مقالات سياسية
المقاومة مستمرة ضد الحرب وتقسيم الوطن

السودان ليس فضاءاً يخص جنرالات الحرب
بينما تسعى الاطراف المتحاربة لتقسيم البلاد تعمل ادارات اهلية وقوى مدنية لانهاء الحرب وتاسيس الدولة المدنيةمديحة عبدالله
يشعر جنرالات الحرب بتكلفة الحرب على قواتهم ومواردهم وفى اخر ورقة لديهم هددوا بتقسيم البلاد ، تارة بالسعى لتكوين حكومة فى شرق البلاد وتارة باعلان حكومة عاصمتها الخرطوم المدمرة ،وفى واقع الامر فانهم لم يتوفقوا عن بناء تحالفاتهم السياسية بغرض الحصول على مشروعية للحرب، فقد شهدت الفترة عقب اندلاعها مساعى محمومة من قبل الجيش لبث دعوات الاستنفار والتجييش،وتحولت اغلب حكومات الولايات لاداة للقيام بالتعبئة وفتح معسكرات التجنيد ،وتسارعت وتيرة الاستقطاب من قبل الدعم السريع لكسب حلفاء ومؤيدين من قبل مجموعات مسلحة ،ومنشقين من مجموعاتهم ، وانضمام جزء من وحدات عسكرية لقواته ولايتورع الدعم السريع عن الترحيب بمن اعلنو تاييده له حتى من قبل البعض المعروف بارتباطه بالنظام البائد .
عمليا تم تقسيم مناطق النفوذ بين طرفى الحرب بفعل العمليات العسكرية والسيطرة على المواقع على الارض حسب افادة المبعوث الدولى المستقيل فولكر بيرث فان قوات الدعم السريع تضع يدها على اغلب مناطق الخرطوم، بينما يسيطر الجيش على مناطق شمال ووسط السودان، وتشكل ولايات دارفور منطقة نفوذ تقليدى للدعم السريع،با متدادها الجغرافى والبشرى مع تشاد، وافريقيا الوسطى وتمثل بورتسودان منطقة نفوذ للجيش لاهمتها الاستراتيجية الامنية والاقتصادية بالنسبة للسودان فهى بمثابة الرئة للبلد اقتصاديا وعسكريا وتطل على البحر الاحمر حيث الصراع الاقليمى والدولى على الموارد والسيطرة على مواقع النفوذ وتاسيس القواعد العسكرية لقوى اقليمية ودولية .وبتوسع دائرة الحرب دخلت شمال وغرب كردفان فى دائرة المواجهات بين الطرفين، بينما ابتدر قائد الحركة الشعبية شمال عبدالعزيز الحلو حربه الخاصة ضد الجيش بمحاولته السيطرة على مدينة كادوقلى. الطرق والمعابر دخلت فى اطار سعى الطرفان لتعزيز مناطق النفوذ، حيث سارع قائد الجيش باصدار قرار بفتح المعابر بين اثيوبيا وارتريا مع السودان اوائل سبتمبر الجارى ، واغلاق طريق الصادرات بارا الخرطوم مما تسبب فى اضرار كبيرة لحقت بالحركة التجارية وتنقل المواطنين جهود اهلية ومدنية ضد الحرب: ورغم ذلك كله برز صوت اهلى مقاوم للحرب فقد نحجت مبادرة اهلية فى إعادة الهدوء الى مدينة الفولة حسب صحيفة التغيير الاكترونية 23 أغسطس 2023 بعد نزاع شهدته المنطقة عقب مقتل عدد من المواطنين واوضح موقع الترا سودان 8/8/2023 أن دعوات صدرت من الإدارات الأهلية بعدم التخريب والعيش في تسامح دون الوقوع في الاستقطاب بسبب النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع ،وانعكس سلبا على المدينة.
