مقالات وآراء

اجتماع لجنة وحدة القوى المدنية، التعايش ام الكراهية؟

يوسف السندي

الحرب الحالية عمقت بصورة غير مسبوقة الكراهية المبنية على الاثنية، والتعصب الأعمى الذي لا يبالي بالموت والدمار وتمزيق الوطن، وهذه أبلغ مظاهر انحطاط المجتمع وتفكك الدولة، واكبر الادلة على المستقبل المظلم المنغلق المليء بالظلم والذبح والقتل بين أبناء الوطن الواحد الذي ينتظر السودانيين اذا استمرت هذه الحرب.

لمواجهة ذلك تنعقد اجتماعات لجنة وحدة القوى المدنية في أديس اببا، والتي تمثل التيار الذي يعمل من أجل سودان المستقبل المليء بالمدنية والديمقراطية والخالي من الحروب والكراهية.

يعلي لقاء وحدة القوى المدنية من قيم ومعاني جليلة يفتقدها الوطن في هذا الظرف الحرج، يعلي من قيم الحياة في مقابل الموت المجاني، قيم السلام في زمان الحرب، قيم كرامة الإنسان السوداني في وقت اهانته عرقيا واثنيا، قيم الاحتكام للقانون في زمان الاحتكام للمدفع والصاروخ، قيم الحوار بالكلمة والفكرة في زمان الحوار بالطلقة والدانة، قيم البناء واعادة الأعمار في زمان الدمار، قيم المستقبل المشرق في مواجهة المستقبل المجهول.

عليه فان المجتمعون في أديس اببا لا يحملون هم ذواتهم ولا افكارهم، وإنما يحملون هم اخراج البلاد من الحروب المزمنة الطويلة المؤلمة وشق الطريق نحو استدامة السلام وبناء الثقة بين المكونات الوطنية المجتمعية والتأكيد على مباديء الوحدة التي لا تفريط فيها.

لا يمثل هؤلاء النفر احزابا سياسية وكيانات مدنية ومهنية فقط وانما يمثلون الضمير الواعي العاقل الذي يؤمن بأن الوطن هو السلام والاطمئنان والتعايش، وأن الحرب والخوف والكراهية لا تبني وطنا ولا تصنع مستقبلا.

هل يستجيب عبدالواحد والحلو لدعوات هذه الجبهة المدنية؟ متوقع، اذا استجابوا فهذا اختراق يساعد على توطيد قيم السلام والبناء والعمل جميعا من أجل التوافق على عقد اجتماعي وطني يعتمد المواطنة اساسا للحقوق والواجبات، وهو ما يمثل اقوى ركائز بناء السلام المستدام.

هل نتوقع ان ينحاز الجذريون لهذا الصف، نتوقع ذلك، فهم في نهاية الامر يستهدفون ذات الأهداف وأن اختلفت الاليات، والتمترس خلف المواقف الذاتية لن يفيد أحدا وبالتاكيد لن يفيد الوطن.

هل نتوقع ان يؤثر ظهور هذا التكتل في المفاوضات التي يذمع قيامها في جدة؟ نعم، سيمثل هذا اللقاء ومخرجاته ورقة ضغط سياسية قوية على طرفي الحرب تقول ان المدنيين قد اجمعوا أمرهم على ايقاف الحرب واستعادة المدنية وأن الذي يقف أمام هذا الهدف يتحمل وزره تاريخيا وسياسيا ودوليا.

[email protected]

‫13 تعليقات

  1. الجزريون والبعثيون اولاد قوش لا امل فيهم مادام هناك من يسمي /محمد وداعه الدكتاتور الخبيث المريض والحسين. انضمام الحلو ومحمد نور هو الترياق الذي
    سوف يوقف بني كوز والجيش المؤدلج عند حده.

  2. اطمن يا شيخنا اصلا الحرب وصلت نهايتها والطرفين فتروا خلاص واكيد سيتفقوا بس انتو خذلتوا الدعم السريع ولم تقدموا له شيء غير أوقفوا الحرب أوقفوا الحرب لمن ضهرو انكسر.

  3. 🥸 السيد المحترم السندي حقيقة الأمر هي ان هنالك معسكران بينهما ما صنع الحداد و هما في لعبة صفرية شاءوا لم ابوا فان سيطرة إحداهما على الأمور تعني انمحاق الأخرى و لا مجال للالتفاف حول هذه الحقيقة الخطيرة 😳

    و كما ترى فان خطاب و ادبيات كلا المجموعتين يتسم بالنفاق و الضبابية بحكم ان المعسكر الأول و هم دعاة الدولة الدينية بصبغة عسكرية يقذفون هنا بكلمات مثل المدنية و الديمقراطية لارباك المعسكر الاخر و العمل بسياسة ( عصا نايمه وعصا قايمه ) حتى يكونوا في مأمن لو خسروا صراع البقاء و التسبد 😳

    اما اصحاب الدولة العلمانية التي يحجم فيها الدين داخل الشان العام فهم اكثر نفاقًا وجبنا من التصريح علانية بماهية الدولة العلمانية التي تقوم على دستور وضعي لا مكان فيه للاديان و المواطنة المتساوية فيلجاون لاستخدام مصطلحات مثل الدولة المدنية و التي لا يدري احدا ملامحها و لا كيفية تاسيسها كل ذلك خوفا من الوصم بالكفر و كذلك خوفا من ان يتسيد المعسكر الاخر فيقعون تحت الارهاب الديني الذي برع فيه و اتقنه اصحاب المعسكر الاخر 😳

    اما المجتمعين في اديس من اصحاب العمائم الكبيرة و البطون المتضخمة فلن يسيروا الي نهاية الأمر لان لهم قواعد موغلة في الرجعية و يمكن تأليبها ضدهم بواسطة اصحاب الدولة الدينية و ان كل ما يقومون به الان ربما تكون من باب نحن موجودون و مستعدون للتنازلات بشرط اكل نصيبنا من كيكة السلطة 😳😳

    1. مشكلتنا في الاساس ليست دينية يا نخير

      و أنت يا نخير من اي الاصناف ؟
      أصحاب الدولة العلمانية تجاوزوا العلمانية الى العمل ضد دين معين و من ذلك محاولة عمر القاري طبع صورة شركية تجسد الرب في منهج تلامذة المرحلة الابتدائية في بلد غالبته العظمى من المسلمين , فاذا كانوا علمانيين فلماذا يريدون نشر صورة ( دينية ) في الاساس ؟؟؟
      بعض المنافقين يتخفون بالصاق كل مشكلة بالدين رغبة في بث سمومهم تجاه دين معين و لكنهم سوف يفضحون

      1. 🥸 انا من اصحاب الولة العلمانية التي لا تفرق بين مواطنيها بسبب الدين مثلا؛
        هل يتساوى المسلم مع غير المسلم في ظل الدولة الدينية ؟😳 لا طبعًا

        هل تتساوى المرأة مع الرجل حتى او كانت عالمة صواريخ فضائية ؟😳 لا طبعًا

        هل يتساوى الحر مع العبد في الدولة الدينية ؟ 😳 لا طبعًا

        هل هنالك حرية عبادة و تبشير للاديان الاخرى ؟😳 لا طبعًا

        هل تريد و تأمل بالعيش في الدول العلمانية الغنية ؟ 😳 ارجح انك كذلك

        1. فرنسا دولة علمانية و تفرق بين مواطنيها بسبب الدين حيث تمنع البنات الطالبات و النساء من لبس غطاء الراس في المدارس
          الصين دولة علمانية و تفرق بين الناس بسبب الدين و لا تتساوى المرأة مع الرجل و الصين ثاني اكبر اقتصاد عالمي حسب المعلن و في الحقيقة هي صاحبة اكبر اقتصاد عالمي

