مقالات وآراء

الفنون السودانية رغم روعتها وجودها ضعيف في الفضاء الرقمي 1-3

منير التريكي

أعمالنا الفنية التي تصل للعالم الخارجي قليلة جداً مقارنة بتاريخ السودان وإبداعات أهله منذ آلاف السنين. في ثلاث مقالات بإذن الله نحاول معرفة الأسباب التي تحول دون وصولنا ووجودنا في الأسافير بالصورة المطلوبة. المقال الأول عن روعة الفنون السودانية وتفردها. المقال الثاني عن أسباب تراجعها عبر الزمن والثالث يناقش إمكانية زيادة تواجدنا في الفضاء الرقمي.

بداية أؤكد أن الفنون السودانية في رأيّ من أجمل ما أنتجت الإنسانية عبر تاريخها الطويل. وحتى لا يبدو هذا الرأي عاطفياً ومنحازا دعونا نتعرف علي العوامل التي أدت لهذا الجمال . أول هذه العوامل تاريخ الإنسان السوداني نفسه. هنالك دراسات متعمقة تقول أن الحضارة بدأت هنا. وهو أمر مرجح بقوة. يستوطن الإنسان قرب الماء. السودان بأنهاره هو الأنسب لذلك. و لنتذكر أن أودية هذه الأنهار كانت أكبر من حجمها الحالي. كانت هنالك غابات تعج بالحياة والأفكار الملهمة. معظم اختراعات الإنسان وإبداعاته مستوحاة من الطبيعة. حياة المخلوقات وطرائق تأقلمها في بيئاتها التي تعيش فيها تثير الفضول وتحفّز الإنسان ليبدع. يبدأ هذا من الأصوات والإيقاعات التي تنظم حيوات المخلوقات ولا ينتهي بوسائل تحركاتها وسكناتها ونداءاتها وحيل بقائها .كل هذه الحركة تشكل رصيد إبداعي ملهم.

هذا يجعل إنسان السودان سابق لغيره بقرون عديدة. بمرور الزمن يصبح الإيقاع جزء من الشخصية ينظم الخطوات ويرتب دواخل ويحفز الإنسان للتعبير بطريقته الخاصة . هذا ينتج فناً ما. الآخرون المعاصرون والأجيال بعدهم تضيف لهذا الفن . هذا يجّود الفن ويصقله.السبق والممارسة المتواصلة تعطي الفن الجودة والقبول. من العوامل أيضاً التوثيق بالرسم والنحت والكتابة على التماثيل و جدران الإهرامات والمعابد . لقد وثق قدماءالسودانيون جوانب الحياة المختلفة. التوثيق للحروب والحصاد والغناء الجماعي والرقص والمصارعة وغيرها.

وتحفيز المبدع وتزويده بالأدوات اللازمة لتطوير عمله. ووجود الشغف في الأداء الفردي والجماعي. ثم تجويد التوثيق نفسه بمرور الزمن . أيضاً من عوامل تفرد الفن السوداني قيامه على مكونات متنوعة.

المكونات الكبرى هي الكوشية والزنجية والعربية. إضافة إلى مكونات صغرى لمجموعات هاجرت للسودان من مناطق أخرى . كل مكون له إبداعاته التي تضيف للموروث العام. الكوشي تاريخ عريق وفنون مرسومة ومكتوبة وتداولة بلغة قديمة ومتجددة . والأفريقي بإيقاعاته وأصواته المختلفة وأدواته المستوحاة من الطبيعة .

العربي بالفطنة والجرأة والشجاعة والكرم والصدق والدقة في الإستيعاب والتوصيف. العربي عبّر بالشعر والنثر والمقولات المأثورة والحِكَمْ. وهذا له تأثيره العميق في الشعر السوداني خاصة الشعر المُغَنَّى. اللغة العربية تقوم بتوصيل معظم الفنون السودانية المقروءة والمنطوقة .الغناء والدراما (مسرح وسينما ومقاطع فديو) على قلة المنتج منها لغتها هي العربيةفي العصر الحديث ظهر شعراء ومغنون وذواكر تراثية. هؤلاء يحفظون الأغنيات وألحانها ومناسباتها وأحياناً ملهماتها. وأسماء شعراءها ومساجلات الشعراء.

الحقيبة متفردة لأنها نتاج عقول مبدعة عديدة . بعض هذه العقول أبدعت وبعضها أضافت كلمات أو ألحان أو نقد. أغنيات الحقيبة لاقت قبول جمعي جعلها متميزة محبوبة عابرة للأجيال . نتيجة لهذا التمحيص أستحقت الأغنيات السودانية مرتبة متقدمة. من العوامل أيضاً تعدد المناخات في السودان بحكم الموقع الجغرافي . المناخ المعتدل يساعد في تهيئة الأمزجة للإحتفال والإبداع. من العوامل الأريحية والعفوية وقبول الآخر. المشاركة تؤدي للتلاقح الفني والإبداع والتجويد.التواصل مع الآخر مع الاحتفاظ بالخصوصية والتَفَرُّد. التفرّد في العمل الفني هو أحد العوامل المهمة . لكن هذا سلاح ذو حدين. العمل الفني رغم تميزه قد لا يحصل على التقدير الذي يستحقه. هذا أمر يتعلق بالذائقة الفنية التي تتأثر بثقافة المتلقي وإيقاعه الداخلي . لكن العمل الجيد يلقى قبولاً جيداً حتى إن لم نفهم لغة أو قالب توصيله. تجد فنوننا قبولاً وترحيباً شديداً في محيطها الإقليمي. حتى خروجها الخجول للعالمية وجد القبول والتشجيع . إذن عراقتنا وتنوعنا والمناخ الجيد والإنفتاح أنتج فنونناً جميلة. لكن يظل الذي يصل إلى الفضاء الرقمي من من المُنْجَز السوداني قليل جداً. لازالت الكتابة والدراما والسينما والتشكيل دون المطلوب رغم وجود مبدعين متميزين . أعمالنا قليلة جداً في المنصات العالمية فما هي الأسباب ؟
هذا سيكون موضوع مقالنا القادم بإذن الله.

‫2 تعليقات

  1. 🤓 تتسال سعادتك عن قلة الانتاج الغني السوداني على الشبكة العنكبوتية و تريد أن تعرف السبب البس كذلك ؟🥺

    السبب ابسط مما تتصور في وجهة نظري المتواضعة و التي ربما تكون مخطئه جزيئا او كليا وهي تنحصر في عدم تقبل ذوق الآخرين لمنتجاتك الفنية و عدم جودة اخراج و إنتاج تلك المواد 🥺

  2. لانها ليست جيدة رغم المحاولات السودانية الدؤبة لتسويق العكس !.
    و الحقيقة انها ضاربة فى الرداءة الى درجة لا يستسيقها البشرى المعاصر ، اما عن تفردنا وتوحدنا وتجزرنا ومغبشتنا و مغرزتنا السمحة ، فنأمل ان نعى ان الله لم يخلق السودانين وحدهم وانما قوله جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا .
    وهذا التعارف هو فعل مستمر متطور متجدد ، بينما لم يبارح السودان _ حقيبته.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..