نصف مليار خسائر … ماذا عن المرضى؟

خارج السياق مديحة عبدالله
ذكرت السلطات الصحية لموقع (الترا سودان)20 نوفمبر الجارى عن الخسائر التى لحقت بالامدادات الطبية (نصف ملياردولار) وتلك التى لحقت باجهزة تبريد التطعيم والمستشفيات جرا الحرب اللعينة الدائرة الان،دون ادنى اشارة الى اعداد المرضى واوضاعم ،فقد ظلت المنظمات الدولية تقدم التقرير تلو التقرير عن انتشار مرض الكوليرا وتهديده لملايين السودانيين على سبيل المثال
السلطات الصحية ايضا تتجنب الحديث عن المصابين جراء العمليات العسكرية، والمرضى الذين تقطعت بهم السبل بعد اندلاع القتال وفقدوا الصلة بالمستشفيات الخاصة والعامة والعيادات والوحدات الصحية فى مناطق النزاع،وحُرموا من المتابعة الطبية المنتظمة لامراض مزمنه ،وفقدوا سجلاتهم الطبية ، بل وامكانية الوصول لمستشفيات اخرى لاسباب اقتصادية ولوجيستية.
هؤلاء المرضى تظل قضيتهم فى الظل ، فالتصريحات الرسمية تركز على ما اصاب المبانى من دمار وتتناسى البشر وما لحق بهم من اضرار جسيمة تتعلق بالحق فى الصحة وهو واجب يفترض حمايته ويقع فى صميم واجبات السلطات الرسمية ، تحت كل الظروف ،الا أنها تتجاهل ذلك لانها جزء من سلطة هى طرف مباشر فى الحرب الوحشية.
اذا كان الرصاص يحصد ارواح المدنيين يوميا ، فالمرض والاهمال وعدم امكانية الحصول على العلاج يفعل ذات الفعل غير الانسانى،والاسوأ ان سياج من العتمة يحيط بهذا الموت الذى يحدث فى البيوت ومراكز النزوح ووسط المجتمعات المستضيفة ،والمجتمع على علم بالاسباب الحقيقية وراء الموت الذى باتت اخباره جزءا من يوميات الحياة فى البلاد ،ويجتهد المجتمع عبر وسائل التضامن والتكافل ان يقدم ما وسعه من دعم للمرضى خاصة فى المناطق البعيدة والمفتقدة للوحدات الصحية التى توفر التدخل السريع فى حالة الاصابات الخطرة بامراض تفضى للموت ،
لكن تظل الامكانيات محدودة مع الظروف الاقتصادية القاسية الماثلة الان ،مما يستوجب تسليط الضوء على قضية المرضى الذين يعانون فى صمت من شتى انواع المرض ويدفعوا ثمن حرب ادت لانقطاع علاجهم مما بعرضهم لمخاطر تدهور اوضاعهم الصحية ،فالحديث عن الضرر المادى للحرب يظل مبتور مالم يتم الكشف ايضا عن الكلفة الانسانية باهاظة الثمن التى تهدد الحق فى الحياة …