مقالات وآراء

اتفاق جوبا – عود الثقاب الذي أوقد نار الحرب…!!

إسماعيل عبدالله

هنالك عامل خفي لم يتناوله المحللون يتعلق بأسباب ومسببات اندلاع حرب أبريل، وهو الاتفاق الغريب الذي زاحم فترة الحكومة المدنية الانتقالية، وتسبب في كثير من اللغط، وأحدث الكثير من المضايقات لقوى الحرية والتغير الحاضن الرسمي للحكومة الانتقالية، الملاحظ أنه وبعد مقدم جماعة جوبا الى الخرطوم، ازدادت حدة التوتر بين المكونين المدني والعسكري من جانب والعسكري والعسكري من الجانب الآخر، وأخدت الشقة تتباعد بين المدنيين والعسكريين بتماهي القادمين من جوبا مع خط العسكر، الواضحين في طرحهم المستهدف لتقويض العملية السياسية وإغراقها، كيف لا والعسكريون في حقيقة أمرهم يمثلون اللجنة الأمنية للزعيم المعزول، لقد اندهشت القوى المدنية أيما اندهاش لما أٌقدمت عليه زمرة جوبا من عمل ينال من ثورة شباب ديسمبر، ويصيبها في مقتل، فحركات ما يسمى بالكفاح المسلح (اسم الدلع) وبحكم شعاراتها الثورية وقتالها للقوات الحكومية للنظام البائد، كان المنتظر منها الالتحام مع قوى الحرية والتغيير والعمل كتف بكتف مدنياً بعد أن سقط الصنم الأكبر، وما عادت هنالك ضرورة لكفاح مسلح طالما أن الثوار قد دشنوا مرحلة جديدة شعارها السلمية، فاجتماعات جماعة جوبا مع قوى الحرية والتغيير في أديس ابابا قبيل افتتاح ماراثونات التفاوض التكالبي في جوبا، أوحت للكثير من الناس بأن هنالك مولوداً كبيراً يزيد قوى الثورة متانة سيعلن عن ميلاده، لم يحدث ذلك وإنما آثرت تلك المليشيات المسلحة بناء مسجدها الضرار بعاصمة جنوب السودان.

إنّ رونق وألق زهرة ثورة ديسمبر المجيدة أخذ في الذبول والاندثار بعد مقدم حملة السلاح من جوبا، فالحاملون للسلاح تجمعهم لغة مشتركة ألا وهي فوهة البندقية، ومقدم هذه المليشيات الباحثة لها عن شرعية تم تضمينها في الدستور (الوثيقة الدستورية)، واستحدث لأجلها جسم جديد يعلو فوق الجهازين التنفيذي والسيادي اسمه (مجلس شركاء الحكم)، الذي زاد طين المرحلة الانتقالية بلة بعدما كان مبلولاً في الأصل، فعمل زعماء المليشيات المسلحة على تعطيل حكومة الدكتور عبد الله حمدوك بالتآمر مع العسكر، ونفس الزعماء ولولاهم لما قامت قائمة لانقلاب أكتوبر، الذي اعتمد اعتماداً رئيساً على دعم وتأييد شركاء الحكم الجدد، فاصبح تحالف الحرية والتغيير مهيض الجناح وسط صقور المليشيات المسلحة والجيش الذي يقوده ضباط يوالون حزب المؤتمر الوطني المحلول – الاخوان المسلمين، وبعدما دب الخلاف بين الشقيقين (الدعم السريع والجيش)، لعبت لجان الوساطة المكون جلها من زعماء مليشيات جوبا، الدور الأكبر في تأجيج الخلاف انتقاما من غريمهم قوى الحرية والتغيير، وحينما جاءت أطروحة نقابة المحامين التي مهدت لاتفاق الاطار الذي باركه قائد الجيش أولاً، ثم انقلب على عقبيه فيما بعد، فإنّ المراقب للشد والجذب بين الشقيقين قبيل اندلاع الحرب يلحظ النشاط الكثيف لزعماء مليشيات جوبا، وهم يقدمون أنفسهم كوسطاء لرأب الصدع بين قائدي الجيشين، وكما هو معلوم أن الثأر التاريخي لأمراء حرب دارفور من الجيشين، لا تزيله الابتسامات الصفراء المتبادلة بين القادة الموقعين على اتفاق جوبا، في ذلك اليوم الماطر الذي ترنم فيه قائد الجيش بالأهزوجة الوطنية الجنوب سودانية (يي بلدنا وكلنا إخوان).

