مقالات سياسية

فاشر أبو زكريا … هل تصنع الفرق؟

محمد التجاني عمر قش

انتفش قادة الدعم السريع بعد سيطرتهم على بعض المدن في دارفور، إثر انسحاب الحاميات العسكرية من تلك المدن، فظنوا وهماً أن ميزان الحرب قد مال لصالحهم؛ فوجهوا عناصرهم نحو فاشر أبو زكريا، تلك المدينة التي تمثل رمزية تاريخية ذات أهمية خاصة ليس فقط لأهل دارفور، بل لكل أهل السودان، فهي المدينة التي كان يخرج منها المحمل الذي يحمل كسوة الكعبة في طريقه إلى جزيرة العرب حيث الحجاز والأراضي المقدسة في مكة والمدينة. والفاشر هي حاضرة سلطنة الفور التي كانت صنواً لسلطنة الفونج وامتداداً طبيعياً لسلسة الممالك الإسلامية في السودان الغربي مثل كانم وبرنو ووداي والسونغاي ومالي.

ويضاف إلى ذلك أن الفاشر قد كانت بوتقة انصهار تمازجت فيها دماء أهل السودان من الشرق والغرب والوسط، سيما وأنها قد كانت قبلة للعلماء والدارسين للعلوم الإسلامية واللغة العربية، برعاية سلاطينها الذين أقاموا صروحاً للعلم ووضعوا اللبنات الأولى لتوحيد دارفور تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وكان ذلك هو شعار وعلم الدولة. ومدينة بهذا الألق والعبق التاريخي كيف يمكن أن تترك لتكون نهباً لمليشيا الدعم السريع والأوباش من عرب الشتات والمرتزقة الغادرين.

ولعل هذا ما جعل بعض حركات دارفور المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا تعلن خروجها عن الحياد والوقوف مع قوات الشعب المسلحة من أجل دحر قوات المليشيا المتمردة التي مارست أبشع الجرائم التي تنفر منها النفس البشرية وتشمئز منها حتى الحيوانات المتوحشة، حيث قتلوا الأبرياء ودفنوا بعضهم أحياء وذبحوهم بدون شفقة أو رحمة كما تذبح الشياه! ومهما كان موقف تلك الحركات قد جاء متأخراً إلا أنه موقف يحسب لصالحها؛ لأن الأرض التي لا تدافع عنها، لا تستحق أن تحكمها، أو حتى تعيش فيها!

هذا التحالف بين الجيش السوداني وحركات دارفور من المؤكد أن يقلب موازين المعادلة العسكرية فيما يتعلق بهذه الحرب التي تشنها المليشيا المتمردة على الشعب السوداني قاطبة. فمن حيث العدد، هنالك الآن أعداد مقدرة من العناصر المقاتلة التي احتشدت في الفاشر دفاعاً عن هذه المدينة ومساندة للقوات المسلحة، وقد توفرت لها إمكانيات قتالية مقدرة، وهي تنسق وتعمل وفقاً للشعار الذي يردده كل لسان في السودان الآن: “جيش واحد، شعب واحد، والحص وطن!” وهذا لعمري تحالف ضروري ومطلوب في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن الذي بات مستهدفاً في وجوده ومستقبله، من قبل فئة خارجة عن القانون لا تعرف الأخلاق ولا الدين ولا النظام.

ومن اللافت للنظر أن مختلف المكونات في دارفور قد أمنت على هذا الموقف والتحرك الإيجابي؛ ولذلك يجب أن يكون الهدف المتفق عليه هو القضاء المبرم على المليشيا حتى يبقى السودان آمناً وموحداً وخالياً من النزاعات والتوترات القبلية، والجهوية، ودعوات العنصرية، والتهميش. وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً، ويكفينا فقط أن نخرج من هذه المحنة بوحدة الصف الوطني والتخلص من روح العنصرية والتحيز ضد بعضنا البعض؛ حتى نتفرغ لبناء سودان جديد يقوم على التوافق ونبذ الخلافات مع وضع المصلحة الوطنية العليا والتعمير والتنمية وحفظ الأمن نصب أعيننا حتى لا نفسح المجال مرة أخرى لأي عنصر دخيل لكي يزعزع استقرار الإنسان السوداني مثلما فعلت مليشيا الجنجويد التي روعت الآمنين في مختلف أنحاء البلاد وشردتهم من بيوتهم وأزهقت أرواحهم ظلماً وعدواناً.

