مقالات وآراء

نحن من بلاد “لا يحزنون ولا يخجلون”

عثمان بابكر محجوب

أمَّةً كانَتِ البِلادُ فَأَمسَت   *****  أُمَّةً ما دَرَت بِمَن تَستَجيرُ
تعتبر عودة وفد الجيش الى مفاوضات جدة مع الدعم السريع  عبارة عن خطوة ايجابية تضخ بعض  التفاؤل في شرايين اليأس الوطني العام . لكن ما نشهده من مبالغة في المراهنة على هذا المسار وتحميله ما لا يحمل ناتج عن منح الكثيرين لانفسهم حرية التفكير بالتمنيات ، رغم وضوح الهدف الذي حدده بالتزامن بيان الخارجية الاميركية وبيان الخارجية السعودية وهو البحث في اليات تنفيذ إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين السودانيين الصادر في 11 مايو

. وفق التالي :
• تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
• تحقيق وقف إطلاق النار، وإجراءات بناء الثقة
• .إمكانية التوصل لوقف دائم للأعمال العدائية.                                                    واذا ما نجحت هذه المبادرة في وضع هذه الاهداف على سكة التنفيذ لا شك انها ستحوز على تاييد ومباركة كل سوداني مخلص لاهله ووطنه يرغب في وقف نزيف الدم واعمال تدمير البلاد وخرابها. لكن هذا ليس كافيا طالما ان الصراع القائم لم يتوج بحل سياسي شامل . حيث ان الدروس المستفادة من تجارب الحروب الاهلية التي حصلت في دول كثيرة تفيد بان الحلول الامنية وحدها تؤدي الى تعقيدات يصعب حلها على المدى الطويل وقد تكون سببا كافيا للاطاحة بوحدة البلاد . حيث ان التجربة اثبتت ان اي وقف اطلاق نار مبتور (اي  دون حل سياسي) حصل تحت اشراف لجنة مراقبة او بالفصل بين المتحاربين عبر قوة عسكرية محايدة تولد عنه تحول خطوط التماس الى خطوط حدود ثابتة  ادى النهاية الى تفريخ  امراء حرب في الاحياء الخلفية لخطوط الحدود الجديدة وجعل من حياة المواطنين فيها جحيما وهذا الامر سيحصل حتما في مناطق نفوذ الدعم السريع لان رفع الجنجويد لراية الحكم الديمقراطي والحكم المدني لا يعني انهم قادرين على التحول بين ليلة وضحاها من قطاع طرق الى ملائكة. وهنا لا بد من التأكيد على ان ميليشيا الدعم السريع وكتائب الاسلاميين ولواء البراء بن مالك من عجينة واحدة بخميرة مختلفة الجنجويد خميرتهم القبلية والاخرين خميرتهم “ان الله وملائكته يصلون عل النبي” لكن الفرق بين  الجنجويد والاسلاميين ان الدعم يمارس سلاح الاغتصاب كهواية بينما يمارسه الاسلاميون كمهنة.                                                       وفي مطلق الاحوال فان اية مبادرة تؤدي الى وقف اطلاق النار هي مبادرة مباركة , لكن الصراحة الاميركية –السعودية في حصر أهدافها بالمسائل الانسانية تدعو الى القلق وليس لها ما يبررها خصوصا وان وقائع الميدان تؤشر الى  بداية انهيار الحكم المركزي بعد تلقي الجيش ضربات موجعة في الفترة الاخيرة .

حيث استطاعت قوات الدعم السريع في دارفور طرد الجيش من نيالا وكادوقلي والسيطرة على مطار وحقل بليلة ، وهذا التقدم لا يمكن اعتباره انتصارا على الجيش بقدر ما هو تنفيذ لخطة تمكن الدعم السريع من تاسيس دولته في دارفور واعتماد مبدأ الدبلوماسية البريطانية في الماضي “فما هو لنا هو لنا وما هو لكم يمكن التفاوض عليه” في المناطق الاخرى وهنا تظهر لمسات ود زايد وبصمات نتنياهو في مشروع الهيمنة على السودان وتقسيمه وحكاية مطار ام جرس في تشاد الذي يزود الدعم السريع بالاسلحة الامارتية والاسرائيلية يؤكد ان هناك تنسيقا بين ديبي وحميدتي ليس بسبب انتماءهما الى قبائل عربية بل بسبب بيدقين في المشروع الاسرائيلي

-الاميركي بواجهة اماراتية ولا ننسى اطراء الرئيس التشادي لدور الموساد في تعزيز العلاقات التشادية- الاسرائيلية او تصريحات البدوي يوسف عزت عن حماس خلال تقديم اوراق اعتماده ككلب للموساد نيابة عن الدعم السريع. وكي لا نندم بعد فوات الاوان ونصبح لقمة سائغة للجنجويد علينا ان نتحسب لاحتمال انهيار الجيش بعد ان اضعفته الهزائم ونخرته الخلافات مع وحوش فلول البشير ويكون ذلك بالتحضير لانتفاضات شعبية  تطيح بحكم البرهان ولجنته الامنية  المتداعي ، يليها التحضير لمواجهة برابرة دارفور .

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..