          الان لا يوجد عبيد و اكبر تجارة عبيد في تاريخ العالم ادارها بني جلدة العلمانيين من اصحاب فولتير جيث نقلوا ملايين الافارقة عبيدا الى العالم الجديد و مات الكثير منهم في السفن بسبب سوء التكديس في اسفل البواخر التعيسة

          1. 🥸 طبعا انت تتجاهل و تخلط الامور عن قصد لان حقيقة الامر ان الحكوم الفرنسيه لم تمنع الحجاب الذي تغطي به النساء شعورهن انما منعت ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه خوفا من تخفي الارهابيين المسلمين به و الدخول للأماكن التي يخططون ان يقتل الأبرياء فيها دون فرز 😳😳

            النقاب و الحجاب هي من اكثر الرموز التي يحرص رهط الكيزان على التمسك بها ليس من ال الفضيلة انما من اجل اصدار اعلان سياسي متحرك برسالة مفادها نحن هنا و سنظل هنا و سنقيم سرع الله في بلاد الغرب و سنصبح اساتذتكم كما اوصانا القاتل حسن البنا 😳😳

            طالع ما خطه قلم سيد القمني عن موضوع الحجاب و النقاب دون موقف مسبق و بعقل مفتوح لعل و عسى ان تتعرف على ان هنالك عقول نظرت للامر من زاوية أخرى 👇👇👇

            https://m.ahewar.org/s.asp?aid=761745&r=0

          2. 🥸 حسب مواد الدستور الصيني تعامل الصين جميع الاديان دون محاباة كما تمنح كل مواطنيها حق اعتقاد الدين الذي يفضلونه 👇👇

            الإطار القانوني تنص المادة 36 من دستور جمهورية الصين الشعبية لعام 1982 على ما يلي: يتمتع مواطنو جمهورية الصين الشعبية بحرية المعتقد الديني. لا يجوز لأي جهاز حكومي أو منظمة عامة أو فرد إجبار المواطنين على الإيمان أو عدم الإيمان بأي دين، ولا يحق لهم التحامل على المواطنين الذين يؤمنون أو لا يؤمنون بأي دين.

          3. 🥸 لم اقصد ان ارد لك عن موضوع العبودية التي اشرت لها في تعليقك اعلاه لكن هدفي قراء الراكوبة الذين لديهم عقول منفتحة 👇👇

