مقالات سياسية

ماذا يعني إجتماع المائدة المستديرة؟ (2)

وما أهميته لوحدة القوي المدنية الديمقراطية؟

د. الحسن النذير

في المقال السابق، 28 أكتوبر الجاري، تناولنا معني إجتماع المائدة المستديرة ، وأهميته لبناء الجبهة المدنية العريضة، لإيقاف الحرب والتحول المدني الديمقراطي، بصفة عامة.
كما جاء في ذلك المقال، من أهم ميزات المائدة المستديرة، أنها آلية تسمح بتبادل وجهات النظر حول الموضوعات قيد البحث، بحرية وشفافية “وتكافؤ.”. هذا يعني، أن المجتمعين كلهم يتمتعون بفرص وحقوق متساوية خلال اجتماعهم.

السمة الأساسية الثانية والتي نركز عليها في هذة الحلقة، هي ان نظام المائدة المستديرة ينبني علي اتفاق المجتمعين علي أهداف رئيسية لإجتماعهم، يتفقون عليها مسبقاً. مثال لذلك، “حل مشكلة الجنوب” في أول، وربما آخر مؤتمر مائدة مستديرة في السودان، في أركويت عام 1965. وفي الحالة التي نحن بصددها حالياً، “إيقاف الحرب والتحول المدني الديمقراطي”. وبطبيعة الحال، هذا الهدف الرئيسي، هدف معلن من قبل العديد من الأطراف السياسية، منظمات المجتمع المدني، النقابات، لجان المقاومة، المبادرات والتجمعات المدنية المختلفة، وفوق كل ذلك من قطاعات الشعب السوداني المكتوية بنير هذة الحرب اللعينة. هنا يبرز إلي السطح السؤال الأهم، وهو كيفية الوصول الي هذا الهدف!
لا شك أن ذلك، ليس بالأمر اليسير، رغم أهميته العاجلة. ولا شك أن الرؤي المتباينة حول كيفية الوصول للجبهة المدنية “العريضة”، قد برزت بوضوح علي ساحة العمل السياسي في السودان وفي العديد من دول المهجر. ولا يخفي علي أحد تعدد المنابر والمبادرات التي تناولت هذا الموضوع بجدية عالية، في الايام القليلة الماضية. يعلم الجميع أيضاً بأن من أبرز المناشط التي تمت في هذا المجال، تتمثل في الاجتماع “التحضيري”، لوحدة القوي المدنية الديمقراطية”، أديس أببا 21-26 أكتوبر، 2023.

قبل أن يبدأ هذا الاجتماع، بدأت موجات النقد الموجهة لة تتكاثر في الأفق. وعملياً بدأت بتناول أوجه القصور في “طريقة التحضير” له، حيث يري البعض أن العجلة المخلة صاحبت ذلك التحضير وأن الجبهة المدنية – قحت، قد انفردت عملياً بالدعوة لهذا الاجتماع. لاحقاً، بدأت موجة أخري من النقد تتناول مخرجات الإجتماع.

دون التعرض لتقييم مخرجات إجتماع أديس أببا آنف الذكر، نرجع إلي أهم مرتكزات آلية المائدة المستديرة: “الإتفاق المسبق علي الأهداف الرئيسة للإجتماع”. وبطبيعة الحال، هنالك ضرورة لتحديد أدق ومفصل أكثر لمحتوياتها، والتوافق حولها، من أجل التوصل إلي أجندة محددة ومقبولة وجدول اعمال واقعي، يتناسبان والأهداف المتفق عليها. كذلك من المهم أيضاً التوافق علي الجهات المعنية وصاحبة المصلحة في الإجتماع قيد البحث. بخلاف ذلك من العسير تنظيم إجتماع مائدة مستديرة ناجح. لذلك علي من يدعوا لاجتماع يهدف إلي وحدة القوي المدنية الديمقراطية، أن يأخذ هذة الأسس والمرتكزات في الحسبان، وإلا فإن وصوله الي هذا الهدف سوف يكون أمراً عسيراً، بل مستحيلاً. من هذا المنطلق، علي الداعين لبناء جبهة مدنية “عريضة”، أن يقرأوا بدقة، خارطة الرؤي السياسية المختلفة في السودان، وأن يبحثوا في قواسمها المشتركة. ذلك سوف يساعد علي تحديد “الحد الادني”، الذي يجمع بين هذة الرؤي. في هذا السياق، لنا أن نسأل – علي سبيل المثال – هل قرأ الذين أشرفوا علي تنظيم إجتماع أديس أببا آنف الذكر، (رغم أنه قد عرف بأنه اجتماع تحضيري لوحدة القوي المدنية)؛ هل قرأوا رؤية تنسيقيات لجان المقاومة حول وقف الحرب والتحول المدني الديمقراطي؟ هل قراوها قبل الدعوة لإجتماعهم أو علي الأقل قبل إصدار بيانهم الختامي؟
يتبع
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..