مقالات سياسية

دارفور جديدة

احمد داوود

من مخرجات هذه الحرب ان الدعم السريع تحول من مجرد مليشيا قبلية ذات طموح محدود الي فاعل اساسي في الصراع الاجتماعي.
هذا الفاعل الآن يعبر عن مصالح كيانات اجتماعية معينة ، و يحمل في نفس الوقت مشروع يتناقض جذريا مع مصالح الشعوب التي يشاركها جغرافيا دارفور.
بينا أيضا في مقال سابق ، ان الذي يحدث الآن ربما قد يقود في اتجاه انفصال دارفور.

هذه ليست رغبتنا، هذه حقيقة تدعمها عدة معطيات أهمها انه لو خيرت النخب المركزية المسيطرة علي جهاز الدولة بين حكم النخب العربية الدارفورية وبين الانفصال لربما لجأت الي تفضيل الخيار الثاني . ثانيا ، من مصلحة النظام الراسمالي عدم وجود دولة وطنية قوية في جغرافيا السودان وهو ما يدفعها الي الدفع بخيار الانفصال عبر تعزيز النزعات الانفصالية . اخيرا ، مشروع الجنجويد ومطامع النخب الدارفورية في الانفراد بدولتهم الخاصة.

جميل ، لو حدث و تحققت فرضية الانفصال، فأي القوي الاجتماعية و العسكرية الأكثر تاهيلا لحكم الدولة الوليدة ؟
بالتأكيد الدعم السريع و القوي التي يعبر عن مصالحها التي سوف تخضع كل القوي الاجتماعية تحت حكمها.
عملية الاخضاع هذه سوف تقود الي إعادة صياغة الدولة الجديدة بما يتوافق مع تصورات و قيم الجماعة الحاكمة علي المستويات الاجتماعية و الثقافية و السياسية و الاقتصادية.

بحيث يتم إلحاق دارفور الافريقية في السياق الاسلاموعروبي علي ان ان يتم التأسيس نظريا لذلك عبر التلفيق و التزييف و تدوين تاريخ مغاير لواقع دارفور الحقيقي.
علي هذا الأساس سوف يتم إلغاء دارفور الأصلية من الوجود عبر اختلاق دارفور جديدة قاطعة مع جذورها الافريقية و متماهية مع الوعي الاسلاموعروبي وهو ما يعني إنتاج نفس الازمة القديمة داخل فضاء الدولة الجديدة.

معظم الدول التي تعاني من الاستعمار الداخلي تشكلت علي هذا الأساس.

بحيث تقوم جماعة ما و بالتحالف مع جماعات شتات من داخل سياقها الحضاري و الثقافي بالسيطرة علي جغرافيا ما ، وعبر وسائل سلمية و عنيفة و بمرور الزمن تعمل علي الاستيلاء علي أراضي السكان الأصليين الي ان ينتهي الأمر بتدشين دولتها المفترضة . هذا ما حدث في السودان الافريقي ذات لحظة تاريخية ، و ربما ما سيحدث في دارفور مالم يتم إجهاض هذا المخطط .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..