من أراد أن يعلم حقيقة أن هنالك تآمراً مبيت النية من زعماء مليشيات اتفاق جوبا، عليه بالرجوع لحديث الساعات الأخيرة قبيل اندلاع الحرب، الي أدلى به كل من عضو لجنة إزالة النظام البائد لقناة الجزيرة طه عثمان اسحق، وزعيم إحدى المليشيات القادم على حصان طروادة جوبا مني أركو مناوي، فحديث الأخير كذبه الناطق الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، أما التفاصيل التي أدلى بها الأول فكانت واضحة وشفّافة ومقنعة لمن يتمتع بحسن البصيرة، فلكل فتنة دموية نفوس مجبولة على امتصاص الدماء واستثمار الحروب، وهؤلاء هم من يطلق عليهم بأمراء الحرب، قادوا حياةً ملأى بالمتاجرة بالمآسي والدماء، فلا يمكن أن يحيدوا عن طريق لن يجدوا في غيره سبيلاً للحياة الدموية، والآن وبعد أن اشتعلت البلاد حرباً شعواء، هل يرجى خيراً ممن لدغ الثائرون من جحرهم مرتين؟، خاصة أن نشاط زعماء مليشيات جوبا قد توزّع بين الجيشين المتحاربين، بعضهم داهن حلف بورتسودان والآخر أعلن توبته وانضوى تحت لواء قائد قوات الدعم السريع، فهل يؤمن جانب من قضى سنين عمره في الارتزاق من فوهة البندقية، إن الجرح النازف في دارفور منذ عشرين عاماً والذي امتد نزفه إلى بقاع السودان، غزّته وأشرفت على بقائه نازفاً هذه المليشيات المسلحة المتخذة من قضية سكان دارفور جسراً لتحقيق المصالح الذاتية والعشائرية الضيّقة.

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. العنصري
    لماذا تتجاهل ان زعيم الاشاوس كما تسمي انت صعاليك غرب افريقيا وزعيمهم التشادي سارق الحمير لماذا تتجاهل ان التشادي حميتي هو من اجبر او قام برشوة تجار الحرب المرتزقة من قادة حركات النهب المسلح هو من اجبرهم على توقيع الاتفاق المعيب.
    هذا الاتفاق لا يعنينا نحن في الشمال لامن بعيد ولا من قريب.
    لقد تم الاتفاق بين عناصر دارفورية بحتة مع ممثل الحكومة والتشادي حميتي التعايشي سليل ود تور شين القميء فما هو دخل الشمال في تلك الاتفاقات التافهة.
    العنصري اسماعيل ان دهدعوتك لهدم دولة ٥٦ ورغم معرفتك التامة بما هيية دولة ٥٦ الا انك ترمي ان تحرض العنصريين ولكني اقول لك نحن في الشمال من سيهدم دولة ٥٦ لاننا لانرغب في دولة تحتوي على مملكة دارفور وغرب كردفان
    ايها العنصري
    لماذا لاتفكر بل وتساهم في تكوين دولة دارفور وغرب كردفان لتكون رئيسا عليها وترتاح من احتكار الجلابة للسلطة وتحكمون انفسكم باتفسكم دون احساس بالدونية.

  2. أنا بصراحة لم أسمع باتفاق جوبا إلا بعد اندلاع الحرب، لأني لم أكن أتابع أخبار السودان تماماً، ولكني أظن أن هذه الحركات المسلحة فاسدة ولا يهتم قادتها إلا بمصالحهم الشخصية، لأنهم خرجوا من رحم الحركة الكيزانية الغير-إسلامية الفاسدة.

  3. الدارفوريين ديل لو زرقة لو عرب ما عندهم ثبات فكري ابدا وهذا الشي ظاهر في اسماعيل عبدالله و الربيع عبدالمنعم للاسف الواحد فيهم يطلع يطلع مع الحق والحقيقة للسماء وبين يوم وليلة يسقط برتلوب ويظهر لك وجه الترابي

  4. نعم صدقت أن حركات الارتزاق المصلح التشادية هي السبب المباشر قبل الدواعش بدعمهم للأنقلاب والاصطفاف خلف اللجنة الامنية لحماية الكيزان النتنة وكل الشواهد تدل علة ذلك وإعتصام الموز والليلة ما بنرجع إلا البيان إطلع أكبر دليل على خيانتهم للثورة ودماء الشهداء هؤلاء الملاقيط لا يمكن التعايش معهم وسمتهم الأساسية الغدر والخيانة وتحقيق المصالح الشخصية وفعلاُ إتفاقية جوبا تعتبر ملغية ولا وجود لها ولن يقبل الشعب السوداني بها بعد هذا الدمار والغدر والخيانة وعلى أهلنا في دارفور أن يقفوا بشجاعة ضد هؤلاء المرتزقة الذين يتاجرون بقضيتهم لمصالحهم الشخصية وعلى كل الشعب السوداني أن يقف سداً منيعاً بعدم تنفيذ هذه الاتفاقية النكبة التي كان كرفيها الجنجويدي التشادي وحركات الارتزاق المصلح والعتب واللوم يقع على حكومة فشلوك الفاشلة التي منحت حريم اللجنة الامنية بالتفاوض مع العملاء وتركتهم يفعلون ما يريدون وهي إتفاقية ظالمة لبقية الأقاليم ومنحتحهم ما لايستحقون بحجة الهامش والكلام الفارغ وكل الاقاليم تعتبر هامش ظل الشعب السوداني يدفع ثمناً غالياً لداركوز وكل ميزانيات التعليم والصحة تذهب لهذا الاقليم النكبة الذي أصبح عالة في جسد الامة السودانية وينخر في تقدمها وتطورها ناهيك عن أنه مصدر قلق وتوتر دائم لأمن السودان وإستقراره ولهذا يجب إلغاء هذه الاتفاقية فوراً ولا يستطيعون تهديدنا بالحرب من بعد اليوم والشعب السوداني بأجمعه قادراً لحمل السلاح وأخيراً إلغاء الاتفاقية واجب وطني ومنحهم حق الانفصال وخليهم يداوسوا فيما بينهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..