مقالات وآراء

الحرب وفقدان الشرعية !

خارج السياق     

مديحه عبدالله

الحرب وفقدان الشرعية !
تتسم الحروب بشكل عام بفقدان الشرعية مهما كانت الشعارات البراقة التى يرفعها جنرالاتها ولورداتها وابلغ دليل على ذلك هو فرار المدنيين من مناطق المواجهات المسلحة لمناطق آمنة ، ينشدون حق الحفاظ على الحياة ، ومواصلة سير حياتهم وايجاد بدائل تمكنهم من العيش حتى لو فى ظروف قاسية.
هذا مايحدث بالضبط على واقع الحرب الوحشية الدائرة الان ، ليس على مستوى العاصمة وولايات دارفور وكردفان حيث المواجهات بين الجيش والدعم السريع ، بل يحدث ذلك عنما تقع مواجهات اهلية بين مكونات اهلية تلجأ للسلاح لحسم نزاع بسبب الارض او الموارد ، او استقطاب بقف خلفه اطراف الحرب.
ذلك يكشف ان الحرب لا شرعية ولا حاضنة اجتماعية لها ، فهى تقع عندما يصل الامر لطريق مسدود بين الدكتاتوريين الدمويين ، وهؤلاء لا يميزهم من غيرهم من الساعين للسلطة سوى امتلاكهم السلاح والمال والقدرة على التجييش.
تبعا لذلك تنشط المساومات الاجتماعية بين قيادات محلية فى مناطق متضررة من شرارة الحرب، وتخشى ان تلتهم نيرانها الموارد وتحصد الارواح ، دون ان تعرف المجتمعات المحلية ما هى مصلحتها فى اشتعالها او دعم احد اطرافها ، فلقد تعلمت تلك  المجتمعات من دروس الحروب المتطاولة انها لايمكن ان تستمر فى الدفع بالابناء للحرب لمناصرة طرف من الاطراف دون ان تعرف بالضبط اى فوائد تحصد ، خاصة ان اراضيها تذخر بموارد ضخمة يتم استغلالها من لوردات الحرب ورؤس الاموال المحلية والاقليمية والدولية بينما تبقى المجتمعات تعانى الفقر والتخلف .. هذه المساومات مستمرة الان ، وفى ظل التمزق والانقسام السياسى والمجتمعى السائد ، فانها تؤشر لخطر الانغلاق والتشرذم ، مالم يتاسس وعى بضرورة أن يكون الاطار العام القومى هو المرجعية فى التاسيس لحاضنة اجتماعية للسلام المستند على حقوق المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، وعلى ما يعزز وحدة الوطن وقوته ، وفى الظرف الحالى فان ذلك يتطلب وضوح رؤية وعمل مثابر وجاد بافق ان وقف الحرب هو الخطوة الاولى فى طريق طويل لتاسيس حاضنة اجتماعية للسلام تقف على قاعدة ان دقع مستحقات السلام لا تقل كلفتها عن دفع تكلفة الحرب ، وان المصالح الاجتماعية يجب ان تكون شاخصة امام مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية ، وان تتم مخاطبتها بكل شفافية واحترام للتنوع والتعدد الاقتصادى والثقافى والنوعى ..

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..