عندما كان لجيش السودان عقيدة وطنية

عندما كان لجيش السودان (عقيدة وطنية)
قادته امرأة.. كى يهزم أقوى جيوش التاريخ
ويرغمه على توقيع معاهدة سلام..!
د. محمد عطا مدنى
فى العام 31 ق.م ، احتل الجيش الرومانى مصر، والذى كان يسيطر على أكثر من نصف العالم، وأنهى بذلك حكم البطالمة الذى استمر لحوالى 300 عام. وبهذا أصبحت مصر أهم مقاطعة رومانية، لأنها زودت روما بوفرة من الحبوب.
وبحسها السياسى والعسكرى الراقى، أدركت الملكة الكنداكة (أمانى ريناس) (Amanirenas) والتى حكمت مملكة مروى بين عامى (40 – 10 ق. م)، أن الرومان بعد احتلالهم لمصر سوف يطمعون فى مد حدودهم إلى بلادها التى اشتهرت فى العالم القديم بإنتاج الذهب، وبتصنيع الحديد لدرجة أن بعض كتاب التاريخ أطلقوا على مروى عبارة (برمنجهام أفريقيا).
وتعتبر أمانى ريناس من أهم ملكات مروى، وهى واحدة من الملكات العظيمات في تاريخ السودان القديم، وكانت زوجة للملك (تريتكاس) وقد خلفته على العرش بعد وفاته، وقد امتدت مملكة مروى من أرض البطانة شمالا حتى جنوب (سين) وهى أسوان الحالية، ووجدت آثارها جنوبا فى بعض مناطق الجزيرة والنيل الأبيض، وشرقا فى بعض مناطق إقليم البحر الأحمر، وغربا حتى مشارف كردفان.
وحسبما توقعت الملكة أمانى ريناس، بدت أول أطماع الرومان بفرض ضرائب باهظة على مملكتها، ولم تتحمل إهانة الرومان لمملكتها بفرض ضرائب عليها، فبعثت إليهم برسالة تخبرهم فيها أن ما حدث فى مصر لا يمكن أن يحدث فى بلادها، وتحدت الرومان على الرغم من البون الشاسع بين قواتها وقوات الرومان أعظم امبراطوريات التاريخ القديم. وعلى أثر ذلك أمرت شعبها بالاستعداد لحرب طويلة.
وفى عام 28 ق.م، وبمجرد مغادرة بعض الجحافل العسكرية الرومانية إلى الجزيرة العربية لإخماد
بعض الإضطرابات هناك، قادت جيش مروى بنفسها وهاجمت القوات الرومانية وهزمتهم في (جزيرة
فيلة)، ثم اقتحم جيشها إالمكون من ثلاثين ألف مقاتل مدينة (أسوان) ليلا ، وتم نهب المدينة، وقام جيشها بتحطيم الآثار والتماثيل الرومانية، بما في ذلك التماثيل التي أقيمت مؤخرًا للإمبراطورأغسطس، وتم قطع رأس أحد هذه التماثيل البرونزية عن جسده ونقلها إلى مروي، حيث تم دفنها عمدًا تحت عتبة أحد قصورها، بحيث في كل مرة يدخل فيها المرًويون ويخرجون، فإنهم يطأون رمزاً من رموز العدو بأقدامهم، وحالياً يعرض رأس هذا التمثال الشهير في المتحف البريطاني.
وكان لأمانى ريناس حسا عسكريا تكتيكيا راقيا، فقد تجنبت مواجهة جيش الرومان نهارا، وكانت تهاجمهم ليلا حتى يظن الرومان بأن جيشها ضخما وهم لا يرونه بكامله فى الظلام، ولهذا تجنب الجانبان حدوث معارك ضارية كبيرة يموت فيها الكثير من الجانبين .
