إستراتيجية الهبوط الناعم جوهرها الحفاظ على التمكين، وكل من يدعو إليها يحافظ عليه وإن حسنت نواياه!!
((في الرد على المقال الثالث للدكتور صديق الزيلعي)

د. أحمد عثمان عمر
في مقاله الثالث رداً على مقالي حول توصيف الخلاف بين (قحت) وقوى التغيير الجذري على أنه خلاف إستراتيجي وليس تكتيكي، والذي أتى بعنوان “إستراتيجية الهبوط الناعم: الفكرة المقترح وكيف تحولت لسبة؟”، أورد الدكتور صديق الزيلعي مقتطفات من الورقة التي كتبها برينستون ليمان عراب الهبوط الناعم، وأعقبها بقوله حرفياً ما يلي:” هذا تصور واضعي استراتيجية الهبوط الناعم، وهي كانت نتاج لاعتقاد المجتمع الدولي بعدم قدرة المعارضة على هزيمة النظام”. وحسناً فعل، لأن هذا التصور يقوم على أن من هو غير قادر على هزيمة النظام، عليه الدخول معه في مفاوضات للمشاركة في السلطة. والمشاركة في السلطة حتماً تعني بقاء النظام وتوسيع قاعدته الاجتماعية وفك عزلته وإدماجه في المجتمع الدولي. أي أنها تعني بقاء سلطة التمكين ونظامها دون تفكيك، ومشاركة المعارضة لهذه السلطة المتمكنة في نظامها ، مما يؤكد أن جوهر هذه الإستراتيجية هو المحافظة على التمكين والإعتراف به كأمر واقع لا يمكن هزيمته. ولا ندري ماذا كانت تقصد الإدارة الأمريكية من إشراك المعارضة في سلطة النظام ، وماذا كان سيجني الشعب السوداني من هذه المشاركة غير إستمرار التمكين؟ والغريب أن ليمان نفسه كان يدرك مخاطر الحوار مع سلطة الإنقاذ، حيث نقل عنه الدكتور صديق الزيلعي ما يلي: ” أخطر التهديدات هو محاولة النظام الحاكم استغلالها لأغراضه الخاصة أو احباطها كلية إذا بدأت تتخذ منحى غير مرغوب فيه وسيتطلب الأمر اعداد استراتيجيات للتعاطي مع كلا التهديدين”.
والواضح أن ليمان وغيره لم يستطيعوا وضع أي إستراتيجيات للتعاطي مع كلا التهديدين، لأن الدكتور صديق نفسه ذكر في مقاله ما يلي: ” وبخبث الاسلامويين المعروف، فقد استغلوا الاستراتيجية لتحسين صورة النظام امام المجتمع الدولي، ونيل بعض المكاسب. فنظموا ما سمي بحوار الوثبة، وسمحوا للمشاركين بطرح آرائهم، واعداد توصيات جيدة، وضعها البشير في ادراجه، عندما سلمت له.
رغم عدم ثقة من صمموا المشروع في قدرات الشعب السوداني، الا انه كان محاولة جادة، افرغها النظام من أي محتوى”. وهذا يؤكد أن مشروع الهبوط الناعم قد أدى للمحافظة على التمكين، لأنه قام بالإساس على إعتقاد بعجز المعارضة (والشعب بالتبعية)، وإهمال لطبيعة النظام التي سماها ليمان تهديدات. ومن إنخرط في حوار الوثبة إما أنه ذاهل عن طبيعة النظام وعدم رغبته في التنازل عن أي جزء من سلطته وإعتماده على إستراتيجية الإشراك لا المشاركة، وإما أنه راغب في المشاركة في السلطة من مواقع الإلحاق بسلطة التمكين، وفي الحالتين هو مفرط في حقوق شعبنا ومعزز لسلطة عدوه المتسلط عليه. وبذلك تصبح إستراتيجية الهبوط الناعم حالة مرتبطة بنظام الإنقاذ وبقائه في السلطة، والرغبة في مشاركته سلطته والإبقاء على تمكينه. ووصف القوى التي تقوم بذلك بالهبوط الناعم هو توصيف لحالها، ولموقفها الذي يعادي مصالح شعبنا بدراية أو بغفلة، وهو سبة لأنه يقود لإستمرار التمكين.
