أهم الأخبار والمقالات

مفاوضات جدة والأمل في وقف النار

فيصل محمد صالح

يبدو أن نتائج جولة المفاوضات الأخيرة التي جرت في جدة بين طرفي النزاع في السودان قد أثارت نوعاً من الإحباط بين كثير من المواطنين السودانيين والمراقبين للأوضاع في السودان، الذين كانوا يتوقعون نتائج أفضل من ذلك تعيد الأمل لملايين السودانيين الذين أرهقتهم الحرب وشردتهم من بيوتهم فتناثروا في بقاع الأرض المختلفة في ظروف غاية في السوء.

مبعث الإحباط بالتأكيد هو أن الآمال كانت كبيرة في أن يتوصل منبر التفاوض في جدة، بعد أن عاود الانعقاد بعد غياب نحو خمسة أشهر، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وهذا أقل ما يقبل به الناس في ظروف الحرب الحالية.

البيان الختامي الصادر باسم الوساطة السعودية – الأميركية قال إن طرفي النزاع أقرا بالمطالب لبناء الثقة، من بينها اتخاذ إجراءات حيال الجهات التي تؤجج الصراع واحتجاز الهاربين من السجون. وأكد البيان التزام طرفي النزاع بالانخراط في آلية إنسانية مشتركة بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لمعالجة معوقات إيصال الإغاثة وتحديد جهات اتصال لتسهيل مرور العاملين في المجال الإنساني.

واتفق الطرفان، وفقاً للبيان، على مطالب لبناء الثقة التي شملت إنشاء آلية تواصل بين قادة الجيش و«الدعم السريع»، وتحسين المحتوى الإعلامي، وتخفيض حدة اللغة الإعلامية بين الطرفين، واتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمؤججة للصراع، واحتجاز الهاربين من السجون.

ورغم أن البيان حمل عبارات الأسف لأن الطرفين لم يتوصلا لاتفاق وقف إطلاق النار، فإن بعض أطراف الوساطة ترى أن هذه بداية يمكن البناء عليها في مرات قادمة. وتعتقد هذه الأطراف أن مجرد انعقاد جولة التفاوض بعد الغياب الطويل هو في حد ذاته عمل إيجابي يجدد الأمل في التوصل لوقف إطلاق النار.

والحقيقة أن لهذا الاعتقاد ما يسنده من الوقائع؛ فقد حققت قوات «الدعم السريع» انتصارات متتالية قد تدفع قياداتها لرفض التفاوض باعتبار أنهم في سبيلهم لكسب المعركة النهائية، بالمقابل كانت هناك حملة قوية من أطراف سودانية داعمة للقوات المسلحة، رافضة عودة ممثلي الجيش للتفاوض، وداعية للحسم العسكري الكامل لقوات «الدعم السريع». ضمت هذه المجموعات قيادات وضباطاً من القوات المسلحة لديهم موقف قديم من قوات «الدعم السريع»، ومجموعات سياسية مشجعة ومستفيدة من الحرب؛ لأنها ستعيد رسم موازين القوى في المشهد السياسي من جديد، وتعطيها الفرصة للعودة والمشاركة في هيئات الحكم، بالإضافة لمجموعات من داخل المجتمع السوداني عايشت ممارسات قوات «الدعم السريع» والانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها في حق المواطنين المدنيين؛ لذلك رفضوا العودة للمفاوضات وطالبوا القوات المسلحة باستخدام أقصى ما لديها من قوة لحسم المعركة.

ولهذا فقد ترددت قيادة الجيش في حسم قرار العودة للتفاوض، وأخذت وقتاً لتهيئة المعارضين للقرار، ولعل نتائج الحرب في الميدان قد ساهمت في إيجاد أرضية قوية لقرار العودة للتفاوض. استطاعت قوات «الدعم السريع» خلال فترة توقف المفاوضات تحقيق تقدم عسكري في عدد من الجبهات، بخاصة في ولايات دارفور وكردفان؛ فسيطرت على نيالا، ثاني أكبر مدينة في السودان بعد الخرطوم، ثم زالنجي وكتم وحقل بليلة النفطي ومناطق أخرى، كما أنها ما تزال تُحكم قبضتها على معظم مناطق العاصمة، بالإضافة للمباني الرسمية الرئيسية، في حين لا تزال القوات المسلحة موجودة في القيادة العامة وجزء من سلاح المدرعات وسلاح الذخيرة بالخرطوم، وسلاح الإشارة في بحري، وسلاح المهندسين ومنطقة كرري العسكرية ومنطقة كرري وقاعدة وادي سيدنا، مع انتشار عسكري في منطقة محلية كرري بأمدرمان.

ولعل أوضاع المواطنين السودانيين النازحين داخل السودان واللاجئين لدول الجوار أيضاً كانت في الاعتبار؛ فقد بلغت المعاناة أقصى درجاتها؛ ارتفعت الإيجارات في مدن النزوح وصارت فوق قدرات الناس، واتخذت بعض دول الجوار إجراءات صعّبت إقامة السودانيين اللاجئين، ونفدت المدخرات الشحيحة التي كانت بحوزتهم، مع انقطاع مصادر الدخل لكثير منهم، فصارت آمالهم معلقة بوقف الحرب ليعودوا لمنازلهم المهدمة والتي سُرقت محتوياتها، وهم يعرفون صعوبة الحياة التي تنتظرهم بعد التدمير الشامل للمنشآت بسبب الحرب، وربما غياب مقومات الحياة المعقولة، لكنهم يرون أنهم سيكونون في بلادهم وبيوتهم التي يعرفونها.

