بمناسبة مرور 156 عاما علي صدور مؤلف ماركس ”رأس المال”

تاج السر عثمان
تقديم
رغم مرور 156 عاما علي صدور مؤلف كارل ماركس “رأس المال” في 14 سبتمبر 1867م ، الا أن تشريحه للمجتمع الرأسمالي وتناقضاته وحتمية زواله مازال نابضا بالحياة ، فرغم التحولات التي حدثت في التشكيلة الرأسمالية ، فقد عاد اليه الكثيرون ولاسيما بعد الأزمة العامة للرأسمالية في العام 2008 ،التى لم تعالجها المسكنات والاصلاحات ، بل تفاقمت ، حتى اصبح العالم علي شفا جُرف هارٍ من الحرب العالمية الثالثة بعد الحرب الروسية الاوكرانية التي أدت لزعزعة النظام المالي والراسمالي العالمي.
كما تفاقمت الأزمات مثل : تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي بسبب ارتفاع معدلات البطالة والتضخم والمديونية العامة، و الاستقطاب الطبقي، وشدة استغلال العاملين وتشريدهم ، وارتفاع الأسعار والتضخم، والانفاق العسكري علي حساب خدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، وتفاقم الصراع بين اقطاب الرأسمالية :” اليابان، الاتحاد الاوربي، الولايات المتحدة ، وصراعها مع الدول الرأسمالية أو الرأسمالية الدولية الصاعدة مثل : ” الصين، روسيا، الهند ، جنوب افريقيا ، البرازيل،.الخ”، واحتدام حدة الصراع على الموارد في البلدان النامية ومنها السودان.
هذا اضافة لنهوض الحركة المطلبية والجماهيرية ضد البطالة ، وأزمة كورونا التي حصدت الالاف من المواطنين، وضد العنصرية، وتنامي الأحزاب الثورية بمختلف منطلقاتها المطالبة بالضمان الاجتماعي والعدالة والدفاع عن البيئة ووقف سباق التسلح والحرب ، واحترام حقوق الانسان، وحقوق المرأة، وضد الاحتباس الحراري الذي يهدد كوكبنا، ومجانية التعليم ، الصحة، الدواء، وضد الخصخصة وتشريد العاملين ، والاضرابات الواسعة لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والثقافية، فضلا عن تنامي دور الأحزاب الاشتراكية والشيوعية.
وبمناسبة مرور 155 عاما نعيد نشر هذا المقال عن مؤلف ماركس “رأس المال”.
1
كان صدور المجلد الأول من مؤلف ماركس ( رأس المال) المؤلف من أربعة مجلدات نقطة تحول مهمة في نقد الاقتصاد السياسي للرأسمالية. اذكر أنني اطلعت علي المجلد الأول في مكتبة الخدمات الاجتماعية التابعة لمصلحة سكك حديد السودان بعطبرة، وهي من المدن العمالية الكبيرة في السودان، كان ذلك في العطلة الصيفية عام 1974 من القرن الماضي، وكنت وقتها طالبا في جامعة الخرطوم ، كانت المكتبة تقع في مبني كنيسة قديمة في حي (السودنة) بعطبرة الذي كان محاطا بحدائق وأشجار (اللبخ) و(الذنيا) التي كانت تضفي جواً بارداً على صيف عطبرة القائظ، اضافة الي ان المكتبة كانت تقع بالقرب من ورش عمال السكة الحديد، وكان ذلك الجو مساعدا في فهم واستيعاب المجلد الأول، اضافة لتخصصي في مادة الرياضيات، وترجمة عربية سائغة سلسة كانت من أعمال( محمد عيتاني).
كان المجلد الأول مثيراً لاهتمامي لدرجة كبيرة، وكنت معجباً بمنهج ماركس الديالكتيكي الذي ربط فيه بعمق وشمول علوم التاريخ و الاجتماع والاقتصاد اضافة للغة الأدبية الرفيعة والساخرة احيانا، ومنذ ذلك الوقت واصلت اهتمامي بدراسة الاقتصاد السياسي الماركسي ، والذي ساعدني كثيرا في ابحاثي التي انجزتها عن التاريخ الاجتماعي للسودان.
