مقالات سياسية

هل فشل البرهان في اختبار حسن النوايا امام المجتمع الدولي ؟

يوسف عيسى عبدالكريم

تابعنا في الأيام السابقة خطاب الجنرال البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي قدم فيه شرح للأحداث الجارية في السودان منذ 15 أبريل حسب وجهة نظره . كما قدم رؤيته لحل الأزمة السودانية مؤكدا انفتاحه على الحلول المطروحة لوقف الحرب المستعرة في السودان ورغبته الصادقة في التوصل إلى سلام شامل يحقن دماء السودانيين . وبغض النظر عن موقف الرجل وتكتيكاته في التعامل مع المجتمع الدولي دعونا نتقدم خطوة للأمام ونبني على ظاهر قوله ونتحاشى قدر الإمكان النظر إلى ما وراء الأكمة. فالبرهان وبالرغم من تصريحه في الخطاب بقوله ( إننا ما زلنا حتى اليوم نمد أيادينا من أجل السلام ومن أجل إيقاف هذه الحرب ورفع المعاناة عن شعبنا).

إلا أن الرجل يبدو للمراقب لا يفعل أي خطوة يمكن أن تثبت صدق نواياه أو تبرهن رغبته في التوصل إلى سلام يوقف هذه الحرب اللعينة . فالرجل يصر على أن يصم أذنيه عن كل الدعوات والرجاءات التي قدمت له من الشارع السوداني لوضع السعودية في أجندة جولاته الخارجية كخطوة منه لإبداء حسن النوايا وتأكيد رغبته في استئناف مفاوضات جدة من أجل إيجاد مخرج للأزمة . بل ذهب الرجل لأبعد من ذلك بالإعلان في أكثر من مناسبة ولقاء عن تمسكه بخروج قوات الدعم السريع من بيوت المواطنين والأعيان المدنية كشرط لإعادة وفد التفاوض إلى جدة . وبالرغم من أن هذا الشرط قد يبدو مقبولا شكلا في سياق الأحداث الجارية في الخرطوم إلا أنه لا يبدو موضوعيا بمنطق الظروف الميدانية الحالية . فمن المعلوم إن من أسباب دخول مليشيات الدعم السريع للبيوت هو استهداف الطيران الحربي لمعسكراتهم في الأيام الأولى للحرب مما دفعهم لاستخدام الأعيان المدنية والبيوت كملاذات واتخاذ المواطنين والأسرى كدروع بشرية بهدف توسيع دائرة الخسائر على متخذ القرار العملياتي في الجيش . ( وهنا قد يتبادر سؤال في ذهن المواطن العادي لماذا لم يتوقع الجيش في استراتيجياته إقدام المليشيات لهكذا خطوة ويضع تحسبا لذلك تحصينات في الأحياء السكنية والأعيان المدنية لتفادي هذا المأزق الراهن؟) .

إن إمكانية تنفيذ هذا الشرط اذا كانت غير ممكنة عمليا في الأيام الأولى للحرب فإنها الآن وبعد ستة أشهر من القتال المستمر قد تبدو تعجيزية ما لم يتم التفاوض والاتفاق على كيفيتها . لأن هناك تساؤلات عدة قد تواجه متخذ القرار في الدعم السريع وقد يتطلب الأمر الإجابة عنها قبل أن يطالب مقاتليه بالانصياع وتنفيذ الأوامر .

أولها هو الكيفية التي ستخرج بها المليشيات .هل ستلقي أسلحتها وتنسحب أم ستخرج بكامل عدتها وعتادها؟
ثانيا إلى أي مكان ستذهب هذه المليشيات و ماهي مسارات الخروج الآمنة والضمانات لعدم تعرض الطيران الحربي للمليشيات المنسحبة في حال غياب اتفاق ملزم وجهات ضامنة ومراقبة ؟
ثالثا وهذا السؤال يخص المواطنين ما هي آليات التأكد من خروج المليشيات من البيوت وهل يستبعد الجيش أن تقوم المليشيات بتفخيخ الأعيان المدنية وبيوت المواطنين .

رابعا ما هو مصير الجرحى الذين لا يستطيعون الحركة وكيف سيتم إجلاؤهم وما هو مصير الأسرى لدى الدعم السريع ؟

إن هذه النوعية من الأسئلة وفي غياب عملية التفاوض تصعب على متخذ القرار في الدعم السريع الإيفاء بمثل هكذا شرط . لذا فإن تمترس البرهان خلف هذا الشرط دون التقدم خطوة للأمام نحو الحل هو أقرب إلى وضعه العقدة في المنشار وسيعمل على زيادة أمد الحرب . بل ربما قد يسهم في تعقيد المشهد أكثر من الإسراع في إيجاد حلول ناجعة . لذا فإن الحكمة تقتضي الرجوع إلى منبر التفاوض في جدة باعتباره الوسيلة الوحيدة والمؤهلة حاليا لأن يتم التوصل عبرها إلى تفاهمات تساعد على إيجاد إجابات عملية للأسئلة الصعبة والملحة ودفع الطرفين وفي وجود وساطة مقبولة إلى تقديم تنازلات تفضي إلى توقيع اتفاق بإيقاف إطلاق النار وتمهيد الطريق للانخراط في خطة للسلام الشامل .

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. اللهم انصر الجيش السودانى على عملاء الامارات من الجنجويد . لاتفاوض مع من نهب اموال المواطنين ومنازلهم واغتصب حرائر السودان . مايسمى بالرباعيه والثلاثيه استراتجيتهم تدمير الجيش والسودان عن طريق الجنجويد . شكرا مصر حكومه وشعبا الدوله العربيه الوحيده التى وقفت مع شعب السودان وجيش السودان هى مصر . الشعب السودانى فى خندق واحد مع الجيش السودانى الا عملاء السفارات

  2. اعتقد التفاوض مستمر برغم عدم وجود الوفد في السعودية..وربما المشكلة المستعصية هي الوضع السياسي للدعم السريع والحرية والتغيير بعد التغيير الكبير الذي طرأ على المشهد نتيجة للحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..