مقالات وآراء
حوارات حول العقد الاجتماعي الجديد ( ٣ )

اطلعت على خطاب منشور في الاسافير لبعض السودانيين موجه للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يطالبون فيه بضم مناطقهم في شمال السودان وشرقه الى دولة مصر.
هناك ايضا شخص معروف في الاسافير ولديه اتباع يدعو صباح مساء من أجل انفصال شمال السودان وتكوين دولة جديدة أطلق عليها اسم دولة البحر والنهر.
هناك مواطنين في دارفور يدعون إلى انفصال دارفور الافريقانية عن السودان العربي.
هناك مواطنين من جبال النوبة يدعون إلى انفصال جبال النوبة عن السودان، وهذه المنطقة بالتحديد شبه منفصلة تحت جيش عبدالعزيز الحلو.
هناك ايضا انفصاليون يطالبون بانفصال النيل الازرق عن السودان.
وهناك انفصاليون يطالبون بانفصال شرق السودان، بعضهم يريد دولة مستقلة وبعضهم يريد اتحادا كونفدراليا مع ارتريا.
هذا هو الواقع، كل هؤلاء هاربين من هذه الدولة الحالية، كل هؤلاء لا يشعرون بأن السودان الحالي يوفر لهم ما يمكن أن يعتبرونه وطنا، وان النظام السياسي الموجود في الخرطوم والذي يطلق عليه الحكومة السودانية لا تمثل بالنسبة لهم دولة وسلطة يتنازلون لها عن بعض حرياتهم ويطيعونها في كل الأوقات.
ما الذي يجعل كل هؤلاء هاربين عن الدولة المركزية التاريخية؟ هل طريقة اخضاعهم بالقوة والبطش مجدية؟ هل الاتفاقيات التي وقعتها الدولة المركزية مع بعض هؤلاء الانفصاليين عالجت الاسباب الحقيقة لهذا الرفض؟ الاجابة على السؤالين هي لا.
هل إعطاء كل هؤلاء حق تقرير المصير سيعالج الازمة؟ هل دولة واحدة متنوعة ترتكز على عقد اجتماعي من التراضي خير أم دول صغيرة متعددة متجانسة عرقيا وثقافيا؟
لصناعة دولة مستقرة، يجب ان نفهم ان الدولة تتكون من مجموعة من الافراد المختلفين، وان احترام هذا الاختلاف هو الذي يفرق بين الدولة والغابة، في الغابة لا يحترم الفرد الفرد ولا الجماعة الفرد، يحاول كل طرف في الغابة ان ينتزع ما يريده بالقوة بغض النظر عن ما يحدث للطرف الاخر، في الدولة يحترم الجميع بعضهم البعض، ويلتزم الجميع بالقوانين ويرعونها، وهذه القوانين لا يضعها الاغلبية بناءا على ثقافتهم ودينهم وعرقهم وانما بناءا على ما يحقق العدالة للجميع.
القوانين التي شكل عبرها النظام السياسي في المركز في السودان لم تستوفي في معظم الأوقات شروط الدولة، وكانت أقرب إلى قوانين الغاب من قوانين التراضي، حتى القوانين التي كانت قوانين دولة ترعى العدالة كان أصحاب السلطة يخترقونها ويجعلونها مجرد مواد ونصوص لا تعمل.
هل إعادة تكرار ما حدث في الماضي سيعالج الواقع الحالي، ام ان هناك حاجة لمعالجة الواقع بطريقة مختلفة يجد جميع الأفراد فيها ما يجعلهم ينسون فكرة المطالبة بالانفصال؟
يوسف السندي
اذا كان هذه الانفصالات حدثت الخاسر الاكبر هو حزبكم حزب الامة لم يتبقي له الا دائرتين انتخابيتين دائرة الماطوري والجاموسي