مقالات وآراء

مبادرة لاستمرار الحرب شعارها المدنية والديمقراطية

عثمان بابكر محجوب

بمجرد تصفح مبادرة جنرال الدعم السريع يتبادر للذهن السؤال التالي : هل هي بالفعل مبادرة للحل ؟ لفت نظرنا خلال قراءة ما ورد في متن مبادرته قوله : ” إن البحث عن اتفاق لوقف إطلاق نار طويل الأمد يجب أن يكون مقروناً بمبادئ الحل السياسي الشامل الذي يعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان.”.

وتابع في مكان اخر قوله ” بوجوب مشاركة جميع حركات الكفاح المسلح في أي حل سياسي” كلام الجنرال واضح وصريح ولا يحمل في طياته اي التباس اذ ان وقف اطلاق النار حسب رؤيته لن يحصل قبل قبول الطرف الاخر بالشروط الذي يعتبرها هو نفسه صالحة لتحقيق الحل الشامل، وهذا دليل قاطع على عدم المام حميدتي بمعنى وقف اطلاق النار لانه اعتاد على مايبدو على اطلاق النار وحسب . وكي لا يبقى معنى وقف اطلاق النار غريبا عليه نقول له ان وقف اطلاق النار في كل الحروب هو بمثابة خطوة أولى هدفها تخفيف معاناة ضحايا الحرب المدنيين بالدرجة الاولى ووقف نزيف الدم ومسلسل الدمار على ان يتبع ذلك حوار بين اطراف النزاع من الممكن ان يتوج باتفاق يوقف الحرب . لكن قائد الدعم السريع يريد في مبادرته هذه قلب المفاهيم التي اعتمدتها البشرية منذ القدم رأسا على عقب بحكم تواضع خبرته السياسية والعسكرية . او انه اسس رؤيته على انه من الافضل وضع العربة امام الحصان في معالجة المحنة السودانية اضافة الى ذلك لم نلحظ في مبادرته كلمة انسان او “انسانية ” بالمطلق وهذا دليل على ان حيازة البعض للشكل البشري لا يعني اطلاقا انتمائهم الى الصنف الانساني خصوصا وان سلوك اتباعه في اماكن سيطرتهم يؤكد هذه الحقيقة .

أما قوله عن “وجوب مشاركة جميع حركات الكفاح المسلح في أي حل سياسي” يستشف من استخدامه كلمة “جميع” انه لا يهتم بتصنيف هذه الحركات حتى ولو انتمت الى فضاء الجريمة المنظمة او عالم المرتزقة او حركات الغزو والسلب والاغتصاب وغيرها . وهذا لا يؤشر فقط الى رغبته في استرضاء الحركات الدارفورية كلها وما أكثرها بل حتى يسعى الى وضعها تحت مظلته، ليؤكد بذلك انتماءه الى مرجعية ايديولوجية بغيضة وضحلة تتمحور حول ثنائية الهامش والمركز وبالتالي يمكن الجزم بان الحرب التي يخوضها حميدتي داخل مدن العاصمة ليست بهدف تحقيق نتائج سياسية وطنية بل هي حرب ثأرية انتقامية تتجلى بوضوح في سلوك جماعته حيث أنهم يتصرفون كغزاة هدفهم رفع الضيم عن شعورهم بدونية الانتماء الى الهامش . ولا نجد اية فائدة في التطرق الى النقاط الاخرى في مبادرته لانها عبارة عن حشو ولغو فارغ لتضليل ضحايا العهد البائد بالتملق اليهم والتلاعب بمشاعرهم . وبعد هذا الاستعراض السريع لبعض بنود هذه المبادرة السلمية المزعومة يبدو واضحا انها مبادرة لاستمرار الحرب وليس الى وقفها .

وكي لا يظن أحد ان استنتاجنا هذا هو نتيجة موقف مسبق من حركات الهامش التي تدعي انها مهمشة زورا وبهتانا نذهب الى تبني فرضية مفادها ان نية حميدتي طيبة لكن اسلوبه في صياغتها جعلها حمالة اوجه بحيث يختلط على البعض ادراك مراميها الحقيقية ، وبما اننا من دعاة وقف الحرب فاننا لسنا في وارد وضع الاشواك في طريقها كما كانت تفعل حمالة الحطب مع الرسول الكريم عندما كانت تضع خلسة الشوك امام باب البيت الذي كان يسهر ليلته فيه كي تدمي اقدامه عند خروجه منه، خصوصا وان الزمان تبدل واصبح بامكان محمد حمدان دقلو التنقل منتعلا ( Safety boot ) يضم مستشارين واصحاب كفاءات من الخرفان المسمنة يعملون ليل نهار على تحقيق أهداف علي كرتي وعلي عثمان في ابادة أهلنا وتدمير بلدنا ليس عبر شعار معركة الكرامة الاخونجية انما عبر شعار معركة المدنية والديمقراطية .

واخيرا أحجية للحل: خرج من القيادة العامة مع الدعم السريع ودخل الى أمدرمان مع الجيش وسافر الى بورتسودان مع الكيزان . من هو؟؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..