هل حان وقت عودة العرب لقيادة العالم ؟!

عبدالمنعم عثمان
مقدمة :
نوهت في مقالات سابقة متفرقة لهذه الامكانية اعتمادا لتطور الاحداث فى مناطق معينة والعلاقات بين تجمعات دولية واقليمية معينة ايضا. وبما أن الامور قد اصبحت تتطور بشكل أسرع من مجاراة الكاتب لها، فقد رأيت ان اشير الى تلك التنويهات قبل ان أضيف اليها ماجد لنحاول فى النهاية الاجابة على سؤال المقال بشكل اكثر تفصيل. فما هو اهم ماورد في تلك التنويهات :
أولا : التغيرات الكبيرة التى حدثت فى شكل العالم نتيجة سقوط الاتحاد السوفيتي وبالتالي المجموعة الاشتراكية في شرق أوروبا. ومن ثم صعود الولايات المتحدة لتلعب دور القطب الاوحد فى السياسة الدولية. ثم بروز الصين كمنافس خطير لامريكا في قيادة العالم وكذلك التطورات التي حدثت في روسيا كطرف ثالث في المعادلة.
ثانيا : وفى ارتباط بالتطورات اعلاه، اصبحت تدور رحى معارك اقتصادية وسياسية ثم تحولت الى معارك عسكرية فى بعض مناطق العالم مما قد يؤدى الى حرب عالمية ثالثة، مثلما هو واقع فى الحرب الاوكرانية الروسية وما قد يؤدى اليه تطور الامور في انقلاب النيجر وغير ذلك من بؤر التنافس مثل تايوان ومنطقة الشرق الاوسط.. الخ
ثالثا : تأثير كل ذلك على وضع الدول الكبرى التى اصبح التنافس بينها على القيادة يؤدى الى مواقف تزداد حدة وسرعة في اتخاذ القرارات المناوئة لبعضها بدرجة تنذر بامكانية الوقوع فى محظور الحرب العالمية التى، كما هو معروف،ستؤدى الى دمار ربما يعود الى ماسيتبقى من االبشرية الى العهد الحجري !
رابعا : يمكن تلخيص الوضع العالمي الناتج عن هذه التطورات على النحو التالي :
الولايات المتحدة التي تدل اخبار تدهور اقتصادها من اعلان افلاس العديد من البنوك والشركات الكبرى فيها، الى ارتفاع في التضخم بشكل غير مسبوق بما يجعلها ترفع سعر الفائدة بنسب وسرعات غير مسبوقة ايضا، وكل ذلك تفاديا لركود يتنبأ به عدد من الاقتصادين المحسوبين على النظام.كل هذا الى جانب التدهور السياسي الذى طال الحزبين الكبيرين والذى ادى الى تقديم رئيس سابق الى المحاكمة بما جعله يتهم الحزب الديموقراطي الحاكم بأنه يلفق تهما ليبعده عن منافسته فى الانتخابات القادمة.النتيجة لهذا جميعه هو ما نراه من محاولات للنجاح فى قضايا خارج الولايات المتحدة، مثلما يحدث فى موضوع اوكرانيا الذى لم يؤد الى المساهمة في ما حاق بالاقتصاد الأمريكي وانما ايضا في ما لحق باقتصادات اكبر بلدان اوروبا مثل المانيا وفرنسا وبريطانيا. هذا طبعا اضافة الى تأثر الاقتصاد الروسي والأوكراني.
فى الجانب الآخر فان الصين تلعب كل اوراقها الرأسمالية والاشتراكية والعالم ثالثية لتعجل بنهاية شوط التنافس مع امريكا واحتلال المركز الاول الذي بات غاب قوسين أو أدنى. ومن هذه الاوراق الهامة التقارب مع روسيا وبعض دول العالم الثالث الصاعدة من امثال الهند وجنوب افريقيا والبرازيل، مما ادى الى تكوين البريكس المتوسع لضم بلدان اخرى مثل السعودية ومصر..الخ.
