مقالات وآراء2

بين الشعب والمُحرضين على استمرار الحرب (جدار من الدماء)..!

مرتضى الغالي

هذا هو ما جلبه علينا الانقلاب وقبله نظام الإنقاذ المُجرم..(وانقلاب البرهان نفسه صنيعة إنقاذية بامتياز)..وما جلبته علينا مليشياته التي صنعها وبوأها وغذّاها من صميم مخصصات الغذاء والدواء والصحة والتعليم وأمدها بالسلاح ونشرها في المواقع وجعلها (سلاح مشاته) بنية أن يضرب بها الشعب..! وعندما انقلبت عليه اتهم أنصار الثورة بأنهم أصبحوا الحاضنة الشعبية لهذه المليشيات…تعالى الشعب السوداني الثائر عن ذلك علواً كبيراً..!

وحتى (ميكافيللي) أستاذ الانتهازية الأصيل يقدم تحذيراً قوياً من استخدام المقاتلين المرتزقة والمأجورين باعتبار أنهم ليسوا أصحاب قضية وليس لديهم دوافع نفسية أو أخلاقية أو وطنية لممارسة القتال..ويقول إنه متى ما تأخرت عن المقاتلين المرتزقة الرواتب والأعطيات تحوّلوا للسرقات والنهب وارتكاب الأعمال الوحشية والساقطة..! فالمقتل المرتزق بطبيعة الحال إما صاحب (خلفية مشبوهة) أو سابقة إجرامية أو يعاني فقراً مدقعاً و(وضاعة اجتماعية)..!

المرتزق المقاتل والمرتزق الحركي والمرتزق الإعلامي لا يتورّع  عن انتهاك أو عيب..ولا يرعى حُرمة ولا يخشي عاقبة أو محاسبة أو وخذ ضمير..فهو في حالة ابتزاز مستديمة..ولسان حاله يقول لمن يدفع له: (أنا اقوم بما تريد..أو بما لا تقدر عليه….فماذا تريد مني أكثر من هذا..؟!

هذه هي خلاصة ما حذر منه عرّاب الانتهازية السياسية “نيكولو ميكافيللي” صاحب نظرية (الأيدي القذرة والقفازات النظيفة) وهو ما يحدث الآن في الوطن من فظائع في مختلف أقاليمه..وهي الجريمة الممتدة من الثلاثين من يونيو 1989 وحتى الآن..! وكاذب كذوب من يستطيع التفريق بين ما تصنعه مليشيات الدعم السريع وما يصنعه مجندي انقلاب البرهان وكتائب الكيزان وجماعة كرتي وعلي عثمان وأحمد هارون ومن يطلقون عليهم اسم المستنفرين..! وما المستنفرون إلا جماعات من الفلول..أو أيفاع خدعهم الفلول وجعلوهم وقوداً لأطماعهم الخاصة….! فكيف يتسنى لمواطن شريف سليم العقل أن ينهض ليشارك في حرب ملعونة (قال البرهان نفسه إنها حرب عبثية) تطرده من بيته وتقتل أبنائه وبناته وأطفاله في وضح النهار..؟! وإذا كان البرهان نفسه (ومتى كانت له نفس) يقول بأنها حرب لعينة..كيف جاز له وجماعته أن يدعو إلى استمرارها..؟! وكيف جاز لأبواق الضلال أن تتهم من يدعو إلى وقفها بأنه خائن لوطنه أو انه يناصر مليشيا الدعم السريع..؟! وإذا كانت الحرية والتغيير هي التي صنعت الحرب..فلماذا يتبنى الاخونجية مواصلتها..؟!!

ألا إنها لفرية مفضوحة (ورب الكعبة) يروّج لها منزوعو الضمير من (استراتيجيين بلهاء) و(إعلاميين أجارك الله) و(أشباه سفراء مخابيل) وأبواق ضلال وشراذم من مدفوعي الأجر من المرتزقة أصحاب أربطة العنق الملونة..أصحاب (العواسة النتنة) من أرزقية كيبوردات الظلام وأصحاب الإطلالة العاطلة الباطلة من شاشات الكذب والتمويه والتضليل..!

