تركيع الشعب والدعم السريع وسيلة الكيزان للعودة للحكم

الحصار الذي تعرض له سكان العيلفون وتوتي ودارفور من قبل قوات الدعم السريع ، يؤكد ان هذه القوات تعمل بمنهجية قتالية اكتسبتها عبر تاريخها الطويل تحت قيادة الكيزان والجيش تعتمد التنكيل بالمواطنين والاعتداء على ممتلكاتهم كأسلحة حرب.
لم يولد الدعم السريع بهذه الروح وانما تعلمها تحت قيادة الكيزان والجيش ، أحد الضباط واسمه شكرت الله كان يقول لهم (فوق الله وتحت شكرت الله) والبرهان نفسه كان يقول امامهم لسكان دارفور (انا رب الفور) ، علي عثمان محمد طه يقول لهم (shoot to kill) ، احمد هارون يقول لهم (اكسح امسح ما تجيبو حي) ، والبشير سمعوه يقول للجنة التحقيق في انتهاكات دارفور (الغرابية لو اغتصبها جعلي هذا شرف وليس اغتصاب)!!
تم شحن قوات الدعم السريع بصورة ممنهجة عبر سنين طويلة من قبل جماعة كانت ترفع شعارات التكبير والتهليل ، فظنوا ان ما يفعلونه في الحرب ليس انتهاكات وانما عمل رسالي بطولي في تثبيت دعائم اركان البلد والدين.
عدم توقف الحرب سيعرض المزيد من المواطنين للانتهاكات نتيجة لاتساع رقعة الحرب ظروف الحرب وتضييقها على الناس في معاشهم ستكون حافزا للشباب للانضمام للدعم السريع لكسب الأموال عبر الرواتب والنهب ، وهو ما اصبح يفعله ايضا جنود الجيش في مناطق سيطرة الجيش او بالتسرب من الجيش الفقير والانضمام للدعم الغني ، وهو ما يقود جميعه الى زيادة قوة وعدد قوات الدعم السريع.
الكيزان يستثمرون في انتهاكات الدعم السريع وفي توسيع رقعة الحرب من أجل تحقيق أهدافهم الخاصة واهمها القضاء على الكتلة المدنية الثورية ووأد حلم المدنية في اذهان السودانيين وجر الجماهير نحو الاعتراف بهم كقوة عسكرية سياسية منقذة لا سبيل لبقاء السودان الا بها.
لا يفهم العامة الأبعاد الخفية للحرب ، فالعامة كما قال الفلاسفة واقعيون يرون الواقع فقط وليس ما خلفه ، هم ظاهريا يشاهدون الدعم السريع وانتهاكاته ، ولا يرون العامل الخفي المحرك لهذه الانتهاكات وهم الاسلاميين ، لا يرى ويفهم الاعيب الاسلاميين الا الساسة المجربين ، الذين يدعون الان لايقاف الحرب لكي يجردوا هذا العامل الخفي من قوته. لذلك هجوم العامة على قحت وعلى كل من يدعو لإيقاف الحرب ، لظنهم ان الحرب هي وسيلتهم لتأديب الدعم السريع هو هجوم خاطيء ، فالحقيقة التي تعلمها قحت وانصار لا للحرب ان الحرب الحالية ما هي الا وسيلة للكيزان لتاديب الشعب وتركيعه والمجيء به حافيا خانعا ذليلا تحت اقدامهم.
واقعيا يمثل الدعم السريع أزمة للمواطنين في مناطق الاشتباكات بإنتهاكاته ، وسياسيا يمثل الدعم السريع أزمة امام الكيزان للجلوس على كرسي السلطة بالقوة. العامة لم تعد تمانع اطلاقا من عودة الكيزان او البشير نفسه للحكم مادام سيخلصها من الدعم السريع ، لكن الدعم السريع ليس مستعدا بعد للقبول بعودتهم.
بعد ان طوعوا العامة وحولوها لحملان وديعة في حظيرتهم ، يستهدف الكيزان تطويع الدعم السريع واعادته للحظيرة الكيزانية ، اذا تم لهم هذا في اي وقت سوف يصدرون قرار ايقاف الحرب فورا. قبل تحقيق هذين الهدفين معا لن يوقف الكيزان الحرب ولو يحرق السودان كله ، ولو يتعرض جميع السودانيين لكل أشكال الانتهاكات والمعاناة.
هذا هو اطار الحرب الحقيقي الدائر الان والذي يفسر عجز الجيش عن مواجهة الدعم السريع واخراجه من بيوت المواطنين والاكتفاء بالدفاع عن ثكناته. فالجيش تحت قيادة الكيزان يحقق الان في عملية تأديب شاملة للشعب نتيجة ثورته عليهم ونزع السلطة منهم ، فالسلطة بالنسبة للكيزان ليست آلية دستورية للدولة يتم عبرها خدمة المواطنين وحمايتهم ، وانما آلية لنشر رسالة الاسلام ، لذلك هم يقاتلون على ان هذا جهاد في سبيل لله وان ما يتعرض له المواطنون ما هي الا تضحيات في سبيل الدين.
ما لا يفهمه العامة ان عودة الكيزان لن تخلصهم من الدعم السريع وانما ستقودهم للأسوأ، فالكيزان الذين جاءوا بالبشير وبيوت الاشباح وقتل المتظاهرين في الشوارع وقذفهم في النيل واغتصابهم وجاءوا بالدعم السريع ، ان حكموا مرة اخرى سيأتون للسودانيين بما هو أفظع واشد تنكيلا.
خيار الشعب للخلاص من كل هذه الشرور يتلخص في : وقوفه ضد الحرب للتخلص من الدعم السريع والكيزان والجيش المؤدلج، اقامة الحكم المدني ، توحيد الجيش بدمج جميع حملة السلاح داخله واخراجه من السياسة. هذا فقط ما سيحقق للشعب السوداني الامن والامان والسلام والحرية والعيش الكريم.
في كل هذا الفوضى لو كان الأمر بيدي لحكمت على الجيش بالإعدام و التسريح التام مع انه لم يأتي ذكره في المقال!! هل انت فاهم حاجة؟