مقالات سياسية

نحو سلام مستدام …لنجعل قضية اطفالنا اولوية

مديحه عبدالله

واقع القتل والنزوح وسوء التغذية والعنف والانقطاع عن التعليم والتجنيد …يحاصر حاضر اطفالنا…ماذا بقى للمستقبل؟
كيف عبر الاطفال النازحين عن احلامهم بالرسم؟

رغم التقارير الدولية الدورية عن وضع اطفال السودان فى ظل الحرب،والكشف عن الانتهاكات ضدهم ابتداء من مصادرة حق الحياة ، وحتى الغذاء والتعليم ، رغم ذلك تظل قضيتهم فى الظل،يتم التطرق لاوضاعهم كجزء من اوضاع الامهات او الاسر النازحة واللاجئة،مما يًضعف الاهتمام بهم كمواطنين يؤثر وضعهم الان فى حاضرومستقبل البلاد،ويحدد لاى مدى يمكن ان ينعم السودان بسلام مستدام
من الضرورى ان يتم وضع الاطفال فى السودان كقضية مركزية فى قلب االاجندة المدنية الساعية لوضع حد للحروب والقضاء على مسبباتها،ففى اخر تقرير لمنظمة انقاذ الطفولة كشف أن (ما يقرب من 30 الف طفل )سيولدون دون رعاية صحية سودان تربيون 19 ديسمبر الجارى ، مما يعرضهم وامهاتهم لمخاطر شتى فى بلد ترتفع به نسب وفيات الامهات ، وبسبب الحرب تعرضت مستشفيات الولادة والكوادر الطبية فى الخرطوم ودارفور الى هجمات اطراف الحرب ،اضافة الى النقص فى الادوية المعالجة لمضاعفات الولادة ، وتجد القابلات صعوبة فى الوصول الى النساء اللواتى يحتجن لخدمات التوليد فى مناطق القتال
اما الذين تعرضوا فعليا للقتل عقب حرب ابريل 2023 فهم اكثر من (435) )طفلا واصابة ما لايقل عن (2025) طفلا، وذكرت منظمة اليونسيف ان دارفور على وجه خاص اصبحت جحيما لملايين الاطفال حيث يتم استهدافهم عرقيا وقتلهم واساءة معاملتهم واستغلالهم ( سودان تربيون 23/11/2023)

وبتوسع نطاق القتال فى البلاد فأن أكثر من (7) الف من الاطفال يفرون من منازلهم يوميا (سودان تربيون 27/11/2023 ) مما يعرضهم لمخاطر الضياع من الاهل والجوع والامراض
ومن بين جميع حوادث القتل والتشويه المبلغ عنها في جميع أنحاء السودان، فإن 51 % منها تتعلق بأطفال في دارفور، و 48 % من إجمالي حالات العنف الجنسي المبلغ عنها في السودان تحدث في فى دارفور .
ويعاني أكثر من 1.2 مليون طفل دون سن الخامسة في ولايات دارفور من سوء التغذية الحاد، ويواجه 218,000 منهم سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أكثر أشكاله فتكاً..
وذكرت كل من اليونسيف ومنظمة انقاذ الطفولة فى اكتوبر الماض ، ان نحو 19 مليون طفل فى السودان اى 1من كل 3 اطفال خارج اسوار المدارس .

.التجنيد كمؤشر لاستمرار الحروب :

واعلنت اليونسيف انها تلقت مزيدا من التقارير المقلقة حول تجنيد الاطفال واستخدامهم فى الحرب الدائرة فى البلاد ، وكشف تحقيق اجرته سودان تربيون عن تجنيد (8) الآف طفل فى الحرب الدائرة الان بين الجيش والدعم السريع (23/11/2023)
ان تجنيد الاطفال يؤشر على استغلال هشاشة وضع الاطفال واسرهم مما يدفعها للقبول بالدفع بهم لصفوف المجموعات المسلحة والجيش، املا فى ان يجدوا فوائد مادية ،او ان يشعروا بالامان وانهم جزء من سلطة تملك القدرة على فرض ارادتها على الاخرين بقوة السلاح، وبذلك يصبح الاطفال عرضة للموت ، والاستعلال بكل اشكاله، والحرمان من الاسرة ورعايتها والاستمتاع بطفولتهم ، وتحولهم لبشر يتطبعوا على مشاهد القتل والوحشية المصاحبة للحروب مما يضع عراقيل امام اندماجهم فى الحياة المدنية. ليصبحوا على أهبة الاستعداد لينخرطوا فى اى دورة قتال محتملة.

لذلك فأن وضع الاطفال لابد ان يكون فى قلب العملية الانسانية الان وعملية اعادة الاعمار وعلى قمة ذلك الغذاء والعلاج والتعليم . والاهتمام باحتياجاتهم النوعية ووضعهم النفسى ، ومن الضرورى هنا الاشارة الى ما ظلت تقدمه منظمة اليونسيف من دعم معنوى للاطفال ، فالترفية بطرق مختلفة ،وعلب الالوان والرسم والغناء والرقص مكون من مكونات برامجها لدعم الاطفال فى مراكز الايواء، وكنت شاهدة على مظاهر الفرح والتجاوب التى يبديها الاطفال تجاه هذه البرامج فى احد هذه المراكز ، وكان من الملفت ان اكثر رسومات ظهرت فى اوارق الرسم هو المنازل وعلم السودان . والايجابى ان العديد من المنظمات المدنية الطوعية باتت تضع مكون الترفيه والدعم النفسى فى اجندة عملها للاطفال النازحين .

ان الواقع الذى يعيشه اطفال السودان يعبر بشكل ماساوى ليس فقط عن مظاهر الحرب ، بل عن اسبابها، فالظلم الاجتماعى والتمييز والدكتاتورية العسكرية والعنف السياسى والنزاعات المتطاولة التى دارت فى مناطق الانتاج فى البلاد ، ظلت دورة مستمرة منذ الاستقلال وتصاعد الامر حتى وصل ذروته فى حرب ابريل 2023 اللعينة ، مما يحتم العمل ليس لوقفها وانما للقضاء على اسبابها وجذورها.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..