رغم تراجع شعبية بايدن: انتصارات ساحقة للديمقراطيين فى الانتخابات الأمريكية

واشنطن : محمد يوسف وردى
حقق الحزب الديمقراطى انتصارات ساحقة فى الانتخابات الأمريكية .حيث حصل فى الليلة الماضية علي نتائج باهرة تعد بمثابة تعويض لأنصاره عن خيبة أملهم فى الاقتصاد وفى الرئيس جو بايدن نفسه.
وجرت الانتخابات فى عدة ولايات من بينها اوهايو و كنتاكى و مسيسيبي وبنسلفانيا، على مقاعد منصب الحاكم وعضوية البرلمان والمحكمة العليا ومن أجل تعديل الدستور ،لكن نتائج كل تلك السباقات أظهرت أن الناخبين تدفقوا نحو صناديق الاقتراع للدفاع عن حقوق الاجهاض المثيرة للجدل أكثر من أى شىء آخر ، حيث سجل أنصار حقوق الإجهاض نصرا كبيرا فى ولاية كبيرة مثل أوهايو ، ما قد يجعل الإجهاض الذى يستفز الديمقراطيين ويحفزهم للتصويت بكثافة، بندا اساسيا فى الانتخابات الرئاسية العام القادم.
فرجينيا
أحكم الديمقراطيون سيطرتهم الكاملة على المجلس التشريعى فى الولاية .وعد المرشحون الديمقراطيون الناخبين بعدم التراجع عن حقوق الاجهاض وحققوا فوزا كبيرا وتمكنوا من قطع الطريق على الجمهوريين الذين كانوا يتطلعون لزخم كبير بغية استخدامه كنقطة انطلاق فى انتخابات ٢٠٢٤.
نجحت حملة الديمقراطيين التى تصور الجمهوريين كمتطرفين فى موضوع حق الاجهاض ،وادى ذلك لمغادرة عدد كبير من الناخبين خاصة النساء فى شمالى فرجينيا المتاخمة لواشنطن الحزب الجمهورى.
وكان حاكم فرجينيا المحافظ قد قدم مشروعا يحظر الاجهاض بعد ١٥ اسبوعا كحل توفيقى ظنا منه بانه سيجذب الناخبين ، لكن الناخبين اعتبروا الاجهاض محورا حاسما فى الانتخابات لا يقبل الحل الوسط ،علما بان فرجينيا تعد الولاية الجنوبية الوحيدة التى لا تحظر عمليات الاجهاض. وبذلك سيكون الحاكم الجمهورى لفرجينيا مقيد اليدين خلال ما تبقى له من وقت فى منصبه ولن يكون بوسعه المضى قدما فى اجنداته المحافظة التى روج لها.
علاوة على ان هذه النتائج تعد انتكاسة سياسية لحاكم كان ينظر له كنجم صاعد فى صفوف المحافظين ويأمل فى الترشح حتى للرئاسة العام القادم.
كانت انتخابات فرجينيا بمثابة اختبار بالنسبة للجمهوريين لأنهم كانوا ينظرون اليها كمقياس لامكانية سيطرتهم على الرئاسة والكونغرس فى ٢٠٢٤.ولذلك تعمد مرشحوهم فى فرجينيا بالذات صرف أنظار الناخبين عن حق الاجهاض لكن الحاكم أقحم نفسه فى الدفاع عن مشروع حظره .
أوهايو
سجل أنصار حقوق الاجهاض نصرا كاسحا فى الولاية التى تميل للحزب الجمهورى. وتمكنوا من تثبيت الاجهاض فى الدستور الامر الذى تكرر من قبل فى عدة ولايات جمهورية . حيث نجحت جماعات حق الاجهاض – منذ أبطل القضاة المحافظون فى المحكمة العليا هذا الحق التاريخى المعروف بقضية رو ضد وايد والذى سمح بعمليات الاجهاض فى جميع ارجاء الدولة لما يقرب من نصف قرن وأعادوه الى سلطة الولايات – فى تحقيق سلسلة من الانتصارات فى كنساس وكنتاكى وويسكونسن.
ويرى خبراء أن انتصارات أوهايو ستخلق زخما تكون نتيجته وضع حق الإجهاض على بطاقة الاقتراع فى انتخابات ٢٠٢٤ فى ولايات أريزونا وفلوريدا ونيفادا ونبراسكا ما سيؤدى لزيادة إقبال الناخبين وتحويل الانتخابات الرئاسية فى العام القادم إلى ساحة معركة فى بعض المواقع . وكانت قضية الإجهاض قد عززت حظوظ الديمقراطيين فى إنتخابات التجديد النصفي فى العام الماضى بالاضافة الى سباقات حكام ميتشغان وبنسلفانيا واريزونا.
