مقالات سياسية

بيان الأمصار .. في رحيل هاشم كرار

بيان الأمصار .. في رحيل هاشم كرار

د. ميرغني معتصم

نعم هاشم كرار…

قلمي يؤلمني ، ..

أما قلبي فقد دفن معك…

لله ما أعطى…

   كان هاشم، سادتي، يحلم، يوما، بقوم سافرين .. مغربين في الوضوح .. يتوارثون الأرض بتؤدة وجلد .. يماطلون الحياة بصدقهم، .. دون فسحة لتقمص دسيسة أو لغة، .. قوم «يقفون تحت أشجار كريمة»، لم تضن بالثمار أو الفيء، .. وحالما يرفعون أبصارهم إلى الناضجة منها، تقع بلطف في أفواههم دون أن يقذف غصن بحجر، .. بيد أنه انكفأ في ثانية ما ذات صباح.

لله ما أعطى …

ثمة وجل يستشري من قلق الكلمات،..

ثمة حِمام يسكن أعماق الكائن..

ثمة قلق بارد يساقط مطلول من ماض.

وثمة أيضا الأوهام، نعم، تلك الفاعلة المولدة التي وطنا أنفسنا عليها فيك. وثمة، ألف مرثية تقض مضجع الليل وتقلم مخالبه بعد رحيلك. وثمة إيقاعات للموت. ولكنا لن نكتب المراثي الرحيمة، سنترك ذلك للقادمين يعبثون بالمجدول من التعبيرية السوداء. وفي الليل عندما ينشغل الآخرون بتشييع الآهات، سنعبأ نحن بالنهايات، بتلك الأيام البيضاء في المدرسة الغربية. سنكتب نصوصا للا شيء، ونغني في انتظار السديم الذي احتواك. سنخرج للعالم بنصوص “دادية”، بلغة هاشمية، بحساسية الزمن من حيث الفكرة، ومن حيث الرؤية، ومن حيث تمسرح الزمن الروائي، والقصصي. ونصرخ نحن بعدك: ماذا تبقّى؟، قد تحدثنا  بنبرة ساخرة مفصحا بمناكفة: تبقت لكم مضارب الإدهاش والردة الإبداعية. تبقّى لنا التقاء ذواتنا على لا معقوليتها، عبثيتها، ولا جدواها. تبقّى لنا أن نؤثث غابات من الغايات.

لله ما أعطى …

إذ لم نقنع منك يوما بلغة بكماء باردة مدفونة تحت الصمت منذ «إيريك هوفر». ولم نعتمد الوسائل الشخصية وحدها بل بالنص العارف المعرف والمعرفي. لم تصرخ، مثل غيرك، بجميع العبارات المستهلكة، ولم تفرط في سوداوية. ما آمنت به، أن جيلا جديدا أعلن أنه أتى من جزائر تعبيرية، وجاهر بالخروج من دوائر التكلس بحثا عن جديد ينكأ الموجود، فهكذا فكرت بترك الوطن لنوره الأعمق وألحقته وراءك إلى المعالجة الراقية تبعده عن العالم ولاتدعوه إلى العزلة. كنت ترى، أيها الباذخ، أنك ستحضر بعمق أكثر في توليفة الأزمة، ندعوها إلى البحث الفكري الصارم. وبذلك لن يستمر الكلم صدى للعصر ولا ناقلا لانفعالات أصحابه. تدفعه إلى اللامبالاة المطلقة بالفائدة، فالجمال يناقض الفائدة مناقضة كلية.

لله ما أعطى …

هكذا قرأناك ــ أيها الباذخ ــ من عبارات نضحت حبرا وتبرا، جعلت فيها الإنسان بستانا للجمال ومفازة للتمرد. وكنت، كما قالت لك ذاتك الشفيفة يوما : أرهم مكارمك …

ولله ما اخذ …

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..