امريكا لن تعمل على فرض حلول لايقاف حرب السودانيين

عبد الواحد احمد ابراهيم
الحسابات الامريكية فى السودان:
١/ فى أغسطس٢٠٢٢ اصدرت إدارة بايدن أستراتيجيتها الخاصة بأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تنص على ( ان الولايات المتحدة يمكن ان تقدم خيارات للافارقة بينما بحددون مستقبلهم بانفسهم وكذلك الحد من الانفتاح على الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية السلبية وتجنب الحاجة للمساعدة للتدخلات المكلفة و عند ذكر الجهات الحكومية تشير الوثيقة الى روسيا والصين على وجه التحديد فى حين ان تلك الجهات الفاعلة غير الحكومية هى تلك التى تتهمها واشنطن بالارهاب وترى واشنطن ان السودان يتمتع بمواقع جيوسياسية واقتصادية واستراتيجية كبيرة تجعله موضع اطماع اقليمية ودولية وان اى حالة عدم استقرار فى السودان تعنى عدم استقرار فى المنطقة وهى منطقة حساسة تعانى من ضعف البنى التحتية جيوسياسيا مصر وليبيا فى الشمال اثيوبيا وارتريا فى القرن الافريقى تشاد وافريقيا الوسطى فى عمق افريقيا يمثل السودان ٦٠% من مساحة دول حوض النيل ويلعب دور اساسى فى ادارة الخلاف بين مصر واثيوبيا حول سد النهضة ويقع السودان على موقع استراتيجى على البحر الاحمر الذى تمر عبره ١٠% من تجارة العالم السودان يايضا تمتع بوجود ثروة معدنية هائلة فهو ثالث اكبر منتج للذهب فى افريقيا وبه رواسب كبيرة من الفضة والنحاس واليورانيوم السودان ينتج ٨٠% من انتاج الصمغ العربى الموجود فى العالم المستخدم فى الاغذية والدهانات ومستحضرات التجميل٢/ هناك ثلاثة اسباب عامة تجعل الولايات المتحدة تهتم بالسودان
أ/ مواجهة النفوذ الروسى الصينى فى افريقيا وتتصور امريكا انهم تعملان معا من اجل تقويض مصالحها فى افريقيا ب/ التحالفات غير المنطقية المتناقضة تخاف امريكا من نشؤ تحالفات جديدة بين حلفائها مثلا مصر تدعم قائد الجيش البرهان وبدرجة اقل السعودية كذلك وقد تلجأ اثيوبيا الى دعم حميدتى كما تفعل الامارات وكذلك تخشى امريكا من امتداد الصراع ليشمل منطقة الساحل بالذات اذا استمر الدعم السريع فى تجنيد مقاتلين اجانب ج/ الهجرة والإرهاب امريكا ايضا تخشى من ان يؤدى الصراع القائم الى استمرار الفراغ الحكومى طويل الامد الذى يؤدى الى كارثة انسانية بالنزوح واللجؤ وقد يؤدى ايضا الى توفير ملاذ للجماعات الارهابية كحركة الشباب الصومالية٣/ الهدف الرئيسى للولايات المحدة هو التوصل الى وقف اطلاق النار ثم جعله دائما
٤/ الآلية الامريكية لذلك هى العمل مع الشركاء الاقليميين والدوليين مع أبقاء دور الوساطة بين يديها والسعودية وهى كانت لا تفرق بين الجيش الرسمى والمليشيات فى التعامل مع الازمة السودانية
بيان الخارجية الامريكية واتهام الدعم السريع باغتيال والى غرب دارفور بالجنينة مع ارتكاب جرائم حرب بقتل مدنيين كما فرضت عقوبات اقتصادية على شركتين من الجيش وشركتين من الدعم السريع٥/ كثير من اهل السياسة والتنفيذيين السابقين فى امريكا يتهمون الولايات المتحدة بتحمل جزء من الصراع فى السودان لان أدارة ترامب وبايدن تجاهلت الاوضاع فى الخرطوم عقب سقوط البشير ولم تدين ارتكاب حميدتى لمذبحة القيادة العامة واهتمت بالتطبيع مع اسرائيل
٦/ كذلك بالتعاون مع حلفائها الاقليميين والغربيين ضغطت على المدنيين من أحزاب الحرية والتغيير للمشاركة فى حكومة انتقالية مع الجيش بتوقيع وثيقة دستورية للحكم
