أخبار السياسة الدولية

آلاف الأمريكيين يتعهدون امام نصب مارتن لوثر كينغ بالسير على نهجه

فى الاحتفال بالذكرى 60 لمسيرة واشنطن

محمد يوسف وردى

أحيا عشرات الالاف من الأمريكيين الذكرى الستين لمسيرة ١٩٦٣ التى قادها مارتن لوثر كينغ ورفاقه فى حركة الحقوق المدنية، والذين صاغوا فى ذلك اليوم لحظة حاسمة فى تاريخهم والتاريخ الأمريكى وتاريخ الكفاح من أجل المساواة.

وأقيم الاحتفال فى واشنطن أمام نصب لنكولن التذكاري ذات المكان الذى شهد المسيرة الأولى التى مهدت الطريق لاقرار تشريعات الحقوق المدنية وحق التصويت والاسكان العادل ، والتى ألقى فيها كينغ خطبته الشهيرة (لدى حلم) كما نعلم.

وفى محاولة لتجديد النضال ربما جاء قادة الحقوق المدنية لمظاهرة امس بحشود متعددة الأعراق ومن مختلف الخلفيات الدينية- عن طريق تحالف واسع شمل حوالى 100 منظمة حقوقية ودينية وثقافية عمل بتناغم لممارسة الضغط متحدا من أجل المساواة ولتوجيه رسالة لأمريكا المنقسمة والتى تمر بظرف حرج يلقى بظلال من الشك حول إمكانية إستمرار ديمقراطيتها – ,وفيما يبدو أنه رد على النكسات المنهجية المتتالية التى تعرضت لها المكاسب التى حصلوا عليها- بصورة جعلت الحلم الذى تصوره كينغ يكاد أن يتلاشى -جاءت مسيرتهم تحت شعار : ليست للاحتفال بل للاستمرارية ، لانه وبعد مرور 60 عاما من المسيرة الاولى ما يزال هناك الكثير من العمل يتعين القيام به ما يجعل من الحدث تذكيرا بأن الكفاح من أجل الحقوق المدنية يجب أن يستمر حتى يتمكن الجميع من التمتع بالمساواة والعدالة والتى تعنى بصورة أخرى أن تراث الاحتجاج والمقاومة السلمية التى اختطها كينغ ورفاقه لا نهاية له ، وهكذا رأينا أمس ارث كينغ حيا يمشى بين الناس وتتردد صدى كلماته عبر حناجر المحتجين ,الامر الذى يفسر توجه المتظاهرين لنصبه التذكاري فى موكب حاشد فى ختام الفعالية بحثا عن طاقة الحركة الأصلية كما اشارت صحيفة بوليتيكو وهى دلالة واضحة على استمرار حركة الحقوق المدنية.

آلاف الأمريكيين يتعهدون امام نصب مارتن لوثر كينغ بالسير على نهجه
آلاف الأمريكيين يتعهدون امام نصب مارتن لوثر كينغ بالسير على نهجه

تمحورت الأفكار الاساسية لمسيرة ١٩٦٣ حول تسليط الضوء على عدم المساواة الاقتصادية والضغط من اجل برنامج وظائف فيدرالي جديد ورفع الحد الأدنى للاجور.وكان من ضمن أهدافها أيضا دعوة الكونغرس لتمرير قوانين الحقوق المدنية والدمج الكامل للمدارس العامة وسن قانون يحظر التمييز الوظيفى.بينما جاءت مسيرة أمس من أجل إعادة توجيه العمل اللازم لتحقيق السلام والعدالة والانصاف بالاضافة لبروز مجموعة من القضايا الجديدة بما في ذلك التهديدات للديمقراطية وإصلاح العدالة الجنائية ، حتى ان حفيدة كينغ عندما منحت الفرصة لمخاطبة الجمع نوهت باهمية قضية التغير المناخي.