ويرى البعض أن قرار سكان اوهايو فى الليلة الماضية يعد توبيخا صريحا للجمهوريين المحافظين، ما يضع الحزب الجمهورى امام مازق حقيقى لاسيما وان تحليلات نتائج الانتخابات أظهرت أن الناخبين فى الضواحي ذات الدخل المرتفع على حواف المدن الكبرى والذين يميلون الى الحزب الجمهورى أبدوا حرصا شديدا على دعم حقوق الاجهاض ناهيك عن أن النساء الجمهوريات المتعلمات عبرن عن رفضهن لتدخل السلطات المحلية فى موضوع حق الاجهاض.
بنسلفانيا
توصف بنسلفانيا بانها اكبر ولاية متارجحة فى الانتخابات الرئاسية وهى تعرف بذات اللون الأرجواني تمييزا لها عن الولايات الحمراء ( الجمهورية ) والولايات الزرقاء ( الديمقراطية) ، وفاز الديمقراطيون بمقعد فى المحكمة العليا عززوا به اغلبيتهم فى المحكمة المهمة.
كنتاكى
فاز المرشح الديمقراطى أندى بشير بمنصب الحاكم وتمكن من اقصاء منافسه الجمهورى المدعوم من ترمب بسهولة عن طريق التركيز على القضايا المحلية وعلى راسها حق الاجهاض فى تلك الولاية المحافظة ،وبينما فاز المرشح الجمهورى لمقعد سكرتير الولاية عن طريق النأى بنفسه عن اجندات ترمب ، تبنى المرشح لمنصب الحاكم مزاعم ترمب وغرق .
مسيسيبي
تعد مسيسيبي احدى معاقل الجمهوريين وكان طبيعيا ان يفوز فيها حاكم محافظ . لكن الجديد فى انتخابات الليلة الماضية ان الديمقراطيين انفقوا اموالا طائلة لدعم مرشحهم براندون بريسلى ابن عم أسطورة الروك أند رول الراحل وحققوا حضورا مميزا فى المشهد الانتخابى حصل بموجبه بريسلى على اصوات عديدة قد تجعل الحزب الديمقراطى يسعى لقلب نتائج الانتخابات فى هذه الولاية فى المستقبل.
هل أثر انحياز بايدن لاسرائيل على حظوظ الديمقراطيين ؟
بسبب مؤازرته لاسرائيل يتعرض الرئيس جو بايدن لضغوط كثيفة قد تكلفه البيت الابيض. وقد اظهرت نتائج استطلاعات الراى التى نشرت فى وقت واحد مع نتائج الانتخابات تراجع شعبيته ، الامر الذى يثير قلق الديمقراطيين خاصة وان فلسطين تشكل قضية كبيرة لدى الجناح التقدمى فى الحزب .
ومعروف ان موضوع الدعم الامريكى لاسرائيل اصبح قضية حزبية فى امريكا منذ ايام الرئيس الاسبق باراك اوباما، الأمر الذى يفسر انقسام الديمقراطيين بين مجموعة ترى أن بايدن يقوم بعمل جيد عندما يتعلق الأمر بمساندة اسرائيل ،بينما ترى مجموعة أخرى ان الشعب الفلسطينى معرض لخطر الابادة بسبب الحرب وان المدنيين على الجانبين أولى بالاهتمام وليس الاسرائيليين وحدهم. ويتزامن ذلك مع نشر المعهد العربى الأمريكي نتائج استطلاعاته التى وجدت انخفاضا حادا فى شعبية بايدن لدى العرب الامريكيين من ٧٤٪ فى عام ٢٠٢٠ الى ٢٩٪ فقط الان.
ومما لا شك فيه أن بايدن يخسر ناخبين موثوقين وقد تكون المخاوف بشان الانقسام الذى سيؤدى لخسارته لانتخابات ٢٠٢٤ حقيقية ، لكن من يدقق فى نتائج انتخابات الليلة الماضية سيجد ان القضايا المحلية هى محور المنافسة وهى الحافز الرئيسى لاقبال الناخبين على صناديق الاقتراع ، الامر الذى يدفع ببعض الديمقراطيين للقول بان الحافز الذى سيشجع الناخبين عندما يصوتون لمنصب الرئيس فى العام المقبل هو وجود دونالد ترمب على بطاقة الترشح ما سيدفعهم للتفكير بشكل أكبر فى موضوع الحقوق والديمقراطية فى امريكا التى يعد ترمب المهدد الأكبر لها .