقونات، فهو الخطيب المفوه والمحاور البارع، الحاضر البديهة، الذي لا يعرف المستحيل، لذا كنت اسميه رجل المهام الصعبة، هذا بالإضافة الي تمكنه من ناصية اللغة العربية نطقا وكتابة، فما تركه الاستاذ الضليع طارق الملك في ساحات المحاكم ومحاريب العدالة مدافعا ومنافحا عن الحقوق والحريات العامة والخاصة فصلا اخر يضاف الي صفحات كتاب حياته المنيرة.
اوكما ذكرت في مرثية أخري كتبتها عن أحد الأصدقاء، ان لي ذكريات مشتركة مع عدد كبير من شهداء الجنينة، فزاملت الأخ والزميل طارق الملك في المحاماة بمدينة الجنينة في نهاية التسعينيات و العشر، سنوات الاولي من الالفية الثالثة , تارة مثلنا مصالح متعارضة, فوجدته خصما شريفا و مناكف واسع الصدر ذو اخلاق رياضية ينتهي كل ما يحدث في الجلسة بانتهائها حتي و لو خرجت المناكفة عن طور اللياقة اثناء الجلسة.
وتارة اخري تضامنا مع بعض في تمثيل الاتهام في بعض البلاغات الشهيرة، كحادث سوق ملي و محاكمة المتهمين باغتيال الشهيد/ احمد عبد الفراج و لنا صولات و جولات عديدة داخل و خارج ساحات المحاكم، من خلالها ادركت انه يحترم الاقدمية و اصحاب الخبرة، أستاذ طارق كان علي علم بمدي خطورة الظهور في بلاغات انتهاكات حقوق الانسان و الجرائم ضد الانسانية فكان دائما عندما نتضامن مع بعض في القصايا العامة يمازحني قائلا. أحسن نتخارج لو حصلت كتمة في البلد دي نحن اول ناس نروح فيها، لقد صدقت نبوءته، ربنا يتغمده وكافة شهدائنا الابرار بواسع رحمته.
ابوطالب حسن امام المحامي والمدافع عن حقوق الانسان
سويسرا