مقالات وآراء

المخرج من الحرب وبناء سودان جديد

م. مازن سعد

إن التحديات التي تواجه السودان الان معقدة ومتعددة الأوجه، وتضرب بجذورها في عوامل تاريخية وقبلية وسياسية واقتصادية. وبينما نسعى جاهدين لدفع السودان للخروج من الازمة الحالية و نحو دولة ديمقراطية مستقرة، فمن الأهمية بمكان تحليل اصل العوامل التي تسببت بالأزمة بشكل شامل ووضع حل شامل يعالج مخاوف جميع الأطراف المعنية واضعا مصلحة السودان أولا.

اتبع السودان منذ استقلاله في 1956 حلقة دائرية مليئة بالخلافات و الانقسامات والتشرذمات و الصراع على السلطة وهو امر طبيعي في أي بلد ولكن البلاد المتقدمة نظمت عملية الصراع و الوصول الى السلطة ليكون عبر الصندوق فقط وليس من خلال التظاهر او القدرة على الحشد او الانقلاب العسكري وهو المسلك الذي وضع فيه السودان منذ ميلاده الحديث , حكم مدني ومن ثم انقلاب عسكر مدعوم بانتفاضة او ثورة شعبية او عدمه وهكذا , ليصبح الطريق الى السلطة هو للقادر على تسخير العنف والسلاح و بالتبعية قمع المعارضين وخلافة , وهو منهج اتخذتة كافة الأحزاب التاريخية و العساكر الطامعين في الحكم بالتبعية , ويشكل الصراع الحالي بين الجيش بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، عقبة كبيرة أمام تحقيق اي استقرار اني او مستقبلي في السودان و قد يتطور الى حرب أهلية كما تشير الكثير من المؤشرات , تثير أصول قوات الدعم السريع كميليشيا ذات أصول قبلية من دارفور وصعودها اللاحق إلى السلطة تساؤلات حول ولائها وتدريبها ومساءلتها. وبالمثل، فإن خلفية حميدتي ومصدر قوته وثروته ، بما في ذلك السيطرة على تعدين الذهب وتورطه في الصراعات الإقليمية، يزيد من تعقيد الوضع.

علاوة على ذلك، فإن الأحداث التي أعقبت ثورة 2019، حيث تحالفت أحزاب الحرية والتغيير مع الدعم السريع و الجيش للإطاحة بالرئيس عمر البشير وجماعة الإخوان المسلمين، خلقت حالة من الاضطراب والانقسام والصراعات المتكررة خلال فترة الحكم الانتقالي . وقد أدى الانقلاب اللاحق على الاتفاق الدستوري في 2021 وسجن قوى الحرية والتغيير إلى تعميق هذه الانقسامات الداخلية , كما تضيف الادعاءات الحالية بأن الجنرال البرهان متحالف مع جماعة الإخوان المسلمين طبقة أخرى من الشك والخلاف وتزيد الطين بلة .
للمضي قدمًا، لا بد من وضع حل شامل يعالج مصالح ومخاوف جميع الأطراف المعنية:
1. الحوار الوطني والمصالحة:
ينبغي بدء حوار وطني حقيقي يجمع ممثلين عن الجيش وقوات الدعم السريع وقيادة الحركات المسلحة والأحزاب المدنية كافة و وزعماء القبائل والإدارات الاهلية . وينبغي أن يركز هذا الحوار على معالجة المظالم التاريخية، وآليات تقاسم السلطة، وإقامة عملية الحقيقة والمصالحة.
2. إصلاح قطاع الأمن:
يعد الإصلاح الشامل لقطاع الأمن أمرًا ضروريًا لإنشاء قوة موحدة وخاضعة للمساءلة. ويشمل ذلك دمج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني، وتوفير التدريب المناسب، وإنشاء آليات لمنع إساءة استخدام السلطة.
3. المراجعة الدستورية:
إشراك كافة الأطراف المعنية في مراجعة شاملة للدستور. إعادة التأكيد على أهمية الوثيقة الدستورية 2019، والتأكد من أن عمليات انتقال السلطة تتم بشفافية ووفقاً لجدول الزمني يتم الاتفاق علية.

4. التنمية الاقتصادية وإدارة الموارد:
وضع خطة لضمان مساهمة موارد البلاد، مثل تعدين الذهب، في تنمية البلاد ككل. ويمكن أن يشمل ذلك وضع القواعد التنظيمية، وتعزيز الفرص الاقتصادية المحلية، وإدارة الإيرادات بشفافية.
5. الوساطة الدولية:
إشراك الهيئات الدولية ودول الجوار والمنظمات الإقليمية لتسهيل الوساطة وضمان دعم عملية السلام بدعم دولي.
6. الحكومة الانتقالية:
تشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين عن جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين. ويجب أن تشرف هذه الحكومة على الانتقال إلى دولة ديمقراطية مستقرة، مع معالم واضحة وجداول زمنية لإجراء انتخابات ديمقراطية.
7. حقوق الإنسان والمساءلة:
ضمان محاسبة جميع الأطراف عن الانتهاكات الماضية، بما في ذلك من خلال إنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة. وهذا أمر ضروري لشفاء جروح الماضي.
8. مشاركة المجتمع المدني:
تشجيع المشاركة الفعالة لمنظمات المجتمع المدني في عملية السلام. وتعتبر مساهماتهم حاسمة لتمثيل مصالح السكان على نطاق أوسع ومحاسبة الحكومة.