دارت الحرب والمناوشات سجالا بين الفريقين، وقد استمرت لمدة خمس سنوات بين عامى (27- 23 ق.م)، ورغم أن الرومان خلال إحدى المناوشات هاجموا مروى ودمروا أجزاءا منها، إلا أن ذلك لم يكن ضربة قاصمة لمروى، ولم يخف الكنداكة أمانى ريناس بما يكفي لمنعها من الانخراط مرة أخرى في القتال مع الجيش الروماني، وردت على الغزو بالإغارة ليلا وبمزيد من العدوان على مدنهم فى مصر. ففي عام 24 قبل الميلاد، تحركت قوات مروية كبيرة شمالا بقصد مهاجمة حدود الرومان في قصر أبريم، وسار (بترونيوس) قائد الجيش الرومانى جنوبا، وتمكن من الوصول إلى قصر إبريم، وعزز دفاعاته قبل وصول جيش مروى. وتم الهجوم الكوشي على قصر إبريم، واستمرت بينهما الحروب والمناوشات المتقطعة التى سببت قلقا للإمبراطور أغسطس، الموجود فى جزيرة (ساموس) باليونان ليكون بالقرب من جيوشه التى تحتل مصر وتخوض حربا شرسة مع الجيش النوبى، ووافق ممثلو الجانبين فى النهاية على مناقشة الأمر بينهما، وتقررمنح حرية الوصول لوفد المرًويين إلى جزيرة (ساموس) لمقابلة الإمبراطور أغسطس. وربما كانت هذه أول حالة مسجلة في تاريخ أفريقيا بأكمله والتي سافر فيها دبلوماسيون يمثلون حاكمًا أفريقيًا إلى أوروبا للتوصل إلى قرار سياسى.
وبعد مقابلة أغسطس اتفق المرَّويون والرومان على عقد معاهدة سلام بينهما، وهكذا نجح المرويون بقيادة أمانى ريناس في التفاوض على معاهدة سلام بشروط مواتية ، تضمنت فى بنودها عدم الاعتداء، وعدم دفع أى ضرائب إلى روما. وقد تم توقيع المعاهدة فى قصرأبريم عام 23 ق.م، وعلى أثر ذلك زادت التجارة بين البلدين، وكفل هذا الترتيب السلام بينهما لحوالى ثلاثمائة عام بعد ذلك، ولا يوجد دليل على حدوث اشتباكات أخرى بينهما .
واحتراما للملكة أمانى ريناس، أوعز الإمبراطورأغسطس إلى مساعديه التعاون مع كهنوت مروى، لإقامة معبد رومانى تذكارى في النقعة، لازال باقيا شامخا حتى الآن، دالا على شجاعة الملكة أمانى ريناس وجيشها وساساتها سواء فى أوقات الحرب أو السلم. ويبدو أن القادة الرومان قد رأوا الملكة فعلياً، ذلك أن الجغرافي الإغريقي (استرابو) وصف الملكة أمانى ريناس فى كتابه (الجغرافيا) بأنها كانت ذات بنية جسدية قوية للغاية، وقد عرفت فى كتب التاريخ القديم بالمرأة المحاربة، وهذا الوصف يتوافق تماما من حيث القوة البدنية مع مانشاهده من رسوم ملكات مروى العظيمات على جدران المعابد، حيث تم تصويرهن كملكات شجاعات، ومفاوضات ماهرات. وقد تجلت سيطرة أمانى ريناس على علاقتها بالرومان توصلا إلى شروطها الخاصة، التي أدت إلى الاحترام المتبادل، وعقد معاهدة سلام بينهما، سُجلت فى لوح ضخم يسمى (اللوح العظيم)، وهو لوح كُتب باللغة المروية، وهو (شاهد النصر) لحربها ضد الرومان ، ويحتوي على خمس وأربعين صفا من حروف اللغة المروية ويعود للقرن الأول قبل الميلاد، ويوجد بأعلى اللوح مشهد تصويري محفور، يعبر عن الشخصيات الملكية الذين وقعت المعاهدة، وقد وُجد هذا اللوح في منطقة (الحماداب) شمال السودان، عن طريق عالم الآثار الأمريكي (جون جارستانج) والذى كان على رأس بعثة من جامعة ليفربول في عام 1914م.
ولقد علق أحد الكتاب الأجانب حديثا حول هذه الوقائع التاريخية قائلا: كانت هذه نتيجة نادرة للغاية ويجب أن تمنح كانديس (الكنداكة) أماني ريناس مكانًا نادرًا في التاريخ. لأنها ملكة حاربت روما فى عز مجدها كأقوى إمبراطورية فى التاريخ، وخرجت بسلامة موطنها غير منقوصة. لقد كان هذا نصرًا لم يحققه سوى عدد قليل من القادة فى العالم.
