مقالات سياسية

إيقاف الحرب خطوة ضرورية ومرحب بها لكنها ليست كافية

... فلنعمل لانهاء الحروب السودانية والى الأبد

مسعود الحسن

● بعد دخول الحرب شهرها السابع وضح جليا أن الطرفين عاجزين عن تحقيق اي انتصار حاسم على مستوى الأرض ،وأن المتضرر الأكبر منها هو الوطن والمواطنين . و رغم ادعاء طرفي الحرب من جنرالات الجيش وقيادات مليشيا الدعم السريع بالموافقة علي إيقافها والتفاوض الا ان الواقع يكذب ذلك الادعاء . بل تزداد المناطق التي تدخل في دائرة الصراع والحرب وتتسع يوما بعد الاخر والان من أصل ١٨ ولاية تدور المعارك اليومية في ٩ ولايات اي نصف الولايات تشتعل فيها الحرب (الخرطوم ولايات دارفور ال٥ وولايات كردفان ال٣ ) والاخطر أن هذه الحرب في طريقها للتحول لحرب أهلية وقبلية وهي بهذا تشكل أكبر مهدد لوحدة السودان والأمن والسلم في المنطقة و الاقليم.

● من ناحية ثانية فشل الطرفان في الالتزام بإعلان جدة حول فتح المسارات وتقديم الدعم الإنساني فتم خرق كل الهدن و التمادي في الانتهاكات ضد المدنيين والأعيان المدنية والقصف العشوائي والتهجير والطرد والاعتقالات والتعذيب والاغتصابات بل والتصفية الجسدية خاصة في دارفور، وولاية الخرطوم.

● علي الرغم من الموقف الايجابي للمجتمع الدولي والاقليمي من الحرب وادانتها إلا أن خطواته بطيئة في الضغط على طرفي الحرب للرضوخ لارادة الشعب السوداني الرافض تماما لهذه الحرب . و رغم حراك بعض القوي السياسية وتعدد المبادرات الداعية لإيقاف الحرب الا ان صوت القوي المدنية ضعيف لإهماله للعمل بالداخل والتركيز على الخارج كما أن عدم قدرتها على خلق وحدة مبنية على العمل قاعديا سيساهم في استمرار هذه الحرب. في المقابل نجد أن داعمي الحرب من الفلول وجماعات المؤتمر الوطني والتي تعمل لاستعادة وضعها بالعودة للحكم بعد اسقاطها بثورة ديسمبر المجيدة هم الأكثر حركة والاعلى صوتا بالداخل و يمارسون كل أشكال الإرهاب والعنف ضد كل الداعين لإيقاف هذه الحرب الممنهجة والتي ضمن أهدافها الرئيسية القضاء على ثورة ديسمبر المجيدة والانتقام من القوى التي أنتجتها.

● أي خطوة أو مبادرة أو جهود عملية لإيقاف الحرب يجب ان تجد الترحيب والمساندة من الجميع وذلك من أجل عودة النازحين والفارين في دول الجوار و مراكز الإيواء من جحيمها إلى منازلهم وديارهم وخروج مليشيا الدعم السريع منها واستعادة حياة الناس العاديين الطبيعية وتقديم العون الإنساني وحماية المدنيين توصيل الدواء والغذاء لهم ومساعدتهم في استئناف أعمالهم وسبل كسب عيشهم بعد ما خلفته من آثار ودمار وموت سيعاني منها السودان وشعبه لزمن طويل ، فإيقاف الحرب ودرء آثارها وإعمار ما دمرته ، وخروج مليشيا الجنجويد والجيش من المستشفيات والمرافق العامة، وفتح المسارات الآمنة لتوصيل الإغاثة، واستئناف الدراسة بالتعليم العام والعالي ، وإعادة تأهيل المستشفيات والأسواق والمصانع والبنيات التحتية. لا يجب أن يكون مكان اختلاف مطلقا الأولوية الآن لإيقاف الحرب.

● إيقاف الحرب هو الخطوة الأولى في اتجاه انهائها فالعلاقة بين _ الإيقاف والانهاء – علاقة جدلية فلا يمكن إنهاء الحرب قبل إيقاف أصوات البنادق ودوي المدافع والدانات والقصف العشوائي وعودة المواطن لممارسة حياته اليومية بشكل آمن ، وهو خطوة صحيحة في اتجاه وضع المعالجات الجذرية للأسباب التي قادت إلى الحروب التي ظلت تشهدها بلادنا منذ ما قبل الاستقلال والتي بدونها سيكون الايقاف مجرد هدنة طويلة الأمد سرعان ما تعود الحرب مرة أخرى أكثر شراسة.