            الإسلام وتجارة العبيد في إفريقيا من منظور باحث مسلم سنغالي

            موريس صليبا

            2022 / 2 / 8

            بداية تجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة
            نشر الباحث السنغالي المسلم تديان ندِيَياي (Tidiane N’Diyaye)، عام 2008 تحقيقا تاريخيّا باللغة الفرنسيّة عن تجارة الرقيق التي قام بها المسلمون العرب في إفريقيا، وصدر بحثه في كتاب بعنوان “الإبادة الملثّمة” (Le génocide voilé)، وأعيد نشره عدة مرات. ومنذ ذلك الحين، يواصل هذا الباحث شرح نتائج بحثه في الجامعات وعلى شاشات التلفزة في أوروبا وفي إفريقيا، وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي.
            كشف في بحثه أن تجارة الرقيق من إفريقيا عبر الصحراء ونحو الشرق كانت أكثر فتكًا ودمارا من تجارة الرقيق التي مارسها الغرب عبر المحيط الأطلسي. واستنتج ما يلي: “من أصل تسعة أو عشرة ملايين إفريقيّ نقلوا خلال تجارة الرقيق إلى القارّة الأمريكيّة، هناك الآن حوالي سبعون مليون من أحفادهم. تفوّقوا هناك في ميادين عديدة حتّى أنّ أحدهم انتخب رئيسا للولايات المتّحدة الأمريكيّة. أما تجارة الرقيق التي مارسها العرب المسلمون فأسهمت في نقل أكثر من سبعة عشر مليون إفريقيّ إلى العالم العربيّ الإسلاميّ، دون أن يتركوا نسلا لهم بسبب الخصاء المرعب الذي تعرّض له الرجال السود خلال أربعة عشر قرناً”.
            لم يعلّق على هذا البحث والتحقيق التاريخي أيّ مؤرّخ أو باحث مسلم أو أيّ موقع إعلاميّ عربيّ رسميّ أو خاصّ، سواء لكشف ما جاء فيه أو للردّ على مضمونه سلبا أم إيجابا. يبدو أنّ تعمّد السكوت يبقى أفضل طريقة يلجأ إليها العرب والمسلمون لتحاشي إثارة الشكوك والهروب من كشف الحقائق التاريخية وحجب المعارف وتجنّب الفضائح. غير أنّ الحديث عن هذا التحقيق أمر لا بدّ منه لإعلام قرّاء الضّاد بمضمونه، كي يدركوا خفايا تاريخهم ويفتحوا بصائرهم على صفحات سوداء منه لا يمكن تبييضها أو حجبها أو إخفاؤها مهما أكل الدهر عليها وشرب.
            كيف بدأت تجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة؟
            إنّ معظم المناطق التي تضمّ السودان الحالي ومشارف إريتريا والحبشة، حيث كان يمارس الاستعباد في إطار النظام الإقطاعيّ الداخليّ الخاصّ بالتقاليد والأعراف الإفريقيّة، جرى تنصير أهلها لاحقا وتحوّلوا إلى الدين المسيحيّ. ولكن بعد استيلاء العرب على مصر وأسلمتها، أخذ مجرى تاريخ المنطقة منحى آخر. خلال تلك الفترة من التوسّع الإسلاميّ الأوّل في بداية القرن السابع بعد المسيح، استعبَدَ العرب، أسيادُ مصر الجدد، شعوبا عديدة من النوبة والصومال والموزامبيق وغيرها،. فتعرّض سكان مملكة النوبة آنذاك وبشكل خاصّ لصدمة قاسية جدّا بسبب الهجمات الشرسة من قبل القوّات العربيّة الإسلاميّة. حاول أهل النوبة صدّها والدفاع بشجاعة رهيبة عن مملكتهم. ولكنّهم اضطرّوا، أمام التفوّق العدديّ، إلى الرضوخ والاستسلام والتفاوض مرغمين مع الغزاة العرب خوفا من تعرّضهم للفناء. على أثر ذلك فُرض عليهم عام 652 إبرام أوّل معاهدة استعباديّة، عُرفت باسم “اتّفاقيّة البَقط” التي فرضها القائد العسكريّ عبد الله بن سعد على ملك النوبة “خاليدورات” (Khalidurat)، وضمّنها شروطا محدّدة وقاسية.
            ماذا تضمّنت “اتفاقية البَقط”؟
            يقول ابن الحكم، إنّ هذه الاتّفاقيّة هي هدنة أمان لا عهد ولا ميثاق. وهي في حقيقتها أقرب إلى معاهدة تجاريّة وسياسيّة بين مصر الإسلاميّة ومملكة “دنقلا” المسيحيّة، أيّ مجرد معاهدة حسن جوار تضمن حريّة الحركة والتجارة بين البلدين. غير أنّها تختلف عن كل أشكال المعاهدات الأخرى التي عقدت بين المسلمين وغير المسلمين لأنّها تضمّنت شروطا قاسية وظالمة على أهل النوبة، وفقا لما جاء حرفيّا في نصّها:
            ((أنكم معاشر النوبة آمنين بأمان الله وأمان رسوله ألا نحاربكم ولا ننصب لكم حربا ولا نغزوكم ما أقمتم على الشرائط التي بيننا وبينكم على أن تدخلوا بلدنا مجتازين غير مقيمين فيه. وندخل بلدكم مجتازين غير مقيمين فيه. وعليكم حفظ من نزل بلدكم ويطرقه من مسلم آو معاهد حتى يخرج عنكم. وأن عليكم ردّ كل آبق (هارب) خرج إليكم من عبيد المسلمين حتى تردّوه إلى أرض الإسلام. ولا تستولوا عليه ولا تمنعوا منه. ولا تتعرّضوا لمسلم قصده وجاوره إلى أن ينصرف عنه. وعليكم حفظ المسجد الذي ابتناه المسلمون في فناء مدينتكم. ولا تمنعوا منه مصلّيا. وعليكم كنسه واسراجه وتكرمته.
            وعليكم في كل سنة ثلثمائة وستون رأسا تدفعونها إلى إمام المسلمين من أوسط رقيق بلادكم غير المعيب يكون فيها ذكران واناث ليس فيها شيخ هرم ولا عجوز ولا طفل لم يبلغ الحلم. تدفعون ذلك إلى والي اسوان. […]
            فإن أنتم آويتم عبدا لمسلم، وقتلتم مسلما أو معاهدا، أو تعرضتم للمسجد الذي ابتناه المسلمون بفناء مدينتكم بهدم، أو منعتم شيئا من الثلث مائة والستين رأسا، فقد برئت منكم هذه الهدنة والأمان، وعدنا نحن وانتم على سواء حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.))
            تكشف هذه الاتّفاقيّة لأوّل مرّة كيف بدأ العرب المسلمون تجارة الرقيق في القارّة الإفريقيّة. خطّط لها القائد العسكريّ عبد الله بن سعد فارضا بالقوّة على النوبيّين تسليمه آلاف المستعبدين كلّ سنة من رعاياهم. وما أن استنزف العرب المسلمون أهل النوبة، أوّل “معين” لهم من الرقيق، حتّى انقضّوا على باقي مناطق القارّة السوداء.
            بدأ كلّ ذلك في منطقة دارفور، ويبدو أنّه لم يتوقّف إطلاقا حتّى اليوم احتقار المسلمين للشعب الأسود عبر استعباد متستّر وتطهير عرقيّ حقيقيّ. فاتّفاقيّة “البَقط” هذه المبرمة عام 652، شكّلت نقطة الانطلاق لعمليّة استنزاف إنسانيّة ضخمة لم تقتصر فقط على المناطق السودانيّة، بل امتدّت من المحيط الأطلسيّ وحتّى البحر الأحمر مرورا بإفريقيا الشرقيّة. امتدّ هذا الاستنزاف الممارس محليّا أو في مناطق بعيدة عن العالم الإسلاميّ، من القرن السابع وحتّى القرن الحادي والعشرين في دارفور، حيث مورست المذابح وحصلت إبادات حتّى يومنا هذا.
            يرى تِديان ندِيَياي أنّ العرب المسلمين أطلقوا، قبل الأوروبيّين بزمن طويل، حربا مقدّسة لا حدود لها عبر غزواتهم الدمويّة، فأهلكوا سكّان القارّة السوداء وذلك لتعزيز دور الحريم في الشرق العربيّ. فشملت تجارة الرقيق الأولاد والنساء والرجال الذين انتُزعوا من داخل القارّة السوداء.
            هكذا تجلّت مطالب العالم العربيّ الإسلاميّ المتعدّدة للحصول على العبيد فاعتمدوا طريقين لهذه التجارة: الأولى بَرّيّة لنقل الأسرى من جنوب الصحراء الإفريقيّة إلى الشمال، والثانيّة بَحريّة لنقلهم انطلاقا من مرافئ الشواطئ الشرقيّة في إفريقيا إلى الشرق، والمعروفة بالتجارة الشّرقيّة.
            أمّا البلدان التي استفادت أكثر من غيرها من هذه الجريمة الشنعاء، فتضمّ كلّا من تركيّا، مصر، بلاد فارس، شبه الجزيرة العربيّة، تونس والمغرب. هكذا فتح العرب المسلمون الباب واسعا لإذلال الأفارقة وسفك دمائهم وإبادتهم، كما كانوا آخر من أغلقه رسميّا في القرن العشرين، أي بعد فترة طويلة من الغربيّين.
            يقول هذا الباحث إنّ وصول العرب المسلمين وأسلمة الشعوب ودفعها إلى الجهاد الإسلاميّ سجّل تحوّلا دراماتيكيّا في ازدهار تجارة الرقيق في إفريقيا. لقد دشّن العرب المسلمون نقطة انطلاق لأشنع عمليّة تدمير وتخريب عاشتها إفريقيا خلال ثلاثة عشر قرنا دون توقّف، اتّسمت بالتحقير والإرهاب والتعذيب والإذلال والنهب والسلب والكمائن الفتّاكة بالأبرياء. فمن المعلوم أنّه منذ القدم لم يكن بالإمكان تقدير عدد الأفارقة الذين استُعبدوا خارج القارّة السوداء. غير أنّ عمليّة الاستنزاف الرهيبة التي تعرّضت لها وعاشتها الشعوب ذات البشرة السوداء على يد العرب المسلمين، والتي تمّت بهدوء وخلال فترة زمنيّة امتدّت من القرن السابع إلى القرن الحادي والعشرين، وصفها المؤرخون وعلماء الأنتروبولوجيا بأوّل وأضخم تجارة للرقيق، ترافقت بممارسات الذلّ والمآسي والويلات المرهبة للغاية وبتصدير أعداد كبيرة من البشر إلى أماكن بعيدة. وهكذا اتّضح أنّ هذه العمليّة الإجراميّة هي الأقسى والأكثر بهيميّة وهمجيّة عرفها التاريخ. فالإنسان الأسود الوثنيّ أو الإحيائيّ لم يكن في التصوّر المشترك لدى الشعوب العربيّة الإسلاميّة إلّا كائنا من المرتبة الدونيّة. ومن يعتنق منهم الإسلام، يبقى بنظرهم وحتّى يومنا الحاضر، سواء اعترفوا بذلك أم لا، في مستوى أدنى من مستوى المسلم الأصيل.
            يذكر هذا الباحث في مقدّمة كتابه أنّ المسلمين العرب، بعد سيطرتهم على إفريقيا الشمالية وإخضاعها لنفوذهم وأسلمتها، حاولوا السيطرة على إفريقيا وعرّضوا الملايين من سكّانها الأصليّين للغزو والقتل والذبح، وأسر عدد كبير منهم. قاموا بخصاء الأسرى واقتلاعهم من أراضيهم ونفيهم نحو العالم العربي الإسلامي. حدث كلّ ذلك في ظروف قاسية عديمة الإنسانيّة، خاصّة خلال نقلهم في قوافل عبر الصحاري الجرداء والبحار ومن أسواق النخاسة التي ازدهرت على شواطئ إفريقيا الشرقيّة.
            هذه هي حقيقة البعثة الأولى لأكثريّة المسلمين العرب الذين فرضوا دينهم على الشعوب الإفريقيّة. يختصرها الباحث بقوله: “تصرّف المسلمون العرب مقدّمين أنفسهم كأرباب الإيمان الصحيح والنموذج المثاليّ الحيّ للمؤمنين. تنقّلوا من منطقة إلى أخرى، حاملين القرآن بيدٍ، وسكّين الخصاء باليد الأخرى. عاشوا بخبث “حياة صلاة”، فما كانوا ينبثون بكلمة دون تكرار ذكر الله والتستّر بأحاديث نبيّهم. تبجّحوا بمبادئ جميلة ونبيلة، ولكنّهم كتجّار للرقيق، كانوا يدوسون تحت أقدامهم أرض إفريقيا بمرح وقبح ونوايا سيئة. أحكموا سيطرتهم عليها بالحديد والنار. اقترفوا تحت ستار الاعتبارات الدينيّة، الجرائم الأكثر شناعة وتوحّشا، الأمر الذي دفع بالسيّد (إدوارد غيومات) إلى القول: (إنّها لمأساة كارثيّة تعرّضت لها إفريقيا في ذلك اليوم الذي دخل إليها المسلمون العرب، إذ أدخلوا معهم دينهم واحتقارهم للإنسان ذي العرق الأسود…)”
            يشير أيضا تديان ندِيَياي إلى أنّ تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي دامت ثلاثة قرون، أمّا غزو العرب لجنوب الصحراء في إفريقيا فقد دام أكثر من أربعة عشر قرنا، تعرّض خلالها ملايين الناس لتجارة الرقيق والنفي بعيدا عن بلدانهم الأصليّة، كما زالت آثارهم من الوجود بحكم المعاملات السيّئة والهمجيّة التي تعرّضوا لها وتعميم خصيّ أبنائها الذكور بهدف إبادة النسل والأصل. وهكذا أسدل الستار على أكبر مجزرة عنصريّة عرفتها الإنسانيّة.”
            هذه الصفحة المحزنة والمؤلمة من تاريخ الشعوب ذي العرق الأسود لم تطو بعدُ نهائيّا. فغداة الحرب العالميّة الثانية واكتشاف أهوال محرقة اليهود في أوروبا، أدركت الإنسانيّة مقياس شراسة الإنسان وهشاشة أطباعه. بعد تلك الصدمة القاسية، أعلن المجتمع الدولي الشعار الشهير never again، أيّ أنّه لن يسمح إطلاقا بعد الآن بحدوث مثل تلك المجازر. كما استحال على مؤرخي المستقبل غضّ النظر عمّا حدث في السودان في بداية القرن الحادي والعشرين من عمليات تطهير عرقيّ لسكّان منطقة دارفور.
            في هذا الصدد، يذكّرنا هذا الباحث المسلم السنغالي بما أعلنه في شهر نيسان/أبريل 1996 المندوب الخاصّ للأمم المتحدة في السودان عن “ارتفاع رهيب لحالات الاستعباد وتجارة الرقيق والأشغال الشّاقّة المفروضة في السودان”. في حينها، تمكّن صحفيّان من جريدة “بلتيمور صان” من الدخول إلى تلك البلاد، ونشرا على أثرها مقالا بعنوان: “شاهدان على تجارة الرقيق”، شرحا فيه كيف نجحا في شراء فتاتين مستعبَدتين بهدف تحريرهما وإنقاذهما من ذلك الجحيم. وهكذا برز للعيان كيف استمرّ الرعب والتطهير العرقي في دارفور منذ القرن السابع وحتى القرن الحادي والعشرين.
            قرّر هذا الباحث المسلم الشجاع الكشف عن حقيقة تجارة الرقيق الإبادية التي قام بها أهل دينه المسلمون العرب ومناقشتها ومحاكمتها والتعامل معها بنفس المستوى كما هو الحال مع تجارة الرقيق عبر الأطلسي. وبالرغم من عدم وجود درجات في مستوى الرعب، ولا في التفرّد بالشراسة، يجزم هذا الكاتب المسلم السنغاليّ بقوله: “إنّ تجارة الرقّ العربيّة الإسلاميّة وحروب الجهاد المقدّسة التي أطلقها مجرمون نهّابون قساة القلوب من هؤلاء العرب للحصول على الأسرى كانت بالنسبة للقارّة السوداء أكثر تدميرا وتخريبا وألما وهولا وإبادة من تجارة الرقيق عبر الأطلسي. كما أنّ هذا الأمر ما زال قائما أمام أعيننا حتى اليوم، مع المزيد من المجازر والإبادات التي تجري أمام القاصي والداني دون حساب أو رقيب.”
            يتطرّق هذا الباحث السنغاليّ أيضا في تحقيقه إلى مواضيع عديدة توفّر للقارئ الإطلاع في البداية على أشكال الرقّ في إفريقيا قبل الغزو العربيّ. ثمّ يكشف عن رؤية الإنسان الأسود في مخيّلة الشعوب العربيّة الإسلاميّة. بعد ذلك، يورد تفاصيل دقيقة عن الغزو العربيّ للقارّة السوداء وكيفيّة أسلمة جزء كبير من سكّانها وتواطؤ بعض المتأسلمين الجدد مع تجّار الرقيق. هذا وقد توقّف طويلا عند المعاملات البهيميّة والغزوات وسبي الرجال والتدمير بالنار وسفك الدماء في إفريقيا وكيف عاشت الشعوب السوداء في نظام الرقّ العربيّ الإسلاميّ.
            وقد تألّم كثيرا هذا السنغاليّ المسلم من الانقراض العرقي المبرمج عبر الخصاء المكثّف للذكور بعد استرقاقهم، فوصف مختلف عمليّات الخصاء المشينة الوحشيّة التي تعرّضوا لها.
            يكشف هذا البحث العلميّ فعلا لكلّ العرب المسلمين في زمننا الحاضر حقيقة تجارة الرقيق التي قام بها أسلافهم وأهل دينهم الحنيف. عندما يتجرّأ القرّاء العرب ويطّلعون على مضمونه، سيتعرّفون على حقبة سوداء قاسية ومؤلمة ومشينة من تاريخهم قام بالبحث والتنقيب عنها باحث مسلم مثلهم من السنغال. لم يتردّد هذا الباحث الجريء الموضوعيّ ولم يخف إطلاقا من كشف أهدافها وفضائحها ومآسيها وإبراز وصمة العار التي لحقت بمنفّذيها

