مقالات وآراء

السودان .. حرب أبريل والرهانات الخاسرة

 

عبد الرحمن العاجب

تمضي حرب أبريل المدمرة نحو شهرها الخامس، ولازال الوضع في السودان يزداد سوءا وتعقيدا، ولازال الفضاء العام النشط منقسم إلى فريقين، فريق يدعو إلى حسم المعركة عسكريا، وآخر يدعو إلى حسمها عبر الحوار والتفاوض. ويبدو واضحا أن الخيار الأخير هو الخيار المنطقي والعقلاني.

الرهان على حسم حرب أبريل المدمرة عسكريا بالتأكيد هو رهان خاسر وذو تكلفة اقتصادية وبشرية عالية. وتاريخيا فشل كل الذين راهنوا على خيار حسم المشكلات بالحرب. إذ عادوا في نهاية المطاف وجلسوا في منابر التفاوض، ونجحوا في تحقيق مكاسب كبيرة عبر الحل التفاوضي.

ثمة من يرى أن النخب السياسية والأحزاب والجنرالات، فشلوا في تحقيق طموحات الشعب السوداني المشروعة بسبب فشل الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد، حتى بات البعض يطلقون عليه (وطن الرهانات الخاسرة) بعد أن ظلت نخبه وأحزابه الحاكمة والمعارضة وجنرالاته لعقود مضت تعيد إنتاج الفشل بشكل مستمر وتدفع برهانات خاسرة لحلول أزماته المزمنة، فضلا عن فشلها في تحقيق الاستقرار السياسي الذي أرجعه البعض إلى فشل الصفوة المركزية والنخب والجنرالات التي دمغها البعض بأنها أوردت الوطن ومواطنيه موارد الهلاك.

ويبدو واضحا أن الوضعية التاريخية للبلاد بحاجة إلى تغيير جذري وحقيقي يقود البلاد إلى مستقبل مشرق ومزدهر، والتغيير الحقيقي الذي ينشده السودانيين يعني الانتقال من وضع إلى وضع مغاير كليا، يتضمن تغييرات عميقة شاملة ومستديمة، وأنه يكون نحو الأفضل ويهدف إلى أن تسود الحرية مكان الاستبداد، والعدالة مكان الظلم، والأمن مكان الخوف، والتعليم مكان الأمية، والاستقرار مكان الفوضى.

وللخروج من النفق المظلم، ينبغي أن يتجه السودانيين نحو بناء جبهة مدنية عريضة تعمل من أجل وقف الحرب وتأسيس حركة إصلاح سياسي تهدف إلى تغيير مفاهيم السودانيين وأحزابهم السياسية في مواجهة الحقائق، وأن تكون تلك الحركة مبنية على سرد تاريخي حقيقي ونقد ذاتي يهدف إلى بناء سودان جديد، حر ديمقراطي خال من الرهانات الخاسرة التي ظلت تقدمها النخب والأحزاب والجنرالات التي أدمنت الفشل.

بناء السودان الجديد الذي ينشده الجميع لن يأتي بردود الفعل التكتيكية، وإنما باتخاذ قرارات مبنية على مفاهيم جديدة، تقوم على قاعدة من الوفاق الوطني الذي لا يعزل أحدا، والأخذ في الاعتبار أن التحولات التاريخية المستدامة تحدثها الشعوب وليس الأقليات الاجتماعية أو السياسية المهيمنة.

على السودانيين أن يقفوا بحسم وجد ضد حرب أبريل ورهاناتها الخاسرة، ويدعموا اتجاه الحل التفاوضي الذي يجري حاليا في منبر جدة، وحتما إن دعم هذا الخيار سيقود إلى رهانات رابحة سيجني السودانيون ثمارها في المستقبل القريب.

‫7 تعليقات

  1. بعد ان يزول الدعم السريع من الخرطوم يمكن ان يجلس الفرقاء من اجل كتابة فصل جديد من هذه الرواية ويا من يحلمون بايقاف هذه الحرب العبثية عن طريق المفاوضات والتي يعني ان يصبح الدعم السريع قوة معترف بها في الخرطوم فلا يرضاها عاقل اتكتوى بنار الدعم السريع بتشريد من دياره او بنهب شقاء عمره او ضياع نفس عزيزة عليه بعد ان اصبح الدعم السريع يمثل خطر حقيقي ليصبح مثله مثل اي حيوان مفترس داخل غابة فبطلوا هذه الاحلام الوردية فلن تقف هذه الحرب دون ان تحسم على الاقل في الخرطوم فلا مستقبل للدعم السريع في الشمال باكمله ويجب اعادة النظر في المنتسبين له ليخرج كل من اجنبي لاعلاقة له بالسودان واسقاط الجنسية عنه ومحاسبة كل من ارتكب جرم في حق المواطنين وكل من ساهم في اشعال هذه الحرب وكل من سول لقادة الدعم بالاستولاء على السلطة بالقوة فقد قضي الامر الذي كنتم فيه تستفتيان فاغلب من يمشي على هذا الخط هو اما يحاول ان ينقذ الدعم السريع مما اصابه بالدخول الى هذا المعترك الذي لا قبل له

    1. هل التشريد والتهجير مسؤول منه الدعم السريع لحاله!!! اين موقع الجيش من طيارات الانتانوف والسخوي ومدافع الهاون لو قلت خروج الدعم السريع والجيش لقلنا لك صدقت اما تخصص الدعم السريع لحاله انت كووووز وكمان مقدود.