ومن المهم أن نؤكد أن إستخدام مصطلح الهبوط الناعم، وتوصيف القوى التي تنتمي إليه حالياً، ليس إخراجاً للإستراتيجية أو المصطلح من سياقهما التاريخي، لأن سلطة التمكين مازالت باقية، ولأن القوى التي تتحاور معها وتشاركها مازالت تفعل ذلك من مواقع الإيمان بأنها ضعيفة ولا تستطيع هزيمة التمكين لأنه مسلح، ولأن هذه القوى تشارك التمكين السلطة وتعمل كواجهة مقبولة له دولياً، وتقوم بتعويمه. فمحاولة الدكتور صديق الزيلعي دفن الهبوط الناعم في فترة تاريخية معينة، تغفل جوهر هذه الإستراتيجية، ولا تعطينا توصيفاً يوضح مفارقة قوى الهبوط الناعم لهذه الإستراتيجية. فإذا سلمنا جدلاً أن هذه الإستراتيجية تاريخية فقط، فماذا يسمي الدكتور قبول (قحت) بإستمرار سلطة التمكين المتمثلة في اللجنة الأمنية في السلطة، ومشاركتها سلطة لها فيها اليد العليا بموجب الوثيقة الدستورية والإتفاقيات المتتابعة حتى الاتفاق الإطاري، والإصرار على أنها غير قادرة على إسقاطها والتصريح بذلك، وتعويم هذا التمكين دولياً؟ وماذا تعني التسوية مع اللجنة الأمنية للإنقاذ ومشاركتها السلطة والإبقاء على مكتسباتها إن لم تكن تعويماً للنظام وهبوطاً ناعماً له في مقابل اسقاطه عبر ثورة شعبية؟
والغريب هو أن الدكتور صديق يقول حرفياً ما يلي ” وصارت مصطلحات كالهبوط الناعم والتسوية السياسية والحل السياسي، تستخدم في غير سياقها التاريخي والموضوعي، وتحولت لأداة لوصف الخصوم السياسية بالسعي للمصالح الذاتية، والتنكر لمصالح الجماهير الشعبية”، وبعدها مباشرة يورد نصاً من دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي (أغسطس ١٩٧٧)، ليؤكد أن الحزب الشيوعي لم يرفض مبدأ المصالحة كأسلوب للحل السياسي. وأنا أسأله بكل محبة، هل من يستخدم مصطلح الهبوط الناعم وإستراتيجيته الموضوعة في مواجهة نظام مازالت سلطة إنقلاب قصره حاكمة يخرج المصطلح من سياقه التاريخي، أم من يستخدم دورة صادرة في أغسطس ١٩٧٧م حول موضوع بعينه (المصالحة الوطنية) ليسقطها على وضع سياسي راهن مختلف عنه كلياً؟
والواضح أن دورة اللجنة المركزية صادرة لتقييم حدث سياسي معين في سياقه التاريخي، بعد تحليل طبيعة السلطة، وتوازن القوى ومصلحة الشعب، وآليات الصراع المتاحة وأدواته، وهي متعلقة بذلك الموضوع بعينه لا بتحديد موقف عام من المصالحة. لذلك لا يمكن إستخدامها بإعتبار أن الحزب وضعها كمبدأ عام للمصالحة مع أي سلطة وفي أي زمان، إعمالاً لقاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الفقهية التي لا تدخل ضمن منظومة منهج التحليل الماركسي بأية حال. فالحزب يعمل في سياق تاريخي ووفقاً لنظرية صراع يحكم إستخدامها ويحدد قانونها، ويحدد رؤاه لا إستناداً للمصطلح، بل إستناداًلقوانين ومقولات تحدد كيفية إستخدام المصطلح، أو هذا ما أظن على أقل تقدير.