          4. يا كسنجارتها انت بكل بساطة رجل كذاب أو جاهل لا تعرف ما يدور حولك , انت ذكرت ( مر ان الحكوم الفرنسيه لم تمنع الحجاب الذي تغطي به النساء شعورهن انما منعت ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه) و هذا الكذب لا يمكن ان تضحك به على شخص غافل .
            منع النقاب يمكن الحديث عنه في دولة اسلامية محافظة اما في فرنسا فغاية المرأة المسلمة أن تطمح الى الحجاب فقط

            أما كاتبك السنغالي هذا فلا ادري هل هو مسلم , اذ ان اسمه تديان ندِيَياي (Tidiane N’Diyaye)، لا يعطي اشارة الى انه مسلم او غير مسلم , ثم اع عملية الاخصاء كانت موجودة فقط على العبيد او الخدم في القصور و الذين يعيشون و يختلطون مع حريم القصر ( الحرملك) و هؤلا لا يمثلون حتى واحد في المئة و هناك الكثير من السود يعيشون في مناطق من الجزيرة العربية منذ قرون , فلماذا لم ينقرضوا؟ كما ان هناك الكثير ممن اختلطوا بالسكان و تغير لون بشرة و ملامح احفداهم و الحمض الوراثي ال دي ان ايه اثبت ذلك اي ان هناك نسبة من سكان الجزيرة العربية حمضهم الوراثي يشترك مع بعض الافارقة السود الحاليين مما يفند ادعاعءات كاتبك هذا التي لا سند و لا مرجعية لها الا التلفيق

  4. لماذا لا يجتمع هؤلاء هنا داخل السودان في اية بقعة مناسبة يختارونها.

