أخبار السودان

الجيش السوداني يحاول تحسين وضعه الميداني على حساب المدنيين

تعرضت مدينة نيالا لمجزرة على إثر قصف جوي للجيش السوداني، ويقول مراقبون إن تصعيد الجيش الذي حصد العديد من الضحايا المدنيين خلال أيام فقط يعود إلى رغبة يائسة في تحقيق بعض المكاسب الميدانية على أمل تحسين وضعه التفاوضي.

صعّد الجيش السوداني من غاراته الجوية متسبّبا في مجازر جديدة في صفوف المدنيين وهذه المرة في إقليم دارفور غرب البلاد. ويرى مراقبون أن تصعيد الجيش يأتي في سياق محاولاته اليائسة لتحقيق بعض المكاسب الميدانية في ظل ما يتردد عن وساطات للتفاوض بينه وقوات الدعم السريع خارج البلاد سعياً لإيجاد حلّ للنزاع المتفجر منذ أبريل الماضي.

ويقول المراقبون إن الجيش يبدو كمن في سباق مع الوقت لجهة رغبته في إحراز بعض التقدم الميداني يحسن من خلاله وضعه التفاوضي الذي يبدو حتى الآن ضعيفا على الرغم من جولات قائده الفريق أول عبدالفتاح البرهان في الداخل والخارج. ووردت شهادات من سكان ومصدر طبي عن مقتل العشرات من المدنيين نتيجة غارات جوية نفذّها الجيش على مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.

وأفاد مصدر طبي بمستشفى نيالا في تصريحات لوكالة فرانس برس عن “مقتل 40 من المدنيين جراء قصف جوي طال سوقين شعبيتين وعددا من أحياء المدينة”. والشهر الماضي فرّ أكثر من خمسين ألف شخص من مدينة نيالا، ثاني أكبر مدن السودان من حيث عدد السكان بعد العاصمة، نتيجة استمرار الحرب وبعد أن أسفر قصف جوي للجيش طال منازل المواطنين عن مقتل 39 شخصا.

والأحد قتل 47 شخصا على الأقل وأصيب العشرات جراء غارات جوية على سوق في الخرطوم، وفق ما أفادت مصادر محلية، في هجوم يعد الأكثر حصدا للضحايا في السودان منذ اندلاع الحرب قبل خمسة أشهر. ودائما ما ينفي الجيش السوداني، وهو الطرف الوحيد الذي يستخدم طائرات حربية في النزاع حتى الآن، استهداف المنازل أو أماكن تجمعات المواطنين بينما يركز على مواقع وارتكازات الدعم السريع.

ومنذ اندلاع المعارك في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو في 15 أبريل، قُتل نحو 7500 شخص ومن المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير، بينما اضطر نحو خمسة ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور إلى دول الجوار خصوصا مصر وتشاد.

ومنذ بدء الاشتباكات، لم يحقّق أي من الطرفين تقدما ميدانيا مهما على حساب الآخر. وتسيطر قوات الدعم على جزء كبير من العاصمة، ويلجأ الجيش في مواجهتها إلى سلاح الطيران والقصف المدفعي غير عابئ بحجم الخسائر البشرية التي يوقعها في صفوف المدنيين.

ويقول محللون إنه ليس من المستبعد أن يتحرك الطرفان المتصارعان نحو السلام في ظل حالة الاستعصاء الميدانية المسجلة حاليا، وإن كانت قوات الدعم السريع تبدو في وضعية أفضل.

ويعتبر المحلل السياسي عثمان فضل الله أن الطرفين (الجيش والدعم السريع) حاليا في مرحلة توازن الضعف، إذ أُنهكت القوى العسكرية واستنزفت بشكل كبير، خاصة لدى الجيش. وأضاف فضل الله “يقفز عبدالفتاح البرهان للحديث عما بعد الحرب بالتزامن مع تحركاته الخارجية بحثا عن سلام يحفظ للجيش ماء وجهه”.

◙ مقتل العشرات من المدنيين نتيجة غارات جوية نفّذها الجيش على مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور

وتابع “قوات الدعم السريع، قد تكون خسائرها المادية أقل من الجيش لعدة اعتبارات؛ أولها طبيعة تسليحها المتمثل في أسلحة خفيفة إلى متوسطة، وهذه كلفتها أقل ويمكن تعويضها بسرعة، وثانيا استعانتها بكتائب من المتطوعين، مما مكنها من الاحتفاظ بقوتها”. ويشير فضل الله إلى أن “كلا الطرفين تغير هدفهما من النصر إلى السلام، ولكن العقبة الأساسية هي كيفية الوصول إليه، وبما لا يؤلب مناصري كل طرف عليه”.

ويرى الخبير الإستراتيجي اللواء المتقاعد أمين إسماعيل مجذوب أن “استمرار القتال حاليا هو محاولة من الطرفين لتحسين موقفيهما قبل الجلوس على مائدة التفاوض”. ويتوقع الخبير الإستراتيجي أن يتم “إيقاف الحرب عبر التفاوض، لأن الحسم العسكري يتطلب زمنا أطول”.

ويلفت مجذوب إلى أن “المجتمع الدولي والإقليمي دورهما كبير، وحاليا يقدمان الجزرة للطرفين حتى يتوصلا إلى اتفاق وإيقاف هذه الحرب”. وفي الرابع من سبتمبر الجاري، قال قائد قوات الدعم السريع في تسجيل صوتي نشره عبر حسابه الرسمي في منصة “إكس”، إن “الحرب ستنتهي قريبا، ويعم السلام وتزول هذه الفتنة”.

العرب

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..