ولكن برغم ذلك، عليّ أن أؤكد بأن الجذريون لا يرفضون مبدأ التسوية أو المصالحة على إطلاقه وخارج سياقه التاريخي، ولكنهم يرفضون تحديداً التسوية مع نظام الإنقاذ ولجنته الأمنية الحاكمة الآن وفي هذه اللحظة التاريخية، ولا يرفضون مبدأ المصالحة الوطنية في العام ١٩٧٧م. فهم وبنفس الطريقة التي إنتقد بها الحزب الشيوعي واقعة عيانية ماثلة أمامه في ذلك الوقت، ينتقدون ويرفضون التسوية مع اللجنة الأمنية للإنقاذ تحديداً ولما يلي من أسباب:
١- أن اللجنة الأمنية للإنقاذ هي الذراع الضاربة للتمكين، ولا يمكن تفكيك نظامها بالدخول معها في تسوية، وهي تمثل نظام الرأسمالية الطفيلية الذي لا يمكن الدخول في تسوية معه بل يجب إزالته.
٢- أن التسوية تجهض أهداف ثورة ديسمبر المجيدة وتمنع من تحقيقها وتعوم النظام وتحقق إستراتيجية الهبوط الناعم.
٣- أن هذه التسوية تتم في حالة نهوض جماهيري قادر على هزيمة اللجنة الأمنية للإنقاذ وثورة عظيمة، وهي ضد رغبة الجماهير وجبراً عليها ومن مواقع وصاية تتجاوز شعارات الجماهير وتقود ثورتها للإحتواء ومن ثم التصفية.
و إذا قبلنا جدلاً بتطبيق ما ورد بدورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في أغسطس ١٩٧٧م خارج سياقها التاريخي وإسقاطها على الوضع الراهن، فهل ما ورد فيها من شروط للمصالحة متوفر في التسوية الراهنة التي تأتي في سياق الهبوط الناعم؟ وحتى نيسر الرد، ننقل ما أورده منها د. الزيلعي حرفياً:”المصالحة تبدأ بتغيير أساسي في جهاز السلطة ودستورها وقوانينها. فتتوفر الحريات الديمقراطية الكاملة دون قيود للأحزاب السياسية وللنقابات والمنظمات الجماهيرية والصحف، ليدلي الشعب برأيه ويتقدم كل حزب واتجاه بما يرى من حلول، ويبتعد عن مواقع المسئولية الحكومية كل من أرتكب جرائم في حق الشعب والوطن وقاد الوضع السياسي للأزمة وحافة الانهيار، وتصفيالمعتقلات والسجون، وتنشر حيثيات المحاكمات الجائرة تعاد للقضاء استقلاله ولحكم القانون سيادته، وتوضع قواعد ولوائح جديدة لانتخابات عامة، وتطرح للمناقشة والمراجعة أية معاهدات واتفاقيات خارجية مست سيادة الوطن واستقلاله. المصالحة الوطنية في العرف السياسي لتجارب الشعوب، تمثل فترة انتقالية للتصفية النهائية لأشكال الحكم التي قادت للأزمة، وتكوين أشكال جديدة يقننها دستور ديمقراطي تصون حقوق الجميع، ويجنب البلاد كوارث الصراعات الدموية والحروب الأهلية”.
ومفاد ما تقدم هو أن التسوية مع اللجنة الأمنية للإنقاذ هي هبوط ناعم، لأنها تحافظ على التمكين جوهر نظام الإنقاذ، وتشرك الإنقاذ في مهمة تفكيكها توهماً، وتحبط مسار الثورة وتمنعها من تحقيق أهدافها، وهي تتم من مواقع عدم الثقة في جماهير شعبنا والإقرار بالهزيمة أمام اللجنة الأمنية للإنقاذ، وتقدم تنازلات تمنع تحقيق أهداف الثورة في الحرية والعدالة والسلام، في غياب تام لإدراك طبيعة العدو والقبول بالشراكة معه في السلطة. وبالطبع سوف نتوسع لاحقاً في هذه الأمور حين نأتي للرد على ما خطه صديقي د. صديق الزيلعي عن الحل السياسي.
(نواصل الحوار)
هل ذنب قحت ان نظام الإنقاذ حكم ثلاثون عاما حتي أفسد كل شئ و جعل الدولة و جيشها مفسدين و مجرمين للدرجة التي نعيشها الان . و هل كان من الممكن القضاء على هذا السرطان الذي انتشر في جسد البلاد.