وإذا كان ميافيللي على وضاعة نظريته في استخدام الوسائل غير النظيفة من اجل تحقيق الغايات الملغومة يحذر من استخدام المقاتلين المأجورين..فمن باب أولى أن يسري هذا التوصيف على (الأقلام المرتزقة) و(حناجر الأجرة) التي تحرّك الأصابع واللغاليغ حرصاً على استمرار (الدفع الذاتي) وتدفق الأموال والأعطيات بالتباري في الاختلاق ورفع وتيرة الكذب والتلفيق والسباب والشتائم من اجل المغالاة في إرضاء (أولياء النعمة) لحصد المال المغموس في الدم…!!

تجد بين هؤلاء من يحاول إعلاء سعر الارتزاق عبر (العواء الإعلامي) وحملات التخوين والتلفيق والتمادي في الوقاحة..وتجد بينهم (صنائع الإنقاذ) الذين انتشلتهم من (الخبوب والربوب) فهم يقومون لآن بهذه المناصرة الخسيسة المبخوسة بسبب ما أغدقته عليهم في سنواتها السوداء..وتجد بينهم من يخاف من ابتزاز الاخونجية وكشف المستور..وتجد بينهم من يعشم (في ريع قادم) أجراً على ارتزاقه الحالي…ومنهم كذلك أصحاب (النفوس الصغيرة) الذين يقنعون بفتات ما يصلهم من مصاريف و(مظاريف) وأعطيات على قدر قاماتهم القصيرة..! وإنك لتكاد يا صديقي أن تشير إلى هؤلاء (بالاسم) حيث لا تخفى على المجتمع السوداني خافية..فهو مجتمع (شديد ولضيض) ومنفتح على مراقبة لصيقة تعلم حال هؤلاء وأولئك من مستجدي النعمة..وتعرف حقيقة أوضاعهم (قبل الإنقاذ وبعدها)..و(قبل الانقلاب وبعده)..وتعرف مرامي الصغار ركيكي السلوك فقراء المروءة.. خلاصة رميم الرميم ونفاية النفايات..!

لقد أصبح بين هؤلاء المتاعيس المُحرضين وبين الشعب السوداني (جدار من دماء الأبرياء)..وليعلموا أنهم يشاركون مشاركة كاملة في ما يجري الآن..وأنهم مسؤولون مسؤولية مباشرة عن كل هذا التدمير والتخريب والتهجير و(القتل التجاري)..!

هؤلاء قضيتهم معروفة..لكن موضع الغرابة يتجسّد في بعض الذين كانوا يناصرون الثورة ولكن تبدّلت الآن مواقفهم وأقوالهم ودعاويهم وأصبحت تتطابق مع مواقف وأقوال ودعاوي أبواق الفلول..وباتوا ينادون بمواصلة الحرب (وهم في مأمن)..! بل أصبحوا يقولون أن قوى الحرية والتغيير تجنح نحو تأييد الدعم السريع مثلما يجنح الاخونجية إلى تأييد حرب البرهان وانقلابه…! هذا والله من البهتان العظيم و(اللولوة الخاسرة الخائرة)…!

ما هذا (التفكير البرهاني الأردولي)..؟! وما هذا الاستخفاف والخفة التي تشبه المراهقة السياسية والتي لا تليق مع الأهوال التي تحيط بالوطن..؟؟ الله لا كسّب الفلول وكل من يقف في صفهم عامداً…أو متعالماً..!

