“أثر الخيبة” وجنون التضليل الاعلامي الغربي!

عبد العظيم سر الختم الشوتلي
في عام ١٩٨٣ بعد مجزرة صبرا وشاتيلا،قامت لجنة ماكبرايد المستقلة التي أنشئت بشكل غير رسمي للتحقيق في الخروق الإسرائيلية للقانون الدولي خلال غزوها للبنان وأصدرت تقريرها الذي خصصت فصلا منه لمجزرة صبرا وشاتيلا وهذه اللجنة شكلها رجال قانون بارزون من أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأيرلندا برئاسة المحامي والسياسي الأيرلندي البارز شون ماكبرايد، ويعدّ عملها أهم تحقيق دولي في مجزرة صبرا وشاتيلا. وأكدت اللجنة في تقريرها أن إسرائيل تتحمل العبء الأكبر من المسؤولية القانونية عن المجزرة، واتهمتها بالمشاركة في التخطيط والتحضير للمذابح وتسهيل حوادث القتل من الناحية الفعلية، ورأت أن المليشيات اللبنانية قامت بدور المنفذ للمجزرة.
وعلى الفور تم فرض الاخفاء القسري على هذا التقرير وتجاهلته كل وسائل الاعلام الغربية وكما ذكر إدوارد سعيد لمدة ٢٠ عام لم يوجد أي ناشر يتجرأ على نشر التقرير!! ولكن عندما قامت حكومة مجرم الحرب والمتهم الأول شارون بتشكيل لجنة (كاهان) التي برأت إسرائيل في تقريرها هللت في نفس يوم صدوره كل الصحافة الغربية وامتلأت صفحاتها بالتعليقات على التقرير بل وحولت المجزرة إلى فرصة لاظهار الصورة الأخلاقية والديمقراطية لدويلة الكيان المحتل!
-والآن بعد أن أصابت الغرب حالة من الفزع نتيجة للانهيار الكبير الذي لحق بالعدو الصهيوني يوم ٧ أكتوبر وسقوط (فكرة) ووظيفة الكيان الصهيوني، انبرى الغرب كله بنوع من الهستريا الجماعية لاطلاق حملة دعائية مكارثية واسعة لشيطنة المقاومة وتحويل المحتل إلى ضحية! وجند في هذه الحملة حتى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي تبنى بالكامل السردية الإسرائيلية..
وحشدوا مع كل وسائل الاعلام، علماء مرموقين في الاعلام والثقافة والسياسة حتى من الليبراليين ومن المحسوبين على اليسار على طريقة الفيلسوف البير كامو الذي تنكر لكل ما ظل يكتب عنه ووقف ضد المقاومة الجزائرية واصطف مع الجزار الفرنسي وقال حينها (لو خيرت بين الجزائر وأمي فسأختار أمي)..
بدأت حملة الشيطنة بكذبة قطع رؤوس ٤٠ طفل وحتى بعد اكتشاف أن مصدرها مستوطن (ومجند) صهيوني متطرف اعترف لاحقا بفبركتها، وبعد تراجع واعتذار مروجيها لا زال الاعلام الغربي يتحدث عنها كحقيقة مسلمة!
والآن تتم عملية ممنهجة لصياغة الأخبار التي تغطي الحرب على فلسطين تبدأ بالتحكم في اللغة ومنع تداول عبارات بعينها كالتهدئة ووقف التصعيد والعون الانساني! والعناية في اختيار المصطلحات والكلمات فتستبدل مثلا كلمة (قصف) المستشفى لتصبح (انفجار) وكلمة (قتل) تتحول إلى (موت)
ويخلو الاعلام الغربي كله من ذكر (المعمداني Baptist) عند الحديث عن المجزرة خاصة في العناويين الرئيسية ويكتفي باسم (المستشفى الأهلي أو العربي)!!
وقد لاحظ الجميع كيف قامت كبريات الصحف الغربية بتغيير صياغة تغطيتها للحدث بما يتلائم مع السردية الإسرائيلية!
إن معركة المقاومة الآن معركة متعددة الجوانب والساحات فنحن في مواجهة حرب عنصرية لا تستهدف الأرض العربية في فلسطين فقط بل تتجه مباشرة لضرب العقل العربي والإرادة العربية الأمر الذي يفرض على الجميع الانخراط في هذه المعركة التاريخية..
[email protected]