الحرب الجارية الان لابد أن تقضي على المجرمين المتخفين في شكل عسكر او رجل دين او خدمة مدنية او لصوص المال العام و هي الكتلة السرطانية التي ذكرت او ان يموت هذا الوطن.
اما المقالات الطوال عن مصطلحات المثقفين و المبارزة بالاراء و وجهات النظر اصبح أقرب إلى العته في ظل حقائق الواقع لمن يستطيع أن يرى
يا حبيبي الدكتور كلامه منطقي وثانيا ناس الحرية والتغيير حاكمين حاكمين لو عن طريق الاطاري او عن طريق الجذري طيب ما يشموا صح من البداية والتاسيس يكون صح و في نفس الوقت يكونوا كسبوا الشارع معهم اليمنع شنو يكون في تغيير جذري جيش الكيزان واجهزتهم الامنية القمعية راحت في ستين دهية وحميدتي قال بالواضح في برنامجه المنشور انه مع اكثر من الجذري اذا اين المشكلة اللهم الا قحت تكون تحاول تبديل تمكين الكيزان بتمكين جديد
يا انسان وطني قول لم اقرأ المقال او غير مهتم او لم افهم او غير متابع المطارحة السياسية بين دكتور صديق الزيلعي والدكتور احمد عثمان المحامي دون التقليل لمجهودهم الكبير والحوار الرائع بينهم، تواضع يا صاحبي وارتقي ولا تكن كالذين نفختهم الميديا واصبحو يتنمورون ويبخسون مجهود و عمل كبير وحوار عميق لاكاديميين على مستوى عالي يحاولون التنوير ورفع روح النقاش وتقريب وجهات النظر بين الاطراف المدنية لذا لا مكان هنا للمناكفة السياسية وكانها مباراة هلال مريخ من ليس معي فهو ضدي
باختصار الحوار هنا
بين شيوعى براغماتى وواقعى
وشيوعى حالم و موسوس ورغائبى التفكير
الهبوط الناعم لا يعنى باى حال ابقاؤء الحال كما هو عليه ولكن التغيير بوسائل سياسية وعبر الحل السياسى لتجنب الانزلاق فى الفوضى والحرب الاهلية
لكن بعض الشيوعيين الموسوسيين يظنون ان العمل السياسى قائم على السلطة والسعى خلفها فقط ويميلون للتفكير الراديكالى باستئصال الخصوم والانفراد بالسلطة وحمل الجماهير حملا على الصراع الطبقلى المتوهم والثورة الوطنية الديمقراطية لشيوع الثروة فى يد المجتمع
هذا تفكير نظرى ورغائبى وذو معادلة صفرية وصراع عدمى لايهم الشعب السودانى فى شئ
الاستاذ الزيلعي يدعو لنبذ الخلافات بين القوى الثوريه وتكوين جبهة عريضة كالتي صنعت ثورة ديسمبر لتقف في وجه اعداء الثورة من الفلول والكيزان ولكن الدكتور احمد عثمان وحزبه العجوز لا يزالان يتمسكان بشعارات هلاميه لا وجود لها علي ارض الواقع مثل التسوية
التي تهدف للمحافظة علي تمكين النظام البائد رغم ان الوثيقة الدستورية والتي كان من الموقعين عليها الحزب الشيوعي نصت علي تكوين لجنة لتفكيك النظام المباد واسترداد الاموال وفعلا تكونت اللجنة وبدأت في تفكيك تمكين النظام الباىد وفصل عناصره في القضاء والنيابة والخدمة المدنية واسترداد كثير من الاموال والاصول
وأتساءل اين المحافظة علي التمكين في تلك الشراكة التي فرضتها
ظروف ليست بخافية الا علي من في عينه قذى ةلحزب الشيوعي اراد استغلال الحماس الثورى لدى الجماهير وتجييره لكسب حزبي
وحول عداىه التاريخي من الكيزان الي قحت باعتبارها منافسة له علي كسب الجماهير ولا أرى تفسير غير ذلك للعداء ومحاولة شيطنة قحت وهو السبب في تصدع جبهة القوى الثورية وانقساماتها