‫3 تعليقات

  1. يسلم قلمك استاذ مرتضى الغالى دائما تقول الحق وتضع النقاط على الحروف. وأنا من متابعيك منذ زمن طويل ووجدت قلمك لايحيد عن الحق ولا يتلون حسب الظروف ولهذا أخصك بهذه الرسالة ففى مقال لى نشر هنا منذ أيام قليلة طرحت فكرة أنه من الضرورى انشاء قناة فضائية ناطقة بإسم الثورة والتجمع الديموقراطى، (الحرية والتغيير وتجمع المهنيين ولجان المقاومة وأى حزب يتبنى أهداف ثورة ديسمبر) وذلك للمساعدة على تحقيق حلم الجماهير فى دولة ديموقراطية تتمتع بفصل السلطات وتداول سلمى للسلطة وجيش ذو عقيدة وطنية، وشخصك كإعلامى كبير ومخضرم لاتحتاج منى إلى بيان أهمية الإعلام الوطنى الحق المعبر عن آمال غالبية الشعب السودانى، فى مواجهة (تلوث) الفضاء الإعلامى الآن بأكاذيب الفلول ودعاياتهم الكاذبة . فهل يمكن تكوين لجنة تمهيدية من الإخوة الصحفيين والإعلاميين عامة لتبنى هذه الفكرة ولنا جيش جرار من اساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين وغيرهم فى أمريكا وأوروبا والخليج ورجال أعمال منتشرون فى العالم ونستطيع تكثيف الجهود للاتصال بهم ومحاولة اظهار الفكرة (الحلم) إلى حيز الوجود. مارأيك؟

    1. حلم الدولة الديمقراطية و فصل السلطات و جيش مهني ووطني هذا حمل اكبر بكثير من قدرات الشعب السوداني . نحتاج إلى تدخل عوامل خارجية لتحقيق هذا المرام. لا فائدة في اي جهد! الأمل حالة الغليان التي تسببت فيها الحرب ان تعلم الجماهير ان تنال حقوقها و لا تتهاون مع من يريد أن يفسد و يظلم

  2. التحيه والتقدير للأستاذ د. الغالى ولا تعليق على ماكتبه سوى اننا ننتظر المزيد من مقالاتك الجسوره
    التحيه ايضا لدكتور محمد مدنى والتقدير لفكره انشاء قناه تكون لسان حال مؤيدى ثوره ديسمبر وأنا امد يدى وامكانياتى المتواضعه لك فى سبيل تحقيق هذا الهدف
    لكن قبل ذلك أرجو توضيح موقف القوى الديمقراطيه بكياناتها المتعدده من حريه وتغيير ومهنيين ولجان مقاومه كم اسميتهم انت ارجو توضيح موقفهم من بعضهم البعض. هل هم على قلب رجل واحد فى أهدافهم ورؤاهم السياسيه حول ما يدور الان فى السودان ؟ يقينى أن الاجابه هى لا ليس على توافق . اذا بأسم من مِن تلك الكيانات ستتحدث هذه القناه وبأهداف من ستنادى وأى المواقف ستتبنى فى سبيل إستعاده الوضع الى ما كان عليه قبل انقلاب البرهان المشؤوم؟ هل هو موقف التغيير الجزرى أم موقف قحت ام لجان المقاومه أم موقف المهنيين ؟؟؟؟
    اسئله محتاجه الى اجابات قبل الشروع فى التفكير بقناه فضائيه تكون لسان حال المتنافرين . وانا اقترح عليك أن يكون المجهود منصب فى انشاء قناه حره تتبنى النهج الديمقراطى فى طرحها وتكون سياستها مرتكزه على نبذ الانقلابات العسكريه ورفض الاصطفافات الجهويه والعرقية والاهم رفض المتاجره بالدين واستخدامه لتحقيق مكاسب سياسيه. يعنى قناه من شأنها أن تنهض بالفكر السياسي الديمقراطى لمتابعينها. اكرر دعمى الكامل للفكره من حيث المبداء وأناشد كل سودانى يؤمن بالديمقراطيه والحريه أن يشارك فى دعم هذه الفكره ولو فى الحد الادنى بالنقاش وابداء الرأى.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..