كتب ماركس في مقدمة الطبعة الأولي لمؤلفه ( رأس المال): ( انني انظر الي تطور التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية كعملية تاريخية طبيعية ، وهدف مؤلفي النهائي هو اكتشاف القانون الاقتصادي لحركة المجتمع المعاصرة).
يواصل ماركس ويقول ( المجتمع المعاصر ليس بلورة صلبة، بل كيان عضوي قادر علي التحول وهو يتحول بصورة دائمة )،هذا ما اكدته الأحداث من التحولات المختلفة التي مر بها النظام الرأسمالي من مرحلة الإمبريالية التي درسها لينين في مؤلفه ( الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية 1916م)، وحتى مرحلة الرأسمالية المعاصرة ( مرحلة العولمة) والتي ازدادت فيها الرأسمالية بقيادة امريكا شراسة وشراهة في استنزاف العاملين ونهب شعوب وموارد البلدان المتخلفة.
في ذلك المجلد الأول من (رأس المال) درس ماركس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في انجلترا التي كانت اكثر البلدان الرأسمالية تطورا في عصره، كما استند علي الاستنتاجات العلمية التي خرج بها الكلاسيكيون في الاقتصاد السياسي البورجوازي مثل: آدم سميث، وريكاردو، ووليم بيتي، وغيرهم واعاد النظر فيها بشكل انتقادي.
كانت ثمرة دراسة ماركس الملموسة للمجتمع الرأسمالي في انجلترا اكتشاف نظرية فائض القيمة التي شكلت حجر الزاوية لنظرية ماركس الاقتصادية، التى اعطت الاشتراكية طابعا علميا ،واوضحت للطبقة العاملة سر الاستغلال الرأسمالي والذي يقوم علي استحواذ الرأسماليين علي العمل غير مدفوع الأجر.
بعد وفاة ماركس تمكن صديق عمره فرديرك انجلز من اصدار المجلد الثاني( 1885)، والمجلد الثالث ( 1894م).
2
من خلال متابعة جهد ماركس العلمي في اكتشاف القانون الأساسي للمجتمع الرأسمالي، نلاحظ أنه بذل جهدا علميا شاقا وعميقا ليصل الي ذلك الاكتشاف ويتضح ذلك من مؤلفات ماركس وانجلز الآتية:
في عام 1844 م ، كتب ماركس مؤلفه (مقتطفات من عناصر جيمس ميل في الاقتصاد السياسي) ، وفي العام نفسه صدر مؤلف انجلز (خطوط عامة في نقد الاقتصاد السياسي) ، كما صدر في العام نفسه مؤلف ماركس (المخطوطات الفلسفية والاقتصادية).
وفي عام 1845م صدرت دراسة انجلز الميدانية حول (ظروف الطبقة العاملة في انجلترا) والتي وصفت وصفا دقيقا حالة البؤس والشقاء التي كانت تعيشها.
وفي عام 1846م صدر مؤلف ماركس وانجلز (الايديولوجية الألمانية) والذي تمت فيه صياغة (المفهوم المادي للتاريخ) الذي يعتبر الأساس المنهجي للاقتصاد السياسي الماركسي.
وفي عام 1847م صدر مؤلف ماركس (بؤس الفلسفة) والذي صاغ فيه مفاهيمه حول العمل المأجور ورأس المال، كما صاغ نظرية القيمة ووضع بعض عناصر نظرية فائض القيمة. وفي العام نفسه صدر كراس ماركس ( العمل المأجور ورأس المال).
في العام 1848م صدر (البيان الشيوعي) لماركس وانجلز والذي توصلا فيه أن الاشتراكية نتيجة ضرورية لتطور اسلوب الانتاج الرأسمالي، ويبقي ضرورة البرهان العلمي علي ذلك.
وبعد فترة انقطاع في النشاط العملي من اجل تغيير المجتمع وتنظيم حركة الطبقة العاملة للوعي بمصالحها وصياغة مطالبها، عاد ماركس مرة اخري للبحث في الاقتصاد السياسي، فنجده في العام 1858م يصدر الغروندرسيه (اسس نقد الاقتصاد السياسي – المسودة الأولية لرأس المال).