  2. كلنا نتمنى أن تتوقف الحرب لان الاستمرار يعني المذيد من الدمار لكن دخول عنصر الانتهاكات ضد المواطنين في الخرطوم يجعل القبول باي تسوية تبقى على الدعم السريع فى الساحة غير مقبولة الا اذا تم فرض الأمر بالقوة العسكرية على المواطنين وهذا لن يقود البلاد إلى الاستقرار لانه سيتم استغلالها سياسيا في كسب المواطنين ضد الدولة عليه يجب بحث مشكلة الانتهاكات هذه قبل القبول باي تسوية.

    1. ماذا عن انتهاكات الكيزان الذين اتوا بالدعامة و سلحوهم و اعطوهم رتب عسكرية رفيعة و الآن يصف الكيزان كل من يرى أن اجتهادات الحرية و التغير ممكن أن تفضي لحلحلة الأزمة بالعملاء و الخونة. حتى الاطفال ع علم أن الكيزان الملاعين هم السبب و ح يجي يوم القصاص و التاريخ لا يرحم

  3. [وتأسيس حركة إصلاح سياسي تهدف إلى تغيير مفاهيم السودانيين وأحزابهم السياسية في مواجهة الحقائق، وأن تكون تلك الحركة مبنية على سرد تاريخي حقيقي ونقد ذاتي يهدف إلى بناء سودان جديد، حر ديمقراطي خال من الرهانات الخاسرة التي ظلت تقدمها النخب والأحزاب والجنرالات التي أدمنت الفشل.]؟
    هذا كلام حدد مواطن الداء للمسائل التي يجب معالجتها بعد ايقاف الحرب واستبعاد أطرافها من الحكم ومفاصل الدولة والجيش ومؤسسات الدولة الأخرى ومحاكمة أطرافها على جرائم الحرب.
    في كتابة الدستور وديباجته التي تعتمد السردية التاريخية الحقيقية للشعب السودان وبوتقة انصهاره التي استوت بنيل الاستقلال في ١٩٥٦م وشطب كافة سوءات دولة ٥٦ التي أنشأها الاستعمار عند ذهابه بتسليم السلطة لحكم الطائفتين يعاونهم أفندية مؤتمر الخريجين كموظفين لهم في مؤسسات الدولة وبذلك تأسيس الاستعمار لأحزاب غير ديمقراطية ولا تقوم على أية برامج تنموية أو على برامج سياسية مبنية على الولاء الطائفي والديني السطحي وحده مما أدخل السودان في دائرة خبيثة تبدأ بدورة برلمانية فارغة وتنتهي بانقلاب عسكري يضيف إلى فشل الأحزاب إفقاد المواطن حقوقه العامة في كل شئ في الرأي والتنقل والجهر في الرأي بالتظاهر العلني حتى باللافتات الصامتة في الأماكن العامة أو أمام الإعلام.
    والتخلص من هذه السوءة يجب النص في ديباج الدستور أن الشعب السوداني لم يجن من ديمقراطية ويستمنستر إلا الفشل تلك الديمقراطية الحزبية اللبرالية شكلا والفارغة مضمونا أي بلا برامج ولا حتى وعود بالتنمية وأنها كانت تحكم بالأغلبيات الميكانيكية ولا تكترث إلى الموضوعية أو المعقولية في اصدار قراراتها وتشريعاتها. لذا يعتمد الدستور الديمقراطية غير الحزبية أي المباشرة في تمثيل الشعب دون وساطة حزبية. لذا يحظر الدستور التمثيل الحزبي في أية انتخابات عامة أو خاصة مثل انتخابات النقابات واتحادات العمال والموظفين والمهنيين وما شابه، ويلغى قانون الاحزاب ويعدل قانون الانتخابات العامة والخاصة تبعا لذلك. كما ينظم قانون الأحزاب وفق هذا الدستور تنظيم الدوائر السكانية والمهنية والحرفية والفئوية القائمة والمنشأة لهذا الغرض وتوزيع الدوائر الجغرافية التي تشمل كافة ربوع السودان بحسب الكثافة السكانية. ويمنع القانون استخدام الدعاية الحزبية ويبطل أي فوز يقوم على دعاية حزبية ولو فقط بمجرد إشارة المرشح إلى أي انتماء حزبي.
    ولضمان ولاء النائب لدائرته فقط وليس لأي من الأحزاب تكون للدائرة المعنية سلطة مراقبة نائبها داخل وخارج البرلمان وتقييم نشاطه في أي وقت وسحب الثقة عنه بأغلبية لا تقل عن تلك التي فوزته وإبلاغ البرلمان بإيقاف عضويته فورا مع الابلاغ ببديله المنتخب في نفس اجراءات التصويت بسحب الثقة منه.
    بهذا نكون قد عالجنا معظم أدواء الديمقراطية الحزبية المتمثلة أولا في الاغلبيات الميكانيكية وهضم حفوق الاقليات البرلمانية والمتمثلة ثانيا في استقامة النواب على الولاء لدوائرهم والسهر على نقل قضاياها للبرلمان ومن ثم الأجهزة التنفيذية وملاحقة تنفيذها.
    كل هذا مع وجود الصحافة الحرة والسلطة الرابعة المستقلة والتي تعدل قوانينها وفقا للدستور.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..