واذا جئنا لموقف الدول العربية من كل هذا، فاننا نجد، كما هي العادة، تناقضات موضوعية ولكنها عجيبة فى نفس الوقت. فمثلا نجد ان المملكة العربية، تحت قيادة الامير محمد بن سلمان، قد اصبحت تمثل لاعبا جديدا وخطير في الاقتصاد والسياسة الدولية. الامثلة كثيرة ولكنا سنكتفى هنا بمثالين اساسيين أولهما الانفتاح على الصين بدرجة دعوة رئيسها لزيارة المملكة وكانت نتيجتها العديد من الاتفاقيات الاستراتيجية فى جميع المجالات تقريبا وقبل ذلك كان الاتفاق على التبادل التجاري بين البلدين بعملاتهما المحلية والذى وجه ضربة قوية للدولار خاصة فى مجال البترول. أما المثال الثاني فهو الاتفاق مع روسيا كذلك فى مجال البترول ومن خلال اوبك +. وفى نفس هذا الوقت والجو،نجد خلافات، يصفها البعض بالحادة، بين بعض الدول العربية والخليجية بما يصعب الاتفاق على اشياء تقل كثيرا عن الطموح لقيادة العالم برغم وجود عوامل موضوعية لتحقيق هذا الطموح، سنركز على احصاء اهمها فى ماتبقى من هذا المقال.
أولا : بما أن الصراع المحتدم على المركز الاقتصادي والسياسي الاول لايزال مستمرا، فلا شك فى ان وجود كتلة ثالثة لها من الأمكانات، التى سنعددها لاحقا والتي تجعل انحيازها لأى من الطرفين شيئا مرغوب فيه.وهو انحياز ليس بالضرورة ان يكون كليا وانما بالضرورة ان يكون جزئيا وفى المواقف الاساسية التى تكون في مصلحة او ضرر الشعوب فى الكتلة الثالثة.ولعله يكون فى دراسة تجربة عدم الانحياز التي استطاع ان يستخدمها بذكاء رؤساء بعض الدول فى العالم الثالث في الحصول على بعض ميزات من هذا المعسكر او ذاك، اقول لعله في دراسة جوانبها الايجابية والسلبية، مع الاخذ في الاعتبار المتغيرات في الاوضاع الداخلية والعالمية، ما يفيد.
ثانيا :برغم التغيير الذى حدث في اتجاهات الدول التي كانت تمثل القطب الاشتراكي، الذى أدعى وفى بعض الحالات قام فعلا بتقديم مواقف ومساعدات مادية لأقطار العالم الثالث، الا اننا نرى انه لاتزال هناك الصفة التنافسية التي يمكن استغلالها. بالإضافة الى كون المعسكر الرأسمالي نفسه، الذى انضمت اليه روسيا بالفعل بينما اصبحت مواقف الصين اقرب الى مواقف دوله من حيث وضع مصلحتها فى المقدمة، ينقسم فى تقديرنا الى جزئين تختلف مواقفهما الايديولوجية الى حد ما حسب مرحلة تطورهما الرأسمالي. وعليه فإننا نرى انه سيكون بالإمكان فى المرحلة الاولى من تكون الكتلة الثالثة ان تعمل دون خلل على مواجهة الجزء القديم من الرأسمالية الذي يضم الولايات المتحدة واوروبا واليابان الممثل لبلدان الاستعمار القديم والحديث،على انهما يمثلان رأس الرمح فى محاربة التقدم الاقتصادي والاجتماعي للبلدان السائرة فى طريق النمو المستقل. وفى مرحلة لاحقة يمكن للكتلة ان تغير من تركيبها حسبما يتضح من مواقف البلدان الرأسمالية الجديدة ( مثل روسيا ) والاشتراكية، التى لم يتحدد موقفها من بلدان التحرر الاقتصادي ( مثل الصين ).
