مقالات سياسية

ديسمبر كلحظة مولدة للوصولية و البرغماتية

ديسمبر كلحظة مولدة للوصولية و البرغماتية

احمد داوود

من نتائج ثورة ديسمبر ؛ توليد و تعزيز شكل من الوصولية والوعي البراغماتي عند الجيل الجديد من الفاعلين السياسيين . أو جيل ما بعد ثورة إبريل لو اعدنا قلب توصيف السفير خالد دفع الله.

في السابق ، وفي سياق النضال ضد حكومة الاسلامويين  ، كان المحرك الأساسي لجيل ما بعد إبريل للانخراط في المقاومة نابع من وعي ثوري و إيمان حقيقي بمشروع الثورة  و التغيير.

لم يكن الانخراط في المقاومة نتاج مطامح سلطوية . لقد كانوا  أبناء الفاقة و التهميش و تجارب السكن الداخلي المؤلمة و المشبعة بالحرمان و الجوع.

ادي هذا الي شكل من أشكال التربية التنظيمية مناصرا لحقوق المستبعديين  و المهمشين  .

لكن بعد الثورة ، أحدث النخبة من هذا الجيل قطيعة جذرية مع وعيه السابق مع بلورة وعي جديد يعزز من قيم الرفاه و الوصولية  ، ربما كان ذلك أحد انعكاسات حياة القاع و واقع الطبقات المهمشة .

علي كل حال ، تمظهر هذا الوعي في تمجيد السلطة والاستعداد للمساومة بقضايا الجماهير .

قبل ديسمبر  ، لم يكن ثمة اي احتكاك لهذا الجيل بواقع السلطة الا من خلال موقعه كمعارض . لقد كان احتكاكا سلبيا تجسد في حالات القمع و تجارب بيوت الأشباح سيئة الصيت.

لكن ديسمبر أسست عمليا لدخولهم في نادي السلطة . ولو أنهم كانوا وبحكم تجربتهم التنظيمية يتعاملون مع السلطة بوصفها جسرا للتاسيس و البناء الوطني،  صاروا الآن ينظرون للسلطة و بالتالي الثورة عبر زوايا مختلفة و بوصفها مدخلا للامتيازات الشخصية.

بالتالي نمي وسطهم نوع من الوعي يقدس الرفاه ويقطع مع ” بوش ” زقاقات العربي والاطعمة الشعبية في كمبوني و ممجدا لاسلوب حياة الطبقات الراقية في الخرطوم.

كانت ال ” v8″ المصفحة،  والشقق الفخمة ، و بريق السلطة كفيلان بتغيير نمط تفكير قادة الطلبة السابقون الذين انتقلوا من الصراع علي احقية شغل حمامات داخلية الوسط الي النزاع حول كراسي السلطة مع كل ما يحمله ذلك من تحول طبقي و اجتماعي.

لقد استغل الحرس القديم هذا التحول في وعي الفاعلين الجدد ووظفه لإعادة إنتاج هيمنته عبر تسويق مفاوضات كورونثيا التي اسهمت في تصفية الثورة مع شراء أصواتهم بمناصب بلا اي صلاحيات في المجلس السيادي و مجلس الوزراء  .

لقد كان ذلك كفيل بسحق الاستقامة السياسية و الأخلاقية  لهذا الجيل  ، و بالتحديد أولئك الذين ترجع جذورهم الطبقية و الاجتماعية الي المجتمعات المهمشة.  التعايشي ، محمد الفكي يمكن اخذهما كنموذج  ، و ربما نصر الدين عبدالباري الي حد ما  علي اعتبار أنه لم يكن من جيل النخبة في الجامعات  .

انعكاسات ذلك برزت بشكل واضح  في الانحيازات و بلورة المواقف من الازمة الراهنة  .بحيث صار ثوار الأمس حلفاء للجنجويد  وأدوات بيد المخابرات الإقليمية و الدولية  الي درجة أنهم ظلوا يحلمون باستعادة مواقعهم السابقة عبر بنادق الجنجويد  .

بالنسبة لهم الآن،  تتمثل المهمة الأساسية و العاجلة عدم مفارقة حياة الرفاه والبرجواز باي شكل من الأشكال  . ليس من الصحيح علي الإطلاق  ترك ” الكيزان ” وأبناء العائلات الكبيرة  التمتع لوحدهم بالامتيازات التي يوفرها السيطرة على جهاز الدولة.  يجب مشاركة هذه الامتيازات وفق قواعد و أسس جديدة  ولو كان ذلك  عبر تسلق الجماهير أو اختطاف صوتها  او دعم الأجندةالاستعمارية ، هذا هو لسان حالهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..