
طاهر عمر
لا شك بأن عبد الفتاح السيسي كعسكري مصري يريد بناء نظام تسلطي ليحكم به مصر و مشروعيته حكم العادة في عقل النخب في البلاد العربية ذات الثقافة التقليدية و لا تعرف منها فكاك و هي سلطة الأب و ميراث التسلط. و في مثل هذه الظروف نجد نخب مصر لا يتحرجون من مساعدة الدكتاتور السيسي من ترسيخ أسس حكم تسلطي و نجد حوله نخب مصرية تستكين تحت صروح أصنامها الذهنية. و خاصة في ظل ظروف سيطر فيها الإنحطاط في وسط النخب في البلاد العربية الاسلامية ذات الثقافة التقليدية.
و بالتالي تجد نخب مصر لا تتحرج في دعم حكم تسلطي يسوقه عسكري مصري متدني الثقافة كعبد الفتاح السيسي و كثير من الشعوب تمر بمثل ما مرت به مصر حيث نجد فرنسا في حقبة ساركوزي و قد وصف بأنه ذو ثقافة متدنية لا تؤهله بأن يكون رئيس فرنسي مع فارق القياس بين فرنسا و مصر و لكن إنحطاط النخب يساعد في ظهور مثل عبد الفتاح السيسي على خشبة المشهد السياسي المصري.
المضحك أن نخب مصر لم تنشغل بعجزها عن الخروج من حيز المجتمعات التقليدية حيث أصبحت مصر دولة بلا مستقبل ما لم تتحول الى دولة صناعية في وقت تظل محدودية مواردها المادية و كذلك رياداتها الوطنية غير الواعية تزيد عليها ثقلها الذي لا تستطيع حمله أي نخب مصر تساعد دكتاتور كالسيسي لتأسيس حكم تسلطي في وقت العالم أجمع يعرف بأن طريق الديمقراطية الليبرالية هو أقرب الطرق لتحقيق نظريات النمو الاقتصادي الذي تحدث عنه بحرقة الاقتصادي المصري جلال امين و هو يرى حال مصر و قد إنحطت إنحطاط بائن و عجزت عن التحول من مجتمع تقليدي الى مجتمع صناعي في كتابه ماذا حدث للمصريين؟
و حقيقة جلال امين كاقتصادي مصري يرى ما لا تراه أسماء الحسيني و أماني الطويل لذلك ظل مشغول بما يقعد مصر عن إنجاز نمو اقتصادي يؤدي الى تحول هائل في المفاهيم و يرفع من مستوى وعي أمثال أسماء الحسيني و أماني الطويل حتى لا تهدر وقتها في خدمة دكتاتور يؤسس لحكم تسلطي في مصر كالسيسي مثلهن و نخب مصر المتحلقة حول دكتاتور سوف يصل بهم الى طريق مسدود كحال الحكام العسكريين في كل الدنيا.
و الغريب بدلا من الإهتمام بمشاكل مصر من قبل اماني الطويل و اسماء الحسيني و كيفية الخروج من نظام حكم تسلطي نجدهم يستثمرون في أزمة الحكم في السودان حيث تدور الحرب و هم من وراءها بمساعدة السيسي للبرهان لتعطيل التحول الديمقراطي في السودان.
غريب أمر المصريين و نخبهم يعتقدون أن مساعدة حكم عسكري في السودان يمكّنهم من إستغلال موارد السودان بسبب عدم النمو الاقتصادي في ظل الحكام العسكريين في السودان و في نفس الوقت يجهلون أن مساعدتهم لعسكري كالسيسي تساعدهم في تحقيق نمو اقتصادي و هذا هو عقل الأمنجي البليد كاماني الطويل و أسماء الحسيني كيف تعتقد في عسكري سوداني يعطل اقتصاد بلده و في نفس الوقت تؤمن بأن عسكري مصري كالسيسي سوف يخلق لك تنمية اقتصادية في مصر و هي دولة محدودة الموارد المادية مع تدني وعي رياداتها الوطنية الخادمة للدكتاتور؟
مثل اماني الطويل و اسماء الحسيني و تدني وعيهن يؤشر الى أن مصر سوف تغوص في وحل يمنعها من أن تكون على موعد مع التاريخ لأن نخبها قد وصلت لمستوى من الإنحطاط غير مسبوق. نقول مستوى من الإنحطاط لنخب مصر و نحن نقراء تحليل كل من اسماء الحسيني و أماني الطويل و نقارنه بمستوى وعي مفكر مصري كاحمد لطفي السيد. لماذا احمد لطفي السيد؟
لأنه رجل صاحب فكر ليبرالي رفض أن يكون في خدمة دكتاتور مصري عندما رفض أن يكون رئيس حكومة في زمن جمال عبد الناصر قارن أحمد لطفي السيد باماني الطويل و أسماء الحسيني و غيرهن من المتحلقيين حول السيسي كدكتاتور و قول لنا الى أي مستوى وصل تدني الوعي و إنحطاط الفكر في مصر منذ رفض احمد لطفي السيد خدمة دكتاتور و الى لحظة خدمة اماني الطويل و هدى الحسيني لدكتاتور كالسيسي اليوم؟
و من هنا يمكنك أيها القارئ أن تعرف لماذا كتب جلال امين كتابه المذكور في أعلاء المقال و نقول لك بسبب تدني وعي نخب مصر أمثال اماني الطويل و اسماء الحسيني و فرحهن بخدمة دكتاتور مصري كالسيسي يريد تأسيس نظام حكم تسلطي في مصر.