في ضوء هذه النقاط المقترحة للحل , قمت بتحليل بيان الدعم السريع الاخير والذي لاقى ترحاب خارجي كبير واعتقد هذا كان الهدف من كتابتة باللغة الانجليزية على منصة تويتر بعد ان تم غلق صفحتهم على فيسبوك على حد علمي , الامر الذي يعني انهم يعون مغبة اغضاب المجتمع الدولي و دول الغرب بالخصوص , خصوصا بعد التصريح الاخير للسفير الامريكي في السودان بعدم اهلية كلا من طرفي الحرب الان للحكم المستقبلي للبلاد , وتتمحور رؤية قوات الدعم السريع للسودان الجديد حول تحقيق تسوية شاملة لإنهاء الحرب المستمرة وتحويل البلاد إلى دولة تحكمها القيم الديمقراطية والمؤسسات الوطنية الشاملة. وتعترف الرؤية بأزمة الحكم التاريخية منذ استقلال السودان عام 1956، والتي تميزت بالحروب الأهلية والانقلابات العسكرية. ويهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للصراع من خلال حوار شامل، متأصل في المبادئ الديمقراطية والسلام الدائم.
تسلط رؤية قوات الدعم السريع الضوء على عدة مبادئ أساسية:
وقف إطلاق النار والحلول السياسية:
تؤكد قوات الدعم السريع على ضرورة وقف دائم لإطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي يعالج المظالم التاريخية التي تحرك الصراعات في السودان. ويعكس هذا التوجه الدعوة إلى إجراء مفاوضات سلام شاملة لتصحيح أخطاء الماضي.
الحكم الديمقراطي:
تدعو الرؤية إلى تشكيل حكومة ديمقراطية ومدنية، تدعمها انتخابات حرة ونزيهة على جميع المستويات. ويتماشى ذلك مع التطلعات إلى تحولات شفافة للسلطة وتشكيل حكومة انتقالية تمثيلية
التنوع الإقليمي:
إدراكًا لتنوع مناطق السودان وثقافاته وأعراقه، تتصور قوات الدعم السريع حق هذه المجموعات في إدارة شؤونها الخاصة. وهذا يعكس الاقتراح الداعي إلى إنشاء نظام فيدرالي غير متماثل لاستيعاب التنوع في السودان.
التمكين والمساءلة:
تسعى قوات الدعم السريع إلى تفكيك هياكل السلطة الاحتكارية وإعادة السلطة إلى الجماهير. وهذا ينسجم مع هدف ضمان المواطنة المتساوية والشفافية والمساءلة.
في حين أن رؤية قوات الدعم السريع واعدة، إلا أن هناك بعض المجالات التي تستحق النقد:
المساءلة عن الأفعال الماضية:
لا تتناول الرؤية صراحة مسألة المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان والأفعال الماضية، وهو أمر بالغ الأهمية لتضميد الجراح وبناء الثقة. إن ضمان عملية الحقيقة والمصالحة المناسبة أمر ضروري للمضي قدمًا.
إشراك المجتمع المدني:
لم يتم تسليط الضوء على دور منظمات المجتمع المدني في الرؤية، على الرغم من أهميتها في تمثيل الأصوات المتنوعة وضمان الشفافية. ومن الممكن أن يؤدي الالتزام الأكثر وضوحاً بإشراك المجتمع المدني إلى تعزيز مصداقية الحل المقترح.
بدء الصراع:
بينما تدعي الرؤية أن قوات الدعم السريع لم تسعى إلى الحرب أو تبدأها، سيكون من المفيد توفير سياق أكثر وضوحًا فيما يتعلق بالأسباب الكامنة وراء اندلاع الصراع، فضلاً عن الاعتراف بأي دور لعبته قوات الدعم السريع ومن يساندهم سياسيا .
إطار حقوق الإنسان:
تفتقر الرؤية إلى ذكر شامل لحقوق الإنسان باعتبارها حجر الزاوية في السودان الجديد. إن الالتزام القوي بدعم مبادئ حقوق الإنسان أمر حيوي لخلق مجتمع عادل ومنصف.
المشاركة الدولية:
إن استعداد قوات الدعم السريع للمشاركة في الجهود الإقليمية والدولية أمر يستحق الثناء. ومع ذلك، فإن وضع خطة أكثر تفصيلاً للوساطة والدعم الدوليين يمكن أن يعزز مصداقية وفعالية عملية السلام.
خطوات ملموسة:
توفر الرؤية مخططًا عامًا، ولكن الخطوات الأكثر تحديدًا وقابلة للتنفيذ من شأنها أن تعزز جدواها وعمليتها.

وفي العموم هو مقترح ينبغي العمل عليه وتحسينه وتطويره ان صدق مقدمه , فالحرب في بلادنا لن تنتهي الا من خلال المفاوضات و الحوار ومن ثم الاتفاق اذا كان هناك نية صادقة لانهاء هذا العبث من الطرفين , اما الراي الذي يقضي بضرورة استمرار الحرب حتى انتصار الجيش , فهو راي حالم , فان ما اثبتته الايام والتاريخ عموما بانه لن يحدث و ستستمر هذه الحرب لتاكل الاخضر واليابس حتى يأذن ربي بانتهاءها ولدينا في الجنوب الحبيب والحركات المسلحة الكثير من العبر والدروس , هناك من اعماهم ابتعادهم عن السلطة ولا مانع لديهم لحرق البلاد كلها حتى لا يحكم غيرهم , هذه النوعية من الافكار افكار خراب ودمار ولا مكان لها في الفترة القادمة اذا ما اردنا النهوض ببلادنا

تعليق واحد

  1. نعاين في الفيل ونطعن في ضلو.. خلو الجيش والدعم السريع. الحرب دي واضح عليها صراع سلطة بين أحزاب اليسار واليمين ولو توافقوا على مصالح البلد العليا لانتهت الحرب لفقدانها السند السياسي بالنسبة للعسكر..الا لعنة الله على كل افاك اثيم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..