ثانيا :تمتلك البلدان العربية من الثروات المالية والطبيعية ما يجعلها مؤهلة بالفعل للسعى من أجل القيادة العالمية. تقول الاحصاءات ان الصناديق السيادية لدول الخليج وحدها تبلغ اربعة ترليون دولار أمريكي، وهو رقم هائل، غير ان الاسلوب الذي يحفظ به حاليا يجعله فى مصلحة الدول التي تحتفظ بنوكها بأغلبيته وتستخدم عوائده لمصلحتها ومصلحة سياساتها مثلما يحدث في امداد اسرائيل بالمعونات والسلاح.. الخ وكذلك يستخدم كسلاح ضد البلدان التي تنتهج سياسات مخالفة لسياسة الولايات المتحدة والدول الاوروبية والأسيوية التابعة لها وذلك عن طريق حجز الاموال واطلاقها. المثال على ذلك هو ما حدث للعراق، اذ على الرقم من رجوع الجيش الامريكى بعد غزو العراق وتغيير الحكم فيه بأسباب اتضح كذبها، فلا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بحوالي ستين مليارا من الدولارات كانت قد حجزت كعقوبات ضده، ويبدو ان فكها سيكون مرتبطا بتغيير سياساتها ضد ايران. ومع ذلك يسافر وفد رفيع المستوى الى الولايات المتحدة ليتفاوض على تحسين العلاقات معها برغم من ان رئيس الوزراء لم يدع للاجتماع !
ثالثا : فى البلدان العربية من الموارد الطبيعية ما يجعلها هدفا للتخريب من قبل الغرب وممثليه فى المنطقة وبخاصة اسرائيل. فمع الثروة المالية الهائلة الناتجة عن البترول والغاز، فانه لايزال حوالى 55 % من احتياطيات البترول و25 % من انتاج الغاز بيد دول عربية. كذلك يتوفر الخام لعدد من المعادن مثل الحديد والفوسفات والذهب واليورانيوم وغيره من خامات نادرة. الى جانب هذا تعتبر البلدان العربية وفى قلبها السودان الذى يعتبر بواسطة منظمة الفاو واحد من ثلاث بلدان يعتمد عليها مستقبل الغذاء للعالم اجمع، تعتبر من اغنى مناطق العالم فى موارد الطبيعة الزراعية بشقيها النباتي والحيواني. ولكن برغم هذا الغنى فى المال والموارد فان الغرب قد تمكن من خلال الاستعمار المباشر وغير المباشر واخيرا من خلال تجربة بعض مبادئ تشغلنا بأنفسنا من مثل ” الفوضى الخلاقة ” ان يجعلنا تابعين له حتى فى توفير الغذاء لأمتنا !
رابعا : ربما يقول قائل بأن احد المشاكل الاساسية لدينا هي غياب الكادر الإنساني القادر على ايجاد الحلول التكنولوجية التي تساعد في التصنيع واستغلال تلك الموارد بأفضل ما يمكن وبالتالي يقل اعتمادنا على الغرب. وهذه قضية يسهل حلها عن طريقين : الاول هو انه في حالة الاتفاق على تضامن الدول العربية مع بعضها لوضع خارطة طريق مشتركة تضع في اعتبارها الاستفادة القصوى من موارد كل بلد من اجل فائدة الجميع، فان ذلك يضع الاساس المتين للتطور السريع الذي يعم الكل. وكذلك يجعل الكتلة العربية مهيأة للعب الدور الذي أشرنا اليه وسط الكتلة الثالثة التي بدأت في التكون بالفعل ولعبت دورا هاما ضد انفراد الولايات المتحدة وحلفائها بقيادة العالم وبالتالي ايضا ستتمكن المجموعة العربية من العمل المشترك مع البلدان المتقدمة في الكتلة المشتركة فى التصنيع بالاستفادة من التقدم التكنولوجي الذى اصبح طوع تلك البلدان (مجموعة البريكس ). ولعله من الملاحظ للكل ان مثل هذا التعاون قد حدث بالفعل مع بلدان مثل المملكة السعودية وجنوب افريقيا كما اشرنا من قبل. ولا يفوتني فى هذا المجال ان اذكر خبر فوز طلاب الهندسة المصريين بالدرجة الاولى في مسابقة دولية لتصنيع السيارة الكهربائية، وان عددا من الشركات المصرية قد تبنت انتاج نماذج مختلفة لهذه السيارة. وقد يصلح هذا كنموذج للإمكانيات الهائلة للتعاون فى الكتلة المشتركة وذلك بضخ رأس المال المتوفر بكثرة لدى الجانب الخليجي مع رأس المال البشرى المتوفر في هذه الحالة في الجانب المصري وعدد من البلدان العربية والاستفادة من تجارب التصنيع في دول البريكس لتطوير انتاج هذه السيارة التي تمثل اضافة نوعية عالمية !
