العنف والحرمان من حق العمل مخاطر تواجه النازحات

العنف والحرمان من حق العمل مخاطر تواجه النازحات
على شرف حملة الستة عشر يوما لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعى وتحت شعار العام 2023 (اتحدوا لانهاء العنف ضد المرأة ) دعوة لوقف الحرب وحماية النازحات من العنف
مديحه عبدالله
تواجه النازحات انواع شتى من العنف بسبب الاوضاع القاسية التى نجمت عن الحرب التى اندلعت فى 15 ابريل2023 بين الجيش والدعم السريع، ووجدت ألآف النساء انفسهن يتحملن مسؤولية الاسرة من ناحية اقتصادية واجتماعية فى ظروف قاسية فى مراكز ايواء النازحين، التى بلغت اكثر من (400) مركزحسب تصريح والى ولاية الجزيرة (موقع الترا سودان 23 اغسطس 2023)،فاغلب هؤلاء النساء ربات بيوت اوعاملات فى مجال بيع الشاى والاطعمة فى الاسواق ، والقليل منهن كن يعملن كمعلمات وموظفات فى مواقع مختلفة، وادت الحرب والنزوح الى ضياع حق العمل واصبحن فى وضع شديد الهشاشة من الناحية الاقتصادية ورغم محاولات الكثير منهن لاستعادة حق العمل لاعالة انفسهن والاسر الا انهن يواجهن العنف من قبل السلطات تارة ومن قبل مواطنين تارة اخرى بشتى المبررات.
حيث اضطرت عدد من النازحات بمجمع الشهداء بمنطقة حنتوب بولاية الجزيرة للتوقف عن العمل فى سوق (كورونا) بالقرب من المجمع، على أثر تعرضهن لمضايقات من مواطن جاء بصحبة نظامى وطالبهن مستخدما كلمات قاسية باخلاء الموقع وذكر أن المكان يخصه ، مما تسبب فى اضرار اقتصادية لحقت بهن وباسرهن ،بسبب توقف العمل فى مجال بيع الشاى الذى كان يوفر مبالغ مالية تساعد على توفير احتياجات الاسرمن ملابس وادوية واطعمة لا تتوفر فى المجمع الذى يضم نحو (7) الف اسرة نازحة من الخرطوم بسبب الحرب المستمرة حتى الان مخلفة كارثة انسانية كبيرة باليلاد يدفع ثمنها بشكل خاص النساء والاطفال .
وسعت النازحات للحصول على تصاديق عمل دائمة من جهات الاختصاص وبدأن فى الاجراءات بدلا عن العمل تحت مظلات من القماش والبلاستيك لا تقى من شمس ولا غبار، وتدفع الاوضاع المعيشية الصعبة فى المجمع عدد من النازحات للعمل كبائعات للشاى والاطعمة وغيرها من السلع ، واختار بعضهن(تشييد مظلات من مواد محلية ) بالقرب من المجمع لعرض يضائعهن ، والبعض الاخر سعى للعمل فى سوق (كورونا) ،وتقول النازحات أن بعض المنظمات المدنية تقوم بتوفير اطعمة يقمن بتجهيزها عبر لجنة مشرفة ،هى عبارة عن وجبات من الارز والمكرونة والعدس واحيانا وجبة مكونة من اللحوم والارز الا ان هناك حاجة لتوفير انواع اخرى من الطعام لمقابلة احتياجات الاطفال وكبار السن والمرضى اضافة الى الدواء والملابس والمنظفات والاحتياجات النوعية للنساء،كما أن العمل يضمن الاستقلالية الاقتصادية والشعور بالكرامة .
وتقول خالدة حسين محمد ادريس وهى نازحة وعضو جميعة كلنا قيم التعاونية متعددة الاغراض ومتطوعة فى مطبخ المجمع :ان العمل حق من حقوق الانسان،واشجع النازحات دائما على التمسك بحقوقهن والسعى للسلطات للمطالبة بالحق والدفاع عنه دون خوف ،وتاسيس جمعيات تمثلهن للتحدث بانفسهن امام المنظمات التى تقدم الدعم للنازحين بدلا من ترك فرص الحديث للرجال فقط، وقالت: لقد دفعت النساء ثمنا باهظا جراء الحرب ولابد من التمسك بالحقوق المكتسبة نتيجة قيام النساء بادوار ومسؤوليات كبيرة لرعاية الاسر ولايمكن التراجع عنها ،مع اهمية السعى لمحو الامية واكتساب المهارات فى شتى مجالات الحياة .