ومن ناحية اخرى جاء الاحتفال وسط تصاعد القومية البيضاء بأجنداتها الاقصائية التى تكرس ردود فعل عنيفة ضد السود -لسعيهم للحد من وحشية الشرطة ولايقاف تراجع المساواة العرقية وحق التصويت -علاوة على محاولات جماعة تفوق البيض قمع التاريخ الامريكى والسعى لاعادة كتابة التاريخ الذى يتم تدريسه فى المدارس بمعايير جديدة تتجاوز معاناة السود ومساهماتهم الكبيرة وتدعى ان المستعبدين استفادوا من المهارات التى تعلموها اثناء العبودية (!)كما حدث فى فلوريدا .ولا ننس ان المتعصبين البيض يقودون -الى جانب محاولتهم تجريد الملونين من الحقوق -جهودا حثيثة لتقويض الديمقراطية !!

فى المسيرة الاولى عبر كينغ عن حلمه فى الانسجام الاجتماعى والطبقى الذى يتجاوز الخطوط العرقية ،لكن اليوم تزايدت الكراهية ضد الملونين بصورة مخيفة رغم ان أمريكا تبدو أكثر تنوعا من عصر كينغ. وعلى الرغم من حدوث تغيير كبير فى العقود التى تلت مسيرة لدى حلم لكنه أى التغيير لم يمض نحو الأفضل بالذات بالنسبة للفقراء والمحرومين، صحيح أن زيادة كبيرة قد حصلت بالنسبة لعدد أعضاء الكونغرس من السود حيث قفز العدد من خمس فقط فى حقبة الستينات الى ٦٠ عضوا اليوم ،لكن ماذا يساوى ذلك مقابل التآكل الذى حدث لقانون حق التصويت والغاء الامتياز الايجابى فى القبول بالجامعات ووحشية الشرطة والتنميط العنصرى دع عنك ارتفاع معدلات الفقر وسط السود وارتفاع معدل الوفيات بين نسائهم الخ الخ .

وكان لافتا فى مسيرة امس مشاركة الاقليات المضطهدة من اللاتينيين وسكان المحيط الهادى والاسيويين باعداد غفيرة تعكس الزيادة الكبيرة التى سجلوها فى اعدادهم كمهاجرين لامريكا خلال العقدين الاخيرين.

ربما ادراكا منهم بانه من خلال الجمع بين المدافعين عن حقوق الانسان من خلفيات متنوعة يمكنهم الوقوف متحدين فى وجه الكراهية ، خاصة وان هذه المجموعات تعتمد على السود للتحدث باسمهم عندما يتعلق الامر بالحقوق المدنية .وتاريخيا اثر كفاح السود على كل كفاح آخر بخاصة المهاجرين والمرأة، وقد لاحظت ان نساء السود شكلن الاغلبية فى المسيرة حيث عبأن الجو بالاغانى الاحتجاجية والهتاف وخاطب المسيرة عدد كبير منهن ممثلات للعشرات من منظماتهم النسائية خلافا لما حدث فى مسيرة ١٩٦٣ حيث لم تتمكن الرائدة دوروثى هايت رئيسة المجلس الوطنى للنساء السوداوات المنظمة الوحيدة المعترف بها انذاك من القاء خطابها مع الرجال رغم انها من المنظمين الرئيسيين لتلك المسيرة !!

آلاف الأمريكيين يتعهدون امام نصب مارتن لوثر كينغ بالسير على نهجه
آلاف الأمريكيين يتعهدون امام نصب مارتن لوثر كينغ بالسير على نهجه

وان كان السود يعتمدون على دور نسائهم المتعاظم فى المساواة والعدالة فان امريكا كلها تراهن على نساء السود فى مسألة الحفاظ على الديمقراطية المهددة.

بعد مرور ستين عاما ما يزال السود يتحدثون عن الحرية والفقر ، ومازال ثالوث الشر المتمثل فى العنصرية والفقر والعنف يحاصرهم بصورة تضع مستقبلهم بأسرة في كف عفريت !!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..