مقالات سياسية

اختطاف الدولة وصوت الأمة السودانية

ادم بركة دفع الله عطية

على مدى 67 عامًا، تم أسر السودان بواسطة مجموعة صغيرة من جهة جهوية وقبلية التي عملت على فرض هويتها على جميع الشعوب في السودان المتميز بتنوعه في العرق والدين والقبيلة. نتيجة لهذا الاختطاف، اندلعت الحروب في بلادنا وفقدت القدرة على تطوير اقتصاد قادر على تعزيز حياة المواطنين وتقليل معدلات الفقر المدقع، بالإضافة إلى عدم توفير تعليم جيد للمواطنين السودانيين. وحكمت الطبقة الحاكمة التي جاءت بعد ما يعرف بالاستقلال بطريقة أنانية بهدف الحفاظ على السلطة السياسية الكاملة في مصلحة ذاتية تخدم عدد قليل من سكان السودان . وحتى أدت تقسيم السودان إلى دولتين، وما زالت هذه العقلية تستمر في أسر البلد والتلاعب بمستقبل شعوب السودان.

تتعرض الدولة للاختطاف من قِبَلِ عقلية مستبدة مَولِعَةٌ بالدَّمَاءِ وَالْحُروبِ وَالْفُتُنِ وَالدسائسِ وَالْعَمَالَةِ، وَقَامَتْ بِأَسْوَأِ انتهاكاتِ ضِدَّ الْشُعُوبِ الَّتِي رَفَضَتْ الْتَّهْمِيش وَالظلمَ الاجتماعيَّ فِي السُّودَانِ، حَيْثُ تَمَ تَشْرِيدُهُمْ وَقَتْلُهُمْ وَاغْتِصَابُهُمْ وما حصل جنوب السودان و دَارْفُورَ وَجَنُوبِ كُرْدُفَانَ وَالنِّيلِ الأَزْرَقِ لَمْ تَكُنْ ببُعْيدٍ عَنْ أَذْهَانِ السّودانيين توجد ظاهرة الاختطاف في جميع جوانب حياتنا، سواء في الثقافة والفنون والسياسة أو في علاقاتنا الخارجية ووسائل الإعلام.

منذ اختطف ما يعرف بـ “الزعيم الأزهري في خطابه الأول الرسمي، وأعرب فيه بالفخر عن عروبتنا وإسلامنا، بغض النظر عن اسم البلد والأديان السابقة للإسلام فيه. هل نسى الزعيم الأزهري تنوّع الشعب السوداني ام كان يتعدم ذلك ؟ من الغريب أن الجماهير كانت تصفق محتفلة في الخرطوم بمناسبة ما يعرف بالاستقلال، بينما تثور في توريت جنوب السودان على هذا الإعلان الاختطافي. وعلى هذا الأساس، تأسست كل علاقاتنا الخارجية قبل أن تختطف الدولة وتنضم إلى جامعة الدول العربية بقرار لم يتم التوافق عليه من قبل السودانيين.

وتم تجاهل الثقافات السودانية وتنوع أعراقها في وسائل الإعلام، وظهرت شخصيات مثل الجزلي، وهو مهندس للاختطاف الإعلامي، حيث كان يسعى لتغيير ألوان المذيعات لتعكس تصورات المختطفين المتوهمة بالعروبة .

ثمانية وستون عامًا مضت والسودان كان يعتبر ممتلكات لمجموعة معينة تزعم أنها هي العرق الأصيل العربي هو الشعب السوداني .

النزاعات المسلحة والعنف السياسي في السودان ليست جديدة، بل تكررت واستمرت منذ 18 أغسطس 1955، ووصلت إلى ذروتها في 15 أبريل وأصبح واضحاً للسودانيين أن بلدهم يعاني من استغلال من قبل فئة متنكرة في بالشعارات و المعتقدات الفكرية والدينية والوطنية لضمان سيطرتها واستمرارها في سرقة الموارد بدون مشاركة جميع المواطنين.
يمثل محمد جلال هاشم وأمجد فريد وحسن طرحة و إبراهيم الأمين ورئيس جماعة أنصار السنة وعصام البشير والخطيب مدارس فكرية ودينية مختلفة، ولكن يجمعهم الجهة والوراثة لتركة المستعمر والمختطفة للسودان.

في هذا الصراع، كشف عنهم في محاولتهم ودفاعهم المستنيد الاستمرار في اختطاف البلاد واستعادة السلطة بعدما طردوا من قِبَلِ السُّودَانِيِّينَ في ثَّوْرَةٍ تَهْدِفُ إِلَى بِنَاءِ دَوْلَةٍ جَدِيدَةٍ تَقُوَمُ عَلَى أَسَاسِ الْحُرِّيَّةِ وَالسَّلَامِ وَالْعَدْلِ.

حطم الدعم السريع جيشهم وسلطتهم الظالمة و في محاولتهم الأخيرة، يسعون إلى تحول الصراع إلى حرب أهلية من خلال تجنيد القبائل واستغلال الانقسامات القبلية بعدما باءت محاولاتهم السابقة في استخدام العناصر الوطنية والدينية والأيديولوجية بالفشل في سعيهم لاستمرار اختطافهم والسيطرة على الدولة السودانية.