وياتى هذا الوعى المجتمعى من حقيقة العواقب الوخيمة المترتبة على الحرب فى ولاية غرب كردفان الغنية بحقول البترول مثل هجيليج وابو جابرة وبليلة مما يحرم المجتمعات المحلية من الاستفادة من هذه الموارد الكبيرة بل ويضعها فى قلب نزاع مدمر للبشر والموارد..كما ان المنطقة تتمتع بارث الجودية والقدرة على حل المشاكل بارادة المجتمع الاهلى ، كما اعلنت قبائل دارحمر رفضها الدفع بابنائها لدائرة الحرب ( دبنقا 1 /9/ 2023) بينما انطلقت عشرات المبادارت المدنية داخل وخارج السودان من اجل توحيد الجهود ضد الحرب ،عبر رفع المذكرات والوقفات الاحتجاجية ،وهذا رصد لجزء من هذه الجهود : لعل اول تلك الجهود الاجتماع الذى شهدته دارنقابة الصحفيين منذ اندلاع الحرب من عدة اجسام نقابية وصدر اعلان بالدعوة لتاسيس اوسع جبهة مدنية لايقاف الحرب واستعادة الديمقراطية 27 ابريل 2023 وسعت قوى مدنية لعقد مؤتمر فى مدينة اركويت شرق السودان ، منعت السلطات قيامه لكنه انعقد اسفيريا وصدر بيان (نداء اركويت لما بعد الحرب المشروع الوطنى وسودان المستقبل ) يونيو 2023 ، كما صدر بيان صحفى 26 يونيو 3023 يحمل توقيع مجموعة من النقابات السودانية يعلن السعى لتشكيل جبهة نقابية لوقف الحرب واعادة بناء الديمقراطية ،كنواة لتاسيس تحالف مدنى اوسع يستند عل المجتمع المدنى السودانى ووقعت كل من الالية الوطنية لدعم التحول المدنى الديمقراطى ووقف الحرب ومجموعة تحالف القوى المدنية (مجموعة اعلان المبادئ) على اعلان للعمل المشترك وتشكيل حكومة طوارئ تكون مسؤولة عن ادارة الازمة الناجمة عن الحرب بالتشاور مع القوى المدنية . ودعت منصة السودان للسلام والتنمية والديمقراطية لاجتماع فى اديس ابابا لمناقشة قضايا توحيد القوى السياسية والمدنية لانهاء الحرب اغسطس 2023 ومن المنتظر ان يشهد اكتوبر القادم اجتماع اوسع للقوى المدنية والسياسية لوضع تصور مشترك لانهاء الحرب وادارة المرحلة الانتقالية على مستوى النقابات وبشكل مستقل كل نقابة على حده ظلت اللجنة التمهيدية لاطباء السودان تكشف عن الاوضاع الصحية المتدهورة والانتهاكات التى تطال المدنيين ومصادرة حق الحياة والعلاج ، وانتشار الامراض المعدية وتردى صحة البيئة فى العاصمة والولايات ، واصدرت نقابة الصحفيين السودانيين عدة تقارير تكشف انتهاك حرية التعبير والاعتداءات على الصحفيين اثناء قيامهم باعمالهم وتعرضهم للملاحقة والاعتقالات ، كما تفعل لجنة المعلميين التى تواصل جهودها من اجل نزع حقوق عضويتها وكشف الانتهاكات التى تطال قيادتها من قبل الاجهزة الامنية ،وتواصل لجنة محامى الطوارئ كشف الانتهاكات التى تقع من قبل اطراف الحرب ضد المدنيين فى شتى المواقع ، وعشرات من لجان المقاومة فى مناطق السكن فى الخرطوم والولايات التى ترصد حالات القتل والانتهاكات ضد الحقوق المدنية ، ويتم على نطاق واسع استخدام وسائط التواصل الاجتماعى لنقل الاخبار والمعلومات التى تكشف حجم الدماروالاذى الذى تلحقه الحرب بالمدنيين بشكل يومي. بينما تسعى المجموعات النسوية على سبيل المثال (لا لقهر النساء،، مبادرة نساء وامهات السودان) لابتدار افعال مقاومة للحرب رغم القمع الذى تتعرض له من قبل السلطات اغسطس 2023 هذه القوى المدنية لا تعلن موقفها المضاد للحرب فقط، بل ضد اى سعى مشبوه من قبل اطراف الحرب لتقسيم البلاد وتلك معركة مصيرية تتعلق بمستقبل الوطن واهله الذين ذاقوا الامرين نتيجة حروب متطاولة منذ فجر استقلاله نتج عنها انفصال الجنوب وهو فصل ماساوى دامى من فصول تاريخ السودان الحديث
اصلا الانقسام في القوى المدنية يمينا ويسارا هي السبب في الحرب وستكون سبب في التقسيم لا قدر الله.. انا لا أدري لماذا تدفنون رؤوسكم في الرمال ولا تواجهون الحقيقة.. الله لا كسبكم جميعا.