مقالات وآراء

الشر في الوحدة الوطنية أم الخير

عثمان بابكر محجوب

تمتلك الولايات المتحدة الاميركية معظم مفاتيح واسرار الساحة السودانية وهذا يمكنها من التأثير على مجريات الأحداث وفقا لرغباتها ونواياها ويمنحها هامشًا واسعا للمناورة دون تحمل اية تبعات او مسؤولية. وهذا ما فعلته ابان ثورة ديسمبر ومابعدها وما زالت تحافظ على ذات النهج حتى بعد اندلاع هذه الحرب معتمدة في سلوكها سياسة الغموض البناء بحيث اصبح من الصعب ان نعرف هل ما تضمره هو موقفها الحقيقي اوما تعلنه خصوصا واننا على يقين بان للادارة ميركا خطة قديمة جاهزة لا تخدم وحدة السودان اضافة الى ذلك فان تاريخ العلاقات الاميركية السودانية مليء بالعثرات والتعدي والانتقام . ويبدو واضحا لمن تابع ويتابع الاحداث التي تجري على الساحة السودانية انه وفي كل مراحل الازمة السياسية التي تفجرت منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية مرورا بمرحلة سقوط البشير وما تلاه من حكم الشراكة حتى مرحلة اندلاع الحرب ، يلاحظ ان اميركا ما زالت تمتلك اليد الطولى في تحفيز النزاع عبر مشاركتها مباشرة او عبر تكليف ادواتها او حلفاءها حيث ترواحت مواقفها بعد ثورة ديسمبر بين اصدار بيانات للاستهلاك او تكليف بعض الدول اضافة الى الامم المتحدة في محاولة تقريب وجهات النظر بين الجهات السودانية المتصارعة متعمدة في ذلك تجاهل الاسباب الرئيسية التي ادت للنزاع لتفادي اتخاذ اجراءات من شأنها تقويض الصراع أوالحدّ من تطوره وبالتالي استطاعت عبر كل المراحل تحويل الانظار الى معالجة تداعيات الازمة واثارها دون المساس بجوهرها وبيت القصيد من ذلك ان تبقى بيئة النزاع متوترة . ان هذه الترسيمة الخبيثة لمعالجة الازمة السودانية التي تعتمدها اميركا ادت وستؤدي الى اطالة امد هذه الحرب. وهذا التوصيف المختصر للنهج المعتمد في سياسة أميركا اتجاه السودان لا يعني ابدا اننا نتهم اميركا بالتأمر علينا بل كي نشرح لكل من يراهن على دور أميركي ايجابي يساعد على انهاء الحرب سواءا عبر مسار جدة او عبر مبادرات الدول التي تسير في فلك أميركا هو من الاخطاء القاتلة . لان للولايات المتحدة بوصفها دولة عظمى لها اليد الطولى في رسم الخرائط الجيوسياسية لمختلف القارات والدول بشكل يناسبها ويضمن لها تحقيق مصالحها وهيمنتها الكاملة على القرار السياسي في مختلف انحاء العالم لا يعنيها اطلاقا السودان بلدا موحدا بل على العكس تماما تعتبر وحدة السودان مصدر خطر على مصالحها في افريقيا من الناحية الاستراتيجية . اما من نتهمهم بالتامر على السودان هم اولائك الذين قبضوا على زمام الحكم بعد اغتصاب السلطة بانقلاباتهم العسكرية واجهاض اية تجربة ديمقراطية حاول الشعب السوداني تحقيقها على ارض الواقع . هؤلاء هم السبب في انكشاف االسودان امام المطامع الدولية بجعله مجرد جغرافيا مليئة بالتناقضات السياسية والنزاعات الاثنية والقبلية مما يسهل لغير السودانيين رسم خرائط كياناته القادمة والتحكم في مصيره كدولة هشة متداعية . ان هذا الواقع المرالذي وصلنا اليه يدفعنا ان لا نرى في البشير والترابي والبرهان وحميدتي وغيرهم اسماء لحكام بل عناوين لقاذورات اتسخ بهم تاريخ السودان كما اتسخ باسماء قديسي الانصار والختمية من اولاد واحفاد القائم باذن الله (المهدي ) والخاتم