
ضجة حزينة
صمت قلمي لأكثر من نصف عام واكتست في القلب حسرة وطاوعني قلمي لارثي رحيل قامة من قامات بلادي ،،
طوي الجزيرة حتي جاءني خبر
فزعت فيه بآمالي الي الكذب
حتي إذا لم يدع لي صدقه أملا
شرقت بالدمع حتي كاد يشرق بي،،
رثي المتنبئ اخت سيف الدولة بهذه الابيات فكانت مطلع كل رسالة تعزية وصلت لسيف الدولة واليوم أرثي وأنعي علما من أعلام بلادي الا وهو استاذي وصديقي القامة
لاعب كرة القدم والمعلم والفنان وصاحب شركة الانتاج الفنية والاذاعي
محمد ميرغني ابن عوف تغمده الله بواسع رحمته هذه الالقاب التي سبقت اسم الراحل كانت احدي عناوين حواري معه في مجلة هنا ام درمان منتصف التسعينيات والمناسبة اني دخلت الي مكتب المجلة بالاذاعة وكان وقتها رئيس التحرير القامة محمد صالح يعقوب يراجع بعض المقالات وعن يمينه الاستاذ متوكل عبدالدافع صاحب اغنية التلفون للاستاذ النور الجيلاني يقلب اعدادا من مجلة العربي العتيقة والراحل الاستاذ لبيني يستعد للذهاب الي الاستديو ويحزم حقيبة صغيرة كانت في معيته والراحلة المقيمة ليلي المغربي ترد تحياتي لها وهي تغادر مكتب المجلة التي ترأست تحريرها في حقبة ما ، اتفقنا عل حوار معها والذي لم يكتمل برحيلها ! فبادرني الاستاذ محمد صالح يعقوب بإنني قد تأخرت بعض الشئ اليوم فذكرت له أنني كنت في شركة أنغام الفنية واجريت حوارا مع مديرها الاستاذ محمد ميرغني فحينها قال الاستاذ المقدمة التي سبقت اسم الراحل اعلاه! .
فالراحل عمل معلما بعدد من المدارس في الخرطوم بحري ولاعبا بنادي الأمير البحراوي ومدير لشركة أنغام للانتاج الفني وتعاون مع الاذاعة الرياضية ،،
وقتها كنت التقي بالراحل يوميا في الامسيات حيث كانت الترتيبات تجري علي قدم وساق للتجهيز لمهرجان بحري الثقافي الاول الذي تشرفت بعضوية لجنة الاعلام وقتها واذكر اننا التقينا بعد جلستي معه بشركة انغام في احدي البروفات فذكر لي ضرورة اضافة اغنيته الجديدة وكان وقتها قد حظي بقصيدة من الشاعر صلاح حاج سعيد أغنية لو كان عصيت امرك انا!
وسبتك محلق فى زمان الامكنة
ما كنت وريتنى النجوم
عز النهار متلونة
انا ليك مدائن حب بنيت
شيدت ليك باقات منى
شيدت قصرك فى السحاب
وكتبت فيك اجمل غناء،،،
ذكر مقتطفات من الاغنية الجديدة وكان يتابعني حين اكتبها كانه يتاكد اذا كتبتها بصورة صحيحة وحينها أشاد بي بأنني كتبتها دون أخطاء وهنا ظهر طبع المعلم وكانه يحمل قلما احمر يصحح لتلاميذه فالراحل من مواليد ام درمان فاكتسب منها العراقة ونشأ وترعرع في الختمية بحري فأحب بحري واكتسب منها حنيني اليك وانا والاشواق !!رحلت يا ميرغني وجرحنا بالطبع لن يطيب جددته برحيلك ،،،
وحنينا إليك لن ينقطع وقد اضنانا ليل الغربة وستبكينا طيف ذكراك بدمع القلب
ونقول ياريت زمانا الفات يعود تاني!!!
رحلت ياغالي والسودان شرب لون الجراح
لن ترثيك احرف الضاد فلكل دعواتنا بالرحمة والمغفرة
ولد بام درمان ونشأ في الخرطوم ووري الثري بود مدني حقا لاندري متي وأين سنموت سبقه قبل شهر احد عمالقة الفن الموسيقار محمد الأمين فكان أجله المحتوم بأمريكا وقبله العملاق كابلي تغنوا للوطن وعشقوا ترابه وفاضت ارواحهم بعيدا عنه إنها مشئية الله وأقداره وعلي كف القدر نمشي ولاندري بالمكتوب !!! .
كان يصر علي توصيلي بعربته بعد انتهاء بروفات مهرجان بحري الثقافي الأول ويناديني يلا يا ابو النسب مشينا رحمة الله تغشاك وكانت حرم الفقيد دنقلاوية من جزيرة مقاصر والتي منها الشاعر الفذ توفيق صالح جبريل رحمهم الله جميعا ،، كانت تلك الفترة خصبة ثقافيا في تاريخ بحري وكان نوأة لمسرح خضر بشير بشمبات حيث بدأ العرس البحراوي في ليلة حشدت فيها بحري كل مبدعيها ونوابغها فكريا وثقافيا تقدمهم الراحل المقيم استاذنا صالحين والاستاذ صلاح بن البادية وهو من صاغ شعار المهرجان لا أود الاسترسال فلكل مقام مقال ،
الا رحم الله فقيدنا ميرغني ابنعوف وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا
إنا لله وإنا إليه راجعون