    و ماذا فعل هؤلاء لايقاف الحرب فالحرب الان اذا وقفت سيكون بواسطة تدخلات من قوى في الخارج و ليس لاعضاء هذا التجمع اي فضل

    لنكن صريحين و ليبتعد هؤلاء عن ادعاء انجازات لم يقدموا شيئا فيها .

  5. الإسلام وتجارة العبيد في إفريقيا من منظور باحث مسلم سنغالي (2)

    موريس صليبا

    فقدان الذاكرة بحجّة التضامن الديني
    رأينا في الحلقة الأولى أنّ الباحث السنغالي المسلم “تديان ندِيَياي” (Tidiane N’Diyaye)، نشر عام 2008 تحقيقا تاريخيّا باللغة الفرنسيّة عن تجارة الرقيق التي قام بها المسلمون العرب في إفريقيا، وصدر بحثه في كتاب بعنوان “الإبادة الملثّمة” (Le génocide voilé)، وأعيد نشره عدة مرات. ومنذ ذلك الحين، يواصل هذا الباحث شرح نتائج بحثه في محاضرات في الجامعات وعلى شاشات التلفزة في أوروبا وفي إفريقيا، وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي.
    نتابع اليوم في هذه الحلقة تعليق هذا الباحث على محاولة أصحاب العلاقة طمس هذه القضيّة بحجّة التضامن الدينيّ.