وقد يقول قائل إن حركات دارفور قد اتخذت هذا الموقف من ناحية تكتيكية بحتة، ولكن مهما كانت الدوافع فإن الحرب تتطلب الاستعانة بكل من يمد لنا يد العون من كل بقاع الدنيا، فما بالك بأبناء الوطن الذين طالتهم مآسي الحرب وفقدوا فيها أرواح ذويهم وممتلكاتهم وأرضهم، فهؤلاء من واجبهم الدفاع عن الوطن بكل ما أوتوا من قوة.

وإن كان ثمة تخوف لدى بعض الجهات والأفراد فهذا أمر طبيعي نظراً لتلك الجفوة التي ظلت قائمة بين الناس جراء الاحتراب لفترة طويلة بين الحركات المسلحة في دارفور وقوات الجيش السوداني، ولكن تلك فترة قد ولت ونأمل ألا تعود، وفقط نريد من أخوتنا في حركات دارفور ممن وقف مع الجيش أن يبنوا على هذا الموقف ويرموا قدام مع الابتعاد عن الأجندة الضيقة “ودفن العصي” وبعدما يندحر التمرد وتضع الحرب أوزارها يجب أن يجلس الجميع حول طاولة واحدة لوضع خطة محكمة لحكم السودان الموحد مستقبلا بحيث ينال كل إنسان سوداني نصيبه من الثروة والسلطة وحقوق المواطنة ويقوم بما عليه من واجبات لكي نبني وطناً يسع الجميع. وعموماً أنا على ثقة من أن فاشر أبو زكريا، بهذا الموقف الوطني البطولي، سوف تصنع الفرق وتغرس نواة الوحدة الوطنية.

‫4 تعليقات

  1. وعاد الكوز محمد قش لنشر الشائعات والتطليس علي الشعب وممارسة ماجبل عليه من كذب وتطليس كاى كوز ارهابي

  2. كاتب المقال ينتمي إلى أحد الاجيال التي على السودان الانتظار حتي تفنى لتاتي فترات تطوره و ازدهاره و للأمانة هذا تعليق دون أن اقرأ ما الذي ورد في المقال”إيه لأني تعرفت على العقلية و لا ننسي اننا اغلبنا بلا عمار ماديا و ذهنيا

  3. فاشر أبو زكريا … هل تصنع الفرق؟ عشم ابليس الكيزان في مليشيات دارفور وهللو وكبروا وقال عبدالواحد محمد نور اصطف مع الجيش هههه في انسان عنده عقل يقول عبدالواحد مع جيش الكيزان ولا مليشيات دارفور يحاربو تاني الجنجويد بعد ما ذبحوهم في قوز بنقو كالدجاح بلا عنجهة فارغة وقعوا اتفاقية الاستسلام واخلصوا يا كيزان يا جبناء قال جيش قال وكل ضباطه من الكيزان

  4. 🤓 لا اعرف شيئا عن سعادة السيد قش لكن من تعليقات الذين يعرفونه فهوى كوزكوز = ( كوز منظم) لذا استغل هذه السانحة و ارجو منه ايصال هذه الرسالة افادة الجبشكوز مفادها؛

    إذا اردتم حقيقة هزيمة الجنجكوز افسحوا المجال لضابط وطني ليس له أية صلة بعصابات الكيزان ليقود الجيش و عندها سنقف معه قلبا قالبا 🥺🥺

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..