ما بين بكار المصري وبكار السوداني!

ما بين بكار المصري وبكار السوداني!
كتبته: رندا عطية
تعايش، مجتمع ما بعد السلام، إنزال الاتفاقية لارض الواقع، كلها مفاهيم ومصطلحات قد تم قتلها دراسةً وتمحيصاً في الندوات والورش المتخصصة، نقاشاً ثراً ومستفيضاً، ولكنها لم تعطنا ما نبدأ به بناءً لثقة هي بطبيعة الحال مفقودة بين أبناء وطن نتيجة لجهل بعضهم لبعض، هذا الجهل الذي تداركه الإعلام المصري منذ أكثر من عقدين من الزمان بالنسبة للامة المصرية التي نعلم مدى تماسكها رغم التباين الذي يوجد بين مواطنيها، مصر سليلة العروبة والاقباط والنوبة، فقد استخدم الإعلام المصري كل الإمكانيات الإعلامية والادبية بذكاء نحسده عليه عليه حسداً إيجابياً، وقد تجلى في مسلسل الاطفال «بكار»، و«بكار» هو طفل مصري نوبي يعيش في جهة اسوان، «بكار» بلونه الاسمر وملامحه وجلبابه النوبي الذي لو رأيته عليه لحسبته سودانياً بلهجته غير القاهرية، ونجد أغنية مقدمة المسلسل تتحدث عن «بكار» النوبي وعن اجداده وآبائه الفراعنة. والمسلسل عبارة عن تصوير لحياته بكل أبعادها النوبية الاجتماعية منها والثقافية، بل والعمرانية ببساطة منازلها وألوانها الزاهية الجميلة حتى إنه ليغمرني إحساس من التحسر على حضارتنا النوبية التي أغرقناها سداً!
و«بكار» هو طفل حاد الذكاء، حتى إنه يمر بمغامرات يساعد فيها رجال الشرطة في حل ألغازها بما يملكه من إحساس بالمسؤولية تجاه مجتمع قريته او أية بقعة من بقاع مصر، فهي لديه سواء. وبالنتيجة نجد أن المسلسل قد حقق عدة اهداف لو قامت حرب ل «100» عام لما حققتها فهو اي المسلسل قد نقش منذ الصغر في وجدان «بكار» النوبي أصالة مصريته في المقام الاول، وفي نفس الوقت طبعت صورة «بكار» في ذاكرة المجتمع المصري كفردٍ أصيل فيه.
فلم لا يكون هناك مسلسل اطفال سوداني على غرار مسلسل «بكار» أبطاله من جهات السودان المختلفة بأزيائهم المميزة شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً بادئين بصغارنا بعد أن اصبح الكبار حالة ميئوساً منها على أن تقدم شخصيات هذا المسلسل بطريقة تجعلها متمتعة بذكاء فطري متى ما تم صقله تعليماً اصبحت في وضع يمكنها من المنافسة المتساوية مع الشخصية الخرطومية بمدنيتها او الامدرمانية بعجرفة اصالتها، بل وإمكانية التفوق عليها، على أن نحرص على تقديم هذه الشخصيات في موطن بيئتها باختلاف أشكال عمران منازلها التي بنيت تماشياً مع بيئتها، فالقطية التي تبنى في الجنوب والغرب وخيمة الشرق لا تقل عن مواصفات المنزل، لندحض قول من يقول ان إي منزل في السودان يجب ان تكون معاييره مطابقة لمنازل الخرطوم! وان من لم يسكنوا ويقطنوا في مثل بيوت الخرطوم هم مجرد Homeless وبذا نكون قد بدأنا في إزالة الإحساس بالتهميش الذي اصبح يتسربل به جل االسودان نتيجة نظرة استعلائية يتبناها بعض مقدر منا، هي نظرة الإسلام برئ منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وبذلك نكون قد قمنا بتقديم أنفسنا بعضنا لبعض بطريقة تجعلنا نحترم بعضنا البعض تبايناً ثقافياً ذا وحدة جغرافية تمثل وطناً، ليأتي اليوم الذي تتلاشى فيه نظرة الدهشة والاستهجان تلك كرد فعل لارتداء احدنا لزي جنوبي ذي نكهة افريقية، حتى لكأني به قد قام بارتداء زياً للهنود الحمر!! ولندرك الشرق قبل ان تفتح علينا جبهته، فمن منا يدري شيئاً عن الشرق سوى شخصية أدروب الكاريكاتورية، والغرب بعبوسه وجنجويده، والشمال ومركزية جلابيه.
فلا أحد منا يستغرب او يستهجن ولا أبرئ عقلي الباطن إن قام احدنا بارتداء زي حبشي خاصةً النسائية منها، فهل الحبشة اقرب الينا من باقي أجزاء الوطن؟! لنكتشف انها ما بعدت عنا إلا نتيجةً سياسات استعمارية، ونظرة نخب ذات حضارة غربية، واخرى لا ترى ابعد من موطئ قدميها، ليزرعوا لنا ما بتنا اليوم نضرسه حصرماً ونتذوقه علقماً، حصرماً وعلقماً تجنبه إخواننا في شمال الوادي بمثل مسلسل «بكار» وغيره من المعالجات الاجتماعية صانعين حصناً لم يستطع حتى د. سعد الدين إبراهيم بمركز دراساته اختراقه، رغم كل الدراسات التي اجراها عن الاقباط والنوبيين كاقليات مهضومة الحقوق في المجتمع المصري، مقدماً إياها لصانع القرار الاميركي كثغرة في خصر امتنا الإسلامية والعربية.
فلنتدارك أمرنا بأن يكون لنا آباء مؤسسون لهذا الوطن لا يقلون شأواً ومنزلةً عن أجداد وآباء «بكار» منذ عهد الفراعنة الذين شيدوا حضارة التاريخ الإنساني في دهشة مما تسفر له عن تقدم في كل يوم وحتى الآن، فقد حان زمن انعتاقنا من العيش تحت ظل مفارقة أن كل من يستحق أن يكون لنا أباً مؤسساً ومثالاً نحتذي ونقتفي آثاره فكراً وثقافةً ووطنية، قد اصبح تركة قبلية وثروة إثنية.
من الارشيف.
تحياتي للكاتبة وإن بالفعل مسلسل بكار كانت اول عرض لها في رمضان ١٩٩٨ وكانت اول مسلسل مصري كارتون وبالفعل نجح نجاح عظيم في مصر لان الاطفال والكبار كانوا يجتمعون لمشاهدتها حتي انا كا نوبي مصري كانوا يلقبونني بي بكار ولكن للحقيقة التقارب بيننا ما اسهم به هم جدودنا النوبيين وإرثهم الثقافي و سمعتهم المشهورين بها ( بالأمانة) ولله الحمد واستقبال النوبيين في أسوان لكل فئات الشعب والسياح ورفع مكانة أسوان السياحية ولن اغفل الدور ااقوي لكل قبائل اسوان وطيبتهم ومعاملتهم سواء جعافرة او عبابدة او بشارية في حب مدينتهم ، لذلك اقامة الدولة كارتون بكار كما لو كانت تحتفي بي طيبة اهل أسوان كآفة.