مقالات وآراء

كونوا أذكياء إن لم تكونوا أزكياء

عمر القوني 
أنا أنحدر من جهة الأب من قبيلة دارفورية إفريقية تدعى العروبة بسبب فقدانها لسانها الأصلي وانسلاخها من ذاتيتها الأصلية ، وتبنت لغة عربية ركيكة كانت تضحكني في صباي عندما أسمع أبي يتحدثها مع ضيوفه القادمين من غرب السودان إلى الخرطوم لمراجعة طبيب أو استخراج وثائق ثبوتية تمهيدا للسفر إلى الخارج أو سوى ذلك من المآرب . وكنت أسميها بعربي البقارة ، وكنت أضحك وأقول لأبي إنت تتكلم زي البقارة ، وكان يقول لي لا تنس إنك منهم ، ولكن هاجرت وانقطعت علاقتي بالبلاد والعباد ، وطال الزمان حتى نسيت تماماً أني منهم.
أصبتُ بصدمة قبل أيام إذ تلقيت نبأ مقتل ابن أحد أقربائي في المدرعات حيث كان يقاتل مع كتيبة البراء ، وأصيب قريب أخر – وهو ابن عمي – في نفس الموقع ، وهو الآن طريح الفراش وكان من أمراء الكتيبة ومشهور بين الكيزان للأسف ، ومع البحث والاتصالات اكتشفت أن ثلاثة آخرين من أقربائي لقوا مصرعهم في المدرعات وكلهم – بفضل الله وتوفيقه – كانوا يقاتلون ضد عصابات البغي والنهب المسلح ، وأنا فخور بهم وأسأل الله أن يرحمهم.
وسبب فخري بهم هو إيماني بأهمية العدالة لتحقيق السلام والاستقرار ، وعقيدتي الراسخة أن قتال الجنجويد فرض عين على كل كل سوداني قادر على حمل السلاح حتى إفناء الجنجويد عن بكرة أبيهم وتحقيق العدالة لضحايا جرائمهم منذ الثمانينيات ، وهنا أضم صوتي للدكتور الصادح بالحق الوليد آدم مادبو الذي لم يسكت عن الدعوة لتحقيق العدالة لضحايا الجانجويد دون محاباة لذوي قربى أو قبيلة ، بارك الله فيه.
والمتأمل في الحرب الدائرة الآن في الخرطوم ، يدرك أن أغلبية مقاتلي الجيش ما دون الضباط – أي البندقجية – ينحدرون من غرب السودان تماماً مثل الجانب الآخر ، ولم يكن مصادفة أن أغلبية جنود القوات المسلحة من الغرب ، والضباط من حيث ما قد علمتم ، ولكن كان ذلك ضمن خطة عنصرية بإقالة الضباط الغرابة في الجيش وكذلك الشرطة بعد انتهاء حرب الجنوب كما أفاد بذلك المتمرد المرتزق دقلو في أحد خطاباته الموجودة على يوتيوب، أضف إلى ذلك الصعوبة التاريخية لدخول أبناء الهامش إلى الكلية الحربية ، حيث كان من العسير عليهم الانضمام لسلك الضباط ولكن كان يسيرا عليهم الدخول في صف الجندية.
فالقاتل والمقتول ينحدرون من نفس المنطقة وربما تربطهم أواصر القربى ، وهذا شئ للأسف لا ينتبه له العنصريون والجهويون الذين أغرقوا صفحات الانترنت بكتابات عطنة يملؤها السب والشتم لكل من هو غربي ، ووصلت الوقاحة ببعضهم إلى التهديد بقتل كل الغرابة وإبادتهم إبادة جماعية في الخرطوم إذا انتهت الحرب ، في نفس الوقت الذي يقاتل فيه أبناء الغرب ضد الجنجويد ، فأصبحت الطعنات تنالهمم من أمامهم أي من أعدائهم الذين بغوا في الأرض فساداً ، ومن خلفهم أي من العنصريين الجهلاء الذين اكتفوا بالكتابات العنصرية عن حمل السلاح والقتال الفعلي في الخنادق .
وهذا يبين لك سبب الخور والضعف الذي أصاب القوات المسلحة في الأيام الأخيرة. كيف تتوقع أن يقاتل الجنود بمعنويات عالية وأغلبهم غرابة وهناك من يكتب ويحرض عليهم هكذا!؟ .
فنصيحتي لهؤلاء الرعاع الجهلة : كونوا أذكياء إن لم تكونوا أزكياء ، أجلوا كتاباتكم الجاهلية حتى تخمد الحرب ، ويتوقف قتل الأبرياء ثم اقسموا السودان كيف شئتم ، بل قسموه بيتاً بيتاً ، واجعلوا كل بيت جمهورية مستقلة ، ولكن ليس على أشلاء الأبرياء .

‫2 تعليقات

    1. إنت فعلآ فلنقاي كلام الزول دا كله صحيح وفيه معلومات جديدة على الغافلين أمثالك عن خبث الجلابة وسوء طويتهم وحقدهم على الغرابة. قاليك ديل بعد حرب الجنوب تخلصوا من الضباط الغرابة في الجيش والشرطة وجهاز الأمن وبالطبع لم يدخلوا الغرابة للكليات العسكرية ولم يخرجوا منهم ضباطا إلا كيزانا ليستخدموهم بازنجرات، أفهم أولا ثم علق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..