ما تواجهه النازحات العاملات فى مجمع حنتوب يمثل نموذجا لما تواجهه نساء اخريات منهن نازحات عاملات فى مجال بيع الشاى فى شارع النيل فى مدينة (مدنى) من ملاحقة من السلطات المحلية من حين لاخر بدعوى تنظيم وضبط العمل فى الشارع الذى يٌعد احد الشوارع الرئيسية فى المدنية التى اذدهرت تجاريا بعد حرب ايريل نتيجه للنشاط التجارى الواسع الذى شهدته حيث انتقل اليها اغلب النشاطات التجارية التى نجت من الخراب الذى لحق بالتجارة والصناعة فى العاصمة الخرطوم جراء الحرب.
سياق العنف وهشاشة وضع النساء اقتصاديا
الخوف وعدم الامان هوشعور مشترك بين الذين فروا من منازلهم بسبب حرب ابريل فى العاصمة الخرطوم قاصدين ولايات السودان الاخرى، خاصة ولاية الجزيرة طلبا للنجاة من الموت. الاغلبية هم نساء واطفال وكبار سن ومرضى حيث فضل اغلب الرجال والاولاد الاكبر سنا البقاء فى المنازل لحمايتها حسب افادة الكثير من النساء.
وخرجوا باقل الملابس والممتلكات والنقود ،البعض خرج من منزله لايملك مالا ، او مال قليل جدا لم يصمد طويلا امام تكلفة الاحتياجات الاساسية ،والعاملات من النساء اغلبهن كن يزاولن اعمالا حرة صغيرة من حيث رأس المال ، فى الغالب كان يتم العمل امام المنازل او الاسواق القريبة من الاحياء وقلة تعمل فى وظائف فى مواقع مختلفة فى القطاع العام والخاص ،وتسببت الحرب فى ضياع حق العمل مما عَمق من حالة هشاشة اقتصادية تعانى منها النساء اصلا وتجعلهن عرضة للعنف الاقتصادى.
اغلب من فروا من منازلهم وقصدوا مدينة ودمدنى لم يكن امامهم سوى السكن فى مراكز الايواء وتشرف على المراكز مبادرات اهلية تتلقى اعانات الطعام والدواء والاحتياجات الاخرى من المواطنين ومنظمات مدنية واقليمية ودولية مثل برنامج الغذاء العالمى ، واليونسيف، اطباء بلاحدود ،ومن دول عديدة.
بيئة مراكز الايواء تتسم بالاكتظاظ ونقص مياه الشرب والحمامات وادوات النظافة ،ونوعية الطعام محدودة ويتم تقديمها فى اوقات معينة ،فى احيان كثيرة لا تتوافق وحاجة المرضى بامراض مزمنة والا الاطفال وكبار السن والحوامل والمرضعات ،هذا الوضع يسبب شعور بالقهر النفسى والعجز يدفع لابتدار العنف تجاه الاخرين وعدم تقبلهم ، او الصمت وكبت الغضب
وتشكل نوعية الطعام فى المراكز اكبر مشكلة للنساء الحوامل والمرضعات ومن يعاين من امراض مزمنة تتطلب اغذية معينة وفى اوقات منتظمة،ويمثل ذلك اكبر دافع للبحث عن العمل، كما يعتبر من عوامل الضغوط النفسية للنساء، ويزيد الضغط على من يرغبن فى العمل وتقف المسؤوليات الاسرية عقبة دون ذلك .
اوضاع تؤدى الى شعور بالقهر النفسى، يلجأ البعض منهن لتفريغ شحنات الغضب والحزن بالبكاء او الصمت والانزواء او افتعال الشجار والصراخ مع باقى النساء ، كما أن توزيع الاغاثة والطعام وباقى الاحتياجات يولد اشكال من التنافس والرغبة فى الاستحواذ على نصيب اكبر مما يوفر بيئة نزاع بين اسر او افراد منها .
لذلك فأن وقف الحرب ومعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الضخمة الناجمة عنها يشكل اولوية لمن يناهضون الحرب ولدى النازحيين بالذات النساء اللائى يواجهن اوضاعاً غير انسانية داخل وخراج مراكز الايواء.