السامري!! سحرُ أعين الناس بالخداع لتغيير ضبط المصنع

د. الهادي عبدالله أبوضفآئر
تحضرني من ذكريات الحبوبات، (الحبوبة) والدة الأب أو الأم . وعلى رأسهن الحبوبة “أم تيراب” في لكنتها المحببة كان يكمن جمالها، كانت لا تعرف من اللغة العربية كلمة واحدة، ولا من “القرآن الكريم” إلا (الحمد لله رب العالمين) ومن الاعتقاد فقط قول (لا إله إلا الله محمد رسول) ولكن على الرغم من ذلك كانت تنغمس في صلواتها وتناجي ربها. تعرضت لانتقاد لاذع من أحد المتعصبين” دي صلاة شنو يا حاجة “صلاة بلا”ركوع ولا سجود ولا فاتحة كتاب” ربنا يقبلها منك كيف؟ كانت الإجابة بلغتها البسيطة قالت له (عليك الله أقبلها مني)؟ قال لها و”من أنا عشان أقبلها منك”؟ فردت بحزم وحسم (طيب مالك!!؟) أولاً أنت ما وكيل الله في التراب وثانياً الله داير بحركاتي شنو!!؟ (أنا قاعدة بطيعو). روعة ردها تنعكس في ترك الحكم لله رب العالمين، لاحترام صلواتنا وصلتنا بالله. تكمن إجابتها الساحرة في كيف لنا أن نحترم ونصون حقوق الآخرين. وكيف نخرج من خداع الذات. في هذا الكون، علينا أن ندرك أن لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة. فالتواصل بلغة محترمة، يعزز التعايش السلمي، ويثري منظورنا المشترك عبر التواصل بلغة مهذبة بها نصبح قادرين على بناء دولة تستند إلى التسامح، بعيدة عن الاقصاء يخدم جميع مكوناتها.
يعتبر خداع العقل وسحر الأعين وتوجيه الوعي، آلية يستخدمها الانسان بغرض تحقيق أهداف معينة، وذلك بتغبيش الوعي وتزييف الحقائق ولا يتحقق ذلك إلا بأخذ قبضة من أثر الرسول، ليسحروا به اعين الناس، وتوجيه الفهم ليصنعوا لهم عجلا له خوار. مثال ذلك إطلاق كلمة (كوز) لكل من يخالفك الرأى. وكلمة (فلول) لكل من قال جيش واحد شعب وكلمة (قحاتي) لكل من يخالفك الفهم، وكافر وزنديق لكل من يخالفك في الاعتقاد. عقلية الثنائيات أبيض وأسود، هلال ومريخ، لا تسهم في بناء جسور من التفاهم، فالموضوع أكبر بكثير خصوصا في حالة وطن يكون أو لا يكون. كثيراً ما نستخدم اللغة ببراعة لتشكيل الرأي العام وتوجيه الانتباه نحو قضايا بعينها. مثل هذه الأساليب، تجعل الكلمات أقوى من الأفعال في تحقيق الأهداف، إلا أنها تطرح تساؤلات حول أخلاقيات الاستخدام وتأثيرها على العلاقات الإنسانية والمجتمع بشكل عام. فاستخدام الأخلاق والقيم في سياقات الاختلاف تعكس نضجاً اجتماعياً يسهم في مد جسور التواصل وتجنب التصاعد السلبي والتعبير عن وجهات النظر بطريقة محترمة ومتسامحة بعيداً عن الانفعالات الزائدة. فالقيم والأخلاق ضروريتان نحو حلول توفر توازنا بناء مثمراً. بهذا النهج، يمكن أن تصبح التحديات فرصاً للتعلم وتوسيع آفاق الفهم، وطرح حلول تسهم في بناء مجتمع يتمتع بالتنوع والإحترام الذي يعزز وحدته.
