اختراق جدر الصراع الاسمنتية

يوسف السندي
فكروا للوطن، فكروا في كيفية ايقاف الحرب وبناء المستقبل، اخترقوا هذه الجدر العالية المانعة للتفكير في المستقبل الموحد لشعب واحد ووطن واحد.
الحرب العالمية الأولى قتلت ١٦ مليون شخص، فجلس العالم الى بعض واتفق على ان الطريق لمنع مثل هذه الحروب هو الحوار بين العالم حول الاسباب ومعالجتها، فنتج عن ذلك ظهور عصبة الامم في عام ١٩١٩.
اندلعت الحرب العالمية الثانية فقتلت اكثر من ٥٠ مليون شخص، فاجتمع ممثلي العالم مرة اخرى للحوار ونصب أعينهم العمل على منع نشوب حرب عالمية ثالثة، فظهرت الامم المتحدة، ونجحت في منع نشوب حرب عالمية ثالثة حتى الآن، وفي ظل وجودها تمددت موجات المدنية والديمقراطية في العالم ( موجات هتنجتون).
اندلعت الحرب في السودان منذ عام ١٩٥٥ ومازالنا نتحارب حتى هذه اللحظة، فمتى تقودنا هذه الحروب إلى اجماع وطني لمناقشة الاسباب ووضع المعالجات المطلوبة؟!
عالج العالم الصراعات والحروب بالوحدة، كل من يدعو الى الانفصال كوسيلة لمعالجة أزمة حرب وطنية هو شخص فيه خلل تفكيري، وكمثال؛ هل نجح انفصال الجنوب الذي دعا له الانفصاليون كوسيلة لمعالجة أزمة الحرب الوطنية في السودان، في ايقاف الحرب؟
وكمدخل لهذا التفكير نقول ان الحرب الحالية والحروب السابقة في السودان نتجت عن فكرة جوهرية واحدة وهي:
( فكرة استخدام السلاح لتحقيق الأهداف السياسية، سواء للسيطرة على الحكم بالسلاح (الانقلابات) او المطالبة بالحقوق السياسية في الحكم والثروة (الحركات المسلحة)).
ببساطة شديدة؛ اذا استطعنا ان نعالج هذه الفكرة الجوهرية بطريقة سلمية صحيحة فان الحرب ستتوقف في بلادنا الى الابد.
كيف نحقق هذه المعالجة هذا هو مجال الصراع. ويجب أن نفكر جميعا كسودانيين في كيفية تحقيق هذه المعالجة.
من يقول الحل في تفويض الجيش او تنصيب مليشيات او إقامة حكم شمولي هو ببساطة يعيد انتاج الازمة والحرب.
التاريخ يحدثنا بأن جميع اتفاقيات السلام التي جرت للحروب في السودان كانت فاشلة:
اتفاقية أديس اببا للسلام بين النميري وحركة الجنوب ١٩٧٢
اتفاقيات الكيزان (الكتيرة ومسيخة):
اتفاقية الخرطوم للسلام ١٩٩٧
اتفاقية السلام مع حركة قرنق ٢٠٠٥
اتفاقية القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي ٢٠٠٦
اتفاقية اسمرا مع جبهة الشرق ٢٠٠٦
اتفاقية الدوحة مع حركات دارفور ٢٠١١
وغيرها
جميعها فشلت لسبب جوهري واحد وهو انها كانت (اتفاقيات ثنائية ) بين حكومة شمولية من طرف وحركة او اكثر مسلحة من طرف اخر، ولم تكن اتفاقيات شاملة.
اذا تم استخدم نفس هذا المنهج في معالجة الحرب الحالية، عبر توقيع اتفاق ثنائي بين الجيش والدعم السريع فقط ، فاننا نكون قد حرثنا البحر وأعدنا انتاج الازمة والحرب من جديد.
المطلوب:
ان يتبلور عن هذه الحرب حوار سوداني شامل، من اجل صياغة عقد اجتماعي جديد يلم شمل كل السودانيين ويوحدهم ويعبر عنهم، نخرج منه موحدين ضد الحرب والكراهية ومع السلام والمواطنة، ونرسي عبره غايات عليا لا يمكن لاي مواطن او جيش او حزب سياسي ان يتخطاها او يتغول عليها اهمها: الحرية والمواطنة وحكم القانون.
كيف يتبلور هذا؟
هذا ما يحتاج رأي الجميع وقبل ذلك ايمان الجميع به.
فكروا في مستقبل السودان بشكل مختلف، اطرحوا الحلول، فهذا الوطن قدرنا ولابد ان نصنعه معا ونعيش في داخله معا.
فكروا للمستقبل، تذكروا ابناءكم واحفادكم، من حقهم ان لا يعيشوا ما عشتموه من حرب ونزوح وشتات، من حقهم ان يعيشوا في بلد امن ومعافى.
هذا ما نحتاجة يا دكتور السندي الالتزام ب الاتفاقيات ولو نفذنا 50% مما جاء في الاتفاقيات لكان حالنا اقضل بكتير مما نحن عليه ..
نحتاج الي ان نحترم بغضنا في الفكر والطرح ومناقشة وايجاد الحلول لكي نعيش كلنا في الوطن الذي نحلم به جميعا
كنا نقول مثل كلامك ده قبل الحرب وكنتوا تسخروا منا.. يا دوب عرفتوا الغلط وين..علي اي حال نؤيد مثل هذا الطرح ونأمل التمسك به من أجل المصلحة العامة.