وهكذا نرى ان الامكانيات متوفرة بأكبر مما نتخيل لوضع الخطوات الاولى على طريق القيادة للعالم اجمع. هذا في جانب الموارد المادية المجمعة بإرادة موحدة وهدف استراتيجي طويل المدى.
واذا رجعنا الى تاريخ امتنا سنجد انها استطاعت قيادة العالم ليس باستخدام موارد مادية لم تكن متوفرة لديها في الجزيرة العربية وقتها، لكنها استطاعت مع ذلك وبرغمه الوصول الى أقاصي الدنيا المعروفة وقتها، فكيف حدث ذلك ؟ الأجابة التي يعلمها تلاميذ المدارس فى كل الدنيا : انه حدث بوجود الهدف، الذى هو نشر الاسلام والحضارة العربية وبإرادة عبر عنها قائد الفرقة التي وصلت الى بر اسبانيا فاحرق السفن التي تنهى أمل المحاربين في التراجع وقال قولته الشهيرة :( العدو امامكم والبحر من ورائكم )! ولابد ان المتأمل في وضع العالم اليوم من النواحي الروحية يجد انه قد اصبح في امس الحاجة لما لدينا من اسس روحية ايضا. وهنا ايضا لابد لنا من مراجعة تلك الاسس فقط بالرجوع الى اصل الدين لدينا : القرآن الكريم الذى وعد المولى سبحانه بحفظه وقياس ما عداه به، وفى هذا ارى القضية التى تحتاج منا الى حسم قاطع هي قضية الاسلام السياسي ومعه مراجعة الفقه الإسلامي الذي ادى دوره فى وقته وحسب التطور العلمي والمعرفي بشكل عام وقت وضعه وفتح الباب لتفسيرات تعتمد ما حدث من تطور لتجعل مقولة ان ( الاسلام صالح لكل زمان ومكان ) حقيقة يلمسها الكل، وخصوصا الانسان فى ذلك العالم الذى اصبح العلم يحل عنده محل الدين. هذا بالطبع من غير تنطع يخضع آيات القرآن الكريم للهوى لتواكب معنى معينا يراد أو تخلف يأبى تفسير يأخذ بجديد العلم من غير ان يكون فيه افتعال وهناك من الامثلة الكثير من تفسيرات علماء اجلاء فى علوم الدين والدنيا.
ولعل الانتشار الواسع للإسلام في بلدان اوروبا وامريكا دليل على التأثير الهائل لتفسيرات هؤلاء العلماء الاجلاء.
وأخيرا فان كل هذا الذى اوضحنا الامكانيات لحدوثه لن يحدث الا اذا اصلحنا من احوالنا فى العالم العربى بما يجعل الآخرين يقرون بصلاحية قيادتنا للعالم كما نقر نحن اليوم لهم بذلك نتيجة لأمر موضوعة يقوم به الغرب فى كل مجالات الحياة. ولعله يكون من الضرورة الحاق هذا المقال الذة طال بمقال آخر نحاول فيه ما يلزمنا من اصلاحات لنستفيد من الوضع الذى اصبح ينادى علينا لتسلم القيادة وقد اصبح من الواضح حوجة العالم الى مثل هذا التغيير بالنظر الى العلامات المادية والروحية الدالة على اهتراء العالم القديم فى كلتا العلامتين.
أحلام زلوط السوداني …مصر لديها ديون تفوق أل 180 مليار دولار السودان واليمن والعراق وسوريا وليبيا لديهم حرب أهلية الجزاير والمغرب على حافة حرب
يازول انت بتشرب من يأتون صنف
والله خطفتها من خشمي…دة واحد محشش ليس الا
أنتم السودانيون أمة عجيبة وغريبة! بالله عليك ايش دخلكم في العرب وقيادة العالم واحنا عندنا حرب والبلد على حافة الانهيار؟
مقال مبشر لذوي الهمم العالية والارادة القوية.. نحتاج فقط للتخطيط الاستراتيجي المشترك.
لو عاد العرب لقيادة العالم، دخل الكاتب في الموضوع شنو؟ ولا باب الموالي وكده