العنصريون والقتلة في مؤسسة الجيش ليسوا إلا حماة لهذا الاختطاف وعلى مر السنين كانوا الذراع القاسية التي تعتدي وتنتهك حقوق أي شخص ينادي أو يطالب بحقوقه من بقية الشعوب السودانية. ولم تكن أبدًا مؤسسة وطنية لنا جميعًا لحماية الوطن، بل كانت تهدد وحدتنا الوطنية وتسبب تمزق نسيجنا الاجتماعي وتكون مصدرًا للصراعات القبلية والعنصرية.

ويمكننا رؤية ذلك بوضوح في هذه الحرب المستمرة الآن وخطابات زعمائها، بدءًا من البرهان الذي أظهر ذلك في خطابه أمام عشيرته في نهر النيل وكيف يثير النعرات والصراعات الجهوية وكباشي المعاد انتاجه في كادقلي والعطا في الحقنة. وتلك الوسائط الإعلامية التي تنشر خطابات الكراهية بحماية من المؤسسة العسكرية.

بالرغم من المرارات والموت والدمار الهائل الذي يعانيه البلد بسبب العقلية المتخلفة للفئة المختطفة للبلد، واشتداد حرب 15 أبريل بأبهى تجلياتها، إلا أنها تعد بداية وفرصة لبناء دولة جديدة في السودان، ولكنها ليست بمهمة سهلة. يجب علينا كسودانيين العمل بجد لإنهاء هذا الاختطاف لصالح جميع السودانيين، وذلك من خلال الحوار البناء الذي سيؤدي إلى تحقيق ذلك.

وتعزز الروابط الاجتماعية والتعاون والتضحية والتسامح، يمكن للسودان تحقيق التقدم والرخاء إذا توافقنا على إنشاء دولة عادلة. يجب على السودانيين أن يعملوا معاً لتحقيق الاستقرار السياسي وتعزيز الديمقراطية وتحقيق التنمية المستدامة من خلال بناء جيش وطني محترف يعمل لصالح الجميع وبناء خدمة مدنية تخدم جميع الناس بدون تمييز وأجهزة إعلامية تعكس تنوعنا وتديرها بحكمة وتعزز قيم السلام و التعايش السلمي. إن نجاح عملية التفاوض لوقف الحرب في السودان يعتبر المفتاح لمستقبل أفضل للأجيال القادمة وللبلاد بأكملها.

الضابط الاداري / آدم بركة دفع الله
[email protected]

‫3 تعليقات

  1. نعم نحتاج لحوار قومي شامل يناقش كل القضايا المسكوت عنها بعقل وقلب مفتوح واعي لكل المهددات التي تعكر صفو البلاد وتقودها لمستقبل زاهر ووضع قوانين تحفظ كرامة الانسان وتقود الوطن في الطريق الصحيح للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة العنصرية بكل اشكالها ووضع القوانين اللازمة لردع كل من تسول له نفسه التعامل والتلفظ بالكلمات التي تؤدي للكراهية وتحقير الغير.
    من اجل السودان وخيره ومستقبله لابد من تقديم التنازلات المؤلمة من الذين يرضعون من ثديه لوحدهم دون غيرهم وفي تلك اللحظة سوف يتوفر خير وفير ولبن غزير في ثدي هذه البقرة الحلوب التي لم نتمكن من استغلال كل خيراتها.

    1. يا سيد عثمان
      نحن لانحتاح لحوار ولا غيره نحن نختاج لكي نجلس عبر وسطاء لكي نقسم هذا السودان السودان دولة كونها الاستعمار ولم تكن ولن تكون دارفور جزء من هذا البلد ولا جنوب كردفان وغرب دارقور.
      مثل هذا الهراء سمعنا به ومللنا نحن تلك التلفيقات
      استغرب لماذا يصر مثل هذا العنصري كاتب المقال على البقاء في دولة اكثر من سبعين سنة تجعل منهم مواطنين من الدرجة المليون لماذا لا يكونوا دولتهم الحرة الابية دون العيش وسط امة لاتربطهم بهم اي رابطة لا رابطة الدم ولا رابطة وحدة المشاعر. الدارفوري بطبعة حاقد على الشمال.
      وحتى في زمن المهدوية الغاشمة كانت علاقة دارفور حتى بعهد التعايشي التعيس علاقة شد وجذب مع ان مناصري الدولة المهدوية معظمهم من عرب الغرابة
      على الغرابة تكوين دولتهم حتى لا يختطفهم الجلابة المعفنين او ابناء البوابين او ابناء الرقاصات كما يزعم عنصريي دارفور.
      وبالمناسبة دولة دارفور غنية جدا من اليورانيوم والنحاس والذهب والمنغنيز والثروة الحيوانية التروة البشرية والإدارة المؤهلة لقيادة الدولة الوليدة لبر الامان بعيد عن الشعور بالدونية.

  2. لا اريد ان اكون متشائما لكن الحقيقة ان حرب ١٥ابريل قد عمقت الشعور بالاختلاف بين الشعوب السودانية بعد أن كانت الوحدة شعارنا ولم يتبقى الا انفصال الأقاليم واذا استمرت هذه الحرب اكثر من ذلك فعليه العوض ومنو العوض ولسنا حالة استثنائيه في العالم وقد سبق وانفصل الإقليم الجنوبي لنفس الشعور بالاختلاف..كان الأمل يحدونا ان نكون دولة كبيرة تهابها الدول لكن بسبب بعض الانتهازيين السذج وصلنا لحد تفضيل الانفصال على الاستمرار في هذه المهزلة التي لا نهاية لها.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..