قوة الكلمة أحياناً تتجاوز الأفعال في تحقيق الأهداف. عندما نستخدم كلمة ملهمة يمكن أن ينتج ذلك تغييراً في الآراء والمواقف. علينا أن نكون حذرين، فالتعبير اللفظي إذا لم يُستخدم بحذر يمكن أن يثير فتنة. وعليه من الضروري أن يكون الحوار مبنيا على الاحترام وقبول التباين. إن سر بناء الوطن يكمن في التفاهم والتعاون بعيداً عن النزاعات والصراعات. دعونا نبني وطنا يسوده الحوار، ونتجاوز التهميش والانقسامات لتحقيق تطلعات مجتمع معافى. في وطن مترابط متسامح، لنلمس جمال الاختلاف ونحترم تنوّع الآراء. فالوحدة الوطنية لا تتأسس بالتشظي والانقسام، بل تتجلى في التعايش السلمي بين الأفراد، وتجاوز الانقسامات وترك العدالة تأخذ مجراها، لتعاقب كل من ارتكب جرماً مُثبتا بالدليل، هذا ما يعزز مفهوم العدالة، بعيداً عن التعميم ووضع جميع الأفراد في قوالب ضيقة، أو سلة واحدة (اسلاميون، قحاتة، جذريين، غرابة، جلابة) وغيرها، فالاقصاء لا يفاقم المشكلة وحسب، بل يؤدي إلى تشكل هويات متناحرة، ان التفاهم أفضل طريق لبناء مجتمع يعيش بسلام. (سلام عليكم وعليكم السلام!) هنا اختلاف في أنبل حروف، لكنها تعزز من رونق وجمال الحياة. فالاحترام المتبادل والتفاهم يُسهمان في بناء جسور الوحدة والتآخي. لنكن مرحبين بالحوار والتفاهم، فالوطن يزدهر عندما نحترم بعضنا ونسعى لبناء مستقبل أفضل بروح الحب والاخاء.
عندما ترتفع مستويات وعينا ويدرك كل منا دوره الفعّال وتفاعله مع مسؤولياته ونخاطب الاسباب الجذرية لمشاكلنا، تتوقف الحروب، ونحس بالجمال في وطن يسع الجميع. عندما يعيش الناس حياة كريمة بفضل الأمان والفرص المتساوية والتنمية المتوازنة، يتحولون إلى عناصر نشطة في نمو الوطن. عندما يُوفَّر للعلماء البيئة الملائمة والرعاية الكريمة وحياة لائقة تتلاشى هموم هجرتهم ويُقل رحيلهم إلى الخارج بحثاً عن لقمة عيش كريم هنا يُظهر الابتكار بتقديم حلول للتحديات. وقتها ينفتح فصل جديد من الازدهار والاستقرار. تتوقف الصراعات عندما يُستثمر في الامن وتوفير المعاش في كل زاوية من أرجاء الوطن. توفير التعليم للجميع هو أساس أساسي لبناء مجتمع مستدام ومزدهر. يسهم في تحقيق المساواة وتوفير فرص للجميع لتطوير مهاراتهم وتحقيق إمكانياتهم، عندها يتحول البلد إلى مركز جاذب للمواهب. تتوقف الحرب بإقامة كليات تعمل لتطوير التكنولوجيا، وتخريج كوادر طبية لأكتشاف الأمراض، صيادلة مبدعين في صنع الأمصال، مهندسين وقضاة ومحاسبين واداريين اكفاء عندها نبني وطناً ينعم الجميع بالصحة والازدهار.
في ثورة ديسمبر، تلاحم الجميع لإسقاط النظام باستناد إلى شعارات موحدة، ولكن نتيجة للشلليات والانانية والتفرد وحب الذات وعدم الصدق وصلنا لواقع مأساوي وحرب مدمرة. وللخروج من هذا المأزق وتحقيق تقدم فعّال، يتوجب علينا في البداية أن نكون صادقين مع ذواتنا قبل صدقنا مع الأخرين. الراهن السياسي تتجلى فيه (كوزنة) فارغة، عندما يتلاعب السياسيون بالحقائق، يفقدون قيمتهم ليصبحوا مجرد ( كيزان) لأن الكوزنة في اصلها سلوك. من بداية الحراك حتى الآن شهدت سلوكنا وأقوالنا تغييراً هائلاً، والتسجيلات شاهدة على ذلك. في خضم التحولات التي شهدناها كانت من ضمن أهداف الثورة حكومة (كفاءات) مستقلة ، ولكن في الحقيقة كانت حكومة (شلليات) تنقصها الخبرة في إدارة الدولة، وتلتها حكومة (حزبية) ضعيفة، وهنا تبرز أهمية الأهلية والكفاءة في القيادة لتحقيق تقدم يعود بالنفع على المواطنين ويعزز سلطة الشعب. يجب أن يكون للأهلية دور أساسي في الاختيار، ان الأفراد الذين يتمتعون بالأهلية الفكرية والوعي يمكن أن يصبحوا رواداً في قيادة مستقبل واعد. عندما خاطب الله سبحانه سيدنا نوحا ب (أن ابنك ليس من اهلك) لم يقصد ابنه البيولوجي، لانها حقيقة لا جدال فيها، وانما البنوة الفكرية كما نقول أبنائي الطلبة هم بنوتي الفكرية أو من بنات أفكاري.. والاهلية هنا ليست قرابة الدم أو القبيلة أو غيرها وانما الأهلية هنا بمعني الكفاءة والوعي، فالبنوة الفكرية للشخص المقصود، ومستواه الفكري هو ما يؤهله لركوب السفينة، للاهلية والكفاءة أهمية قصوى، كركيزة أساسية لإختيار القادة وتولي المسؤوليات في أي مجتمع يسعى إلى التقدم والتطوير، انهما الضمانة لاختيار قادة لهم رؤية لتحقيق الأهداف بطريقة فعّالة ومستدامة، قادة قادرون علي تحمل المسؤوليات، واتخاذ القرارات الحكيمة، وفهم التحديات. اننا نكتب – للأسف – وبلادنا نازفة وجريحة، والقلب نازف وموجوع.. ولا يسعنا سوى أن ندعو الله سبحانه ليرحم شهداءنا وآخرهم (ود الأمين).
