حرية النشر و”الكتابات الضارة” على وسائل التواصل الحديثة!!

التاج بشير الجعفري
المتابع لما يتم نشره على منصات التواصل الإجتماعي من قبل بعض “جمهور الكتاب” يلحظ بجلاء حجم الكراهية المتفشية في مجتمعنا .. وأيضاً الرغبة الجامحة من البعض في استئصال الآخر فقط لأنه مُخالف في الرأي!!
والغريب أن من يروجون لهذه الكتابات يعتبرون أنفسهم يملكون كامل الحقيقة في كل شيء (عجبي!!) وأنهم مدركون لمصلحة الوطن والمواطن أكثر من غيرهم وبذلك هم ينصبون أنفسهم أوصياء على الآخرين لدرجة أن نرى بعض الكتابات من قبل هؤلاء تعطي توجيهات محددة وتصدر الأحكام والعقوبات التي يجب تطبيقها على الآخرين؛ متناسين أن القانون فقط هو الجهة التي تحدد وتقرر ما إذا كان (أي شخص) مجرماً ويستحق العقاب.
ولكنهم على النقيض من ذلك تماماً، وعن قصد، يسعون من خلال بثهم لهذه الكتابات و “السموم” لتنصيب أنفسهم أوصياء ومفوضون لإصدار الأحكام بدون تثبت أو دليل وهو أمر لا يستقيم عقلاً ولا منطقاً.
وحقيقة أن أكبر خطر يتهدد البشرية على الأرض في عصرنا الحالي هو هذا الإنفلات الخطير في النشر عبر منصات الإعلام الحديثة التي ليس بينها وبين القاريء حاجز أو رقيب، كما كان عليه الحال في وسائل الإعلام التقليدية “المقروءة والمصورة والمسموعة” .. والتي كان النشر فيها يتطلب معايير دقيقة وصارمة بعكس ما عليه الحال اليوم؛ حيث باستطاعة كل من يرغب؛ أن يكتب ويتطاول ويتهم ويسب ويشتم من يشاء بدون أية رقابة أو محاسبة؛ والمؤسف أن بعض المواقع الصحفية الإلكترونية تنشر بعضاً من تلك “الكتابات الضارة” والتي لا تحمل أي إضافة مفيدة للقاريء، وإنما فقط تبث له المزيد من الاتهامات وتكيل السباب والشتائم للمخالفين في الرأي والتوجه؛ وعلاوة على ما ذكرناه فإن أصحاب هذه الكتابات يمنحون أنفسهم كامل الحق والحرية في سبهم ونعتهم وإهانتهم للآخرين بأفظع الأوصاف والمسميات!!
ولا يخفى على الجميع أن مثل هذه الكتابات الضارة و “الموجهة” تجد البعض من جمهور القراء من يهلل ويطبل لها و”يشفي بها غليله” ضد من يعارضونه؛ وهنا يجب أن يعلم من ينشرون هذه الكتابات الضارة أنهم يشاركون في حمل وزر ما يترتب عليها وينتج عنها من كراهية ومواقف ونتائج لدى القراء.
وليس خافياً على أحد أن “الكلمة” ممكن أن تكون سلاح ماضٍ ومُدمر وفتاك خاصة في ظل التداول السريع والكثيف والمتتالي لهذا النوع من الكتابات “تحديداً” والتي لا تقدم حلولاً أو أفكاراً في معظم الأحيان بل تسعى للإنتقام وإهانة الآخرين والحط من قدرهم وإساءتهم والتقليل من شأنهم.
وتكمن خطورة هذا السلوك المُشين في أنه يشيع الكراهية والبغضاء في المجتمع ويمثل تهديداً للسلم المجتمعي؛ وذلك بدلاً من إشاعة روح التآخي والتآلف والتضامن بين أفراد المجتمع كافة ومحاولة تقديم النصح للآخرين بالحسنى كما جاء في مُحكم التنزيل (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ … إلى آخر الآية الكريمة).
من المهم أن يعي الجميع أن الكتابة لجمهور القراء، وعلى أية وسيلة للنشر، تعتبر مسؤولية كبيرة تتطلب من الكاتب أن يتحرى فيها الدقة وأن يحرص على نشر ما ينفع الناس بعيداً عن المغالاة والتشفي وخدمة الأجندة الخفية فالكل “مسؤول ومُحاسب” يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ختاماً تحتاج بلادنا في هذه الأوقات الصعبة من تاريخها إلى أن يلتئم شمل الجميع من أبنائها المخلصين وأن يعملوا، بكافة أطيافهم ومشاربهم، بتجرد وإخلاص على توحيد صفهم للحفاظ على هذا الوطن الغالي مما يتهدده من مخاطر وتحديات جِسام.🔹
والله من وراء القصد وهو يهدي سواء السبيل.
[email protected]
احسنت النشر…. شكرا لك.