وفي العام 1859م اصدر ماركس مؤلفه (مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي) والذي أشار فيه الي ضرورة دراسة العلاقات الاقتصادية للمجتمع المعاصر، فالعلاقة الحقوقية وكذلك أشكال الدولة كما يقول ماركس: لايمكن أن يتم فهمها من خلال نفسها، ولا من خلال ما يسمي التطور العام للفكر الانساني ، بل هي تكمن في العلاقات الاجتماعية المادية وبنية المجتمع المدني.
وفي العامين 1861- 1862م صدر مؤلف ماركس (نظريات فائض القيمة – المجلدات: 1، 2،3).
وفي العام 1865 صدر مؤلف ماركس (الاجور والأسعار والربح).
أخيراً كان ثمرة هذا الجهد الشاق مؤلف ماركس (رأس المال – المجلد الأول) الذي صدر في العام 1867م، والذي شكل السلاح النظري للطبقة العاملة في نضالها من اجل تغيير المجتمع الرأسمالي وبناء المجتمع الاشتراكي.
لقد كان ماركس بحق مناضلا من أجل تغيير المجتمع الرأسمالي وباحثاً عميقا ترك بصماته على تطور الفكر الإنساني.
يعتقد العديد من الاقتصاديين المعاصرين أنه لا قيمة له إلى حد ما من حيث تعلم أي نظرية اقتصادية من كتاب رأس المال، لأنهم يعتقدون أن كل ما كان صحيحًا في الاقتصاد الكلاسيكي قد تم تبنيه من قبل الاتجاه السائد، وتم التخلي عن كل ما هو غير صحيح.
من حيث المعرفة الاقتصادية الحديثة، فإن رأس المال قديم جدًا، وهناك أكثر من 158 عامًا من الأدبيات الاقتصادية تمتد من وقت نشر رأس المال وحتى العصر الحديث. وكانت التحديثات التي أجراها مارشال وكينز وآلاف من الأكاديميين الآخرين سبباً في دفع الاقتصاد إلى ما هو أبعد مما كان عليه من قبل.
من حيث المعرفة الاقتصادية الحديثة، لا. إن كتاب ثروة الأمم ورأس المال قديم جدًا، وهناك أكثر من 158 عامًا من المؤلفات الاقتصادية التي تمتد من وقت نشر كتاب رأس المال وحتى العصر الحديث، وحتى أكثر من ذلك منذ WoN. وكانت التحديثات التي أجراها مارشال وكينز وآلاف من الأكاديميين الآخرين سبباً في دفع الاقتصاد إلى ما هو أبعد مما كان عليه من قبل.
ليس هناك من داع للإحتفاء بأي كتاب إلا إذا كان مقدسا
وبالنسبة للماركسيين حتي رأس المال ليس مقدسا وخاضع للنقد والتجاوز
وقد تم ذلك فعلا
إلا أن الماضويين الماركسيين السودانيين ما زالوا يسبحون بماركس ورأس المال
كل العالم يدرس التاريخ حتي لا يكرر أخطاء الماضي
إلا السودانيين يدرسون التاريخ للهروب أليه هربا من قسوة الحاضر
توقع ماركس أن الطبقة العاملة سوف تثور في نهاية المطاف ضد البرجوازية وتؤسس مجتمعا لا طبقيا. وفي حين كانت هناك أمثلة لنضال الطبقة العاملة في أوروبا، فمن الصعب القول ما إذا كانت كما توقع ماركس. جعل ماركس الصراع الطبقي حقيقة مركزية في التطور الاجتماعي، هناك طبقتان أساسيتان، تتقابل حولهما طبقات أخرى أقل أهمية، تتعارضان في النظام الرأسمالي: أصحاب وسائل الإنتاج، أو البرجوازية، والعمال، أو البروليتاريا. ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أن تنبؤات ماركس استندت إلى فهمه للمادية التاريخية وتحليله للرأسمالية في القرن التاسع عشر. لقد تغير العالم بشكل كبير منذ ذلك الحين، وكذلك تغيرت ظروف الطبقة العاملة.
وخلافا للتنبؤات الماركسية، فقد اعتدل الصراع الطبقي حتى في الدول الأوروبية التي تعتبر مثالا للرأسمالية. وبصرف النظر عن القواعد الاقتصادية، هناك أسس أخرى للطبقية في المجتمع. لقد أصبحت الطبقة العاملة اليدوية غير متجانسة أو متباينة بشكل متزايد، وهناك فرصة ضئيلة لتوحيدها من أجل الثورة.