جيش قوى بعقيدة وطنية خالصة، يستطيع حماية شعبه ووطنه وعرضه. غير ذلك، يكون الوطن عرضة للإضمحلال والزوال.
[email protected]
————————————————
المصادر: مقالات كثيرة باللغة الإنجليزية، منها:
The Nubian Queen Who Fought Back Caesar’s Army
Queen Amanirenas commanded soldiers of the ancient Kingdom of Kush and successfully resisted Roman rule.
BY: KAI MORA
PUBLISHED: MARCH 23, 2022
https://www.history.com/news/nubian-queen-amanirenas-roman-army
https://www.thecollector.com/kingdom-kush-roman-legions/
https://www.thecollector.com/5-female-warriors-who-were-enemies-of-rome/
وينط واحد من دارفور يدعي ان اماني ريناس من دارفور وهي حبوبة فكي جبربن،
ولا يجبك واحد ناطي يدعي ان اماني ريناس من الريزيقات الماهريه وانها حبوبة يوسف عزت الماهري وعيسي عليو.ولها علاقه نسب مع ال دقلو ومادبو.
..نرجع نقول ،كل البلد دارفور..
شكرا يا دكتور محمد عطا مدنى علي الاضاءة العلمية المشوقة لتاريخ بلادنا الباذخ، تاريخ اهمله تهاتفت المستلبين والمغيبين اللاهثين خلف الانستاب العروبي الزائف. ومحصلة وغاية ما نالوه هو مشاهدة المسلسلات عن الفتوحات فاغري الافواه يتخيلون ويرون انفسهم في الممثل المصري المسربل بالزي السعودي … حتي قالت المترهلة احدي ضفدعات اخوات نسبية في مظاهرة -تخيل مظاهرة- الله اكبر .. وهيا بنا الي جهادنا !!
قليل منا يعلم ان الملكة أمانى ريناس وجيشها المظفر عاد منتصراً يحمل رأس تمثال الامبراطور الرومان اغسطس الي مروي ليتم تمريغة باقدام الزوار والغاشي والماشي !!
ليت قومي يعلمون !!
مقال رائع يذكر اهلنا بتاريخ بلاد النيلين وممالك مروي العظيمه ،
حضارتنا ضاربه في جذور التاريخ، ولكن ابتلانا الله بالكيزان وجيشهم الخائب الذي لا يعرف في العسكربه سوي التمترس والمشاط ،ونهب ثروات بلادنا وكل مقراته في الأحياء السكنيه، ليحتمي بالمواطنيين العزل ،وجلب همج ورعاع دارفور ليحموه من غضبة شعبنا المغلوب علي امره..،!!
…سيفوق شعبنا بعد معركة طي الخرطوم، ويعيد شبابنا النشامة سيرة ملوك وملكات أرض النيلين وسيرة مهيرة بت عبود والملك جاويش والنجومي والمك نمر وعثمان دقنه ..وسيعلم تتار دارفور أي منقلب سينقلبون .
مقال رائع يذكر اهلنا بتاريخ بلاد النيلين وممالك مروي العظيمه ،
حضارتنا ضاربه في جذور التاريخ، ولكن ابتلانا الله بالكيزان وجيشهم الخائب الذي لا يعرف في العسكربه سوي التمترس والمشاط ،ونهب ثروات بلادنا وكل مقراته في الأحياء السكنيه، ليحتمي بالمواطنيين العزل ،وجلب همج ورعاع دارفور ليحموه من غضبة شعبنا المغلوب علي امره..،!!
…سيفوق شعبنا بعد معركة طي الخرطوم، ويعيد شبابنا النشامة سيرة ملوك وملكات أرض النيلين وسيرة مهيرة بت عبود والملك جاويش والنجومي والمك نمر وعثمان دقنه ..وسيعلم تتار دارفور أي منقلب سينقلبون .
الشكر لكاتب المقال محمد عطا مدني ،بعد هزيمة جيش الكيزان المتوقعه، علي يد همج ورعاع دارفور ،شبابنا يحتاج تذكيره بامجاد اجدادنا العظماء في ارض النيلين.حتي لا يفقد الامل..