٧/ جيفرى فيلت مان المبعوث الامريكى للقرن الأفريقى استقال بسبب غياب استراتيجية امريكية واضحة تجاه السودان
٨/ ولسبب ان امريكا لم تدين اى من الضباط الذين أنقلبوا على الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية ولم تتخذ موقف اكثر صرامة تجاه الانقلاب بل ترددت حتى فى وصفه بذلك
٩/ كذلك أيضا بعد الإنقلاب وظهور الاتفاق الإطارى فإن القوى المدنية لم تكن ممثلة فيه بصورة جيدة وهذا الاتفاق الذى عملت عليه الولايات المتحدة بالتعاون مع الايقاد اتفاق اطارى للانتقال المدنى لم تكن هناك آلية فيه لمساءلة العسكريين إذا لم يوفوا بالتزاماتهم ١٠/ كان فيلتمان يعتبر أن فشل واشنطن وحلفائها من منع السودان من الانزلاق للحرب هو بسبب ثقتهم الكبيرة فى الجنرالات ١١/ الاتفاق الاطارى هو احد العناصر التى ادت ألى اندلاع الحرب بالاضافة الى اطماع قادة وعناصر النظام البائد وكذلك أطماع قادة الجيش واطماع حميدتى١٢/ ديفيد ساترفيلد الذى حل محل فيلتمان كمبعوث للقرن الافريقى قال: إن واشنطن ليس لديها اى شئ سوى الخيارات السيئة فى السودان وبالتالى اضطرت الى عقد صفقات مع الجيش وإنه اذا كان هناك فرصة للعودة الى المسار نحو استعادة حكومة يقودها مدنيون فسيتعين عليك التحدث مع الجيش ايضا
امريكا لا تملك العديد من الادوات للضغط على الجيش ١٣/ عدم توحد القوى المدنية حول هدف نظام ديمقراطى واحد ( خلاف بين من يؤيد الرفض الكامل لدور الجيش فى الفترة الانتقالية وبين المستعدين لتقاسم السلطة معه دون قيد او شرط) ١٤/ هذا الموقف بين القوى المدنية المختلفة سمح للجيش للمناورة معها لدرجة أن بعضها عقد صفقات مع حميدتى خلال المناقشات حول الاتفاق الاطارى١٥/ أخيرا فإن واشنطن ستواصل محاولاتها لتهدئة الصراع ومنع خصومها الدوليين من استغلال الازمة لتعزيز مواقعهم فى منطقة ذات اهمية استراتيجية
وسيكون من اولاياتها فى هذه المرحلة هو التوصل لوقف النار والعمل على سد الفراغ الدستورى وذلك بالتعامل مع حكومة الوضع الراهن او التى سوف يشكلها البرهان بتوافق يسمح بوقوف جزئى للحرب عبر هدن مؤقتة ومن ثم العمل على انجاز وقف دائم من خلال دعم الحوار بين القوى المدنية والعسكرية بمكوناتها المختلفة فى السودان لذلك لن نتوقع اى دور للولاؤات المتحدة لا ؤتماشى مع تلك السياسة المرسومة التى لا تستطيع تجاوزها إدارة بايدن.
الولايات المتحدة لن يكون لها تأثير يذكر فى تطور الاحداث فى السودان لأن السياسة الخارجية الامريكية تحت ادارة بايدن أو حتى ترمب لم تعد لها أسنان حادة توظفها لتغيير يصب فى صالحها, الآلية الوحيدة التى لدى أمريكا هى فرض عقوبات وهى ليست ذات فعالية تذكر , روسيا و الصين الآن أكثر نفوذا خاصة فى الدول النامية و الدول الافريقية, دور أمريكا ماضيا فى التلاشى وذلك واضحا فى تذبذب سياستها الخارجية و فقدانها للبوصلة.
الكثير من الدول تتمنى أن تبيدوا بعضكم البعض لتستولى على أرضكم و هي فارغة من السكان. لا أحد يتعاطف معكم، بناء على ما نشاهد كيف تتحرك الدول لنجدة ممن ألمت بهم الكوارث. العالم قاسٍ عليكم و أنتم على أنفسكم أقسى. بئس الشعب أنتم. متعلميكم و جهلاءكم سواء في الجهوية و القبلية و الأنانية و عدم الإنسانية. هل رميتكم بالباطل؟ كلا!