مقالات وآراء

الاسود النشوان

د. عوض النقر محمد

انساب زورق الالحان الى اعماق الابدية هائما بين شعاب متاهة الصبر والاحزان ولا زاد غير ريشة متعبة و ضمير حى وكمان تتحشرج اوتاره فى صراع اللحن الاخير لم يفقد الامل وهو عند قمة الوعى بان الاحلام جميعها تتكىء على شفا جرف هار ما لم يفجر الثائر بركانه ليقوض اركان الطغيان محتميا بعظمة ايمانه بوحدة ارض السودان و ليشعل من وهج الطلقة النارية اضواء الحرية الحمراء لتصبح شمسا لا تغيب …..ذهب محمد الامين حاملا بين الحنايا طيلة اكثر من خمسين عاما شقاء وطن وبؤس امة لم تسمح لها الايام الكالحة حتى بوداع يليق بالسيرة العطرة وربما حتى حفنة من ثرى الوطن تتوسدها الراس المتعبة كما قال الفيتورى
وسد الآن راسك
متعبة’’ هذه الرأس
قد مرّ طاغيةُ من هُنا ذات ليل
أَتى فوق دبّابةٍ
وتسلَّق مجداً
وحاصر شعباً
غاص في جسمه
ثم هام بعيداً
ونصَّب من نفسه للفجيعة رَبَّا

ذلك المساء الصيفى كان الامين على المسرح يردد ويعيد المقطع فى انفعال لا يخفى على احد….. لما يطل بفجرنا ظالم نحمى شعار الثورة نقاوم والطاغية يهتز حماسا ويبتسم عن جهل او استخفاف لست ادرى حتى استبان االحقيقة فجر الانتفاضة.
كم هو صعب فصل محمد الامين الانسان والفنان والعاشق المتيم عن الوطنى المسكون بقضايا امته حتى فى لحظات انتظار المحبوب تتطلع العين الى افق ابعد
يسبقنا الشوق قبل العينين
ونعاين الشارع نلقاه غارق فى دموع المغلوبين
وحتى ان لم يكن الامر كذلك فقد وجدت المفردة الثورية طريقها الى قلب وعد النوار عند هذه النقطة السامقة يصبح الوطن والحبيبة دون فرق يذكر فقد تلاشى كل منهما فى الآخر.كنت اتمنى ان يكون رثائى لك عقد منضوم بخيط النور وطلة وردة من السور فانت مملوك السودان ولكنك سيد العشاق
والله ما صابرين دقيقة..
حتى من مرضك نغير..
رحلة مضنية ومشوار من الامل والشجن والفرح والدموع.غابة من الاحزان تتخللها لحظات فرح عابر اشبة بغمامة هاربة من سطوة القطيع
فى عيونو شوق
انهد لحب للناس للوطن
ماغيرت ريدتو السنين
ومابدل احساسو الزمن
شفنا المشاعر الحلوه
فى ساحاتنا بى الامال مشن

كنت اتمنى اياما غير هذه لنتنقل فى روضة فنك من غصن لغصن نقطف زهور هاشم صديق وزنابق فضل الله محمد وبعيدا عن العيون امنيات محمد على جبارة ونلتقى اسحاق الحلنقى عند تفتح النوار وربما نجد كل احباب الابداع هناك محجوب شريف و مبارك بشير وابراهيم الرشيد ومعتصم الازيرق وصلاح حاج سعيد وابو آمنة حامد ومعهم نزار قبانى يبحثون عن جواهر بين اكوام الاصداف ولكن كما يقول الاخير
يا وطني الحزين
حولتني بلحظةٍ من شاعرٍ يكتب الحب والحنين
لشاعرٍ يكتب بالسكين
ذهب محمد الامين فى ليل غابت نجومه ولكنى اراه على قمة موجة نغم تسافر وتعود
سماع اهلا من الاحباب شروق امال
ووصف البهجة بالكلمات محال يتقال
حلاوة العوده غنيناها فى موال
رحم الله الفنان الانسان محمد الامين بقدر ما قدم لامته وللثقافة السودانية وايا كانت الراية السياسية التى حملها فهى وجهة نظره فى اصلاح امة وسعادة شعب وانا لله وانا اليه راجعون.
د. عوض النقر محمد
الرياض 19.11.2023
[email protected]

‫7 تعليقات

  1. ربنا يرحمه برحمته الواسعة ويغفر له ويسكنه فسيح جناته بدون حساب ولا سابق عذاب شكرا د. عوض علي المقال

  2. مسافرا علي زورق الألحان رحل
    يتهادي انيقا بعوده علي مهل
    ضوءا شاردا قد لا يعود لا ..امل
    ..رائعا كالعهد بك دكتورنا الجميل تتجلي هذه المرة من بين ثنايا الرحيل المر لتهبنا مرثية رائعة لخالد رائع بكته الحنايا والمقل .. فراق تقف أمامه ثكلي كل الحروف، الألحان والجمل..
    تدفق ايها الحبيب وانثر عبيرك بين السطور ما قيل وما لم يقل ..
    خالص الود د. عوض النقر

  3. تذكرت الراحل علي المك شكرا ياود النقر على القطعة الأدبية والله يجب ان تدرس لاهل الادب رحم الله عبدالله الطيب والحبر نورالدائم وكل اهل الادب في بلادي وقليلي الادب يمتنعون عن القراءة
    مرة اخرى شكرا ولك كل الود

  4. كل البعرفه ان الكاتب سوف يلحق بالراحل الكبير جراء ذات الداء العضال الذى لا خير منه ولاشفاء داء السودان……… وياامة ضحكت من جهلها الامم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..