    سُئل مرّة الباحث الجزائريّ “مالك شبل” عن رأيه في تجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة فأجاب بأنّ الحديث عن هذه المأساة “أمر محظور في العالم العربيّ، ولكنّي أعتبره خطأ جسيما ومخزيا للغاية يستوجب الإدانة”. هذا الواقع المرير يدفع إلى التساؤل: هل يحقّ لأصحاب العلاقة التغاضي عنه ونسيانه؟ هل يحقّ للمسئولين السياسيّين والأكاديميّين العرب المسلمين إماطة اللثام عن تجارة الرقيق التي مارسها أسلافهم، والتي كانت بالنسبة لإفريقيا السوداء وخلال قرون طويلة من الزمن، أكثر تخريبا ودمارا وفتكا من تجارة الرقيق عبر الأطلسيّ؟ لماذا يتجاهل عدد من الكتبة والبحّاثة تجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة، ويكتفون بحصر إطار بحثهم بتجارة الرقيق عبر الأطلسيّ فقط؟
    علّق الباحث السنغالي المسلم “تديان ندِيَياي” في كتابه على هذه التساؤلات مجيبا: “عندما يتجرّأ بعض الباحثين الشجعان، وبالأخصّ من الأفارقة، ويثيرون موضوع تجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة، ينتفض العرب المسلمون ومفكّروهم ويقولون لهم بأن هذا الأمر لا يستحقّ الاهتمام، مقابل فظاعة تجارة الرقيق عبر الأطلسيّ. ولكنّنا نعرف جيّدا هذه التجارة ونعرف أيضا الأبحاث التي جرت حولها والتنديد بها منذ سنوات طويلة. فالدراسات والمنشورات الصادرة عنها لا تعدّ ولا تحصى. أمّا في العالم العربيّ الإسلاميّ، فقد سيطر الصمت الإجراميّ دائما على استشهاد الشعوب السوداء على أيديهم.”
    لا بدّ من الإشارة والتنويه إلى بروز أناس صادقين في العالم الغربيّ، استنكروا مصير الشعوب الإفريقيّة التي انسُلخت عن أرضها، وفُصل أولادها عن أمهاتهم اللواتي تعرّضن للهول والعذاب والحزن الأليم. وكذلك طالبت حركات سياسيّة عديدة في الغرب بوضع حدّ لتجارة الرقيق عبر الأطلسيّ، ولتجارة الرقيق عبر الصحراء ونحو الشرق. ولكن من المؤسف جدّا غياب أيّ أثر لمبادرة مشابهة في العالم العربيّ الإسلاميّ وأيّة نيّة للتأسّف والندامة حتّى اليوم.
    لماذا هذا السكوت؟ يجيب الكثيرون بانّ الإسلام برّر العبوديّة وقَونَنَها، وأصبح بالتالي من الكفر عند العرب تجريمها. لذلك لم يستنكر أيّ مفكّر عربيّ مسلم هذا العمل الشائن المخزي الذي فُرض على الشعوب الإفريقيّة.
    يأسف كثيرا باحثنا السنغالي المسلم ويتساءل كيف للإسلام الذي عرف “عصر أنوار” في العهود العبّاسّيّة والأندلسيّة والفاطميّة وتغاضى عن هذه المظالم، وكيف أسهم الموسوعيّون العرب في القرن العاشر في تقدّم العلوم الطبيعيّة، مثل الكيمياء والرياضيّات والفيزياء، وكيف أغنى علماء من أمثال ابن رشد و ابن طفيل، التراث العالميّ دون أن يستنكر أحد منهم تجارة الرقيق. وبالرغم من ذلك لم يعير هذا العالم العربيّ الإسلاميّ خلال تاريخه الطويل أيّ اهتمام بالتقليد النقديّ، وبالأخص بالنقد الذاتيّ، عندما يتعلّق الأمر بقضايا لم يدحضها الإسلام.
    تأكيدا على ذلك، يذكّر الباحث السنغالي بابن خلدون الذي تهكّم على أعراق الشعوب الإفريقيّة في كتابه التاريخي المعروف بـ “المقدّمة”، فشدّد على تأثير المناخ مباشرة على وضع الحضارات وعلى أخلاق شعوبها. كما أبرز نوعا من التحقير نحو الشعوب السوداء مدّعيا التقلّب بأطباعها، وعدم استقرارها، وانفعاليّتها، وحاجتها إلى الرقص والطرب ما أن تعزف الموسيقى. وقد زعم أيضا، بالاستناد إلى براهين ملتوية وانتقائيّة، أنّ السود يعيشون في بلدان تسيطر فيها حرارة الطقس على طابع الإنسان وتكوينه، الأمر الذي يفسّر غباءهم ودونيّتهم.
    كذلك يذكّر هذا الباحث بحديث أحد علماء المسلمين “الدمشقري” عن الشعوب السوداء الذي حقّرهم وأدانهم بقوله: “لم تنزل عليهم أيّة شريعة إلهيّة. لم يظهر بينهم أيّ نبيّ. ليسوا أهلا لنقل أيّة مفاهيم عن وصايا العمل بالمعروف والابتعاد عن المنكر، عن الرغبة والامتناع. عقليتهم قريبة من عقليّة البهائم. يعود خضوع الشعوب السوداء لأسيادهم وملوكهم فقط إلى القوانين والأنظمة التي فرضت عليهم مثلما فُرضت على الحيوانات.” وبالتالي، ردّد ذلك الفقهاء والأمراء، بما فيهم أمير المغرب، مذكّرين بقول القرآن (16،71): وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي (توزيع) الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ (العبيد والإماء) فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ. أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ.”
    من المحزن أنّ هذه البراهين كانت ملائمة لهم ومريحة. فالقرآن لم يقل أكثر أو اقلّ مما يقوّله المفسّرون، لأنّ المهم بنظر “العلماء” العرب هو التفسير الذي يُعطى لما جاء في القرآن.
    لهذا السبب عندما أبلغ حاكمُ الحجاز قرارَ الحكومة التركيّة بحظر الرقيق إلى محافظ مكّة وأمره بتطبيق ذلك، أصدر هذا الأخير، “الشيخ الجمل”، فتوى يستنكر فيها هذا القرار لاعتباره مخالفا ومناقضا لشريعة الإسلام المقدّسة. وبالتالي كفّر الأتراكَ واعتبرهم أوثانا مذكّرا بحقّ كل مسلم قتلهم واستعباد أولادهم شرعا. تقول تلك الفتوى: “الأتراك مرتدّون وعلينا محاربتهم ومحاربة من يتبعهم. فمن هم معنا هم مع السماء. ومن هم ضدّنا، مآلهم الجحيم. يحقّ لنا شرعا سفك دمائهم ومصادرة أملاكهم.”
    ويشير أيضا الباحث السنغالي إلى بعض الحالات الاستثنائيّة بين المسئولين الذين لم يتنكّروا لمؤسّسة العبوديّة، بل أعفوا منها الشعوب السوداء الذين اعتنقوا الإسلام. ذكر من بينهم المؤرّخ المغربيّ أحمد بن خالد النصيري (1834-1897) الذي اعترف بشرعيّة الرقيق في الشرع الإسلاميّ ولكنّه استنكر تطبيقه، كما ثار ضدّ ما وصفه بالبليّة البارزة والجارحة، ولكنّها قائمة ومنتشرة منذ زمن طويل في بلدان المغرب، أيّ استعباد الشعوب السوداء دون حدود واستيراد أفواج كاملة منهم كلّ سنة بهدف بيعهم في أسواق المدن والأرياف حيث يتاجر بهم المغاربة وكأنّهم بهائم أو أسوأ منها. اعترف هذا المؤرّخ بهذا التطرّف في المجتمع منذ زمن طويل حتّى أنّ الناس العاديّين كانوا يفكّرون بأنّ سبب استعباد الأفارقة يعود، حسب الشريعة المقدّسة، إلى بشرتهم وأصلهم من القارّة السوداء. لذلك ثار هذا المؤرّخ على ذلك، وأكّد باسم “الله الرحمن الرحيم” خطأ هذا المفهوم، واعتبره أسوأ إهانة لإله الإسلام بالذات وللدين الإسلاميّ. ولكنّه مع اعترافه غير الإنساني بإمكانيّة استعباد الوثنيّين دون تحفّظ، شدّد على حقّ الشعوب السوداء المتأسلمة بالتمتّع بنفس الحقوق والواجبات مثل باقي المسلمين.
    لا شكّ أنّ العرب أنجزوا أعمالا كبيرة جميلة لخدمة الإنسانيّة في عصر “أنوارهم”، ولكنّهم اقترفوا في الوقت ذاته أشنع الجرائم بحقّ الشعوب الإفريقيّة.
    وبالعودة إلى العبوديّة،لقد أُلغيت رسميّا في المملكة العربيّة السعوديّة عام 1962 وفي موريتانيا عام 1980، أي بعد زمن طويل من تونس والجزائر عام 1846، وذلك دون أيّ انتقاد ذاتيّ لهذه الصفحة السوداء من تاريخهم. ولكن في الوقت نفسه، حصل نقاش عنيف حول المعالم السلبيّة والإيجابيّة للوجود الأوروبيّ في إفريقيا، حيث جرى في ظلّ الاستعمار استغلال تلك الشعوب وفرض أنظمة قاسية عليها. ولكن ممّا لا يدع مجالا للشّك أنّ الاستعمار الأوروبيّ هو الذي وضع عام 1910 حدّا نهائيّا لتجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة في إفريقيا.