● من المهم ان نفهم ان هناك قوى اجتماعية وطبقية ليس لديها مصلحة في إنهاء الحرب ولكنها تحت الضغط الداخلي والدولي و لحالة الانهاك التي وصلتها،ولتحقيق توازن قوة جديد ستعمل تكتيكيا على إيقاف الحرب مؤقتا للمحافظة على مصالحها ريثما تستعيد التقاط أنفاسها وتشعلها من جديد وتتمثل هذه القوى في الرأسمالية الطفيلية ممثلة في الحركة الإسلامية وحلفائها وذراعها الباطش في المتمثل في جنرالات اللجنة الامنية وجهاز الأمن ومليشياتها وكتائب الظل والدفاع الشعبي و وليدها الشرعي المتمثل في مليشيا الجنجويد وحلفائهم الإقليميين والدوليين الطامعين والطامحين في نهب موارد البلاد وثرواتها والمحافظة علي مصالحهم وهي تمثل العدو الرئيسي للثورة.

● لهزيمة هذه القوى/ العدو يجب أن تكون الدعوة لإيقاف الحرب مسنودة بأوسع جبهة لأصحاب المصلحة الحقيقية في إنهاء الحرب والتي لا تتعارض مع الدعوة لوحدة القوى المدنية الداعية لإيقاف الحرب جبهة أساسها القوى الحية ممثلة في القوي السياسية والمدنية الوطنية ولجان المقاومة (ميثاق ثوري وسلطة شعب) ومن النساء والشباب والنقابات وتحالف قوى التغيير الجذري وتنسيقيات النازحين واللاجئين والفاعلين في غرف الطوارئ والقوي المدنية التي تعمل وسط المعسكرات ومراكز الإيواء وأسر الشهداء والضحايا والمصابين والجرحى والقوى المنتجة من العمال والحرفيين والمزارعين والمهنيين والتجار والراسمالية السودانية وكل المتضررين من هذه الحرب بما فيهم من جنود وصغار ضباط وضباط صف وأن تتوحد وتنسق جهودها للعمل على قطع الطريق أمام القوى التي تدعو وتعمل لاستمرار الحرب عبر التحشيد العسكري والاستقطاب القبلي والعنصري والاثني والجهوي و تغذيتها، وأن تكون على رأس مطالبها إيقاف الحرب وتجريم أطرافها وداعميها و إدانتهم باعتبارهم مرتكبي جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وابادة جماعية واستبعادهم تماما من المشهد السياسي بعودة العسكر للثكنات وحل مليشيا الجنجويد، و الحركات، و الكيزان “كتائب الظل والدفاع الشعبي .الخ”، وجمع كل السلاح في يد الجيش، وقيام جيش قومي مهني موحد . و تحقيق السلام العادل والشامل الذي يخاطب جذور وأسباب الحرب وتفكيك وتصفية نظام المؤتمر الوطني البائد ومحاسبته على جرائمه منذ انقلابه المشؤم وحتى اندلاع الحرب مرورا بمجزرة فض الاعتصام وشهداء مقاومة انقلاب ٢٥اكتوبر وجرائمه في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والاقتصاص للشهداء وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب وإحداث تغيير حقيقي ومفارقة طريق التبعية والتخلف والجوع والفقر والحروب .

● تقوية الصوت المدني الموحد الذي يمثل الجبهة الجماهيرية العريضة قاعديا والتي تضغط على طرفي الحرب لإيقافها وتجريم أطرافها وداعميها و إدانتهم باعتبارهم القوى التي تعمل على استمرارها يجنب من انفتاح المشهد الي سيناريوهات أكثر خطورة تبدأ باتساع الحرب وانفتاحها في كل الوطن وتأثيرها في المنطقة والإقليم مما يهدد السلم والأمن فيهما خاصة وان المنطقة والاقليم يشهدان صراع دولي محموم للهيمنة والسيطرة على ثروات المنطقة وفرض النفوذ وساعتها لن يقف المجتمع الدولي متفرجا ففي غياب دور القوى المدنية والسياسية وتوحدها تفرض الحلول الخارجية وفق مصالح القوى الدولية والاقليمية بل قد نشهد سيناريوهات تقسيم الوطن لدول أو سيناريو التدخل الدولي تحت البند السابع …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..