و من هنا نقول لاماني الطويل و اسماء الحسيني من يكون على استعداد لخدمة دكتاتور كسيسي مصر لا يقبل منه أن يحشر أنفه في شأن السودانيين ظانا أن رأيه سيفيد لأن فاقد الشئ لا يعطيه و على اماني الطويل و اسماء الحسيني ترفيع وعيهن المتدني بالفكر الليبرالي و غيابه منذ غياب امثال احمد لطفي السيد و غيابه جعل النخب المصرية مستعدة لخدمة دكتاتور أقصر قامة من دكتاتور مصر الأول أي أن السيسي دكتاتور أقصر قامة من دكتاتور مصر أي عبد الناصر كصنم ذهني جعلكم على إستعداد لخدمة الدكتاتور بشكل مثير للشفقة في وقت كان الشعب السوداني و قد أسقط أي دكتاتور يريد أن يكون خادم ذليل لدكتاتور مصر كما يفعل البرهان الآن.
لهذا لا تفرحي يا اماني الطويل و يا اسماء الحسيني بأن الحرب في زمن الأقزام سوف تقسم السودان و بالتالي يسهل إبتلاع خيراته من قبل شعب مصر نقول لك شعب السودان أقوى و أكبر من تصور أي عدو خسيس محروم عبر القرون و يعشم في خيرات شعب عظيم كالشعب السوداني. و ما نقوله لكن أنتبه له فلاسفة عظماء كديفيد هيوم حين قال فيما معناه بأن فرحك بضعف الدولة المجاورة لك يدل على أن أنك لا تفهم كيف يتطور الاقتصاد و كيف تنجح نظريات النمو الاقتصادي و يتحقق الإزدهار المادي.
و نخب مصر لأنها متدنية الوعي منذ غياب فكر أحمد لطفي السيد كليبرالي تفرح بالحرب و تعطيل التنمية و النمو الاقتصادي في السودان و هذا بسبب الجهل الذي يضرب النخب المصرية مثل جهلهم الذي يجعلهم متحلقيين حول دكتاتور كالسيسي يريد تأبيد حكم تسلطي لا يخدم أي نمو للوعي أو إزدهار اقتصادي ينعكس على إرتفاع مستوى المعيشة.
بقية المقال سنوجهه للنخب السودانية و نذكر فيه قول للدكتور منصور خالد قال بأنه قد ندم ندما شديد عندما وصف أحمد لطفي السيد بأنه خائن عندما رفض أن يخدم دكتاتور كعبد الناصر و قال لعبد الناصر الحكم أمانة من الشعب للحاكم و لا أنا و لا انت نكونا الشعب.
طبعا منصور خالد عندما وصف احمد لطفي السيد بأنه خائن حينها كان ككل نخب السودان يظنون بأن طريق الحزب الواحد والاشتراكية و النظم الشمولية هي أقصر الطرق الى تحقيق التنمية و كان منصور على خطا فادح و لكنه إنتبه له و أعتذر عنه. فهل فعلت بقية النخب السودانية التي ما زالت تتلجلج في مسألة عقلنة الفكر و علمنة المجتمع؟ كما كان يدعو احمد لطفي السيد لفكر ليبرالي غربي و كان يدعو لحرية المرأة قولا و فعلا منذ ثلاثنيات القرن المنصرم و بالمناسبة كان مواكب أي احمد لطفي السيد لأفكار مفكريين كبار امثال كنز في زمن الكساد الاقتصادي العظيم عكس نخب السودان التي إنفرط عقدها و ذهبت الى بيوت الطائفية في وقت كان أحمد لطفي السيد ندعو للفكر الليبرالي منذ ذلك الزمن البعيد.
ما أريد قوله خدمة الدكتاتور لا يرفضها إلا العظماء أمثال احمد لطفي السيد كليبرالي و هنا ترى الفرق الواضح بينه و بين نخب مصر التي تخدم السيسي اليوم و في أدنى سلم الخدمة للدكتاتور يكون مقام اسماء الحسيني و اماني الطويل كامنجيات في خدمة مخابرات دكتاتور مصري يحاول زرع قزم يساعده في إبتلاع خيرات السوداني و أقصد البرهان و هيهات.
مصر ترعى نادي الحكم العسكري الشمولي وهو النظام االذي يحكم كل الدول العربية حتى الخليجية التي تسيطر فيها الأسر المالكة على الجيش أبضا وبالتالي يشعر السيسي بخوف يشبه الكابوس ويجعله يبول في السرير بالليل من نشأة نظام ديمقراطي في السودان