    جرى غالبا طمس هذا الواقع الأليم، إي تجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة، واستخدمت أحيانا عبارة “إبادة” لوصف تجارة العبيد والعبوديّة التي مارسها الغرب. ولكنّ الباحث السنغالي استنتج بأنّ العبد في تجارة الرقيق عبر الأطلسي، حتّى وإن كانت لإنسانيّة، كان يحظى بقيمة تجاريّة من قبل صاحبه الذي أراده وجعل منه عاملا فاعلا في مؤسسته. كان من الصعب جدّا تحديد جسامة النزيف الذي تعرّضت له إفريقيا السوداء بسبب تجارة الرقيق عبر الأطلسيّ. ولكن مهما بلغ حجم هذا العدد، لا بدّ لنا اليوم من مراقبة دياسبورا الشعوب السوداء الديناميكيّة التي تكوّنت في البرازيل وجزر الكاراييب والولايات المتّحدة، لنستنتج عدم وجود أيّ عمل إباديّ ممنهج لها هناك، على غرار الإبادة الجماعيّة التي تعرّض لها الأرمن والأفارقة في العالم العربيّ الإسلاميّ أو اليهود في العهد النازيّ.
    في العالم الجديد، تمكّن جميع الأفارقة الذين غادروا أوطانهم الأصليّة من تأمين سلالة لهم، فبلغ عددهم اليوم أكثر من سبعين مليونا. لذلك يفضّل الباحث السنغالي استخدام عبارة “المحرقة” (holocauste) لوصف تجارة الرقيق عبر الأطلسيّ، لأنّ هذه العبارة تعني تضحية بشر في سبيل رفاهيّة بشر آخرين، حتّى وإن وقع بينهم عدد لا بأس به من الضحايا. لذلك أقرّت معظم الدول الغربيّة التي تورّطت في هذه المأساة، بخطئها وبمسؤوليّتها. في فرنسا مثلا، أقرّ مجلس النوّاب في العاشر من أيّار/مايو عام 2001 قانونا يصف فيه تجارة الرقيق بـ “الجريمة ضدّ الإنسانيّة”. ثمّ ارتفعت أصوات في بلدان أخرى واعتذرت عمّا فعلته عبر تاريخها. كذلك فعل الرئيس كلينتون وبعده البابا يوحنا بولس الثاني عام 1991 الذي طلب في جزيرة “غوريه” “الغفران عن الخطايا التي اقترفتها أوروبا المسيحيّة ضد إفريقيا”.
    وفي إطار الجرائم الكبرى التاريخيّة، وبالأخصّ “الشووا” La Shoah))، أيّ محرقة اليهود في زمن النازيّين، فقد اعترف ادولف هتلر نفسه بالعمل الإجراميّ المشين الذي اقترفه.
    فقط، إبادة الشعوب السوداء بسبب تجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة لم تعترف بها البلدان العربيّة الإسلاميّة، مع العلم أنّ هذه الجريمة لا تسقط مع مرور الزمن لا تاريخيّا ولا قانونيّا ولا أخلاقيّا. فبالرغم من عدم وجود ضحايا وورثة للمجرمين، لا تستطيع الشعوب المتواطئة التهرّب من المسؤوليّة. كان أمل الكثيرين من البحّاثة الأفارقة كبيرا، بما فيهم الباحث السنغالي تديان ندِيَياي، في أن يكون هناك صدى للقرارات والتوصيّات التي اتّخذت في مؤتمر الأمم المتّحدة الذي انعقد في سبتمبر 2001 في مدينة “دربان” في جنوب إفريقيا. ولكن لم يوضّح ذلك المؤتمر بصورة شاملة وموضوعيّة المأساة التي عانت منها الشعوب السوداء في إفريقيا. وحتّى يومنا هذا، يعتبر الكثيرون من العرب والمسلمين تجارة الرقيق عبر الأطلسيّ التجارة الوحيدة التي جرى تنظيمها انطلاقا من أوروبا وأميركا وأدّت إلى وفاة أو نفي ملايين الأفارقة إلى العالم الجديد.
    غير أنّ التاريخ يثبت أنّ العرب المسلمين هم السبب الأساسي لهذه المأساة المشينة والتي مارسوها على مستوى كبير وواسع جدّا. فإذا كانت التجارة عبر الأطلسي قد دامت من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر، فالعرب المسلمون قد غزوا إفريقيا ومارسوا فيها تجارة الرقيق من القرن السابع وحتّى القرن العشرين. كانوا في تلك الفترة، أيّ حوالي ألف سنة، الوحيدين الذين مارسوا هذه التجارة الدنيئة، وتمكّنوا من اقتلاع أكثر من عشرة ملايين من الأفارقة من أراضيهم، قبل أن يصل الأوروبيون إلى إفريقيا. ولكنّ وصول العرب قبلهم إليها، لم يُدشِّن “مائة عام من العزلة” بالنسبة لشعوبها فحسب، بل ألف سنة من العذابات والمآسي البغيضة. وهذا ما كشف عنه الباحث السنغالي في كتابه.
    في الواقع، دامت تجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة ثلاثة عشر قرنا دون انقطاع، واقتلعت عددا من الأفارقة يتجاوز إلى حدّ كبير ما فعلته تجارة الرقيق عبر الأطلسيّ. خلال الغزوات، قُتل عدد كبير جدّا من الأفارقة الذين حاولوا الدفاع عن أنفسهم وعن ذويهم، كما تعرّض الباقون منهم على قيد الحياة للعذاب والموت في وسط المستنقعات. وفي مناطق إفريقيّة عديدة، تعرّضت غالبيّة السكان لمآسي دون استثناء، إذ وقع الرجال الضعفاء أسرى بين أيدي تجّار الرقيق العرب. كان الأقوياء منهم يُقتلون خلال الهجوم، ويؤسر من بقي على قيد الحياة. أمّا الجرحى فكانوا يُتركون أرضاً عرضة للموت بسبب الأوبئة والمجاعة.
    هذه التجارة وحدها هي المسئولة عن أكثر من 40% من أصل اثنين وأربعين مليون أسير إفريقيّ جرى اقتلاعهم من أرضهم ونفيهم إلى الخارج. هذا الرقم هو، حسب بعض المصادر، أقلّ من الواقع. لا بدّ من تطبيق نسبة 25% من الخطأ على مرحلة من الزمن امتدّت من منتصف القرن السابع وحتّى بداية القرن العشرين. فعندما نأخذ بالاعتبار وصول أسير واحد إلى المكان الذي يُباع فيه، يكون هناك ثلاثة أو أربعة أسرى قد لاقوا حتفهم مباشرة أو بشكل غير مباشر، بفعل انعكاسات “حروب التموين المقدّسة”، وحرق القرى ومستودعات الحبوب أو بسبب الجوع والأوبئة. هكذا يمكننا بسهولة تصوّر حجم تلك المأساة على مستوى القارّة الإفريقيّة.
    لذلك يصعب جدّا على هذا الباحث السنغالي أن لا يصف هذه التجارة بـ “إبادة الشعوب السوداء” بالجملة، بواسطة المذابح، والغزوات الدمويّة، وخاصّة الخصاء المكثّف. وما يدهشه للغاية، هو وجود عدد كبير من الناس الذين يعملون في سبيل حجب رؤية هذه الإبادة ونسيانها باسم التضامن الدينيّ وحتّى العقائديّ. لقد أبرموا ميثاقا افتراضيّا بين أحفاد الضحايا وأحفاد الجلّادين والسفّاحين، وأدّى إلى الرفض والإنكار. نعم، هذا الميثاق هو افتراضيّ، ولكنّ الكارثة وقعت دون ريب. إنّها “متلازمة ستوكهولم على النمط الأفريقي”، تكشف عن أنّ أحفاد الضحايا وأحفاد السفّاحين يتوافقون معا لصبّ غضبهم على الغرب. حصل هذا وكأنّ أحفاد الضحايا أصبحوا مدينين لأحفاد السفّاحين وأصدقاء متضامنين معهم في السرّاء والضرّاء. فقرّروا تناسي كلّ شيء وعدم توجيه أيّ اتّهام لهم على الإطلاق.
    غير أنّ مجموعة من البحّاثة الأفارقة المسلمين قاموا بمحاولة طويلة الأمد وحسّاسة من الناحيّة الفكريّة والدينيّة بهدف الفصل بين الإسلام ولون البشرة. يجري كلّ ذلك للتقريب بين الشعوب السوداء والعرب ولمحو صفحة سوداء من تاريخهم المشترك. لقد قُضي على هذه البادرة من الناحية الأدبيّة عبر الإصلاح الإسلاميّ والقوميّة العربيّة القائمين في جوهرهما، وقبل كلّ شيء، على الازدواجيّة التي يتضارب بسببها السود (أو السودان)، ذوو الدونيّة التي تجعل منهم “عبيدا” يشبهون عبدة الأوثان – وهذا تنكّر خفيّ للإسلام – أيّ عبيدا للمسلمين الآخرين من العرق البيض (أو البيضان). وهذا ما يستحقّ على الأقلّ توضيح بعض الأمور الثقيلة والمؤلمة والمسكوت عنها وقيام بعض الباحثين الأفارقة، عبر مقالات وأبحاث تنشر هنا وهناك، بمعالجة جرائم العرب المسلمين بحقّ الأفارقة، ولكن دائما بنوع من الخجل والخفر.