[email protected]
🤓 انت يا سعادة الدكتور قد خرجت من ملة الإسلام بقولك بعدم وجود حقيقه مطلقة إذ ان القران و السنة المحمدية تتمحور حول ان القران هو الحق المبين و الذي لا يجب أن تساور معتنقي ديانة الإسلام ولو ذرة من الشك و الا فهو الكفر و الضلال 🥺🥺
أنا شخصيا لا شك عندي البتة ان الحقيقة مفهوم نسبي و متطور لهذا السبب لا مكان لي وسط المتدينين عامة و البنيكوز خاصة لكنني لا اعبا بموقفهم مني 🥺🥺
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اخي الكريم خرجت عديل كده من الملة طيب انت كيف حكمت علي وبأي دليل انا قلت لا احد يملك الحقيقة يعني لا يوجد شخص في هذا الكون يملك الحقيقة المطلقة وبحكم على غيره وقف رأيه وقلت أن الحكم الا لله يا اخي انا لم ازعل منك لان مستوى الوعي عندك منخفض شوية عشان كده انت محتاج ترفع نسبة الوعي حبة كلنا نؤمن بأن القرآن كلام الله لا يعطيه الباطل من بين يديه ولا خلفه لكننا كبشر فهمنا لكلام الله لا يعنى الحقيقة عشان كده ما من حقك تحكم الاخرين بوجهة نظرك
يا اخي الكريم انت خرجت من مضمون المقال والرسائل المرسلة على كل حال نسأل الله ان يهدينا جميعاً والقرآن الكريم خاطب أفضل خلق الله سيدنا محمد علية الصلاة والسلام بالاتي من شاء فيؤمن ومن شاء فيكفر
وايضاً وما عليك ان لا يزكى لذلك من اخلاق الرسول عدم سب وشتم الاخرين فاذا اردنا ان نتتبع الرسول صل الله عليه وسلم فعلينا اتباع منهجه.
تحياتي لك
،🤓 هل يا دكتور كلام الله الذي انوا من السماء بواسطة ملاك الي النبي محمد هو الحق ام لا؟🥺
إذا كان هو الحق وانت و كل مسلم يؤمن دون أية درجة من درجات الشك انه الحق و انت تتبعه و تنفذ ما فيه قدر المسنطاع إذا انت كمسلم تملك الحقيقة المطلقة 🥺,
اتمنى ان اكون قد اوضحت ما اعني إذا أنني قد قرات في ثنايا مقالك ما معناه ان لا أحد يملك الحقيقة المطلقة 🥺
اما خصوص ما ورد في مقالك فأنا بصدد قراته بتاني و اسجل تعليقي ان كان هناك ما بستدعي ان اعلق عليه سلبا او ابجابا 🥺
اولاً كلام الله الذي اتى من السماء بواسطة ملاك الي النبي محمد هو الحق ام لا؟ انه الحق لا يطناحها فيه عزتان
ثانياً بلا شك كلام الله هو الحقيقة لكن فهمي وفهمك هو وجهة نظر وفق الخارطة الذهنية لكل منا
تحياتي لكا
مقال ممتاز في الفكرة والرسم والعبارة
مقال ممتاز تمنيت لو يقرأه كل الكتاب والمعلقين بالراكوب فهم في اغلبهم يستحقون صفة السامري بامتياذ وقد ضلوا واضلوا وخربوا البلد ولسه يتفاصحوا ومادروا ان الانتصار الحقيقي يكون في المحافظة على اللحمة الوطنية بنبذ الأنانية التشدد ونكران الذات والصدق واحترام الرأي الاخر.
مقال جميل جدا وهو مفتاح الحل للقضايا السياسة السودانية لولا الاسقاطات الدينينية الكثيره والتى لازوم لها فى الوضع الراهن لانها سفتح جدلا انصرافيا فى وقت السودان يحتاج للتلاحم والتسامح