برعاية الله (الميرغني) ونذكر هؤلاء لتخليد ما قاله الشيخ كمال عمر الأمين الذي تولى الأمانة العامة للشؤون السياسية في الاتحاد الاشتراكي في عهد النميري : “لكل حاكم في السودان شيخ بجواره”. وهنا نود الاستشهاد بنص مأخوذ بشكل جزئي من الاية 216 من سورة البقرة لما فيه من حكمة تؤشر الى الطريقة الوحيدة لوقف المحنة بدل الركض خلف سراب مسار جدة وضباب السياسة الاميركية : ” وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ، وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ” من الملاحظ ان معظم السودانيين يراهنون على دور دولي حاسم لوقف الحرب ويأملون نجاح أميركا من خلال مسار جدة في لجم وحوش فلول البشير اي الثلاثي المارق : البرهان – حميدتي – كرتي . نقول لاهلنا اننا نتفهم مقدار المعاناة والدمار والدماء المهدورة والتشرد والمشقة التي تتكبدونها بفعل استمرار لكن عملا بمبدأ صديقك من صدقك اي من قال الصدق بكل اسف نقول لكم انتم تحبون شيئا وهو شر لكم اي لا جدوى من المراهنة على اميركا في عودة الامن والسلام الى ربوع بلادنا لان أميركا تريد لنا الخراب اما بشرذمة البلاد الى دويلات متناحرة او خلق نظام كونفيدرالي هو بحد ذاته تقسيما للسودان الى دويلات لكن بتسمية لطيفة وفي المقال القادم سنحاول القاء الضوء على حقيقة الموقف الامريكي نحو السودان . يبقى لنا طريقا وحيدا لوقف الحرب هو : وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم . وما نقصده بالشيء هنا هو الوحدة الوطنية . لان ما نشهده من فلتان مطلق لخطاب الكراهية في مختلف وسائل الاعلام يؤكد كراهيتنا للوحدة الوطنية وهي خير لنا لذلك من واجب المخلصين من ابناء وبنات الشعب السوداني التوحد خلف شعار وقف الحرب شعارا وحيدا وتشكيل جماعات ضغط في المناطق التي ما زالت بمنأى عن هذه الحرب وخصوصا مقاطعة ائمة المساجد الذين يدعون الى “بل بس ” وتنظيم مسيرات سلمية مناهضة لهذه الحرب في المدن والمناطق الامنة وما نقوله هنا على سبيل المثال لانه ليس من حقنا صياغة برامج ، اذا لم يكن بمقدورنا المشاركة في تنفيذها كما تفعل قحت او بعض المفكريين الاشاوس . ومن الغرائب اننا ما زلنا نسمي هذه الحرب حرب بين الجنرالين او حرب بين الفلول والجيش من جهة والدعامة من جهة اخري علما انها بكل بساطة حرب أهلية وبما انها حرب أهلية سوف تمتد نيرانها نحو مناطق أخرى اذا لم نتحرك جماهيريا او نجد وسيلة كفيلة بلجم بغال الحرب .

‫2 تعليقات

  1. الوحدة قدر الاقوياء والتشرذم قدر ضعاف النفوس .
    اعطاء كل ذي حقا حقه لبنة هامة للوحدة والظلم معول لهدم الذات والوطنية والبلاد
    يقولوا ليك ديمقراطية وهم لا يفهموها
    يا سادتي وسيداتي
    ان الديمقراطية هي الحرية في اختيار ما تريد
    مثل ان امنح زوجتي كل ما لي وتطعمني هي ما تريد
    ما دام رضيت بان اكون معها كل يوم في زغرودة وعيد
    ليست الديمقراطية ان احجرها واضربها بالنار والحديد
    يقولون ان الديمقراطية تبني الحب والشعور صدقوا

  2. لا ح نتحرك جماهيريا ولا عندنا وسيلة تلجم بغال الحرب. الجيش يفك ارتباطو بالكيزان بعد داك كل الأمور تستعدل و الشعب يرتاح! متى و كيف؟ تربصوا ايها الشعب انها اخر حقبتكم التعيسة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..