    يتساءل تديان ندِيياي: “لماذا هذه الحساسيّة المرهفة وهذا الخبث المخادع الهادف إلى تخفيف جسامة هذه العمليّة الإجراميّة ودورها ومآسيها؟ يمكن بسهولة فهم محاولة المثقّفين والمفكّرين العرب المسلمين لإزالة هذا العار المشين وكأنّه لم يحدث. ولكن طالما لم يقرّروا مواجهة تاريخهم ومناقشة هذه الأحداث المذرية مع مواطنيهم بصدق وموضوعيّة، ستبقى هذه المرحلة من تاريخ الإنسانيّة مدفونة في الذاكرة الإجراميّة للشعوب المسئولة عنها. بالمقابل، من الصعب فهم موقف عدد من البحّاثة، بما فيهم الأفارقة الأميركيّين الذين يعتنقون الإسلام، وهو موقف ليس سليما على الإطلاق، لكونه يرزح في ظلّ المراقبة الذاتيّة، وكأن إثارة ماضي الاتّجار بالرقيق من قبل العرب المسلمين من شأنه أن يخفّف من عبء تجارة الرقيق عبر الأطلسيّ.”
    لم يبدأ بعدُ النقاش الموضوعي حول اندلاع النزيف التاريخي الذي سبّبه العرب في إفريقيا وانعكاساته الشديدة الغموض. فبالرغم من إغلاق آخر سوق للنخاسة رسميّا في المغرب عام 1920، تتواصل هذه المأساة حتّى زمننا الراهن، وبالأخصّ في دول الخليج وبلدان الشرق الأوسط. هناك أيضا بلد “عربيّ مسلم” ما زال يغضّ النظر عن هذا الواقع الاجتماعيّ المخزي في أشكاله المختلفة، ألا وهو الجمهوريّة الإسلاميّة الموريتانيّة. قال عنها أحد المراقبين: “العبوديّة في موريتانيا ما زالت موضوعا محظورا لا يُطرق. فلا السلطات التقليديّة ولا المسئولون الرسميّون يريدون وضع أنفسهم في قفص الاتّهام أو الإشارة إليهم بأيّ شكل من الأشكال. كي يتجنّبوا اتّهامهم بالمجاملة أو بالتواطؤ على الجرم، يحاول الجميع لفلفة هذه القضيّة والتستّر عليها وعدم طرحها أمام الرأي العام أو مناقشتها. يعتبرون السكوت عن المشاكل بشكل متناقض ومخادع، حلّا لها. ولكن وراء هذا السكوت الدفاعيّ يرتسم الخوف من انتفاضة العبيد ومطالبتهم بالمشاركة في ممارسة الحكم.”
    أمّا المهاجرون الأفارقة في زمننا الحاضر، فنراهم في ليبيا والمغرب وكذلك في الجزائر، يتذمّرون ويعانون الأمرّين من المعاملات السيئة التي يلاقونها ومن استغلالهم المشين والعنيف غالبا، بالرغم من مشاركتهم نفس الدين وقبولهم بـ “التضامن السياسيّ”.
    ويستنتج باحثنا السنغالي بالقول: “إذا كان معظم الأفارقة الذين جرى نفيهم واستعبادهم في العالم العربيّ الإسلاميّ، قد زالوا من الوجود تقريبا بسبب الخصاء، فإنّ سفّاحي الأمس معروفون وهويتهم واضحة، وأسماؤهم متوّفرة، لأنّ الوقائع يصعب طمسها. لقد سبقت تجارة الرقيق العربيّة الإسلاميّة وصول الأوروبيّين إلى القارّة السوداء. فملايين الأفارقة جرى غزوهم وقتلهم أو أسرهم، وكذلك خصاءهم قبل نفيهم في ظروف وأوضاع مشينة للغاية، نحو الشرق ومصر وبعض الدول الإسلاميّة، بواسطة القوافل أو عبر البحار، انطلاقا من المراكز التجاريّة على شواطئ إفريقيا الشرقيّة. تذرّع العرب المسلمون بحجّة أسلمة الشعوب الإفريقيّة، فاقترفوا الجرائم الأكثر خزيا والأعمال الهمجيّة الأكثر اشمئزازا. جرى مسبقا إعداد هذه الأعمال الإجراميّة، وتنظيمها واستمرارها وتبريرها خلال أجيال من قبل شعوب يدّعون بانتمائهم إلى دين توحيديّ وإنسانيّ ويتبعون تعاليم النبيّ محمّد.”
    لا يستهدف تديان ندِيَياي في بحثه هذا تهذيب الأخلاق، بل يتساءل: “كيف يمكن مقارنة ما حدث، نظرا إلى العقليّات والحساسيّات في العصور السابقة، مع ما هو قائم اليوم؟ لذلك تطمح محاولتنا إلى إعلام الناس وتحسيسهم بالبعد الهائل لتلك التجارة المرعبة بالرقيق عبر الصحراء ومن الشواطئ الشرقيّة في إفريقيا. لقد حان الوقت كي يقبل البحّاثة في الدول المعنيّة ويصبّون جهودهم على تلك الصفحة السوداء المخزية من تاريخهم المشترك. لا يمكن استخلاص أيّ تعليم دون الاعتراف الصريح والرسمي بهذه الأحداث التاريخيّة الثابتة. انتظرنا في مؤتمر “دربان” الجرأة والشجاعة لعرض هذه المسألة من جميع جوانبها. غير أنّ المشاركين لفلفوها ونجحوا في إخفاء أو بالأحرى في حجب دور ومسؤوليّة الأمم العربيّة المسلمة في استشهاد الشعوب السوداء الإفريقيّة واستنزافها خلال ثلاثة عشر قرنا من الزمن دون انقطاع. خلطوا الأمور خارج الموضوع، عندما قام بعض المشاركين بالحديث عن “جرائم الصهيونيّة” وعن التضامن مع الفلسطينيّين. كما اكتفوا في توجيه الاتّهام إلى تجّار الرقيق الغربيّين ومطالبتهم بالندامة والتعويض المالي. هكذا أماطوا اللثام في الوقت نفسه عن كل الجرائم الأخرى، وافسدوا جوهر ذلك اللقاء، حيث كان منتظرا الكشف عن كلّ الوقائع والحقائق والمسؤوليّات والتواطؤ بمختلف أشكاله حول كلّ أنواع الاتّجار بالرقيق. فحجاب الصمت الذي أسدلوه، أخفى جريمة العرب المسلمين في هذا المجال. استهدف الصمت التضليل بحكم الإدّعاءات الكاذبة والخداع والبراهين السلطويّة التي أخّرت لا بل عطّلت كل توضيح وكشف للوقائع عن هذا الموضوع.”
    في خلاصة الأمر، حّدد هذا الباحث المسلم الجريء الأهوال الشنيعة لهذه الإبادة منذ بدايتها بفضل الشهادات التي تركها عدد من المؤرّخين والرحّالة. وهناك معطيات أخرى لم يُكشف عنها بعد، من شأنها أن تنزع القناع وتوضّح أمورا كثيرة، خاصّة في الوقت الذي توصّل فيه البحّاثة لمقارنة المعطيات التاريخيّة والتقاليد الشفهيّة عبر استخدام علوم الأنتروبولوجيا والديموغرافيا، وذلك للتعويض عن نواقص الوثائق المكتوبة.
    ويختم تديان ندِيَياي بحثه بالقول: “في هذه المأساة، تبقى ذاكرة الأموات أكثر هولا وإثارة من ذاكرة الأحياء. بدلا من مطالبته بالثأر، يطالب الدم بالعدالة أمام التاريخ، رغم التلعثم حول ما يحدث في دارفور. الشعار الشهير never again الذي أطلقه المجتمع الدوليّ غداة الحرب العالميّة الثانية، أيّ عدم السماح إطلاقا بعد الآن بحدوث مثل تلك المجازر، لا قيمة له إطلاقا ولا معنى له عندما يحصل حجب انتقائي في الذاكرة. لن ينجح الخداع والصمت إلى ما لانهاية في حجب وإخفاء أحداث ثابتة وأكيدة. فالذاكرة الإنسانيّة تفرض أن لا يماط اللثام أبدا عن أهوال تاريخيّة مؤلمة وكارثيّة.”
    لا خفيّ إلّا سيظهر ولا مكتوم إلّا سيعلن

    1. كاتبك السنغالي هذا فلا ادري هل هو مسلم , اذ ان اسمه تديان ندِيَياي (Tidiane N’Diyaye)، لا يعطي اشارة الى انه مسلم او غير مسلم , ثم اع عملية الاخصاء كانت موجودة فقط على العبيد او الخدم في القصور و الذين يعيشون و يختلطون مع حريم القصر ( الحرملك) و هؤلا لا يمثلون حتى واحد في المئة و هناك الكثير من السود يعيشون في مناطق من الجزيرة العربية منذ قرون , فلماذا لم ينقرضوا؟ كما ان هناك الكثير ممن اختلطوا بالسكان و تغير لون بشرة و ملامح احفداهم و الحمض الوراثي ال دي ان ايه اثبت ذلك اي ان هناك نسبة من سكان الجزيرة العربية حمضهم الوراثي يشترك مع بعض الافارقة السود الحاليين مما يفند ادعاعءات كاتبك هذا التي لا سند و لا مرجعية لها الا التلفيق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..