هذه الخيارات الصعبة قد لا يدركها بعض المحرضين على استمرار الحرب، بعضهم نجا هو وأسرته في مكان ما ويريد استمرار الحرب التي يدفع ثمنها الملايين لتحقيق هدف سياسي معين، والبعض الآخر يريد، برغبة حقيقية، أن يغمض عينيه ويفتحهما فلا يجد قوات «الدعم السريع» أمامه، وقد يشاركه الملايين في ذلك، لكن الواقع يقول غير ذلك، وربما لو استمرت الحرب فإن الأوضاع الميدانية للقوات المسلحة ستسوء أكثر من ذلك.

لم تحقق الجولة ما انتظره الناس، وربما عليهم الانتظار أكثر، لكن لا يبدو حتى الآن من بديل لاستمرار التفاوض.
الشرق الأوسط

‫14 تعليقات

    1. متي تتعلم ادب الحوار و النقاش، ماذا جني هذا الشخص حتي تنعته بألفاظ الشماسة و الجهلاء ، قطيع الماشية الذي لا يدري ماذا يدور في هذه البلاد و ما أسبابها و لماذا يصر البعض في أن من ينتقد استمرار الحرب و القتيل و التشريد فهو ليس وطني.كيف تفهمون، و كيف تجكمون.حتي هذا الكاتب حينما كان وزيرا ماذا جني ، و هل قتل و سرق و شرد و جعل المواطنين الأبرياء يدفعون ثمن هذه الحرب القذرة التي لا هدف لها من كلا الطرفين المتقاتلين، غير الأطماع السلطوية.

    2. نعم اسم علي مسمي، فأنت طافش و مطوفش، فخير لك أن تقول كلمة طيبة أو تسكت عن هذا الهراء.

  1. الكترااابة !!
    طهر فيصل وطهر كمال كرار فاضل يطهر الارزقي منعم سليمان بيجو ..
    محمد معانا ما تغشانا !!

  2. تحليل في الصميم الوزير السابق استاذ فيصل
    يا ليت قومي يعلمون ويعون قبل فوات الاوان

  3. في نفس اليوم المحدد لاستئناف المفاوضات هاجمت قوات الدعم السريع قيادة الفرقة السادسة عشر مشاة في نيالا واستولت عليها وعلي كامل المدينة بعد اعمال سلب ونهب وبعدها بي كم يوم هاجمو زالنحي واستولو علي حاميتها ثم كذلك الجنينة والجيش دائما متخذ وضعية دفاعية او منسحب
    وهم ما زالو يتحدثون عن المحرضين والداعمين لهذه الحرب !!
    نحنا بندعو الجيش يوقف اطلاق النار وانسحب كلو من الخرطوم بي الكيزان والبلابسة وداعمي الحرب اخليها للدعامة بس . كدي اقدر امشي اقعد
    نيالا وزالنحي والجنينة مافيها حرب لانو الجيش انسحب
    كدي اقنع الناس دي تقدر تمشي تقعد
    نهب وسرقة بتهديد السلاح وقتل واغتصاب وتشريد وطرد الامنين من بيوتهم وتهجيرهم وبعد ده تم التراضي للجلوس للطاولة ثم تهاجم الفرق والحاميات في نفس يوم التفاوض ويتحدثون عن داعمي الحرب ومشعليها وكلهم من داعمي الجيش
    طيب وين داعميها من الدعم السريع الا ينالهم من الحب جانب
    لا ابدا فهم اغلبهم الذين جاؤو من بلاد افريقيا المجاورة تاركين اهلهم ومواجهين القتال والموت في بلد غريب لكي يجلبو لك الحرية والديموقراطية والمدنية ويريحوك من الكيزان والفلول وانت جالس تنتظرهم في دول الجوار فياله من تفاني ونكران للنفس عظيم

  4. فيصل يا والله انت كنت محظوظ وبقيت وزير ثقافة مرة واحدة وسبلك وزير والفكي عضو مجلس سيادة زمن والله ههههههههههههههه
    الحظ لمن ياتي يعمل الاعمى ساعاتي
    ههههههههههههههههه

    1. حرامية وين 4 سنين ما قدرتوا تثبتوا انهم حرامية اتهامات ساكت الكيزان الرجالة الكيزان الكفاءة الكيزان الفهم الكيزان الانجاز الكيزان الذكاء عكس القحاطة

  5. الوزير السابق فيصل انسان شريف عفيف صادق في زمن قل فيه الشرفاء…!!!
    فيصل مهني محترف، وان اخفقت حكومته السابقة في بعض الملفات، فنحمد لهم العلم والنزاهة والاخلاص…!
    كيف يتهمهم اللصوص بانهم باعوا الدوم، وفي نفس الوقت يدعموا من سفك الدم..!!
    سب الجميع والاساءة للاخرين والتقليل منهم….، جهل ومرض مصابون به الكثيرين…!!
    ضع وجهة نظرك بعقل وادعم من شئت، ودع الاخرين ينتقوا ما يوافقهم ويدعموا مايناسبهم.
    الكلمة الجميلة وحب اخيك صدقة، تغفر الذنب وتصلح الحال وتحافظ على اللحمة الوطنية والوطن.

  6. يا عابر اسكت هذا المنبر الراكوبة يجب الا يكتب فيه الا الشرفاءءء الوطنيون الذين وقفوا مع الجيش
    لا للقحاطة والجنجا
    نعم للشرفااااااااء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..