كارل ماركس، عراب الاتحاد السوفييتي، أصبح في طي النسيان في روسيا
بعد مرور مائتي عام على ولادته، تريد حفنة من الأكاديميين الروس أن يصبح كارل ماركس اسماً مألوفاً.
بعد مرور مائتي عام على ولادة كارل ماركس، فإن البلد الذي لم يزره قط يتميز بذكريات تراثه. تسرد شبكة فكونتاكتي الاجتماعية الأكثر شعبية في روسيا مئات الأشخاص الذين يحملون أسماء الاقتصادي السياسي الألماني كارل ماركس. وبالإضافة إلى الشوارع التي تحمل اسمه والتي يبلغ عددها 1390 شارعًا في جميع أنحاء البلاد، هناك بلدة تسمى ماركس على نهر الفولغا.
لكن بعد مرور ما يقرب من 27 عامًا على سقوط الاتحاد السوفييتي، أصبح أحد أكثر مفكري القرن التاسع عشر تأثيرًا شخصًا تافهًا في أول دولة تطبق أفكاره كنظام سياسي. قبل حلول ذكرى الخامس من مايو/أيار، اختارت السلطات الروسية عدم الاحتفال بهذه المناسبة على الإطلاق.
وقال ليف جودكوف، مدير مركز ليفادا المستقل لاستطلاعات الرأي: «الموقف الرسمي هو أن أفكاره الثورية جلبت سوء الحظ للشعب الروسي». لقد نسيه الروس تقريباً».
ومع صمت السلطات قبل عيد ميلاد ماركس، بدأ الأكاديميون والمؤرخون في تعويض هذا النقص. على مدار العام، تستضيف الجامعات والمتاحف في جميع أنحاء البلاد مؤتمرات ومعارض على أمل إبقاء ماركس، الذي قال إن عدم المساواة متأصل في الرأسمالية، على قيد الحياة ليس فقط في المؤسسات الأكاديمية الكبرى في البلاد، ولكن كاسم مألوف أيضًا.
في جامعة كازان الفيدرالية، اتبع المعلمون نهجًا إبداعيًا في الحدث الذي استمر لمدة يومين في نهاية أبريل بعنوان MarxFest. بالإضافة إلى المناقشات الجماعية والخطب بأسلوب محادثات TED الشهيرة حول مساهمات ماركس في النظرية الاقتصادية، قام المنظمون بدعوة مغني راب محلي للغناء الحر على أمل جذب الطلاب.
وقالت عايدة نوفينكوفا، التي ترأس برنامج الدراسات العليا بالجامعة في الإدارة والاقتصاد والمالية، إن هدف المهرجان هو تعريف الطلاب بمفكر مؤثر “يتجاوز مجرد فصل في كتاب مدرسي”.
وقالت عبر الهاتف: “أعتقد أن الشيء الأكثر أهمية هو أن يتمكن طلابنا من الوصول إلى مجموعة واسعة من وجهات النظر وأن يصبحوا مفكرين نقديين”. “لقد أثر ماركس بشكل كبير على فهم العالم للاقتصاد، ومن المهم للطلاب أن يعرفوا أنه ليس كل شيء يتعلق بالسياسة”.
وقد عبرت الطالبة في السنة الأولى ألينا تاليشكينا عن هذه النقطة بشكل أكثر صراحة: “إن عدم معرفة شخص مثل هذا أمر محرج”.
الشعبية تتراجع
إلا أن عدداً كبيراً من الروس لا يفعلون ذلك. ووفقا لأحدث الأرقام التي شاركها ليفادا مع صحيفة موسكو تايمز، فإن ما يقرب من ربع الذين شملهم الاستطلاع لم يعرفوا من هو ماركس. ومن بين أولئك الذين فعلوا ذلك، اعتبره عدد قليل فقط مفكرًا رائدًا.
وفقًا لجودكوف، في عام 1989، اعتقد 35% من الروس أن ماركس هو أحد أعظم 10 أشخاص عاشوا على الإطلاق. وبحلول نهاية عام 1991، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، لم يفعل ذلك سوى 8% فقط. ومنذ عام 2008، استقر العدد عند 3%.